أسطورة الجبل الميت !

By s_rx1900

612K 11.5K 5K

هنا ، او هناك ، او هاهنا .. رملاً ، وصخور ، زهراً ، وحقول أُغنية مسير ، تخبط غريق ، ندأ بوسط الحريق ، حُلم زم... More

1
٢
٣
٤
٥
٦
٧
٨
٩
١٠
١١
١٢
١٣
١٤
١٥
١٦
١٧
١٨
١٩
٢٠
٢٢
٢٣
٢٤
٢٥
٢٦
٢٧
٢٨
٢٩
٣٠
٣١
٣٢
٣٣
٣٤
٣٥
٣٦
٣٧
٣٨
٣٩
٤٠
٤١
٤٢
٤٣
٤٤
٤٥
٤٦

٢١

11.7K 229 114
By s_rx1900

تأملته حتى انتبهت على نظراته نزلت عيونها الخائفه وهي تردف باستغراب من سؤاله : لا انا وحيدة امي بس ركود اخوي من الرضاعة
هو يدري انها وحيدة امها وماعندها احد بس كان يبي يسمع ويتاكد ان ركود مُحال يكون بمقام غير الاخوة وهذا هو اطمئن ، مجرد ماخلصت ابتعدت بينما هو كل مايفكر انها جابت له قهوة لكنه بطيشيه مقدره، يحز بخاطره كان يبي يعتذر بس ماعرف كيف ، في اللحظه اللي رفع يده اليسرى لراسه يعدل شماغه بحكم ان الحرق في اليمنى ، نطق بعدها بتوتر : القهوة ..
لتكمل من بعدها تقاطعه : حصل خير انكب الشر
وكان هذا ثاني شخص يفهمه من غير مايتكلم من بعد وضاح ، وبعدها نطقت وهي تشوفه مازال واقف وفهمت مقصده : بسوي لك ثانيه
كيف بانت طيف مبسم رقيق على ملامحه من فكرة انها ترجمت نظراته واشار بالايجاب وهو يخرج يجلب الدلة اللي سكنها التراب ويغسلها ويرجعها ، طلع من بعدها والنسيم يحرك شماغه اللي ازاله ووضعه على كتفه ، خلخل يدينه على شعره وهو يجلس متأمل السماء اسير لحظتها ويتأمل يده يستشعر يدها اللي سكنتها ، حتى انتبه للي حطت بجانبه القهوة ، وماكان منه الا ان يرفع نظرة لها كان يبي يقولها " تسلم يدينك " لكنها نطقت قبل ان ينطق بشيء وبضحكه مرحه : الله يسلمك
قالتها من غير مايقول شي وكانها فاهمه ايش يبي يقول ، مشت من بعدها تاركته مبتسم حتى بانت نواجذه من كثر اتسّاع سماءه الرحبّه بها ..!




في الصباح وعند وضاح اللي كان بالخارج بفأسه يقطع الخشب ويجهز بحكم ان الايام ذي زادت فيها البروده والمطر فقرر يقطع حصيله كبيره من الخشب ، كان ضميره يأنبه بسبب انه رفع صوته على عيّاش من دافع غيرته ، وهذا الشيء شغل باله ، باللحظة اللي شاف ركود يتقدم له نطق بعدها : جابك الله تعرف وين القى عيّاش ؟
كيف عقد ركود حواجبه باستغراب من تساؤله لكنه نطق من بعدها : اذا تذكر قبل مدخل القرية على اليمين تلقى رمال متكتله وبينهم كرسي واغراض وكل علب القرية هناك بتلقاه هناك يحب هذاك المكان
اشار راسه بالايجاب في اللحظة اللي خرجت قمر من الغار ومجرد ماشافت ركود تقدمت تحتضنه ، كان المنظر بنسبه لوضاح موجع وموجع حيييل على قلبه ، يبغض فكرة انها مانامت بحضنه ليله ولا حتى اقترب منها لحظه ، يبغض فكرة خوفها منه ، كم مر على زواجهم ؟ شهور عديدة وهو ما ارتوى ولا حتى حسّ انه لقى يدين تلمّه ، بالمقابل ركود حقق حلمه ، وهو يدري بمقام ركود ومكانته عند قمر لكن هذا مامنع جنود الغيرة والقهر تسكن قلبه ، غيرته عليها من عيّاش ربما تكون منطقيه لكن غيرته عليها من اخوها ابدًا مو منطقية لكن رغم ذا غار بقلّة حيله وحسده حيّل حيّل لدرجه ودّه يحضن ركود من بعد حضنها اقلها يستشعر المكان اللي حاوطته !
وماكان قادر ينفس عن غضبه الا بالاستمرار في تقطيع الخشب بقوة حتى يهدىء من ضجيج قلبه ورغبته العارمه اللي تسكن صدره ..

اما عند العاشقان اللذان اجتمعا بعد كل هالسنين كان بينهم حديث لا ينقطع ، تارة يسرد لها وتارة تسرد له ، ماكان ايام قليلة كانت سنين وسنين حصل فيها الكثير كان كل ماحكى لها قصة ختمها بقوله " عُمره ما عرفت معنى ايامي لاني قضيتها انتظرك " كانت اشجار الربيع تزهر بين شتاء عمرهم ، وتعيش كل واحد فيهم بهجة انحرم منها سنين ، وياليت كل قصص الحُب بطلها عاشق مثل قصي و صبورة مثل حسناء ..!



