عشق في حضرة الكبرياء

By le_yona

54.2K 1.4K 268

[مكتملة] ارتبكت في وقفتها. "أريدُ أن أسألكَ سؤالًا." رفع رأسه نحوها يتأمّل ارتباكها فاسترخى في وقفته ليتّكأ... More

Ch 1 ✔
Ch 3 ✔
Ch 4 ✔
Ch 5 ✔
Ch 6 ✔
Ch 7 ✔
Ch 8 ✔
Ch 9 ✔
Ch 10 ✔
Ch 11 ✔
Ch 12 ✔
Ch 13 ✔
Ch 14 ✔
Ch 15 ✔
Ch 16 ✔
Ch 17 ✔
Ch 18
Ch 19
Ch 20
Ch 21
Ch 22
Ch 23
Ch 24
Ch 25
End

Ch 2 ✔

3.7K 68 28
By le_yona

التقت بصديقتها وهي تشتمه في همسها غاضبةً لحدٍّ كبير، سألتها صديقتها بحذرٍ تامٍّ عمّا حصل، فتـذمّرت الأخيرة.

"شخصٌ غروره جعله يتطاول في حديثه يدعى ريان، أظن!"

هلعت صديقتها.

"هل تريدين أن تشكي به؟ سأذهب معكِ."

"اهدأي ياسمين، لقد تدبّرتُ أمرهُ فعلًا، لا داعي لهلعكِ."

لطالما كانت هكذا ياسمين، أو جازمين كما يناديها الجميع هنا ..

متشدّدةٌ جداً، تخافُ أن تنخرط في عادات الغَرب وتنسى ما هي، نفسها العربية، دائماً ما تتحدّث مع عائلتها بشوق، ثم يحين الدّور لتتكلّم مع إخوتها مهدّدين إيّاها بمراقبتهم لها فإن أخطأت أقاموا عليها العقاب الصارم، وهذا ما جعلها تخاف من أيّ خطوةٍ يخطوها أحدٌ نَحوها.

في يومهم التالي كانت تدعو الله أن يَمُرَّ بخير، لا تريد الشجار ولا المشاحنات، لاحظت التجمّع فاستفسرت ليخبروها أنّ المدير سيُلقي كلمةً عليهم، إجراءٌ أو شيءٌ ما من هذا القبيل.

فتَّشَت عن صديقتها بين الحشود ووقفت بجانبها.

التفتت وراءها لتجده يقف خلفها، نظر لها بازدراء فأشاحت وجهها عنه وهي تشتمه وقد تعكّر مزاجها، تباً له ولغطرَسَته!

سمعوا صوت تشغيل مكبِّر الصوت ليهدِرَ عليهم صوت المدير المتشدّد بلغته الإنجليزية الرسمية.

"أعزائي الطلبة، عسى أن تكونوا بخيرٍ وعافية، بعد النظر إلى كشف النشاطات الخاص بالجامعة لوحِظَ أنّ تقريبًا لا أحد يشارك في أيٍّ من الخدمات المقترحة لذا يؤسِفُني أن أكون مضطرًّا إلى اتّخاذ هذا الإجراء .. من اليوم سيصبح تقديم الخدمات إجباريٌّ على كلّ طالب."

سمع تذمّر الجميع وهتافهم بالإعتراض، حاول إسكاتهم فانخفضَ الصوت تدريجيًا، سمعته من ورائها يتذمّر.

"لِمَ في الوقت الذي أحتاج فيه لكلِّ دقيقة!"

تابع المدير.

"كلُّ رئيس قسمٍ سيوزِّعُ طلابه لمجموعاتٍ ويحدّد نطاق الخدمة التي ستعملون بها، هذا القرار غير قابلٍ للاعتراض، شكراً لكم."

نزل من المنصّة الموضوعة خصيصًا له فتبعثر الطلاب هنا وهناك يتمتمون حول الموضوع وأمام كلّ مدخل قسمٍ كُتِبَ إعلانٌ عن موعد حضورهم لملاقاة رئيس قسمهم.

