أسطورة الجبل الميت !

By s_rx1900

761K 15.6K 6.6K

هنا ، او هناك ، او هاهنا .. رملاً ، وصخور ، زهراً ، وحقول أُغنية مسير ، تخبط غريق ، ندأ بوسط الحريق ، حُلم زم... More

1
٢
٣
٤
٥
٦
٧
٨
٩
١٠
١١
١٢
١٣
١٥
١٦
١٧
١٨
١٩
٢٠
٢١
٢٢
٢٣
٢٤
٢٥
٢٦
٢٧
٢٨
٢٩
٣٠
٣١
٣٢
٣٣
٣٤
٣٥
٣٦
٣٧
٣٨
٣٩
٤٠
٤١
٤٢
٤٣
٤٤
٤٥
٤٦

١٤

15.2K 314 101
By s_rx1900

في الليل ،
عند العراقي وبغداده
انتظر بفراغ الصبر حتى ناموا الجميع ، اعتلى الجدار وهو يحول بنظراته في المكان حتى اتسع مبسمه وهو يشوفها تقرأ الكتاب الذي بين يديها مرتديه الاحمر الذي كان السبب الاول لمعرفه هجان عنها ، ابتسمت بعد ما سمعته وهو يطلع صوت من فمه يحاول لفت انتباهه ، وقفت وهي ترتب ثوبها وترفع ذاك الوشاح فوق رأسها وتتقدم له ، اتسع مبسمها وهو يميل رأسه بتأمل لها ، نطق بعد ان ادرك تأمله واردف : مادريت ان القمر مثله قمر لين شفتك
اتسع مبسمها بحياء وسرعان ما ردت برفض : مو مسموح لك تتكلم معي بلهجتنا علمني لهجتكم حيل أحبها
كيف اتسع مبسمه وهو ينطق : ياحظ العراق بحبك لها
وسرعان ما تنحنح على اساس يغير لهجته واردف بالعراقية : مكلتيلي شلونها اقمشتنا عليج ؟
وكان يقصد ذاك اليوم اللي جته لتردف بمزاح محاوله تقمص لهجته : مو واجد يعني ناقصكم هواي شغلات
اتسع مبسمه وهو يعدل لها بقوله : مانقول " مو واجد "
نقول " مو هواي "
اشارت رأسها بفهم ، في اللحظة اللي كان يحاول يتكلم كثير علشان يتقمص لهجته اردف بتفكير : اسأليني اي شيء و اجاوبك بلهجتنا وتتعلمي اكثر
ميلت رأسها بتفكير وهي تعض اسفل فمها واردفت : احجيلي رحلتك
ابتسم وهو يحط يدينه على خده ونطق : عندي هواي رحلات احجي شنو واعوف شنو ؟
نطقت بحماس وهي تقترب اكثر : كل يوم حكاية حتى تخلصهم كلهم
أشار بالإيجاب وبتفكير باول رحله له ، الرحلة اللي كانت مع العراقيين وبداية كونه رحال والعجائب اللي شافها بطريقه ، واختار وقتها قصته مع قطاع طرق كان بيكون ضحية موته على يدهم ،