مرت الايام يوم ورى يوم تزداد فيها رغبة وضاح بحضنها وشوق ركود لها و جهل راجد عن شعورها و عشق قصي لعيونها و حب هجان لبغداده و فرح مؤيد بقربها ..
قرابة اسبوعين ..
" تتوقعين حسناء مبسوطه ؟ " كان تساؤل ثنوى وهي تنتف اوراق الملوخية بين يدها لتردف من بعدها حور اللي هزت اكتافها بعدم معرفه : ماظن تنبسط بعيده عنا تدرين راحت وهي تبكي ..!
خذاهم الحديث باللحظة اللي دخل وضاح وبيدينه اغراض لهم اتسعت ابتسامات حور اللي تقدمت تاخذها منه وينتشر تساؤل ثنوى : وين تنام ؟ كل ليله ما اشوفك بالبيت!
ماكان منه الا ان يردف بهدوء : اشغال وانا اخوك
كيف تأمل تجهيزها للغداء كان متعود انه يشوف حسناء تجهز مو هم حتى نطق بشوق لها : بقلبي عتب لاختكم فوق انها راحت من غير ماتقولي ولا تودعني فواز قال لي انها ماتبي ترجع الظاهر جازت لها الحياة هناك ونستنا
باللحظة اللي بلعت ثنوى ريقها من كذب فواز عليه وتنطق تتجنب النظر لعيونه : يمكن مبسوطه علشان كذا بتبقى
ليردف هو برفض تام من اعتقادها : مهما بلغ فيها الانبسّاط كيف عز عليها تخليكم ؟
تقدم وقتها لانه يبي يطلع يكمل اشغاله لولا ان وقف هدوء خطواته ذاك الصوت المرتفع الغاضب اللي خرج عن صمته بغضب تتبعه دموع وهي تردف : كله من كذب فواز وسلطة زوجته عليه ..!
كيف عقد حاجبيه بعدم استيعاب وهو يلتفت للخلف للمكان اللي كان واقفه فيه حور بنصف الحوش وتشد على اصابع يدها بقهر وتسقط من محاجر عيونها دمعها ، نطق وهو يتقدم بخطوات ثقال نحوها بنظرات اخافتها وحييل للحظة حسته وحش قدامها لان وضاح مستحيل ينظر لها كذا ، نطق ببحة تملأها التساؤل وهدوء بصوته عكس ضجيج ملامحه : اذانيك تسمع اللي طلع من صوتك ؟




باللحظة اللي تقدمت ثنوى تحاول تسحب حور وتسكتها لكن هالمرة ماسكتت حور ولا رضت ولا قدرت حتى تسكت كملت بعدها بدموع وصوت بكاء : اي تسسمعع لان ماعمري نطقت بغير الحق ، اخوك اذانا وقتل فينا كل معالم الحياة انت ماتعرف عن شي ماتععرف ! ماتعرف عدد العصا اللي ضربها فينا ولا تعرف جروحنا اللي سببها ماتعرف كيف ذلنا و هاننا كيف تركنا نخدم زوجته ومابقى الا يستعبدنا ، هو اخذ حسناء غصب عنها بس علشان مايجونها خطاب ويعرفون ان بعدها متزوجه !
اعتلى نفسها واحمرت ارنبه انفها وانهمر دمع من عيناها الحمره وهي تكمل بقهر ونبرة باكية : طول سنين غيبتك وحنا عايشين بهم وغم ولا بحياتنا طلعنا ولا حد زارنا ولا زرنا حد عذبنا بكل طرقه بس لان هدى تكرهنا يسمع كل كلامها تتهمنا باطل وتمليء راسه علينا ويجي لنا كل ليلة يعلم باجسامنا عصاه ! انت ماتعرف شي ماتعرف ..!
كان واقف بلا حراك ولا كلام ولا نطق بشيء ماغير نظرات القاها عليها بهدوء مرعب اكثر من رعبهم من فواز ، كانت ثنوى خايفه لو مايصدق حور وتنقلب الحكاية لاجل ذا تقدمت وهي تبعد كمّ ثوبها تظهر بعض من معالم الضرب اللي بعده ماشفى وتردف اخيرًا تطلع عن صمتها مع اختها : ماكذبت حور شوف شوف كله منه !
وماكان من حور اللي اظهرت حرق بساقها بعد ان رمى بيوم فواز كوب الشاي الساخن على قدمها واردفت : كل اللي بجسمنا مايقارن باللي في جسم حسناء !
باللحظة اللي كان وضاح يحسّ ان احدهم يرميه بماء حار على كل جسده ، وكان الدم يتدفق بجسده بسرعه يحرق شراينه و اوردته ، احمرار عيونه دلائل غضبه اللي برزت منه عروقه ، مايذكرون متى اخر مره شافوه كذا وبالحاله ذي والغضب ذا ، غضب ماعرفوا هل هو نحوهم ولا نحو اخوهم ، غضب نطق بعدها بصوت حاد طالع عن صمته بتساؤل يلومهم على كل السنين اللي سكتوا فيها : وانا وين كنت ! انا ويينن ويييننن !!
ماترك لهم مجال للرد لانه طلع بعدها بعجلة رغم نداهم له وغضب ثنوى من حور بقولها : بيذبحهه وبيقتل الاخ اخوه بسببك !!
لينهمر دموع حور اللي ماقدرت تخفي هالسر وقت اطول وتتركهم يعانون ..




في خيمه الشيوخ ..