تحدّث رئيس القسم المترأس للقاعة فور حضور الجميع في تمام الساعة الرابعة كما أعلن.

"ستكون كلّ مجموعةٍ من خمسة أشخاصٍ يترأسها أحد طلبة الماجستير، تمَّ تعليق قوائم المجموعات على الجدار. تصرّفوا كمجموعةٍ. سواء أحببتُم شركائكم أم لم تفعلوا، لن يتمّ التغيير لأيّ فردٍ كان فالهدف في النهاية هو التعاون."

كانت نالين وياسمين في ذات المجموعة، لم تأبه لمَن معها أو مَن يترأسها، ذهبت إلى المسرح الخاص بالجامعة فمَهامُهم مُركَّزةٌ هناك، دخلتا وتوجهتا إلى المسرح حيث اصطفّ شابين وفتاةٌ أمامها شابٌ ببُنيَةٍ عريضة، وقفتا بجانب الفتاة لتَريا وجه ذلك الشاب، الذي لم يكن سوى ريان ..

تذمّرت من وجوده فهذا فعلًا ما كان ينقصها، تحدّث مبتسماً.

"حسناً كما كنا نقول سأوزّع عليكم المهام بدءًا من اليوم .."

قاطعته.

"لِمَ أنتَ بالذات؟"

التفت لها وقال بتكلّف.

"ربما لأنّي طالب الماجستر الذي عُيِّنَ ليكون المسؤول!"

تمتمت بالعربية فسمعها تقول.

"وكأن الأمر يحتاج أن يصبح أسوأ!"

ابتلع غضبه وتابع.

"مايك ستكون الصيانة العامة عليك، كلّ ما يحتاج لطرقٍ وصقل. أما سام ستكون صيانة الأضواء عليك. آمال أنتِ عليكِ ترتيب اللوحات. جازمين عليكِ بحياكة الستائر والأزياء. أما حضرتكِ .. ما كان اسمكِ؟ آه نالين عليكِ بالدهان .."

قاطعته ياسمين معترضة.

"ولكن .."

إلّا أن نالين أوقفتها.

"إيّاكِ!"

"هل هناك مشكلة؟"

تابع ريان عندما صمتت.

"الخشب، الأرضية، التماثيل، المنصة، المقاعد، كلّ شيء."

تعلم أنه ينتقم أو يرضي غروره الذكوري .. تبّاً له ولرئيس قسمها ومديرها.

توزّع الجميع للعمل فأمسكتها ياسمين قلقة.

"أنتِ لا تستطيعين."

ابتسمت تجيبها.

"لا بأس عزيزتي، أعطاني أكثر المَهام عمدًا، ولكن من تلك آمال؟"

"تلك صديقته، عربيةٌ مثله مثلنا"

"أراهن على أنها أكثر من ذلك، رأيتُها عندما أخفت ابتسامتها له فهي تعلم أنه أوكل لها أسهل الأمور، روميو و ... لحظة هل قلتِ مثله! هل هو عربيٌّ أيضًا!"

أومأت لها بالإيجاب متعجبةً من توترها فأردفت الأخيرة متذمّرة.

"تبًا لقد فهم ما قلتُه قبل قليل!"

هتف بهما.

"تعلمان أن علينا العمل صحيح!"

انفصلتا كلّ واحدةٍ إلى عملها، رمقته من بعيد وتمتمت.

"فليفهم، لقد استحقّ ذلك"

أمسكت العلبة بتردّد، أخذت نفساً عميقاً وردّدت في نفسها.

"لن تَعُضَّ ولن تَقتُل، ستستعير هوائَكِ قليلاً وتعيده. لا تقلقي."

باشر كلٌّ بعمله والمسؤول المتبختر يجول بينهم يُشرِف على عملهم، كانت تراه يتبادل النظرات والابتسامات الخفيّة مع آمال فتنزعج.

لم تحبّذ قط فكرة الحب، الضعف الذي تكون عليه المرأة اتجاه شخصٍ ما، لا تحبّذ أيّ شيءٍ يجعل المرأة ضعيفةً اتجاه الرجال ..