بدأ بسرد بلهجته وكل شوي توقفه وتسأله عن معنى كلمه ، حكى و حكى وهو يراقب معالم وجهها من حزن لفرح لضحك لحماس ، كيف راحت تجيب شاي ورجعت له وشربت معه وهي تسمعه بكل حُب و تأمل حتى وصل لنهاية قصته بقوله : جنت اعمى وما اعرف شكاعد يصير ورايه ، صعدتهم القافلة ومشيت وياهم من بغداد لمكان طويل وصلت لسوك ، شعبي جان يبيع بيه العم عثمان اشياء قديمة ، والعم هذا هم باكو " باكو بمعنى سرقوا" لمن عرفهم گلي عليهم ،
كيف نطقت بعدها بحماس : وضربتهم واخذت قافلتك ورجعت عند العم عمر ؟
كيف تأملها بهدوء حتى نطق : لا والله انهزمت وباكو القافلة والاغراض مارجعت الا بكوب چاي انطاني اياه العم عثمان حتى يطيب خاطري
تراكمت ضحكاتها على تعابير وجهه وهي تنطق بعد نوبه ضحكها : هقيتك بتصير مثل سندباد
اتسع مبسمه بضحك وهو يكمل : لج اكثر من ٨ اشخاص لو شافهم سندباد جان حيعتزل رحلته
كيف شاف ان الشمس بدأت تشرق اعتلت ملامحه الصدمه مانتبه للوقت ابدًا معها يصير اسرع مما يتصور ، نطق من بعدها وهو يتظاهر بتذكار : مكلت الج لمن شافوا قطاع الطرق الفلوس شنو كالو ، حزري
اعتلت ملامحها الاستغراب ونطقت : عبروا عن حبهم؟
كيف تظاهر انه يفكر حتى نطق : شلون يعبر العراقي عن حبه ؟
اتسعت ضحكاتها وهي للان مافهمت مقصده ونطقت : كل العرب تعبر عن حبها ، بقول أحبك !
كيف ميل رأسه بعدها وهي يردف بتأمل : أحبج اكثر
اعتلت ملامحها الصدمه وقت فهمت مقصده وانتشر غضبها المرح بنسبه له : يا مخادع ! كان لازم اعرف نيتك واضحه من البداية من وقت ما عطيتني قماشك الشين
كيف تظاهر بالغضب وهو ينطق : لا تحجين على قماشي ترة هية مثل جهالي
وانتشر من بينهم العناد والشجار اللي ماكان بدافع الكره كثر ماكان بدافع الحب ..
ومضى الليل والشروق مابين السفر
لبغداد حتى جنوب المملكة ، سكن الهدبّ
مّر الحنين تلو الحنين ، والبلد غيّر بلد
مالك مثيل ، مالك شبيه
تعرفين ؟
أنك سبب فرحة العُمر
وأنك مثل طلعة الفجر
وأن وجهك سماء ، وعيناك قمر ..


يوم جديد ، على جوانب قرية العود
في الظهرية ،
اخذ التجارة من التجارب بعد ان اتفقوا على كل شيء ، التفت بانظاره على الاراضي الممنوعه تلك الأراضي التي سكنتها حبيبة قلبه ، اردف من بعدها يكلم ذيابي : خذ التجارة لأبوي عندي شغله و أعود لكم
وبالفعل انصرف ذيابي في اللحظة اللي ضرب وضاح خيله متجه لها ، وما ان وصل بسبب قرب المسافه حتى دار بعينيه في المكان يبحث عنها ، التفت وقت سمع صوت صهيل خيلها من اليمين ، ضرب خيله في نفس الاتجاه وماهي ثواني حتى التقت الغيهب مع الرماح ، اتسع مبسم تلك المليحة الذي كان شعرها يتطاير من حولها وخمارها الاسود ملتف حول وجهها بستثناء عيناها وباقيه غطا جسدها ونطقت والفرح والسرور يملأها : وضاح !
ابتسم بهدوء حتى اردف من بعدها وبشوق كبير لاسمه من فمها : يا عيونه !
كيف نزعت الخمار عن وجهها وبان بدر التمام ، قمر الزمان ، مليحة الفارس ، محرم المتدين ،
حتى زاد اتسع مبسمه وبان صف اسنانه الاستثناء اللذي يتوسطه انيابه ، اردف بعد ان شاف الخيلان متشفقان لركض : نتسابق ؟
اشارت برأسها بالإيجاب ببهجة ، حتى ضربت خيلها قبل مايعد حتى وسبقته ، لحقها وهو يضربه مثلها ويتبعها حتى اصبحا في الصف نفسه ، في هذي اللحظة خيل له فرحها اذا فازت ؟ كيف راح تبتهج ! كيف راح تفرح وحييل ! كيف وكيف ؟ وما ان وصل للوادي لمكانهم حتى قلل من سرعته تاركها تسبقه وتفوز عليه ، كيف انتشر صراخها بفرح وهي تنطق كلمه جديده معه هو فقط : فزتت فزت !
تراكمت ضحكاته وهو يتظاهر بزعل مردف : كان الحظ معك والا وضاح مايخسر
ماهتمت لكلامه وهي مازالت تحتفل ببهجة في اللحظة اللي كرر بباله " انا خاسر دام المكسب ضحكتك "
وما ان نزلا من الخيل وشربا من الوادي حتى نطق بتذكار وهو يتجه لخيله تاركها تتأمله باستغراب: جبت لك شيء


