Ch 22

1.4K 47 1
                                    

كانت تقف بصعوبة، ابتسامتها مصطنعة وهدوئها مفبرك.. النار ولا شيء غير النار يسري في عروقها.. حدثته بآلية بأنها قد ظنت أنه لم يأكل ما يحب بسببها وأنه سيسعد ان أحضرت له تلك الفطائر.. وأنها قد ظنت أنه وحده ، لم تقوى على النظر في عينيه بل بقيت مطأطئة رأسها تخرج الفطائر من العبوة لأنها تعلم.. تعلم أنها ان غاصت في عينيه سينبض ، سينبض قلبها ويذكرها بعشقها له لتبكي ندبةً بجرحها
أمسك يدها يوقفها عما تفعل " ياسمين! "
اغمضت عينيها، لا تريد أن تسمع.. ابتسم هو فهاهي منزعجة من غيرتها لكنها تتألم لذا فهو يدين لها بتفسير " ياسمين.. تلك المرأة "
قاطعته " أنا حقاً لا أريد أن اعرف "
استنكر هدوئها وقولها فأدارها اليه طالباً تفسيراً ، رفعت رأسها اليه... رأته ورأت ذلك البريق الذي عشقته فاغرورقت عينيها بالدموع وهتفت " لا أريدك أن تكذب "
كان مجفلاً من بكائها فارتخت قبضته عليها، لم يرد على تصريحها فتابعت تكفكف دموعها " ليس هناك سبب عادي يدعوها للقدوم "
بهدوء دافع "انها صديقة العائلة وما اتت سوى لتخبرني برسالة جدتي "
رفعت حاجبيها استنكاراً وشخرت بسخرية " وما هي تلك الرسالة! "
كان متفاجئاً من هيجانها وثورتها الهادئة.. من سخريتها، ياسمين لم تكن تجرؤ أن تجادل.. ترضى بما قدم اليها بابتسامة وتصمت.. فهمت صمته كما يحلو لها فهاجت أكثر " أرأيت.. لهذا لا أريد أن تفسر، أنت لا تزيدني سوى حيرة.. لا أريد أنصاف الحقائق، اما أن تقول كل شيء أو تصمت عمر "
شوحت بيدها " أسألك كيف حصلت على بيت فخم كهذا لتبتسم وتقول أنه من راتبك الشهري ثم تصمت عندما أسألك عن وظيفتك.. أي وظيفة تلك التي تغدق عليك بمرتب كهذا! الجميع يعلم عن شركة ماندون .. لا توظف الا ذوي الخبرات فكيف حصلت عليها أنت في سن كهذا بحق الله "
تركها تثور كما تشاء، هادئاً وصامتاً قد كان.. لم يدافع ولم يفسر نفسه مما جعلها تستكين، بهدوء مفاجئ تمتمت " علي الذهاب تأخر الوقت حقاً "
تبعها بصمت وفتح لها الباب.. حيته لتخرج فتمتم أخيراً " الأمر أنك لا تسألين.. ج عندما لا أتحدث عن حياتي لكني لا أستطيع أن أفعل من تلقاء نفسي ياسمين "
تركته ورحلت.. هو على حق. هي لا تسأل هي فقط تنتظر الاجابة ...

