Ch 6 ✔

1.9K 57 13
                                    

كانت تقف هناك بِلا حراك، ترتجف غير مصدقةٍ لما يحدث، لا تعرف كيف أتمّت مراسم الزفاف من تلبيسٍ وتصوير، كانت كجلمود صخرٍ متحجّرةٍ بفستان زفافها الناعم والبسيط.

كما أرادت تمامًا فهذا هو الشيء الوحيد الذي تدخّلت في اختياره.

أرادته بسيطًا لتستطيع الركض من بوابة الحفل الى مَخدعِها، لتستطيع التخلص منه فور أن ينتهي هذا الكابوس المعتم.

لأوّل مرّة، شعرت أن اللون الأبيض لونٌ معتم، لونٌ مقيت، تفرّدت به وحدها في الحفل كما تفرّد الظلم في كسرها وحدها.

وقفت في الشقة المخصصة لهما، لخلوتهما، الصمت الكاتم لم يكسره أيّهما منذ ساعتين، بعد مغادرة ذويهم بالتهاليل والزغاريد، لم تكن قادرةً على النطق بحق.

لم تستوعب بعد وها قد أوشكت على أن تغرق تمامًا. صوته قد صدع في المكان، صوت ضحكته العالية، الساخرة.

منها هي! وقف واضعًا جيبه في يده وأخذ يقول.

"لو كنتُ آخر رجلٍ في الدنيا لن تقبلي بي صحيح؟ ولو انطبقت الأرض على السماء لن تتزوّجي بي صحيح؟"

أخذ يقترب منها وهي تبتعد للوراء مرتجفة النظرات.

"ولكنكِ وافقتِ، وافقتِ على وجودي في حياتكِ ووافقتِ على كوني زوجكِ!"

نظر إليها من رأسها حتى أخمض قدميها فسرت رشعةٌ في جسدها استطاعت إيقافها قبل أن يلاحظها وتابع.

"أنتِ زوجتي الآن، نالين. ترتدين الثوب الأبيض لي وحدي."

انتهى طريقها للخلف كما انتهت حياتها واصطدمت بالجدار.

وضعت يدها أمام صدرها تحمي جسدها ورجفاته من عينيه، آخر ما تريده أن يراها ترتجف بسببه.

"ولكن، كُنيتكَ كانت مختلفة!"

وقف على بعد خطوةٍ واحدةٍ منها وتابع ويديه في جيبه.

"كُنيتي صخري، يصعب على الأمريكان قول كٌنيتي العربية لذا يتم اختصارها هكذا."

ريان صخري ... أصبح زوجها الآن!

لِمَ لم تره؟ لِمَ لم تميّز صوته عند موافقته؟ لِمَ لم تستدر عندما ناداها؟ لو استدارت لصرخت، هربت بعيدًا في ذلك الرصيف الطويل أو ربما استقلّت طائرةً تأخذها بعيدًا، إلى التهلكة، تهلكةْ تهون أمام جحيم مأساتها ..

اقترب منها أكثر ولم يفصل بينهما شيءٌ سوى الهواء فانكمشت ولم تستطع إيقاف رجفةٍ اجتاحتها ..

حاصرها جيدًا قبل أن يقول.

"عندما أخبرتني أمي أنكِ لم تري وجهي قط لم أصدّق إلّا عندما أصدرتِ موافقتكِ، وعندما أتيتِ لكتابة العقد صباحًا كنتُ قد صُعِقتُ تمامًا .. كدتُ أن أرفض لمجرّد أنها أنتِ ولكن ... الرغبة المُلحَّة في رؤية ملامح وجهكِ عندما تعرفين مَن هو زوجكِ قد استحقّت حقًا الانتظار .. كنتِ كالحمقاء عندما وقفتِ أمامي على باب منزلكِ تتأمّلينني مصدومة، كالبلهاء تنقلين نظركِ بيني وبين زياد أخي، هل حقًا ظننتِ أن ذلك الأشقر هو زوجكِ؟ كان عليكِ ألّا تكابري وتري صورتي، أن تتأكّدي قبل أن تصدّقي ما ظننتيه .. تبًّا! يا له من قدرٍ قد حطَّ بكِ نالين أعمار؟"

عشق في حضرة الكبرياءWhere stories live. Discover now