طلع من القماش اللي معلق في الكاسر بعد ان ربطه بجانب الغيهب ، طلع رمح وقوس وغايته يعلمه عليها ، تقدم لها ببهجة اردف : تعالي اعلمك الصيد
كيف رفع القوس وهو يجهز رمحه بترقب وغايته ذاك العصفور لكنها تقدمت وهي تقف امامه وتفتح يدينها كانها تمنعه من التصويب بغضب ، وكررت بنبرة تملأها الزعل : وضاح !!!
كيف فهم مقصدها انها ماتبيه يصيد لان ذا مكانها ، ومكانها يمنع الصيد فيه
اتسع مبسمه وهو يغير غايته لتلك الشجرة وما ان اوزن يده حتى ترك الرمح يتوسطها ، ابتسم باللحظه اللي تقدمت وهي تاخذ القوس والرمح ، تراجعت للخلف وهو يراقب خطواتها ، توقع انها بتنتظره حتى يعلمها ، او بتحاول تصوب على الشجرة ، لكنها رفعته وهي توجهه له ! هو تحديدًا ! بدل من الشجرة !
كانت تنتظره يهرب بس ماهرب استمر بمراقبة حركتها ، توقعها فقط بترفع لكنها صوبت وتركت العنان لذاك الرمح الذي مر من فوق كتفه الصلب حتى توسط الشجرة من خلفه !
اطال النظر فيها كما هي تنظر ، هو أصُاب لكن ليس في جسده بل في قلبه !
ابتسم بعد ان ادرك انها لو لم تجد التلبس بلباس الانوثة فلا يصعب عليها لباس القوة ابداً ، رغم رقتها الا انها ضلع يقدر يحتمي به ..
تقدم لها وهو بتسم بعد ان شافها تبتسم ، وانتبه لظل ، من عادته ان كان فطين حتى بظل يقدر يميز الوقت نفس ماتعلم من ابوه ، نطق وهو يتذكر مواعيده وتجارته : انّا معود لديار ورايّ مشاغيل تنتظرني وانتِ ارجعي لدارك لا تبقي بالوسط
اشارت رأسها بهدوء ، وهي تناظر لظلّ او ظلّه هو بذات ، مشت حتى وصلت لظلّه وقفت عنده باتساع ، كانها تردف "مد لي ظلّك .. خلّني تحته اقيّل، لي سنينٍ ما عرفت اهدا بروعي"
وكان هذا هو وضعها بضبط من سنين ماتعرف كيف ممكن توزن حالتها ، ابتسم وهو يشوفها في اللحظة اللي تذكرت قوله ، وراحت تاخذ الغيهب وتفك رباطه ، كان واقف ينتظرها تروح وبالفعل انصرفت ، الشيء اللي كان يبيه هو يعرف مكانها ، صار له وقت يجي المكان لوحده ويحفظ طرق مختصره وهالمره فاز عليها ، مجرد ما ابتعدت ركب خيله وهو يتبعها من طريق اخر حفظه من قلب ، تعبه التفكير و تعبه كل شيء ، يبي يعرف من هي ومكانها يبي يمد يد العون لها ، والأهم والمهم يبي وصي عليها يطلبه يدها بالحلال ، فكرة انه ممكن غيره يشوفها ويحبها ترهقه يبي هو حلالها ، شافها تنزل من الخيل وتمشي معه ، شافها تطلع جبال ، ترك خيله وتبعها ، مر معها حتى وصل للغار اللي ماعمره حد عرف مكانه ، تأمل المكان مهجور مافي اي حد ! الا هي ! مكان مثل السجن مايستحمله حد ، حتى لو الخضار سكن فيه مافي عاقل يستحمله ! معقوله مثل ماقالت بنت الجبل ؟
كيف حرك رأسه برفض وهو يردف يحدث نفسه : وضاح انت عاشق لبشر ولا ؟
حتى كرر من بعدها : بسم الله بسم الله
ألتفت للحطب اللي كان عند مدخل الغار واضح من يدين بشر ، تنهد وهو ينتظر اللحظه اللي تعلمه بمكانها برضاها ورجع ادراجه بعد ما تأكد انه حفظ المكان




