Ch 4 ✔

2.1K 52 6
                                    

في كلّ خطوةٍ كانت تخطوها لبوابة الخروج تزداد وتيرة نبضها شيئًا فشيئًا، حبست أنفاسها حينما رأتهم بانتظارها، لا تريد المجيء، كم ترغب في العودة ..

جاهدت صباحًا لتنهض وتُعِدَّ نفسها للسفر، انقبضت روحها حين إعلان الطيّار أنهم قد دخلوا الحدود، حدود الوطن .. ليس الوطن ما يخيفها .. العاقبة واللعبة التي سيلعبها السيد سالم أعمار زوج والدتها ..

بحركةٍ آلية تلقَّت ترحيبهم، صعدت للسيارة وهي تردّد في نفسها.

'أنتِ قويةٌ نالين، عاهدتِ نفسكِ على ألَّا تستسلمي لهذا المجتمع وأقسمتِ بروحكِ أنكِ لن تكوني ضحيةً لضُعف المرأة، لذا ولو قُطِعَ رأسُكِ لن تُظهِري لحظة ضُعف ولن ترمشي برجاءٍ صامت، ستُرِيه .. ستُرِيهم جميعًا أن نالين مطر لن ترضخ لكم وإن جعلتموها نالين أعمار .. لن تجعلوها ذليلةً لكم.'

ترجّلت من السيارة لتراه، ذلك الذي احتلّ مكان والدها، لم تحبّذه قط.

لكم تكرهه وتبغضه، ابتسامته الصفراء الشنيعة تكرهها، استيلائه عليها وتحكّمه فيها كأنها ابنته فعلًا تكرهها، سالم أعمار، أنتَ لن ترى مني أيّ رايةٍ بيضاء.

بعد الغداء المخصّص لها، وبعد حديث الفتيات الذي دار بينها وبين إخوتها الثلاثة المتعطّشات لحكاياها ومغامراتها .. نادتها والدتها، كانت تسير وإيّاها في الممر المؤدي لمكتب زوجها.

سألتها بجفاء.

"هل تعلمين بما سيأمُرُني بفعله، أمي؟"

توقّفت والدتها عن السير، أجابت متلعثمة.

"سالم يريد الخير لابنته فقط، ثقي بهذا."

وقفت أمام الباب وسخرت.

"ابنته ها!"

استنكرت والدتها.

"لقد ربّاكِ مُذ كنتِ في الخامسة من عمركِ، بالطبع إنتِ ابنته!"

اتسعت ابتسامتها المُرَّة وهي تقول.

"أنتِ لن تدخلي معي أيضًا صحيح؟"

تمنّعت والدتها عن الكلام أكثر وهي قد اكتفت بالرسالة الصامتة التي ترسلها أمها في كلّ مرّةٍ تحتاجها.

دخلت المكتب دون حتى أن تطرق، جلست فوق الأريكة بجانب المكتبة الصغيرة.

انتظر أن تتحدّث لكنها كانت كالصخر الصامت فتمتم.

"ألن تغلقي الباب؟"

رفعت رأسها بجمودٍ وكأنها تتحدّاه بقولها.

"وكأن أمي لا تعرف مسبقًا بالأمر، أم أن هنالك شيءٌ آخر؟"

ضحك ضحكته الكريها فاقشعرّ بدنها، كانت ترتجف في كلّ مرّةٍ يضحك فيها.

عشق في حضرة الكبرياءWhere stories live. Discover now