كان الضحك منتشر بين فواز وابوه وعمه عبيد وعيال اعمامه حمزة وصفوان وكم واحد من اهالي القرية ..
الا ان عكر صفو حديثهم السّلس الصوت اللي نطق بغضب عارمم : فواز ! ففووواز !
كيف نطق ابو العز وهو يقوم على حيله متكأ على عصاه : يالله اجعله خيير علامك تصايح
كيف وقف فواز بنص الخيمة يستقبل وضاح اللي تقدم له وماكان منه الا ان ينهش ثوبه وهو يشّده من ياقه صدره حتى سقط منه شماغه من شّده سحب وضاح له واحمّر عنقه من حدّه ثوبه بيد وضاح ، ورغم ان فواز اكبر منه الا انه طول وضاح شاسع ويتعداه، لينطق بعدها بصراخ وعصبيه وغضب شديد : يا رخممه يا قليل المروءة يا عديم الرجولة ! هذا جزأ من سّلمك اماننه هذي نهاية افعالك هذي نهايييية رجولتتتتك !!
كيف انتشرت معالم الصدمه بالمكان وعبيد يشيّر لهم يطلعون نطق بعدها : استهد بالله وضاح هذا كلام تقوله لاخوك الكبير !
بالوقت اللي كان ابو العز واقف بلا حراك مب مستوعب ان هذا القول يطلع من ولده اللي طول عمره محترم فواز ومقدره ، لينطق فواز بغضب من كمية الالقاب المهينّة اللي انهمرت عليه وهو يحاول يفك نفسه منه : اوزن كلامك واعرف مع مين تتكلم ! مع اخوك يا الخسيس !!
الا ان يدين وضاح اقوى من محاولاته نطق بعد ضحكه ساخره يتبعها غضبه ؛ لا بارك الله باخو مثلك ، تمّد يدينك على بنّية ! على بنّية يا فواز  ؟ ومب اي بنّية ، اختك ! خواتك ! على اخر عمرك سّماع لهرج زوجتك لاحق لي اقاويل حريم ومطبقها والله والذي نفسي بيده لاطلع حق كل وحده منهم من رموش عيونك يارخمه يا الضعييف..!
باللحظة اللي دفعه حتى ارتمى ساقطًا ارضًا التفت وقتها لابوه وبنبرة تملأها العتب قبل الغضب : افا يابو فيصل ! سلمتّ بناتك لنذل مثله ولا انت موصيّه ياذيهم ؟ سمعت هرجه ورميت حسناء عند خالتي تهقى ان كذا تغطون على افعالكم ؟ والله ما امشيها والله !
باللحظه اللي التفت لرجل من اللي كانوا حاضرين وقبل مايطلع وقف ينصت للحديث علشان ينشره عند القرية نطق قاصده علشان يسمع : بنت ابو العز الكبيرة بعدها بذمة قصي بن مهدي روح علم الريح وسماءها ..!
التفت بعدها لفواز اللي نطق يجمع اخر مابقى من قوله : تسمع لكلامهم !! تصدقهمم !! وتمّد يمينك على اخوك
كان رد واحد كافي بانه يسكته وقت نطق وضاح وهو يرص على صف اسنانه بقهر مردف : والله لو انهم كذبوا وانت صدقت اصدقهم واكذبك يابن حرمتك
وطلع بعدها ولا هدأ قهره ولا غضبه بعد ان جمع كم غرض له واتجهه لسيارته السوداء اللي ماركبها من وقت وهالمرة غايته بيت خالته عند اخته الا ضيعها وسمح بكل هذا يصير من غير مايحسّ ..!



في الليل .. قرية العود

بدأ الخبر ينتشر تدريجيًا ان حسناء مازالت متزوجه وان الاخوين تضاربوا وعائلة ابو العز تشتت من بعد موت اخوهم والقيّل والقال في كل مكان ..
وعند تلك اللي كانت كل اشغالها تملأ رأس زوجها على خواته " كذبوا عليه ووقفوه ضدك ""عجبك اخوك يمد يدك عليك ! " " ايش بتقول لناس بكرا ضربني اخوي "
" نزلوا رأسك هالبنات روح علمهم ان الله حق "
والكثير من الاقوال اللي كانت تجمعها برأسه ضدهم وتزيد كرهه لهم ، غيرته وحييل لدرجه غريبه ، وبالفعل طلع من بيته متجه لبيت ابوه وطلع بالليل علشان محد يلمحه ، دخل وبيده عصاه يبحث عن حور لانه متاكد مافي غيرها ممكن يعلمه ، باللحظه اللي فتح باب الغرفه بقوه وهو رافع عصاه وينطق بغضب : والله لـٰ
انقطعت عبارته وقت شاف ابوه جالس بالسرير ينتظره ، بلع ريقه بصدمه وعدم استيعاب ، باللحظة اللي وقف ابوه على عصاه وهو يتأمله ليردف : ماكنت بصدق لو ماشافتك الليلة بعيوني ، كنت كل ليلة اشوفك طالع من البيت واطمن لان اهقى انك منتبه عليهم وتداريهم ، كنت انام بالخيمة لاني عارفه انهم بامان عند اخوهم الكبير ، مب هذا فواز اللي ربيته ولا هذا ولدي ، كان العشّم فيك اكبر ، اكبر..!
كانت نبرة الاسى تسكن صوت ابو العز اللي قرر يتأكد من كل شيء بنفسه ، مهما بلغت قسوة ابو العز ماعمره مد يدينه على بناته كيف هان على ولده ! كيف سمع كلامه وارسل بنته ؟ كيف وكييف ومليون تساؤل يسكنه انتهى بكسرة خاطره من رؤيته لولده باخر عمره يضرب بناته ..!
التفت لحور وثنوى اللي دخلوا بعد ما طلع فواز بصدمه ، كيف فتح ذراعه حتى جو الاثنين لحضنه ، نطق والدمع يملأ محاجره بعد ما الكبر تمكن منه والشيب غزاه : امسحوها بوجهي وانا ابوكم ، تركت الرقاد ببيتي من طيف فيصل اللي يداهمني كل ليلة مادريت ان فيصل يناشدنّي عليكم ! امسحوها بوجهي ..!
ماكان منهم الا البكاء بحضنه تعويضًا عن كل ليالي القسوة اللي عاشوها ..!