قرية المسارح ،

كان يمشي وباله مشغول وحيل ، يفكر باخته وبحالتها ، شايل همها وشايل هم امور كثيره ، مايقدر يرجعها القرية الا اذا ظهرت براءتها ومايقدر يظهر البراءة الا بظهور منير والاسوء ان منير اخر مره شافه وقت الحادثه ولحقوه لكنه اختفى وكان الارض انشقت وبلعته ، كان رايح لسيارة لان ابوه موصيه على امر مهم وبعيد حيل ، توسطت نظراته على ذاك الظرف وتلك الرسالة ، رفعها بانامله وقت ادرك انها لمؤيد ، اطال التفكير وهو يتذكر اخوه وقصصه ، رفع نظراته لمؤيد اللي جاي ، رفع الرسالة امام نظراته باللحظه اللي مد مؤيد يده يبي ياخذه سحب يده هو مبتعد مشير برفض ؛ ما اعطيك لين تعلمني علّتك
تأمله مؤيد بهدوء حتى اردف : شايفك كل ليلة تقلب كفوفك حولك بضياع ما سألتك علّتك لاني عارف انه بيوم بتهرج عنها عطني وقتي ماني بالحظة تساعدني ابوح فيها بهمي ..
تنهد ركود وهو يمد له الرسالة ويعيدها له ويستجيب لامره باللحظة اللي اتسع فيها مبسم مؤيد مكملًا : ابوي يقولك لا تطلع الغيم سّود وان ما خاب ظني جايتنا امطار و رعود و بروق عساها خير وبركة
رفع ركود انظاره لسماء بترقب وكان كلام اخوه صحيح بسبب ذا رجع ادراجه وهو يهلوس بعقله مره باخوانه و مره باخته وكانه محمل هموم الدنيا كلها فوق اكتافه ،
في اللحظة اللي انتشر فيها صوت ركض ذاك الطفل وهو يكرر : عمي عمي
التفت له ركود باتساع وهو يفتح له احضانه مردفًا : هلا عمي انت هلا
وماكان ذاك الصوت الا من راكان اللي توسط احضانه بفرح ونطق بطفولة : عيّا ابوي يشتري لي حلاوه تكفى خذ لي
نطق ركود من بعدها بتوبيخ : مايمنعك من شيء الا وهو عارف انه ضرر لك يا عمي
كيف اعاد راكان المحاوله وهو يردف ببراءة : تكفى ، تفكى تهز الرجاجيل
كيف تراكمت ضحكات مؤيد من عبارته واتسع مبسم ركود بضحك مكرر : الشكوى لله خلفوا يا عيال ابو النوارس ويبتلش ركود


