عشق في حضرة الكبرياء

By le_yona

54.7K 1.4K 270

[مكتملة] ارتبكت في وقفتها. "أريدُ أن أسألكَ سؤالًا." رفع رأسه نحوها يتأمّل ارتباكها فاسترخى في وقفته ليتّكأ... More

Ch 1 ✔
Ch 2 ✔
Ch 3 ✔
Ch 4 ✔
Ch 5 ✔
Ch 6 ✔
Ch 7 ✔
Ch 8 ✔
Ch 9 ✔
Ch 11 ✔
Ch 12 ✔
Ch 13 ✔
Ch 14 ✔
Ch 15 ✔
Ch 16 ✔
Ch 17 ✔
Ch 18
Ch 19
Ch 20
Ch 21
Ch 22
Ch 23
Ch 24
Ch 25
End

Ch 10 ✔

1.8K 51 9
By le_yona

كان يهرب من تحقيقات صديقه اللحوح وقد تملّكه الضجر، تبًا مالك لا ينفك عن ملاحقته بترّهاته، استدار إليه هادرًا "توقف عن هذا حالًا أخبرتكَ أنني لا أفعل" توقف مالك عن اللحاق به وكتّف يديه رافعًا إحدى حاجبيه باستفزاز "أحقًا؟ لقد رأيتكَ ريان، كنتَ تقارن تصرف نالين بتصرفات أمآل، اعترف"

زفر بضجر وقد طفح كيله "اسمع لقد قلتُ لكَ مرارًا، الأمر أنني لم أعد أحتمل دلعها الزائد وغنجها المتخلف، كنت أتحمل بسبب خجلها الذي اكتشفت الآن أنه زائف" واجهه مالك بنظرة تحدٍّ "حسنًا ولكن لِمَ الآن حتى أدركت هذا؟" تأفف ريان فتابع مالك بعناد "لأنكَ وجدتَ ما تهوى بحق، اعترف ريان أنتَ تحب مشاحناتكَ مع نالين، ليس استمتاعًا بسيطًا والدليل أنكَ تقارن الجميع بها"

هدر ريان دون أن يقصد "الأمر أنني اعتدت على تصرفاتها فنحن نمضي وقتًا طويلًا معًا" فتح مالك عينيه بتفاجؤ، أعاد رأسه إلى الخلف من صدمته، صدرت منه ضحكةٌ خفيفة "حسنًا إن كنت تريد أن تثبت أن وجهة نظري خاطئة فأنتَ في المسار المعاكس"

مسح بكفيه وجهه. يحاول بشدة أن لا يتهور في حديثه حتى لا يخسر صديقه المعتوه، لا يعلم ما الذي كان يفكر فيه عندما اتخذه صديقًا، يخالفه في كل شيء، مثير للمتاعب، مرح، لاهٍ وأحمق "تبًا مالك نحن نعيش سويًا وحسب" انفجرت مقلتا مالك عن صدمةٍ وذهول، تمتم عاجزًا عن الحديث "ماذا تعني بسويًا؟"

ابتلع ريان ريقه بصعوبة، رباه ما الذي أقحم نفسه به، لم يعتد أن يهرب ولكنه أراد، تبًا "نعيش في نفس المنزل"

"هل جننت!! معيشتكَ في أمريكا منذ سنين لا تعني أن تنسى أصلكَ ريان" لاحظ تصلب فك صديقه، يعلم أنه سينفجر في أي لحظة. هكذا هو ريان، شخص عصبي لا يحتمل أن يدلي عليه أحد بما يفعل أو ينتقده، شخص استقلالي استطاع أن يكون نفسه من الصفر في بلد أجنبي، ولكن فلينزعج كما يشاء. لقد أخطأ وتمادى وعليه أن يريه خطأه.