ازدادت ضربات قلبها عندما رأته يجر عربة الأمتعة بالقرب من أختها.. كانت تظن أنها ستستطيع مواجهته لكنها ضعيفة، تصبح أضعف في كل مرة.. في كل مرة يكرر فيها ما يفعله، كانت ترتجف فأمسكت لا ارادياً بكم معطف زوجها الواقف بجانبها.. لاحظ توترها وخوفها، كان قد أدرك العكورة في علاقتها مع والدها لكنه لم يفهم قط سبب خوفها الزائد منه.. هل يضربها! هل هو متوحش في تعامله مع بناته! لكنه لم يره غاضباً قط، هو ليس عصبي اذاً فما الذي يحصل!!
بعد الترحيب والاحتضان كانو قد وصلوا للمنزل، أعدت عشاءاً لائقاً وهاهي الآن تجلس مع أختها تتحدث " لما لم يأت زوجك معك؟ "
أجابتها سالي وهي تبحث في حقيبة أمتعتها " لم يستطع الحصول على تأشيرة دخول "
" هذا مؤسف حقاً "
أخرجت سالي مغلفاً ورقي وعادت تجلس بجانب أختها لتفتحه، أخرجت مجموعة صور كبيرة تلك التي التقطت في حفل زفافها وراحت تريها لنالين.. قلبت الصور بين ضحكات وحكايا وأمنيات بالخير لتهتف سالي " أما هذه فالأحب على قلبي "
أرتها لنالين.. تلك الصورة التي اجتمعت العائلة بها.. سالم أعمار ووالدتها، أختها الصغرى بالاضافة لها مع ريان.. سمعت سالي تتابع " أحببتكما هنا "
أشارت لحيث تقف نالين ملتفتةً لريان الذي ابتسم لها بثقة. تذكر تماماً ما حصل .. أخبرها أنه يفهمها، طمأنها أنه سيقف بجانبها.. سيفعل مهما حصل وأجل قد فعل
" طلبت من المصور أن يقصها لي ، يمكنك الاحتفاظ بها .. انظري كم تبدو جميلة "
أرتها الصورة المقصوصة حيث يظهران هو وهي فقط في تلك اللحظة التي شهدت هزيمتها أمامه
دخل بعد أن طرق الباب، ذلك الذي يسبب لها بعثرة في كيانها فلم تعلم لما أخفت تلك الصورة، تمتم قائلاً " والدك قد نام في الغرفة الأخرى "
" لقد أرهق من السفر " علقت سالي فأردفت نالين تقول " سننام أنا وسالي هنا بينما أنت سأفرش لك في الصالة "
" أوه لا يمكن أن آخذ مكان زوجك نالين " علقت سالي بلباقة دون أن تدرك أن الغرفة التي نام فيها والدها هي مكان ريان.. لو انتبهت أكثر للاحظت الحقيبة المكدسة تحت السرير، تلك الحقيبة التي خبأت نصف أغراضها بها حتى تترك مكاناً لحاجياته في الخزانة ولرأت أيضاً أن المنضدة المجاورة لاحدى جهات السرير جديدة فقد اشترتها لاكمال التمثيلية.. خداع فقط بسبب ذلك الذي يهنأ في نومه ويشخر براحة
تمتم ريان مازحاً " لقد اعتدت على هذا صدقيني "
قهقهت سالي بينما تمازحه " تستحق نومة كهذه عندما تسيء التصرف "
قهقهت مرة أخرى عندما تذمر من وقوفها بجانب أختها عليه عندها ابتسمت نالين، أخيراً ابتسمت كما فكر.. فلتبتسم يا الله فلتبتسم وليذهب العالم كله الى الجحيم.
انهت نالين تجهيز الفراش له في الصالة وعادت للغرفة، كانت سالي تأخذ حماماً تنعش به نفسها بينما هو كان يقف على المنضدة يتأمل كتاباً وجده هناك بينما كان ينتظرها.. هلعت هي تأخذ ذلك الكتاب من يده " ماذا تفعل! "
التفت اليها بجسده فابتعدت خطوة " اقرأ الكتاب فقط "
بارتباك قالت " لا يمكنك "
اقترب منها خطوة فلم تجرؤ أن تبتعد وتهزم أمام نظراته التي تتحداها لتبقى " ولما! "
" لم تستأذن "
" وان استأذنت هل ستتركيني أقرأه! "
" أجل "
رفع احدى حاجبيه استفزازاً " أكنت ستتركين تلك الصورة في داخله! "
شهقت فزعة، لقد رأى الصورة التي اعطتها اياها سالي.. لا تعلم لما لا تريده أن يراها ولا تعلم لما هي خائفة لانه رأها..
اقترب منها أكثر وتمتم " لا تحبين تلك النالين صحيح! "
فتحت عينيها بصدمة بينما تابع هو " نالين تلك انسجمت معي حتى في الصورة "
همست هاربة " ابتعد عني "
اقترب أكثر وهمس " أختك ترانا "
أرادت أن تلتفت ولكنها تجمدت عندما بسط يده أسفل خدها ثم عاد يهمس " لاحظت أنها تراقبنا "
" لما قد تفعل! " همست له كاذبة فقد رأتها مراراً تسترق النظر اليها عندما تحدث ريان وقد رأتها أيضاً تقف عند باب المطبخ تتصنت عليها
" ربما لأن والدتك قلقة، لا يمكنك فعل شيء سوى الانصياع "
" وأنت مستمتع بهذا "
انحنى أكثر نحوها وهمس بتعالٍ " قليلاً "
" تباً"
ابتسم لثورتها الصغيرة قبل أن يقبلها ويبتعد عنها.. قبلة صغيرة كانت تهدف لاكمال التمثيلية، أسعدت سالي وطمأنت والدتها.. أحيت قلب ريان وأثارت كيان نالين...
بعد أن استأذنت من عملها باجازة لمدة أسبوع كامل ذهبت مع سالي لموعد الطبيب، قابلت مالك الذي حياها وحيا والدها ليرشدهما لمكتب الطبيب المسؤول، ريان وحفاظاً على خصوصية الموضوع فضل ألا يأتي حتى تكون سالي على راحتها.. فحصها الطبيب ووضح لها أن الأمر بسيط جداً بسبب الآليات المتوفرة.. كتب لها بعض الأدوية وجدولاً غذائياً ثم حدد لها موعداً آخر
كانت قلقة جداً على أختها لذا تكفلت هي بتأمين كل الحاجيات المطلوبة لتنفيذ أوامر الطبيب.. تركت سالي وسالم يتجولان بينما تسللت الى المركز التجاري لتتبضع
" انا في نعيمك الآن "
استدارت فزعة لفحيحه في أذنها، رأته بابتسامته الماكرة المعتادة.. كم تكرهه وتمقته، رفعت ذقنها بكبرياء " النعيم لا يدسه شيطان "
"شيطان! " سخر من دفاعها ثم اردف " استعدي لوسوسات ذلك الشيطان اذا "
ذهب وتركها لتتنفس الصعداء، تكره أن تواجهه.. تكره أن تراه، أن تسمع صوته، أن تتنفس هواءه وهاهي الآن عليها ..عليها حقاً أن تتوخى الحذر

عشق في حضرة الكبرياءDonde viven las historias. Descúbrelo ahora