بعد ان اكملت زيارتها لقمر اتجه طريقها الى جدتها صالحة بعد ما وعدت امها تطمن عليها وتبات عندها اليوم ، دخلت دارها وهي تردف : السلام عليكم ،
لكن هالمرة ما كان الصوت من جدتها الحنونه بل من رجل امتلأ الثقل والبّحة بصوته وهو يردف : وعليكم السلام
مشى بجسدها قشعريرة مهلكه ، رفعت خمارها من بعدها بحرص وهي تتقدم بعد ان وصلها صوت جدتها اللي كانت تطحن بعض من الحب : يمه عناق تعالي ساعديني
تقدمت للغرفه اللي فيها جدتها بحكم ان راجد بغرفه ثانيه ، ابعدت عبايتها وخمارها وهي تغسل يدها ثم تجلس امام المطحنه ، وضعت بقبضه يدها بعض من الحب وبدأت تطحنه باتساع وتتبادل اطراف الحديث مع جدتها حتى انتشر صوت راجد : يعميمه ناوليني فنجان قهوة
حتى جاء صوت صالحة بقولها : ابشر يابني تسوي لك عناق الذ قهوة بالديرة
كيف التفتت لها عناق بصدمه ، كانت الجدة صالحة اكثر حد يتمنى راجد يتزوج عناق ، وتحاول تليّن قلبه لها ماتدري ان قلبه لاّن وانتهى فيها ، وقفت عناق وماعندها اي قدره ترفض بعد ما حطتها بالأمر الواقع ، وقفت وهي تغسل يدها وتشعل الدافور وتجهز الدلة والبن العربي الشهير و الهيل اللي فاحت ريحته بالمكان وداعب انفه الذ رائحة دلائل انه بيذوق اجمل قهوة بدنيا ، وماهي الا دقايق معدودات حتى فاح عبقها وصارت خطوات جدته له تناوله ، كيف اعتدل بجلسته وهو ياخذ الفنجان ويرتشف منه رشفة الحياة ، كاللحظة الاولى من التقبيل ، واللهفة الاولى من الحُب ، ماكانت بنظرة مجرد فنجان قهوة ، كانت حياة بنسبة له ، شربها وهو يستشعر فكرة انها الفنجان الاول له من يدها النقيّة ..


مرت الساعات ، ساعة تلو ساعة ، حتى برق البرق وانتشر نوره و رعد الرعد وانتشر صوته ، كانت ليلة ممطرة ولكن مطر يصاحبه رعود و بروق مخيفة تضرب بالسماء وتنير وتهز قلوب المؤمنين ، بيوت من الناس غرقت والأمهات تتهاتف اصواتهم خوفًا على اطفالهم لدخول البيوت ،
في هذي اللحظة احتضن زهير ولده سلمان اللي كان يبكي خوفًا من الرعد والبرق ، وفي احضان ركود كان راكان ، بينما عيد بين احضانه ولده يزن و مروان ترك ولده عند زوجته بحكم انه ابن شهور ، و مؤيد وقصي جنب بعض يسمعون والدهم يتلو اياته بسكون ، في اللحظة اللي كان ركود باله وتفكيره عند اخته خايف عليها وحييل ، انتشر الفزع والخوف بين اهلي القرية ، صاح الجيران بعد ان دخل الماء بيوتهم وعششهم ، في اياديهم السطول يطلعون الماء رجالاً ونساء ، جميعهم كيد واحده لمساعدتهم ، في اللحظة اللي وقف ابو النوارس يردد : حطوا الصبيان عند امهاتهم وتعالوا نساعد علي و يحيى و عيسى و رجال القرية غرقت بيوتهم ..
وبالغعل استجابوا لامر ابوهم وأصوات الاستغفار والتسبيح تتكرر من الشيخ مصطفى بعلو ، ماكان يقدر ركود يروح لاخته بيشكون فيه ويلحقونه ويعرفون كل شي اكتفى يردد وهو يسحب الماء داخل السطل ويرميه للخارج : يارب اختي يارب اختي