أمّا هو فقد رأى قسمات الامتعاض على وجهها فابتسم بنصر، لا تحبّ الدهان، إذًا فقد سدّد لها ضربةً لا بأس بها، أجل اغضبي وانزعجي أكثر ..

لم تكن منزعجةً أو تمتعض.. كانت تحاول التماسك وأن لا تقع أمامه أو بالأحرى أن تضعف، تكره الضعف، تبغضه كثيرًا، أزاحت وجهها إلى الجهة الأخرى وأخذت أنفاسًا متكرّرةً قبل أن تعود لتتمّ عملها.

سمعوه يهتف مرّةً أخرى.

"معدّل عملنا جيدٌ لليوم، دعونا نكمل غدًا."

رمى كلٌّ ما بيده ونزل من المسرح ليرحل إلّا أنه قال.

"سنعود غداً في الساعة الخامسة والنصف."

خرج الجميع إلّا أنه اعترض طريق نالين في النزول.

"أنتِ لا يمكنكِ الذهاب، كنتِ بطيئةً ولم تنجزي العمل المطلوب لليوم .. على الأقل أكملي الحشائش والأشجار!"

تنهّدت تحاول كبت غضبها وأغمضت عينيها حتى لا يرى اللهيب المشتعل فيهما .. سمعت صديقتها تقول.

"ولكن ريان، هي .."

هتفت وقد بان غضبها.

"ياسمين قلتُ لكِ إيّاكِ!"

سيطرت على نفسها وهدَّأَت من روعها عندما قالت.

"سأحادِثُكِ عندما أعود للبيت، إلى اللقاء"

غادرت ياسمين مرغمةً والقلق ظاهرٌ عليها، رآها ثم التفت لياسمين وهو يتسائل ما الأمر ولكن ما الذي يهمّه في هذا، انتقم وجعل يومها أسود وهذا ما يريد.

غادر لملاقاة حبيبته ..

بعد ساعةٍ أو شيءٍ كهذا جاء مالك إلى المسرح يبحث عن صديقه وهو ويضغط على أرقام هاتفه ليتّصل به عندما انتبه لوجود شيءٍ على المسرح، فتاةٌ مستلقيةٌ هناك كجثّةٍ هامدة!

هَرَعَ لها يحاول إيقاظها رامياً هاتفه بقربه، سَمِعَ ريان يردّ على الهاتف في الطرف الآخر.

"أين أنتَ مالك؟ أنا أنتظركَ في السيارة."

أمسك هذا الأخير الهاتف وقال بهلع.

"أحضِر السيارة إلى الداخل إلى البوابة الداخلية، أسرِع!"

حملها بين يديه وأخذ يركض باتجاه البوابة حيث وجد صديقه كما طلب، صرخ عالياً.

"ريان، إفتح الباب الخلفي!"

نزل ريان من السيارة وفعل بسرعة عندما رآه يحمل شخصاً بين يديه، ثم عاد يشغّل السيارة للإنطلاق فوراً، التفت لها قبل أن يتحرك فصُعِق، حادث صديقه.

"يا إلهي هذه نالين! ماذا حصل؟"

هتف مالك.

"لا أدري ... بالكاد تتنفّس، خُذنا إلى مشفى الجامعة. بسرعة ريان!"

----

خرج الطبيب من غرفتها متوجّهاً لهما وسأل.

"هل معكم بطاقتها الجامعية؟"

ردَّ مالك.

"حقيبتها في السيارة، سأُحضِرُها"

نقل معلوماتها ليفتح ملفّها الطبيّ وسَرَدَ عليهما.

"لديها ضيقٌ في التنفّس، لا تحتمل المواد ذات الرائحة القوية."

أنزل نظارته والتفت إليهما.

"أجرت فحصًا قبل أسبوعين، لابد أنها تعرف، بحكم صداقتكم لا تدعاها تجهد نفسها هكذا، عليها أن تبتعد عن كل هذه الروائح القوية."

كان صامتًا في طريقه إلى الخارج .. تذكّر محاولات ياسمين للإعتراض ونهْرِهَا لها، تبًّا لم تتنازل حتى لنفسها!