بقي يثرثر عن تعاليم الدينية والعادات التي تربيا عليها، ذم نالين على قبولها بهكذا حياة، ثرثر وثرثر حتى انفجر صديقه "نحن متزوجان مالك لا تظلم الفتاة" رباه.. هل ينوي هذا الأحمق على إصابتي بسكتة قلبيه ليقذفني بالمفاجئات واحدة تلو الاخرى! أخذ شهيقًا يتلو زفيرًا مرارًا ليستوعب ما قاله هذا العصبي صعب المراس

عجز عن ترتيب أسئلته المتزاحمة في عقله فقالها دفعة واحدة "منذ متى؟ ولِمَ لم تخبرني؟ ولِمَ نالين بالتحديد؟"

تنهد ريان بعمق، أحكم إمساك سترته الرياضية وقد اكتفى من هذه المهزلة "حكاية طويلة مالك وأنا علي الذهاب إلى المنزل لأعد نفسي للعمل"

"ستخبرني على الطريق، سآتي ريان ولا تناقش" تأفف بقوة وهو يرى مالك يتجه نحو سيارته ليركب بها، على الطريق أخبره ما حدث، توقف أمام بوابة عريضة لساحة شاسعة. أطل مالك برأسه لينظر إلى الداخل بينما قال ريان "سأنزل أنا لأخبرها بقدومك ريثما تركن السيارة وإلا لن أستطيع إغلاق باب غضبها"

اعتدل مالك في جلسته وقد برقت في عينيه لمعة تسلية "هل هي الآمر الناهي، أتخاف منها؟" التفت لصديقه وهو يرمقه باستهزاء. تنعصر معدته بطعم مرير لسخرياته ومزحاته "أريد فقط تجنب النزاع. أكاد أصاب بالصداع النصفي بسببها والآن إن انتهيت من مزحاتك اذهب لركنها في المرآب على يمين البوابة"

ترجل من السيارة سامحًا لمالك بأخذ مكانه بتلك الابتسامة المرحة التي لا يراه إلا بها، تبًا كيف يحافظ على رونقها في أي وقت كان وأي موقف يمر به. خطى خطواته نحو باب البناية التي يقطن فيها ويعيش فيها مع آخر من يتمنى

تلك التي لمحها تتحدث مع حسام، ابتسمت.. سلمها ورقة صغيرة يجهل ما فيها.. ألقت نظرة عليها لتتسع ابتسامتها.. كادت أن تتكلم إلا أنه وصل إليهما، صرخ بهما "ما الذي تفعلانه هنا؟"

التفتا إليه، هي بنظرة استغراب وذاك بابتسامته اللعوبة التي جعلت الرزينة تطير من كيان ريان، كادت أن تجيبه إلا أنه صرخ بها "اصعدي إلى المنزل نالين" استنكرت فعلته وأرادت أن تعترض إلا أنه زاد من صراخه وقد بدى غضبه جليًا في صوته، تنفسه وعينيه "قلت لكِ أن تصعدي حالًا"

بحركة آلية صعدت إلى المنزل، فور أن أغلق الباب خلفها حتى بدأت تغلي. كيف يجرؤ ذلك الغبي أن يأمرني، تبًا له من يظن نفسه! راحت تجوب الصالة ذهابًا وإيابًا، تحاول منع رغبة في النزول من جديد والوقوف أمامه معاندة لقراره، بماذا كانت تفكر أصلًا عندما خضعت له، تبًا لها.. ستصفعه.. تريد صفعه

دخل إلى المنزل صافقًا الباب خلفه بقوة، اقترب منها يواجهها والغضب لم يقل بل ازداد "عن ماذا كنتما تتحدثان؟" انفجرت به متجاهلة سؤاله "كيف تتحدث إلي بهذه الطريقة؟ من سمح لكَ بأمري؟"

"لا تثيري غضبي نالين أعطيني الورقة التي أعطاها لكِ"

"أنتَ غاضب من البداية ثم ما دخلكَ أنتَ بـ-" أمسك بيدها بغضب وقد طفح كيله "نالين لا تختبري صبري، أعطيني تلك الورقة اللعينة" نفضت يدها أكثر منه وقالت تشير إلى الباب "قبل أن أطأ باب هذا المنزل اتفقنا أن لي خصوصية وعليك احترامها"