عند وضاح ..

كان يلوم نفسه لدرجة حسّ ان النيران تآكل اطرافه ، هو حتى يدينه ماقدرت تحتضن خواته بعد اللي سمعه ، يلوم كل جزء فيه على جهله وعدم معرفته طول هالسنين ، كيف راحت عن عيونه نظرة الخوف بعيونهم ، بدأ يجمع التفاصيل واخر الاحداث وفعلاً كثير اشياء كانت تدل على هذا ، كان متوقعها مجرد تصرفات طبيعيه كيف ما ادرك كل هذا ! كيف مافهم ! والفتره الاخيرة انشغل بامور كثيره حتى راحت عن باله كل هالامور ، بلحظة تذكر قمر ! ماتدري انه مسافر ولا قال لركود يطمن عليها ، تنهد بتعب من كمية الهموم المرمية على اكتافه ، من الاشياء اللي حملها فوق طاقته ، من تعب السنين بحياته ، من ثأر لدين لاخوه لاخواته لزوجته ولحياة مايدري ليه كل شيء صعب عليه وليه مجبور يعيش كل ذا ، ليه العُمر مايرحمه مره ويرهف فيه ، هو حتى الحضن اللي يحتاجه ماقدر يسكنه ، عايش يتأملها فقط ، ولا قدر بيوم يملكها لو لحظات ، كان الطريق طويييل ومظلم الا من نور سيارته ، هدوء مخيف الا من صوت عبدالحليم حافظ ، وبرد قارص ورياح تضم المكان ، كآن هادئ عكس ضجيجه الداخلي ، يضمّه السّواد كعادته ، مستمع لاغنية العندليب وقت كرر بالمكان "سواح وماشي فى البلاد سواح والخطوة بيني وبين حبيبي براح مشوار بعيد وأنا فيه غريب والليل يقرب والنهار رواح "
باللحظة اللي انتبه لذاك الرجل الاسمر ، وليس اسمر بل اسود يقف على جانب الطريق وواضح ان التعب اهلكه ويلوح بيدينه ، وقف له باستغراب من وجوده بمكان مافيه ولا اي قابليه للعيش ، فتح الشباك بهدوء يتأمله باللحظة اللي نطق الرجل اللي كساه التراب : الله جابك تكفى انا بوجهك انك تعينيني لي ثلاث ايام ضيعت قافلتي وامشي لوحدي انا تاجر اعطيك اللي تبي بس تكفى لا تتركني هنا ..!
كيف تأمله وضاح حتى نطق بعدها يطمنه : مانب تاركك لا تشيل هم اركب اركب
وماكان منه الا ان يركب وهو يردف : الله يسعدك ويوفقك ونطق بعدها بتساؤل : من وين انت
كيف شافه وضاح كان واضح انهم بنفس العمر او ممكن اكبر منه بشوي ليكمل : من قرية العود وانت من وين اراضيك ؟
كيف تهلهل الفرح بوجهه وهو يكمل بعدها : من قريه بجنبها وعايش فيها بس تركتها من سنين يمكن سمعت عني اسمي نمير ، نمير الاسود كان هذا لقبي زماني
كيف فحص وضاح ذاكرته يحاول يتذكر بس ماتذكر ونطق بعدها : والله اني ماذكر بس دامك منا فانت ولدنا بس تراني رايح لمشوار وبعدها معودّ الدار
ليكون الرد من نمير باتسّاع : والله اني عضيدك وذراعك بمشوارك دامك خذيتني معك ..
ماكان وضاح يدري ان اللي على يمينه مجرم كبييير وسبب دمار عائلة ، ماكان يدري انه سبب رعب زوجته وعيشتها ، ماكان يدري انه اللي اعتداء على اسيرة قلبه ، ماكان يدري انه سبب حياة مليحته ، من زمان مايعرفه وحتى لو يعرفه هو تغير حيل وكبروا بس مايعرفه للاسف ، ومضى بطريق يجهله مع اكبر عدو له ، وانا تايه سواح ..!



في اليوم الثاني ..