وقف أمام السيارة ونظر إلى الداخل، رأى حقيبتها فأسرع يلتقطها ثم توجَّه إلى الداخل عائداً وهو يقول.

"سأضعُها في غرفتها"

فتح باب الغرفة ببطئٍ شديد، وضع الحقيبة على المِنضَدة القريبة وجلس بجانبها، نظر إليها مطوّلًا قبل أن يقول.

"أعتذر، لم أكن أعلم .. أعذُرِيني أرجوكِ"

خرج بعد أن ألقى نظرةً أخيرة عليها .. قاد سيارته بصمتٍ إلى الشقة التي استأجرها مع مالك، لا يصدّق أنه انجرف لهذا الحد.

كان عليه أن يدرك ... أن يميّز قسمات الألم على وجهها.

ولكنها استفزّته، كانت تستطيع أن تخبره، هي مَن لم تقبل أن تكسر أنفها وتعترض، ليس له يدٌ فيما حصل، فلتَلُم كبريائها عمّا حصل!

----

في اليوم التالي ومع هدير المطر ابتدأ، فتح خزانته الجامعية فسقطت ورقةٌ لم يكلّف نفسه أن ينظر إليها بعد أن التقطها، يعلم ما تحتويه جيدًا. أغلق الخزانة بقوةٍ أجفلت صديقه الذي وصل إليه للتوّ.

"ما بِكَ يا رجل؟ كِدتَ تهدُّ الباب!"

"تلك النالين لن تَكُفَّ عن إزعاجها لي."

"آها .. أنتَ مخطِئٌ يا صاح، ليست هي مَن يرسل لكَ هذه الخطابات، الفتاة في المشفى وقد قضت النهار تعمل معك، حباً بالله أنتَ أسعفتها بنفسك!"

سمعت آمال ما تفوّه به فسألت.

"أسعفتَ مَن؟"

"تلك النالين"

عندما ردّ ريان،ابتلعت ريقها بقوّةٍ وكأنها تبتلع غضبها الذي طالما تملّكها كلّما اقتربت فتاةٌ من حبيبها، تبذل مجهودًا لا يوصف لتُحافِظَ على هيكل الفتاة المثالية بالنسبة له.

كما يحبّ هو، تركته يرسمها تمامًا كما يُحبّ فمن حقّها أن تتملّكه لها وحدها!

----

دخلت البهو، وقفت بجانب خزانتها والجميع يتمنّى لها السلامة، بين ابتسامتها ورَدِّها نظرت إليه.

كان يقف على مسافةٍ نسبيةٍ منها، عادت تلك الكلمات تتردّد، أغلقت عينيها وأنصتت لها بصوته وهدوءه.

"أعتذر، لم أكن أعلم .. أعذُرِيني أرجوكِ."

هل كان هو حقًا!

عادت تنظر إليه، إلى غضبه، رأته يكوِّر ورقةً بين يديه وهو ينظر إليها، رماها في سلّة المهملات وكأنه يخبرها أن تشاهد ما فعل.

تبًّا لقد كان حلمًا مستحيلًا، تبًا لإستيعابه البطيء، ليست هي الخرقاء، متى سيفهم؟!


أخرج كتبه من خزانته وأغلقها، التفت لصديقه وقال.

"حقًا! أخطأت ها؟"

ذهب بعيدًا تحت أنظار حبيبته التي لم يهتم بها، لم يُلقِ التحية عليها! لم يلتفت لها حتى، تبًّا لنالين أو أيًّا تكن تلك الخرقاء!

-----

الساعة الخامسة تمامًا كاد أن يدخل إلى المسرح قبل أن يعترض صديقه طريقه.

"ريان، توقف عمّا تفعل حقًا!"

"لم أُخطِئ، إنها هنا والرسالة كانت هنا!"

"الرسالة كانت في الخزانة منذ الصباح الباكر، نالين آن ذاك كانت قد وصلت لتوّها بالسيارة التابعة للمشفى."

شدّد على آخر كلمة عندما حاول ريان الإعتراض.