اقترب منها فأصبحت ترى لهيب غضبه المتأجج في عينيه بكل وضوح، همس كفيحيح الأفعى فارعبها "منذ متى وحديثك مع حسام أصبح من خصوصياتكِ؟" ارتجفت لوهلة أوصالها وارتعبت إلا أنها قالت بعناد رافضة الاستسلام "منذ الآن"

أغمض عينيه مانعًا نفسه من التهور أكثر، حاول كبت غضبه إلا أنها قالت "لن أعطيكَ تلك الورقة"

أمسكها من كتفيها دافعًا إياها للجدار، سيطر عليه غضبه فلم يعد يعي ماذا يفعل أو ماذا يقول، هدر بها "لمَ ها؟ لِمَ لا تريدينني أن أعرف؟ هل أعطاكِ رقم هاتفه أم عنوان شقة ما؟"

ارتجفت مقلتها على اتساعهما، حاولت تدريجيًا تمالك نفسها، أن تغير ما فهمته من كلامه، أن تستنتج صيغة أخرى لاتهامه، حاولت أن تزيح صورة والدتها التي تنهدت بارتياح عندما طمأنتها أن زوجها راضٍ بها، حاولت أن تنسى أن كل من حولها يظن أنها هكذا، حتى هذا الذي ظنته لوهله متفهم ونسيت أنه رجل لعين ذكوري التفكير، تمالكت نفسها وقد أصرت على ألا تهتم، ألا تهزم.

دفعته عنها بعنف، أشهرت بسبابتها في وجهه تسخط به "لا يسمح لكَ بالتحدث إلي هكذا. لا يسمح لكَ بتخطي حدودكَ معي. لا يسمح لكَ بأمري والأهم. لا يسمح لكَ بلمسي. ليس من شأنكَ ما أفعل أو مع من أتحدث، لا تتصرف كأنكَ زوجي لأنكَ لا تعني لي شيئًا، وكما قلتَ من قبل أنا لا أعني لكَ شيئًا"

رد بحزم مشددًا على قولها "أنت لا تعنيني لكن حسام يعنيني-" كادت أن ترد عليه إلا أن جرس الباب أوقفها، التفتت كما فعل هو تنظر إلى الباب، اتجه ليفتح الباب وهو يدعو أن يكون حسام ليلقنه درسًا. آخر فتح الباب مواجهًا صديقه مالك الذي وصل في وقت غير مناسب، ألقى تحية السلام تحت وطأت اندهاش نالين التي ضحكت مستنكرة ونظرت لريان باستغراب، عندما لم تلقى منه أي اجابة هتفت "رائع.. رائع جدًا" ثم استدارت بغضب إلى غرفتها

دخل مالك إلى المنزل متفاجئًا، التفت لصديقه الذي يعصر جبهته بتقطيبة غاضبة "هل هذا حال المتزوجين أم هو حظكَ العاثر!" اكتفى ريان بالتأفف بينما سمعا صوت انصفاق الباب بقوة ردد مالك "حقًا ستصاب بالصداع النصفي.. هذا إن لم تكن قد أصبت به وانتهى"

اتجها لغرفة ريان. تمتم له "لا بأس ريان الأمر سيهون لابد أنه سوء تفاهم وسيمر" تمدد هذا الأخير على سريره وقدماه لازالت تلامس الأرض، رأسه ثقيل، دمائه تغلي، يشعر بالتعب والإرهاق.. هذا كثير عليه..