كان في شخص بعيد كل البعد عن كل هذا ، كان برا القرية بسبب انه يبحث عن خاتم نفس ماوصفته وتمنته ، كان عازم على خطبتها من غير علمه عن اللي صار وعن احوال اصحابه جاهل المصيبه اللي يعيشونها ، كان حماس الحب متمكن منه لدرجه ان لبس وتجهز وراح من غير اي صبر لخيمه ابو العز ، راح خاطب بكل ما اعطاه الله من حب ، راح وياليته ماراح ..!
باللحظة اللي دخل الخيمة باتسّاع وصل له مبسم ابو العز وترحيبه : حيّ الله الوجه البغدادي تعال ولدي تقهوى معي مامن غريب
وبالفعل تقدم يسلم عليه واخذ اخباره واحواله وقت سأله ابو العز عن اوضاع الحلال والاسواق اللي اعطاه ليرد باتساع ؛ نشكر الله الخير بكل مكان محاوطنا
واخذهم مجرى الحديث حتى نطق ابو العز : بحلقك هرج انطق ياوليدي
كيف تنهد هجان وهو يعدل جلسته ويردف بعدها : انا مالي بهدار اب ولا اخ يجي معي ، جيتك لوحدي وانا اشوفك بهدار ابوي ، جيت وانا طالب القرب منكم وطالب ال
لكن انتشر بالمكان صوت ثالث يقاطع مجرى حديثه : تعقب يناسب نسلنا غريب ..!
التفت له هجان التفاته يملأها الاستنكار من لفظ "غريب" وهو اللي طول عمره اعتبر نفسه واحد منهم متى صار غريب ؟
كيف وقف ابو العز بغضب تمكن منه ونفذ صبر من ولده اردف : ففوازز ! اوزن كلامك واحترم وقفتي محدن له امر غيري !
الا ان فواز تقدم بغضب وعصبيه مردفًا : انا اسمح بكل شيء الا انه يناسبنا غريب حتى لو ضمينّاه بدارنا يبقى دمه غريب
ليتقدم ابو العز بعصاه اللي رفعها يدفع فواز من كتفه: بصفتك مين تمليّ عليهم اوامرك هاا ؟؟
ليردف بعدها فواز وكل مالها شخصيته تتغير للاسوء والاسوء : اخوهم ولا مالي امر ؟


كرر ابو العز ضرباته على كتفه وبصوت غاضب عالي حتى كاد ينقطع نفسه من غضبه : مالك امر وهذي فعايلك روح عند حرمتك وهالدار لا تطبها رجولك ابدًا فاهههم !!
كيف عقد فواز حاجبيه وهو يردف بحده ومن بين اسنانه : تطردني لاجل غريب ؟ والله لا احرق الدار واللي فيها ولا تتزوج وحده من خواتي غريب ..!
باللحظة اللي دخل راجد بعد ان سمع عن وضاح من العم  ابو سّلمة واثناء قدومه سمع الحديث اللي دار بين فواز وهجان ولا قادر يستوعب اللي حاصل مع وضاح حتى يستوعب هجان ! في اللحظه اللي طلع فواز سقط ابو العز لولا يدين هجان اللي رفعته وكان دلائل هبوط الضغط ليردف راجد بعجله : ذيابيي يا ذيابيي
وبالفعل دخل ذيابي وهو يتقدم له ويناوله دواءه والماء حتى هدأ واستكن واتكأ بظهره ، رفع يدينه وهو يدور بانظاره على هجان باللحظه اللي قاطعه هجان بابتسامة غريبه على فمه اردف : لا تقول شيء عمي لا انا اللي جيت ولا انت اللي دريت اعتبرها كلمتين ونسيناها ارتاح الحين قدامك العافيه يارب ..
وطلع يجر خطواته بخيبّة يكاد يحلف لو قالوا له مافي نصيب كان اهون بنسبه له من كلمة غريب ..!
كيف غريب وانا لاقيّ وشايف فيكم اهلي وناسيّ؟ كيف غريب وانا ضميّت اسمي مع جلاسّي ؟ كيف غريب وانا ذكرتكم بعد سيرتيّ ؟ كيف تجهلوني اليوم وانا اللي طول عمري معكم ، حس بقهر يملأ جوفه ونيران تحرقه ، انهانّ بطريقه مارسمها باله ، كلامه مسّ كرامته وكبرياءه وهو رجل مايقبل هذا الشيي ابدًا ، والله لو اني ميّت ظمأ ما نزلت كفوفي لبئركم  ..!
لملمّ كل اغراضه من البيت اللي اعطاه ابو العز مستحيل يبقى فيه ، حتى الشغل بيتركه ، ماكان منه الا ورقة كتبها على عجل وضعها بحضن اوراق ذاك الكتاب ، تركها بمكانها المعتاد ، ومضى يجر الخيبات ، باللحظه اللي استقبله راجد ، شاف راجد نظرة تعتلي ملامح هجان ماتمنى يشوفها حتى بعدوه ، خذه بيدينه ومشى معه للمرعى مكان ماتوجد حلاله ،