"لِمَ قد تأتي-"

قاطعه مالك.

"كانت قد خرجت متأخّرةً من هناك فطلبت أن تُقَلَّ إلى هنا. ريان، لقد وصلت متأخرة .. لن تستطيع وضعها، غريمتكَ هي فتاةٌ أخرى."

دخل المسرح وهو يفكّر .. إن كانت فعلًا هي غريمته سيقتلها إن رآها، أوضح من تصرّفاته منذ البداية أنه لم يُحِبّ هذه الأمور، لا يحبّ الفتاة المستسلمة لمشاعرها، والأكثر يكره الفتاة التي لا تمتلك كرامة!

وقف أمامهم الخمسة، نظر إليها وفكّر .. دخل في مشاحنةٍ معها بسبب لا شيء وعليه أن يتوقّف.

مسح سنحة وجهه براحة يده ثم قال.

"قبل أن نبدأ، هل يريد أحدٌ تغيير مَهامِه؟ أن يعمل شيئًا آخر أكثر ملائمةً له؟"

انتظر أن يجيب أحد، أن تجيب هي، ارفعي يدكِ، تحدّثي، قولي شيئًا، ولم تنبس ببنت شفة، لم يسمع سوى صوت الرعد!

نظر إليها فكانت تشيح بعينيها عنه، تبًّا كم هي عنيدة! حسناً، لا بأس. فلتغرق في محيط كبريائها العَفِن هذا، هتف بهم.

"فلتبدأوا إذًا"

جلس فوق إحدى الكراسي بغضب، لم يرها أيضًا. لم يسترق النظر إليها، كلّ ما يفكّر فيه هو .. لا تعرف!

لم يتحدّث إليها قط اليوم، هل بدأت تخسره؟ هل خسرته؟ لا لن تسمح بذلك..

----

همست لها ياسمين.

"الجو يزداد سوءًا، هل حقًا علينا البقاء؟"

ردّت نالين وهي ترتدي مئزرها.

"هذه أوامر سيدٍ متسلّطٍ مغرور."

"يبدو مخيفًا بغضبه هذا."

التفتت لعلب الدهان وجلست القرفصاء تفتحهم وتفكّر، مَن يظن نفسه ليشفق عليّ! كيف يفكّر بأني قد أنحني له وأطلب المساعدة؟ في أحلامه .. مغرورٌ عَفِن، أحمق. تبًّا له ولهذا الدهان القوي الرائحة..

كان الجميع يعمل عندما صرخت بصوتٍ ناعم.

"آمال!"

هتف فوراً وقفز من مكانه لعندها .. كانت تمسك يدها والدم يقطر منها.

بين شهقات بكائها حاول تمالك نفسه.

"سأسعفكِ الآن، فلنذهب للغرفة الخلفية حيث صندوق الإسعافات."

مشى بها بعيدًا، أجلسها فوق الكرسي واتّجه للخزانة ذات الإشارة الحمراء، أخرج علبة الضماد والمطهّر وأسرع إليها، كان قد وصل عندما وقفت مبتعدةً عنه، أخذت الضماد هاتفة.

"ابتعد عني، لا تأبه بي"

رآها تلفّ يدها باستغراب، فاستفسر.

"ما بكِ؟"

ربطت نهاية الضماد جيدًا وهي تسخر.

"وكأنكَ تهتمّ!"

مسح سنحة وجهه وقد بدأ يغضب، يكره هذا الدلع.

"اهدأي وأخبريني ما يحصل معكِ بالضبط."

شخرت بضحكة استهزاء.

"ماذا تقصد بما يحدث معي! أنتَ مَن باله مشغول على الدوام."

اعتدل في وقفته في حين أكملت.

"أنتَ لم تلقِ عليّ تحيّة الصباح حتى، لم تتحدّث إليّ قط منذ البارحة، هذا إذا اعتبرناه حديثًا!"

رأت عيناه تظلمان، وضع يديه في جيبه، تعرف هذه الوضعية جيدًا، بدأ يملّ ويضجر .. باردٌ كالثلج لا مبالي، هو المخطئ! كيف يجرؤ؟

"ولِمَ لا نعتبره حديثاً؟ ألم نلتقي لوحدنا كعادتنا!"