دقائق حتى نهض مالك مودعًا صديقه، خرج من الغرفة وأغلق الباب. تمعن قليلًا بباب غرفة خالية المقابل. تنفس بعمق وخطى نحوه، طرق عليه وبعد لحظات فتحته بقوة مستعدة لمواجهة أخرى. كانت غاضبة جدًا مما أخافه، عندما رأته هدأت. استكانت نار غضبها، تنحنح قليلاً ثم قال "أردت فقط إعلامك أن الأمر ليس كما تظنين.. علمتُ أنكما تعيشان سوياً لذا.. لم يكن لديه خيار آخر سوى إخباري بزواجكما حتى لا أظن بكِ سوءً"

شدتها آخر جملة قالها فأمعنت النظر إليه. هل حقًا ما يقوله!! تبًا ماذا عن اتهامه لها قبل قليل؟ هو فقط يتبجح بنبله أمام صديقه.. فقط منافق معتوه تكرهه.. عندما لم تجبه بشيء أردف "أريدكِ أن تثقي أنه سرٌ لن أبوح به قط.." من خلفه فتح ريان الباب بسرعة، أجفل لوقوفهما سويًا، تجاهلها والتفت لصديقه "ظننتك رحلت.. لقد نسيت هذه" قذفه بالمحفظة التي سقطت منه في الغرفة بينما التقطها الآخر بسلاسة وقال "سأذهب الآن، إلى اللقاء"

"سأوصلك"

"لا داعي أعرف طريقي"

بينما هو كان يغادر التفت ريان إليها فنظرت له بتحدٍّ وهدرت به "ماذا؟ أتريد أن تعرف بِمَ كان يتحدث معي؟" دخلت إلى غرفتها بينما لحق هو بها. لم يستطع أن يرى وجهها فقد كانت تدير ظهرها له. أراد أن يخبرها بنوايا حسام الحقيقية، أراد أن يخبرها أن حسام هو من لا يثق به، ولكنه لم يستطع.

نظر إلى المرآة المقابلة لها، رأى وجهها ملطخًا بالدموع، رباه إنها تبكي! اعتصر قلبه رغمًا عنه، راقب دموعها تتساقط احتجاجًا. هل جرحها لهذا الحد! لِمَ فعل هذا!! فليذهب حسام إلى الجحيم إن كان بكائها ثمنًا لذلك

فكر في نفسه، حاول صياغة جملة مناسبة تربت عنها، رآها تمسح تلك الدموع وتخفي أثرها، كأنها تعتبرها جريمة، جريمة في حق نفسها.. في حق كبريائها.. جريمة لاذعة عليها معاقبة نفسها بعنف عليها حتى أنه شعر أنها ستمزق خدها حتى تخفي كل تلك الدموع. فاجأته عندما التفتت له دون أن تستدير أو حتى أن تنظر إليه وقالت بخشونة "أستطيل البقاء هنا!"

تمالك نفسه ولملم أفكاره واستدار خارجًا، أدرك أنها لا تحتاج لمن يربت عنها، إنها قوية، قوية حقًا كما لم يرَ من قبل. هي فعلًا امرأة، أرض لم يطأها السخف ولم يكسوها الدلع. لم يتساقط فيها غيث الضعف ولم يثقب أوزونها بغازات الهزيمة. أرض من الفردوس منتعشة بالكبرياء والقوة. السيطرة النفسية والاستقلالية. وفي ذات الوقت، في جوف أعماقها كانت هناك، يورانيوم خالص من الأنوثة النقية

لم يفكر في حياته بتلك السلاسة، لم يكن يظن قط أنه قد يصف إنسانًا بتلك الطريقة، أغلقت الباب خلفه وتأملت كفيها المرتجفتين وهي تتجه إلى تلك المرآة، فكرت في نفسها؛ سحقًا له وللجميع. سحقًا لهذا المجتمع الظالم! أنتِ أقوى نالين، أنتِ أقوى من أن تخضعي لترهاتهم، لا تلقي بالًا لاعتقاداتهم عنكِ، اهزميهم بكبريائك وليذهب ظنونهم بكِ إلى قاع الجحيم

في صباح اليوم التالي استيقظت بكسل، كانت قد تأخرت في النوم بسبب مديرها الأحمق الذي جعلها تتأخر في التنظيف. بعد أن استحمت خرجت لتعد لنفسها كوبًا ضخمًا من القهوة الخفيفة كما تحبها، سكبتها في الكوب الحافظ وأغلقت عليها واضعة إياها فوق طاولة المطبخ، عادت لغرفتها لترتدي ثيابها وتصفف شعرها ثم خرجت آخذة الكوب معها