هالمرة راجد حسّ نفسه مقصر ومقصصر حيل سمح لاصحابه يضيعون من بين يدينه من غير مايعين ولا واحد فيهم ، نطق راجد يلومه على التوقيت الخاطئ اللي اختاره : ليه يابني ماصبرت حتى وضاح يحل مشكلته ويرجع؟
كيف عقد حاجبيه باستغراب اردف : اي مشكلة ؟ وينه وضاح ؟
تنهد راجد اللي كان متأكد انه مايدري ولا مستحيل يفتح موضوع مهم بوقت زي كذا ، بدأ يسرد له كل ماسمعه من ابو سّلمة تارك معالم الصدمه تتقمس وجه هجان اللي حط يدينه على رأسه بعدم استيعاب لشيء اللي مر فيه صاحبهم بغيابهم ..!
كيف تنهد راجد اللي اكمل : انا كيف طاوعني قلبي اتركه لو لحظة ؟؟ كيف هجان كيف ؟؟ ماتركته بصغره كيف تركته بكبره ! جمرة بقلبي وتحرقه هجان تحرقه ..!
كيف ماكان هجان اقل منه ، حتى انه اكثر ، واكثثر حييل ، باللحظة اللي رفع نظراته لراجد بضعف تمكن منه نطق : تهقى وضاح يشوفني غريب مثل اخوه ؟
الا ان الرد الواثق من راجد اردف : والله ان وضاح يشوف الكل غريب الا انت حبيب ! بعدين تاخذ بكلام ذاك الرخمه ؟ انا اشهد ان الناس تتغير للافضل الا هو مامشى الا بسوء !
كيف تنهد هجان بهدوء وانظاره لسماء كان يحاول يستوعب اللي هو فيه ،وانه انتهى حُبه الاول والاخير ! كيف كان يحاول ينطق حتى اردف بضياع : انا والله بغيت اسمع انه مابه نصيب وانه القدر مايبينا نفرح ، لكن اعودّ غريب بعد ماكنت الصاحب والرفيق ؟ كان يكفيني اتجرد من هويتي وبلادي لكنه جردني حتى من اهلي !
رفع نظرة لراجد بضعف تمكن منه واحتله نطق : تخيل انا غريب راجد ! انا غريب !
كيف تنهد راجد اللي عمره عاشه يحاول يخفف احزان اصحابه بس يحسّ نفسه فشل ، وضاح التائه ببلاد ماهي بلاده و هجان الضائع يدور هوية و ركود الغارق بذنوب ما ارتكبها ، التفت له وهو ينطق يحاول يخفف عنه : هذا اللي كان شاغلك طول الليالي ؟ الهوى ؟ ماقلت لكم الهوى كله خطر ، كله شقاء ، ماسمعتوني ! ماطعتوني ! ماقلت لك خل سّرك جوا قلبك حتى تتبين امورك ! ماقلت لك هجان ماقلتت !


باللحظة اللي تقمص هجان لهجته لان من شّدة غربته حسّ عيب عليه يتكلم بلهجة هو غريب عنها : گلت گلت يا صاحبي گلت بس منو يعرف گلبي الضايع منوو ؟؟
ما اعتقد بقى الي شي هنا انتظره ولاول مره بخاطري ارجع للعراق ، لعراق بدون بغداد ..!
كيف تنهد راجد اللي نطق محدثه بالعراقيه العتيقة اللي تعلمها منه : وين تروح واحنا هنا ؟ مراح تروح وبعدين كل مزعلت من عدنا حجيت بلهجتك وعفت لهجتنا ؟ وديلا اني هم راح احجي عراقي
رفع نظره هجان له مردفًا : عيب عليه احجي بلهجتكم واني غريب اما انت مسموح لك حتى لو بكتها بوك "سرقتها سرق "
اقترب منه راجد وهو يمسكه من اكتافه ويلفه له نطق بعدها:  اذا انكرك فواز كل المملكة وكل جنوبها تعرفك،وانت تركت بيت ابو العز تعال بيتي وعيش ويايه اني وحداني واغلب وگتي يم عمتي وعوف وظيفتك وتعال ارعى حلالي واني ارعى حلال ابو العز،ماطول اني عايش مراح تروح.
تنهد هجان اللي ماله حتى نفس لرفض او حتى لاتخاذ اي قرار ونطق : اوعدني اللي صار مايدري  عنه وضاح اساسًا اللي بيه مكفيه
اشار راجد براسه ووقف وتركه لوحده لانه حسّ انه يبي يبقى لوحده ويبي يرتب افكاره ، وبالفعل هذا اللي يحتاجه هجان اللي استلقى على الرمال بتعب ، تعب انه حسّب حسّاب كل شيء الا دموع النهاية ، وان الهوى يسكنّه خطر وتعب ، وان لهفة البدايات تقتلها حقيقة النهايات ، وانه خسر بغداده في حرب هادئة كان الضحية الوحيده فيها هو ، خسر روحه وقلبه باللحظة وبكلمه ، بتسرع وحماس منه اهلكه ، كيف غريب ! وهو اللي حرث هالارض بنواجذه، كيف غريب وانا قلبي مانبض الا هنا ، كيف غريب ! وحتى هذي اللحظة ادرك انه فعلًا غريب تعلق بحلم مثل طفل ظن ان بكبره يقدر يطير ، كيف لياليه من دونها ؟ من غيرها ؟ لمين يسرد قصصه وحكاياته ؟ في عيون مين يسهر ؟ بضحكة مين يستمتع ؟ ليه الدنيا جرعته مرارة الحياة بهذي الطريقه ؟
" وياليتني من البداية ماشفت خده النقيّ
انت السبب يا فؤادي وياعيني ليه تعشقي ؟



الصباح وبعد مسافه طريق اخذت منهم قرابه يوم وزياده..