لفحتها برودته وقلّة اهتمامه فهتفت بألم.

"حبًا بالله! أنتَ فقط مَن تحدّث .. عنها .. تلك المستجدّة!"

استدار مبتعداً وقد نال كفايته.

"تعلمين أنني لا أحبّ هذه التفاهة، الغيرة الغبية .. التي لا محلّ لها من الإعراب."

رأته يبتعد خارجًا.

"ليس الأمر كأنكَ واقعٌ في غرامها .. أعلم، ولكنها تَشغلُكَ كثيراً بقدرٍ يجعلكَ لا تفكّر حتى بي!"

في الجهة الأخرى كانت ياسمين قد جلست بجانب نالين عندما قالت.

"مسكينةٌ آمال لابد أنها تتألّم!"

قالت نالين بشرود.

"أجل هي كذلك"

انتبهت لها فالتفتت تنظر إليها مستفسرة.

"ماذا هناك؟"

أعادت الفرشاة تملأها بالدِّهان وأجابت.

"لا شيء."

عادت ياسمين لخياطة الستارة بينما نالين تنظر إلى الدهان الحمراء المفتوحة بجانبها وهي تتمتم.

"لا شيء فعلًا!"

ابتسمت بسخريةٍ ثم عادت تدهن مجددًا، سمعت صوت الرعد قبل أن تنطفئ الأنوار ويسود الظلام في كلّ مكان.

"هل انقطع التيار؟"

تساءلت ياسمين فأجابها سام.

"الأسوء هي الأمطار، لا أحد يستطيع الخروج."

أشعل مايك المصباح الخاص بهاتفه المحمول وبدأ يجول في المسرح.

"حُبِسنا هنا .. دعونا نبحث عن شموعٍ أو شيءٍ من هذا القبيل."

بدأوا بالتجوّل بحثاً في الغرف الخلفية المخصَّصة للملابس والتحضيرات ..

أطرأت ياسمين تقول.

"أين ريان؟ أليس هو المسؤول؟"

ضحكت نالين بسخرية وهزّت رأسها ترد.

"في عالمٍ ورديٍّ آخر."

----

عندما انقطع التيار استغلت الفرصة للالتصاق به مدّعيةً الخوف فربّت عليها يطمئنها.

"لا تقلقي، دعينا نذهب حيث الآخرين الآن."

عندما وصل إلى خشبة المسرح لم يجد أحدًا، فاستنكر ذلك، أتت نالين وخلفها ياسمين بالشموع مشعِلةً واحدةً لترى بها طريقها، سأل ريان.

"لِمَ هذا؟ فلنرحل فقط!"

تجاوزته متجنّبة حديثه، وكأنه غير موجود، سراب، هواء، لا شيء.

تملّكه الغضب وأراد صفعها حقًا. أجابته ياسمين.

"الطقس لا يسمح، سنبقى ريثما تهدأ العاصفة."

رآها توزّع الشموع في المكان بينما احتفظت بالباقي، أراد لكمها لعجرفتها، مَن تظن نفسها حقًا!

دخل سام ومايك مُحَمَّلين بالأكياس، رمى سام بإحداها لنالين.

"وجدنا المزيد من الشموع!"

بينما وضع مايك باقي الأكياس على الأرض.

"وجدنا بعض الأطعمة السريعة."

جلسوا خلف الأكياس يتفحّصوها بينما تساءلت آمال.

"لِمَ قد يوجد في المسرح طعامٌ كهذا؟"

أجابها سام وهو يفتح إحداها.

"لابد أنها لمن كانوا يتدرّبون لأوقاتٍ طويلة، كيف حال يدكِ؟"

اكتفت بقولها "بخير" والتفتت لنالين تتمعّن فيها، لا تملك ما تملكه هي، ليست ندًّا لها ولا يمكنها أبدًا مجاراتها في معركةٍ للحصول على ريان، اطمئني.

بعد صمتٍ رهيب بدأ سام بالحديث.