توقفت أمام البوابة الكبيرة للساحة منتظرة سيارة الأجرة التي طلبتها هاتفيًا، تأففت حينما تأخرت في الوصول ولكنها سرعان ما أعدلت عن رأيها حينما تذكرت أنها نسيت بعض الأوراق التي تحتاجها، راحت تركض بصعوبة بسبب ما تحمله من أشياء. دخلت إلى البناية واستقلت المصعد، فتحت الباب بمرفقها لتشم رائحة عطره والقهوة، علمت أن ريان قد استيقظ وبدأ بتحضير نفسه

وضعت أغراضها على طاولة السفرة وأسرعت تتجه لمكتبتها الصغيرة في غرفتها تبحث عن تلك الأوراق. رن هاتفها فعلمت أنه سائق الأجرة ينبئها بوصوله. أجابته بسرعة "قادمة"

التقطت الأوراق وأسرعت تحمل أغراضها وكوبها. صعدت للسيارة وانطلقت نحو الجامعة. وضعت كوبها في المكان المخصص له في السيارة لترتب أغراضها بروية، في ذات الحين كان ريان قد انتهى من تحضير نفسه. حمل حقيبة جهازه المحمول والتقط مفاتيحه، أمسك بكوبه للحظات ليتأفف بسخط. أمسك هاتفه وكتب بعض الكلمات ليتنهد بعدها خراجًا

ترجلت من السيارة بعد أن توقفت أمام حرم الجامعة، أدخلت بطاقتها في الجهاز الآلي فتحرك القضيب الحديدي فاسحًا لها المجال لتدخل، اتجهت لخزانتها المخصصة لتضع رزمة الورق الثقيلة التي تحملها ثم استدارت ذاهبة إلى حيث تجد صديقتها دائمًا

ارتشفت أخيرًا من قهوتها التي تطوق لاحتسائها. تجهز الأدرينالين ليرتفع فور دخولها جسدها، ولكنها لم تستمتع بل هي حتى كادت أن تبصق ماشربته للتو! رباه كم هي مرة وثقيلة. هل أخطأت في تحضيرها.. كيف! إلا القهوة لن تخطئ بها أبدًا

"صباح الخير" ألقت ياسمين تحية الصباح عليها بمرحها المعتاد بينما ردت نالين بشرود وبهوت، في حركة استفزازية القصد أخذت ياسمين كوب قهوتها لترتشف منه، فرأت نالين ما خط باللون الأبيض الصغير على ذلك الكوب الأسود (إن لم تكن مستعدًا للألم، لا تبدأ) وبجانبه خط حرف الراء باللغة الإنجليزية بطريقة مزخرفة

فزعت لخطئها فأسرعت تختطف الكوب من يد ياسمين لتخبئ ذلك الحرف اللعين الذي بدى من توترها أكبر حجمًا ووضوحًا. رباه لو رآه أحد ستدخل في دوامة من الأسئلة حول هوية السيد راء هذا.. تبًا تبًا اهتز هاتفها مجددًا. لم ترَ الرسالة الأولى عندما وصلتها حينما كانت في السيارة، فتحت بريدها الالكتروني لتجد رسالتين من ريان.. كيف يجرؤ على مراسلتي من دون إذن مسبق. ستقتله.. في يوم ما لن تحتمل أفعاله أكثر وستقتله.

-لقد أخذتي كوبي.

-قهوتك مريعة.