" اجلسي جدة وين تروحي ! انا برجعهم شبكهم "
كانت عبارة عناق اللي ارمتها على الجدة صالحة اللي كانت خايفه على الاغنام لانها مادخلتها الشبك وطلعت عناق وخمارها على رأسها وسبقها راجد ، شافته كيف يدخلها والرياح من شّدتها تحسّ انها بتطيره وابتل ثوبه وشماغه الملفوف حول وجه تقدمت وهي تساعده ، باللحظة اللي نطق بغضب ممزوج بخوف عليها : ارجعي انا بديرهم
وقبل ان ترد عليهم انتشر ضوء البرق بسرعه وصخب صوت الرعد، طلعت منها صرخه بخوف باللحظة اللي تقدمت له وكأنها تحتمي به ، ما مسكها لكنه وقف بشّدة بمكانه مثل ظلّ يظلّها ، او شجرة تحتمي بها ، او مكان تأمنه ، هو اللي كان خايف طول عُمره ولقى عندها امانه ، شافها اليوم تدور الأمان عنده ..
وما ان هديت حتى تراجعت خطواتها ، كان بباله انها رجعت تخاف منه بينما في بالها انها استحت منه ، لف وهو يقفل باب الشباك وتراجع بخطواته وهو يشوفه متقدمه ودخلت للبيت لحقها والماء يتساقط من كليهما ، دخلا بعد ان طلبت منهم الجدة صالحة يبقون عندها حتى يتوقف المطر ..



قرية العود ..

ما كان الامر اقل من قرية المسارح ، نفس حالهم الكل ركض لبيته خوفًا ومسبحًا لله ، في بيت ابو العز ، طلعت من بداية المطر تركض بمرح وتلعب ، كان بدايته مجرد رشّ هادئ لأجل ذا استمرت باللعب والركض ، تحت انظار اللي كان يتأملها بحب كبيير بقلبه ، وحيل حيل متأمل ، رغم انها ما انتبهت له بس هو انتبه وتأمل لها ، كان الوضع يشبه اغنية طلال مداح " يا طفلة تحت المطر .. تركض واتبعها بنظر تركض تبي الباب البعيد .. وتضحك على الثوب الجديد ، ابتل .. وابتل الشعر "

في اللحظة اللي انتشر الرعد والبرق وركضت حور بعد ان نطقت حسناء من الداخل " حور ادخلي مب زين "
وبالفعل استجابت لها باللحظة اللي انتشر صوت ابو العز بنص القرية : يا اهالي قرية العود الحقوا على جيرانكم لا ينام حد منكم وجاره جفاه النوم ،
وبالفعل استجابوا لهم باللحظة اللي طلع وضاح و هجان و فواز و صفوان و حمزة كل واحد منهم سرا لبيت يساعده ، ابو سّلمة اللي كان مع وضاح يكرر : سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خشيته
في اللحظة اللي رفع وضاح صوته لرجل من القرية يكرر : الحطب الحطب ابتّل
جاء في مخيلة وضاح ذكرى من وقت ما شاف مليحة والغار اللي فيه والحطب اللي برى ، هي لوحدها ! ما معها احد ! حطبها ابتّل ، راودته كوابيس من حولها ، في اللحظة اللي ركض وهو يدخل بيته وينطق : حسناء وين الحطب !!
طلعت وهي تعلمه انه بداخل وفعلاً دخل وهو ياخذ كومه ويغطيها باقمشه واكياس ، واخذ فانوسها اللي عطته ، حمله ركضًا لخيله ، وقت ركبه وهو يثبت وضعه ، ضرب خيله باللحظه اللي انار المكان بفعل البرق واعتلى صوت الرعد يليّه صهيل الرماح ، وركض بعجلة غايته ومقصده مليحته ..