"نالين هل صحيحٌ أنكِ عربية؟"

أومأت له بابتسامة فتابع.

"آه .. تبًّا!"

ضحكت بخفوت.

"ما المشكلة!"

"ستكونين مخطوبةً أو متزوّجةً أو ستتزوّجين أو سيُعقَد قرانكِ بعد التخرج، ولن أستطيع الخروج معكِ."

اتسعت ابتسامتها وقالت.

"ومَن قال هذا؟"

بلع لقمةً من رقائق البطاطا ثم أجاب.

"لديّ معارفي، عربٌ أيضًا، أعلم أن هذا هو المتعارف عليه عندكم."

أشاحت نظرها عنه تفكّر بينما قالت.

"ربما ولكني لن أتزوّج في سن الخامسة والعشرين."

تدخّلت آمال.

"ولِمَ! إذا كان شخصًا مناسبًا لمَ لا؟"

التفتت إليها، بدت محتارة لكيف ستقول ما تريد.

"امم .. لنقل أنني أريد تحقيق أهدافٍ معيّنةٍ قبل ذلك."

"مثل؟"

عادت تلتفت لمايك مستقبلةً سؤاله، حكّت مؤخرة رأسها ترتّب أفكارها.

"أريد إنشاء مشروعي الخاص، سأعمل في البداية لجني المال لأشتري مستودعًا كنتُ قد اخترتُه وأرمّمه ليصبح مشروعي الصغير الذي سأكبّره تدريجياً."

تناولت قطعة البسكويت بينما سام يناقشها.

"حسنًا ولكن إن تزوّجتي سيشتريه لكِ زوجكِ وستحقّقين ما تريدين أيضًا!"

ابتلعت ما بفمها وهي تنفي بحركة رأسها ما يقول.

"لن أقبل أن يأتي أحدٌ وأنا في فرحة نجاحي ليخبرني أن ما فعلته هو بفضله. لن أعطي أحدًا فرصةً لقول هذا لي، مشروعي .. بمالي وبمجهودي."

كانت تهمّ بإخراج قطعةٍ أخرى عندما تمتم ريان.

"تفكيرٌ رائع!"

رفعت رأسها إليه، لا يمكن أن يفكّر بها بإيجابية، هل جُن!

تداركَ نفسه ليكمل.

"أعني ليس لإنكِ فتاةٌ عليكِ أن تكوني دمية .. صحيح!"

كان ينظر إليها، نعم أخطأ، لا يمكن لفتاةٍ بهذا التفكير أن تكون تلك الفتاة التافهة.

لم يرَ نظرات الغضب لتلك التي جلست بجانبه، رأى فقط تلك اللبؤة التي أرته حدّه، قطةٌ تخفضُ نظرها بتوتر .. تلك النظرات الجريئة التي كانت تلمع بالتحدي أصبحت مرتبكة .. مرتبكةً منه هو.







جميع حقوق الرواية تعود للـكاتبة هبـة سليمـان

Continue Reading

You'll Also Like

1.1K 53 2
قصه مكتمله.. فتاة انولدت في ايام ديسمبر الهادئه في إحدى الليلي البارده كانت جميله جدا والكل يغار من جمالها تنتقل هذه الفتاة بدم بارد لتخرج روحها في ك...
19.4K 787 31
فقدتها في اليوم الذي اطمأنيت إلى أنها ملكي، أنها ستظل قربي، فهي كانت شمس حياتي مهما غربت عني لابد أن تعود لتشرق من جديد وتنير حياتي المظلمة دونها،، ل...
126K 5.4K 14
مصورة فوتوغرافية وباحثة جيولوجية شابة تعشق المغامرة والتحديات فتذهب برحلة استكشافية الى الامازون برفقة مجموعة من الباحثون الأمريكيون للعثور على نبتة...
1.2M 46.5K 55
*طفولة قاسية، الحرمان من عاطفة وحنان العائلة ،جعلها إنسانة مهشمة من الداخل *الثقة أهم عنصر بحياة الإنسان، لكن كسب ثقته كان مثل الربح باليانصيب بالنسب...