أغلقت عينيها تستوعب الغضب المتأجج فيها، أغلقت هاتفها ولم ترد بينما استفسرت ياسمين "هل حدث شيء ما؟" زلزال، فيضان، إعصار هدم حياتها والآن فجّر مرارتها. هذا ما حدث، شيطان مستفز ومثير للغضب. ستصاب بانهيار عصبي إن لم تكن على مشارفه. اهتز هاتفها مجددًا وقرأت

-سآتي لأخذه فهو مهم لي

أرسلت له وهي تحاول كتم صرخة غيظها

-إياك أن تقترب مني

أحكمت قبضتها حول الكوب تغطي ذلك الحرف ومشت بمحاذات ياسمين باتجاه قاعة محاضرتها. رأته في نهاية الرواق يقف بصحبة مالك ويستعمل هاتفه فلم تفاجئها اهتزازة هاتفها هذه المرة. فتحت رسالته وقرأت

-سآخذه. وأنتِ ستعطيني إياه

نظرت حيث يقف باستنكار وقد توقفت عن السير. التفتت ياسمين لها وقد أصبحت على بعد خطوات منها. راحت تكتب بغضب وتكاد أن تكسر الشاشة

-أخبرتك مراراً ألا تأمرني، لا تمتحن صبري وإلا..

على الفور رد: ماذا باستطاعتكِ أن تفعلي؟

أغلقت عينيها بغضب. أحكمت قبضتها حتى لا تنفجر. تبًا تبًا. تتمنى لكمه، تهشيم وجهه، سحقًا له. أخرجتها ياسمين من سلسلة أفكارها القاتلة حينما قالت وقد استغربت وقفة صديقتها الغاضبة "هل هناك خطب ما.. نالين.. نالين" صرخت باسمها لتسمعها فالتفت الجميع.. حتى ذلك البغيض الواقف آخر الرواق.. نظرت له بعين غاضبة ثم تمتمت "أحتاج للتخلص من هذه"

بخطوات ثابتة وأمام ناظريه اتجهت لأقرب سلة مهملات هناك، فتحت غطاء الكوب لتسكب محتواه فيها ببطء.. استمتعت بسكبها وهي تتخيله يقدح غضبًل من خلفها. استدارت له بعد أن انتهت، رأته ينظر إليها بغضب ومالك ينقل نظره بتوتر بينهما، أرسلت له نظرة تحدٍّ وابتسمت باستفزاز.

أعادت نظرها لسلة المهملات ورمت الكوب بقرف فيها. شهق مالك بفزع بينما رأت ريان يحمر غضبًا، اتسعت ابتسامتها أكثر. أخرجت قلمًا من حقيبتها لتضغط به على الكوب وتغمسه بين النفايات القذرة، سألتها ياسمين "لِمَ فعلت هذا؟"

ردت وقد بدى عليها الاستمتاع "لقد كان يثير اشمئزازي حقًا" تمخترت تتجه لقاعتها وهي ترسل إليه بابتسامتها أنها انتصرت. فليودع كوبه المهم جدًا، ليس ندًا لها، يعلم الآن ما سيواجهه إن استفزها مجددًا

دخلت إلى القاعة بجانب ياسمين، لحظات بعد بدء المحاضرة اهتز هاتف ياسمين. بابتسامة متسعة قرأتها، تمتمت لنالين "سأضطر للخروج سريعًا حسنًا" أومأت الأخيرة لها وهي تراقب ابتسامة صديقتها وفرحها المفاجئ.

بدأت المحاضرة منذ لحظات. كان الجميع منغمس التفكير والتركيز أو هكذا كان المفروض. طرقات على الباب أوقفت سيل الشرح الممل. بتذمر أذنت امرأة خمسينية للطارق بالدخول، فتح الباب وقال بالإنجليزية "نحتاج نالين أعمار لرئيس القسم" وبنظرة مغتاظة رمقتها السيدة العجوز كأنها تلومها على مقاطعة الشرح، بحرج خرجت نالين، بحثت عن ذلك الشاب الذي قام بمناداتها فلم تجده. التفتت حولها لتجد لا أحد..