اخيرًا وصل لقرية خالته نجوى اللي ماشافها من عقب موت امه ، نزل وهو يتأمل القرية اللي ماتغيرت وبعدها على رحبتّها وسعتّها ، ابتسم وقت شاف منير صحى ونطق بعدها يحدثه : صبحك الله بالخير قوم معي نسير على خالتي وانت ضيف واكرامك عليّ
الا ان الرفض كان من منير اللي اردف : لا وربك انا اللي مكرمك روح اقضي حاجتك مع اهلك وانا اعرف كم حد هنا ببقى عنده حتى نعودّ
ورغم محاولات وضاح الا ان الرفض كان من منير بسبب ذا تركه على راحته وتقدم لبيت خالته يدق دقات الحنّين على بيوت راحوا احباب قلبه وراحت امه اللي سكنته ، كيف تأمل الجدران والابواب والبيوت ، غربّة غربّة اجتاحت جوفه وارهقته ، وماهي الا دقايق حتى انفتح الباب في وجهه ليسقط ذاك الدلو من يدها وهي تنطق : وضاح ! ياعيون خالتك !
وبسّعه احتضنها وهو يستشعر دفء امه فيها وفي وجودها وفي قربه منها وفي كلامها وترحيبها ودموعها اللي بللته نطق بضعف بين يدينها : يا ريحة الغوالي !
استمر دفء الحضن دقايق حتى تبّعه تراحيب وتساؤلات عن الاحوال ، كانت عيونه تراقب الداخل والخارج يبحث عن اخته ، ماعلمته خالته عن قصي لانها تدري اللي بينهم ، حتى نادت نجوى بعدها : يمه حسناء تعالي جانا ضيف
كانت حسناء تظن انه واحد من اقارب خالتها بسبب ذا ماطلعت لكن وقت نادتها تقدمت باستغراب للحوش الوسيع ومجرد ماشافت ذاك الطول الفارق اعتلاها نفس عليل وقبل انهمار دموعها نطقت بشفه مرتعشه : وضاح !
كيف تقدم وهو يحتويها بحضنه عوض عن كل ليلة اذاها فيها فواز ولا قدر يدافع عنها ، وضاح مايعرف يسيغ عبارات الاسف ماعمره نطق اسف لكن حاول ترجمتها بلمّها في حضنه ينشر رحابّة حضنه في سماءها ، وبينما هي تنتظر منه تراحيب و اسباب جيتّه بدأ حديثه بعتاب ماقاله لثنوى ولا حور لانه كان يبي يقوله لحسناء قبلهم كلهم : افا لهدرجه هان وضاح عليك وخبيتّي عنه فعايل فواز ؟ افا ماليّ حسبّه ومقام عندك وانا اللي كنت اظن اني ما اهون اثاريني هنت من زمن ؟ الماء يمشي تحت رجولي وانا ساهيّ بثقتي فيكم ، هذا جزاء من وضع مجاديف ثقته بخواته ؟ افا حسناء تخبيّ عن وضاح ؟




لاول مره يكون وقع كلمه " افا " على قلبها مؤلم لهدرجه ومتعب لاخر حد ، فهمت انه كشف كل شيء واخيرًا بتلقى حد تشكي له ، حتى قصي ماعلمته بفعايل فواز لكن وضاح درى والان صار لها سند وعضيد تشكي له ، بكت و بكت عوض عن الليالي اللي استحملت فيها مجاديف العناء ، كيف كانت تتكلم بتلعثم من شّدة بكاءها بعد ان ابتعد وضاح عنها : انت انت ماتدري كثر ايش عانيت وتعذبت اهلكنا فواز واهلكني هذا مو فواز اللي نعرفه تغيير وتغيير حييل كانت هدى تدور الزلة لاجل بس يضربنا عليها ، تبينا نخدمها وهو سماع لها ، فواز كان احن واحد فيكم صار وحش وضاح وحش مايرحم ! تعبت كثير وضاح تعبت ..
كيف ان نبرة صوتها الباكيه مع دموع عيونها ورجفة شفايفها تقتل كل خليه فيه وترجعه يلوم نفسه ، ماكان قادر يسمع اكثر الا انه يحتضنها تعبيرًا عن اسف اللي ذابت في لسانه ، اوجعه قلبه وزاد حقده خصوصًا ان حسناء مازالت تشرح له وش كان يصير وهو منصت لها يحاول يستوعب كميّة العناء والشقاء اللي سمح لنفسه يعيشونها خواته ، شكتّ و شكتّ و شكتّ وماكان هو الا طرف سامع مداعب لشعرها كانت بحاجة انها تتكلم وكان الشيء الوحيد اللي بيدين وضاح انه يسمعها رغم ثقل الحديث وثقل وقعه على قلبه ..

عند منير اللي كان يلفلف في سوقهم عساه يلقى شيء ، وفعلاً لقى قصي ! اخو اجمل بنت شافها بحياته ، لقى الرجل اللي ممكن يقتله بلمحة بصر ، واختبى علطول وهو مستغرب من وجوده ، الشيء اللي مايعرفه احد ان منير ذكي مب ذكاء بل دهاء ، منير من اللحظة الاولى اللي شاف وضاح فيها عرفه ! وتأكد من سمع اسمه ، منير مازال مهوس بشهلاء كيف ينسى اللي لاجله تركته حبيبه قلبه ! كان يتأمل وضاح وهو عارف انه سبب كره شهلاء له ، وقتها عذر شهلاء لان وضاح اجمل منه و اوسم منه سابقه حتى بالطول وعرض المنكبين ، ولاول مره يشهد غيرة رجل من رجل ! وقهره منه ! والان شاف قصي ! وقتها ادرك ان في شي لسى ماكمل وان حبيبته بتصير له وغصب عنهم ولو يقتل وضاح لاجل ذا ماهمه بس قبلها لازم يلتقي فيها ، يلتقي بحُب عمره ..!


في اليوم الثاني ..
قرية " نجوى "

: يامرحبا يامرحبا
: انا اشهد انه ماوطى على هالارض الا رجال ..!
كانت عبارات الثناء والترحيب تتراكم على وضاح في مجلس شيخ القرية وخصوصًا بعد ماعرفوا انه بعده ماتزوج صار الكل يتنافس يتمناه لبنته ..!
كان سعيد بفحاوة ترحيبهم ولا قادر يروح لان كل حد يعزمه على بيته لكنه رغم رفضه لاغلب العزايم انجبر يوافق على عزيمة شيخ قريتهم احترامًا له ..

عند حسناء و قصي ..

: مالازم يشوفك ابدًا ارجع الان قريتك وكم يوم وبرجع انا تكفى قصي لا يشوفك بتذبحون بعض !
تنهد ولا قادر يقول غير قولها لكنه اردف : يعني نعودّ اغراب ! مستحيل اسمح اني انحرم منك ثاني انا ما اصدق لقيتك كيف تبيني اتركك !!
تقدمت وهي تفتح يدينها وتحاوط بوجهه تحاول تمالك دموعها نطقت : بس اوصل القرية تعال لي كل خميس اخر الليل اعوي مثل الذيب وبطلع لك اعتبره مواعيد لقاءنا ..!
اغمض عيونه وهو يتحسس يدينها بوجهه تمررها على ذقنه ليرفعها لفمه مقبلها ، نطق بعدها : ما اطلبك انا اترجاك لا تخليّ هالوداع حاف مثل اوله ، اترجاك اغمرينّي ! دفينّي !
ماكان منها الا استجابة لرجاه لان كثر حاجته لها هي محتاجته لتفتح له حصون احضانها ويتسّع مجرتها بقبلاته كوداعيه اخيرًا طلب الدفء منها ، مجبور للعوده لليالي الشوق ، ورغم انه مستعد يحارب وضاح الان لاجلها بس مايبي يدخلها بمشكلة فوق مشاكلها ، كان وداع حميم ، دافئ ممتلئ بدموع ..!

——




في جبال الاموات ..
بعد منتصف الليل ..!

نعودّ لعقارب الساعه لحظات عند تلك المليحة ، قمر الزمان ، والتي تكدسّها الشوق والتعب ، طوال الايام الفايته مازارها احد من غيبة وضاح ، والليالي البارده تشرب من ضلوعها ، تسكن اهدابها ، وتلتهمها قطعه قطعه ، اصوات تضارب الرعد والبرق يخترق مسامعها ، كانت ايام ممطره رغم عجاف قلبها ، ماتدري ليه تركها محمله بكل هذي الاسئله ، ومعقولة ماراح تشوفه ثاني !  ماتقدر تلقى جواب ضجيج عقلها ، كانت تجمع الحطب اللي قطعه وتشعله ، تحتمي بداخل فروته البُنيه وتنظر من فتحة الغار الى هطول تلك الامطار ، باللحظة اللي دخل الكايد والبارقه ينفثان البلل منهما ويجلسان بجانبها ، كانت هي ترتعش جوارحها وفؤادها ، الليل يتآكلها ، الحنين و الشوق ، الرغبة بلمّة عائلة و دفء اخوان ، الرغبه بحنان وضاح عليها ، لان كل ماحولها قاسي ، الحجارة و الحطب و كوب الشاي ، الا فروته ، وعلى الرغم من ان وضاح يملك يدين قاسية تغطيها العروق يقبض على سجايره كانها عنق مجرم الا انه تتسرب منها حنّية لا يقدمها الا لها ، الحنّية ذي بذات تحتاجها الان ، كانت الدموع تنهمر من عيناها لانها مدركه ان كل شخص الان وتحت هذي الامطار ينعم بدفء عائلته او اصحابه اما هي لا تملك الا ذئاب تعوي كلما بكت وكانها تطبطب عليها بالعواء ، غربّة تسكنها ورغبة جامحه بالصراخ والشتم واخيرًا قتل ذاك المجرم ، لاول مره بحياتها تشتهي الكلام تحتاج تتحدث وتطلع منها الجمل الا ان الاحرف توقفت في حنجرتها لتخنقها خنقه العُمر ، كانت تضم رجولها لصدرها ومن حولها فروته ، وتبكي وهي ترتجف ، كانت الدموع تنهمر من محاجر عيناها الوسيعه وهي تنظر لنار نظرة واحدة بلا رمش ، في اللحظة التي كانت تعوي بها الذئاب بقوة كاشارة ان النار حتمًا ستآكل اهالي تلك القرية الظالمة اهلها ..!

Continue Reading

You'll Also Like

6.7M 219K 35
قصه تتكلم عن بنت ضلموهه اهلهه وهربت منهم حته تلتقي بلي يجبر كسرها🔞🔞 القصه جريئه جدا🔞🔞 اول مره اكتب قصه بهل جرائه مو لغرض نشر الفساد بل لغرض توعيه...
668K 8.6K 71
إما أم أن تكون العائلة ملاذك الآمن..وإما أن تعيش بسببها في خوف وجوع دائم .
1M 17K 31
- في مدينة جدة الساعة 10:30م واقف في الجزء المظلم من المجمع يراقب بدقه الداخل و الخارج من المجمع ينتظر فريسته الجديدة
3M 145K 39
وَدُون أن أَدرِي ، كُنْت أَهوَى بِـ كلمَتي لِنَفس اَلموْضِع اَلذِي هوى إِلَيه إِبْليس حِين رأى أَنَّـه خَيْر مِن آدم . لا احـلل اخذ الروايـه ونشرهـا...