بلمحة بصر أمسك شخص بيدها يجبرها على المشي خلفه. للحظات كانت مفزوعة ولم تقاوم، أمعنت النظر فيه لتدركَ أنه ريان. عادت لوعيها من جديد، حاولت أن تفلت منه، اعترضت، ضربت كتفه بيدها الحرة ولكنه لم يتأثر ولم يجب. انعطف بها في الرواق عدة مرات وأخيرًا أدخلها لقاعة واسعة. قاعة الموسيقى المهجورة، أغلق الباب خلفها وواجهها إليه. نطق أخيرًا "تريدين مكانًا سريًا لنتحدث! تفضلي"

فركت معصمها تتألم ثم هدرت به بغضب "لا أريد التحدث معك من الأصل"

"أنا أريد وأنتِ ستسمعينني، ونعم أنا آمركِ الآن" كان غاضبًا واضحًا في موقفه لايحتمل الجدال أبدًا، مسح وجهه بكفه يخفف عن نفسه الغضب الذي اجتاحه، عندما سكتت عاد يسترسل بما يريد قوله "لِمَ فعلتي ذلك؟ تريدين اللعب بهذه الطريقة؟ حسنًا ولكنكِ لن تربحي" كادت أنت ترد. أن تسخر منه. أن تريه حجمه. ولكن صوت طرطقة خفيف جعله يمسك يدها من جديد ويدخلها من باب خشبي خفي قريب من منصة العزف. أغلق الباب وأطبق على فمها حتى لا تتحدث، اعترضت همجيته فتنحنحت بقوة، ثبتها وهمس "اهدأي قليلًا"

استكانت وهي تحاول التمعن في ملامحه بين الظلام الحالك. كان قريبًا مما جعل قلبها يرجف، تكره تلك الرحلة التي تذكرها كم هو مسيطر، يفرض شخصيته على المكان المتواجد فيه. على الموجودين فيه. عليها هي

سمعت صوتًا أصبحت تدرك صاحبه منذ فترة يقول من خلف الباب "ريان.. هل أنتَ هنا!! غريب ألم نتفق على اللقاء هنا!" سمعت انصفاق الباب فأدركت أن آمال صاحبة الصوت قد غادرت، أزالت يده عنها بعنف وقالت بتعالٍ "متفقان على اللقاء هنا.. في مكان سري مهجور.. وتقول أصدقاء"

وضع يديه في جيبه واقترب منها أكثر، أصبح يستمتع بالتسلية معها وعاد ذلك المغرور في نظرها، ابتسم بخبث وقال "هل تغارين زوجتي العزيزة!" كتفت يديها لتحمي نفسها من رجفتها تلك خوفًا من أن يراها في الظلام وقالت بتحدٍ "ألست أنتَ من يغار زوجي العزيز! أقام الدنيا وأقعدها بسبب وقوفي مع رجل آخر؟" ابتلع غصته لذكرها حسام ومتعمدًا تقليدها "لا تستفزيني وإلا.." بقيت على تحديها وشجاعتها "وإلا ماذا؟"

حاصرها واضعًا يديه على الجدار خلفها وقال متوعدًا "سألعب لعبتكِ.. سأستفزكِ، سأحرجكِ، سأغضبكِ، سأثير جنونكِ وسأستمتع في كل ردة فعل ستصدرُ منكِ"


جميع حقوق الرواية تعود للكاتبة هبة سليمان

Continue Reading

You'll Also Like

5.3K 58 2
الوريث المهيمن القاسي للعائلة الارستقراطية والفتاة الجريئة والبريئة. القطبان المعاكسان، يُجبران على زواج مصلحة مدبر، فيجبر رائف عروسه المستقبلية على...
917 257 11
شرطيه فقدت زوجها وطفلها . حاولت ان تكون بخير امام والدتها ولكن نيران الانتقام تشتعل بداخلها . يحدث لها حادث يقلب حياتها رأسا على عقب ........ لمعرفة...
150K 5.3K 46
بعد كسر قلب فيتوريو وهو يرى صديقه يتزوج الفتاة التي أحبها.... أقسم على ألا يسمح للحب ان يكون جزء من حياته بعد الآن.... ترى هل سيتمكن من ذلك.... أم أن...
4.9K 57 11
هناك عواطف غامضة كالهيام لا يمكن سبر أغوارها بسهولة ... تتخذ أشكالا غير متوقعة مليئة بالمفاجآت وقد تغير وجهة الحياة في غمضة عين ...ليون بتريديس ، الر...