كان خيله يركض وكل ما انتشر صوت الرعد انتشر معه صهيله ، من طبع الخيل بيخاف وينجن وقتها لكن وضاح كان مسيطر عليه وهو يكرر : تكفى رماح قربنّا قربنّا ،
كان يركض بطريقة جنونية لكن رغم ذا بقي وضاح محافظ على اتزانه ، حتى وصل للجيل وعند خيل مليحة ربط خيله ، نزل وهو يدخل الحطب يغطيه زياده بفروته ، ركض بعجلة ولم تخنه ذاكرته وتذكر مكانها ، ومجرد ماوصل لمدخل الغار ورفع انظاره لذاك الجسد الذي يحتضن رجله لصدره ويجلس على حافة من حواف الغار ، انتشر ضوء البرق الذي انار المكان ، وانار وضاح اللي واقف عند المدخل ، في اللحظه اللي رفعت عيونها له ، وبان الدمع السائل على وجنتها كنهر النيل ، بانت شفتاها التوتيه المرتعشة ، وبان شعرها الذي يتساقط منه قطرات المطر بعد ان بللها اثناء خروجها لمحاولات اخذ الحطب الا ان البلل قد اصابه ، في اللحظة الذي تقدم لداخل الغار ، ولحسن الحظ ان المطر لم يصل للغار لانه مغلق ، وضع الحطب ارضًا وهو يركض ويجلس على ركبتيه امامها مردفًا بخوف : مليحة !
كانت تصل اليه صوت تضارب صف اسنانها العلوي بسفلي من شّدة البرد والخوف ، اخذ الفانوس بيده وهو ينيره باللحظه اللي انتشر نوره في المكان ، وبان وجهها القمري ، نزع فروته البنّية اللي كان لابسها ، غطاها من ظهرها وهو يشده لها لتحيط بها الفروه من كل الجهات ، اتجه للحطب وهو يرتبه ويبدأ بمحاوله اشعاله بطريقة قديمه تحريك خشب بين صخرتين حتى اشتعلت النار وانتشرت بالمكان في منتصف الغار ، اقترب منها وهو يردف : تعالي
مسكها من اكتافها يساعدها على الوقوف وجلسها امام النار ،ومازالت فروته محاطه بها ، جلس امامها ، باللحظة اللي توسطت كفوفه كفها حاوط اناملها وهو يتلامسها ويتحسس ثلوجتها القاسية ، يدور دفء فيه يعطيها ، كانه يقول " ضلوعي مسكن لك يا رياح بس رجيتك لا تشكي يوم من برد بغيبتي "
رفع يدها امام النار لتلسعها حراره تدفيها ، وقف وهو يتأمل المكان من حوله يدور شي حار يعطيها ، حوله اغراض مرتبه في سلال عرف وقتها ان في حد جابها لها ، بس هي مو في حال تجيب على اي سؤال ، نزع شماغه المبلل وهو يحرك شعره بانامله بتفكير ، قلب بين الاغراض بجنون ، حتى شاف ابريق على حافه السله اخذه وهو يقلب لين لقى شاي و سكر واكواب ، اتسع مبسمه وهو يبدأ باخذ الماء اللي واضح جابته من البئر وعلى وشك ينفذ ، كبّه بالابريق وهو يضعه على النار ويجهز كل شيء ، بعد ان اكمل وينتظره يفور ويغليّ جلس امامها يراقب الدفء يتسلل لجسدها ،


في اللحظة اللي جذب نظراته دمعًا عالقًا في رمشها ، في اتساع عيناها ، رفعت نظراتها له ، كانها تدرك الان وجوده حولها، كانها تستوعب فكرة انه بغارها وبجانبها ، تدرك الدفء المتسلل منه إليها ، الرحمة والرقة بيده ، كان يدور بنظراته على ملامح وجهها ، على بيضاها و احمرار خديها ، تورد وجنتها ، وسّلة السيف في انفها ، بنظرات عيونها الخايفة والهاربة ، تأملها حتى نطقت جوارحه
" لو أنّ حظّي باتِّساع عيونِها ‏لَحكَمتُ مِن نجدٍ إلى بغداد"
في اللحظة اللي رفعت أناملها تحاول ادراك انه حقيقة وليس خيال ، توسطت اطراف يدها جبينه ، تحسست برودت جبينه ، نزعت يدها بعجلة وهي تنطق بعدها بادراك : وضاح !
اتسع مبسمه ، واخيرًا تسلل لمسامعه صوتها الأحب لقلبه ، ونطقها لاسمه بطريقة شاعرية ، نطق من بعدها بتأمل وضياع فيها : دخيل الله ، عيونه !
كان عارف انها ماراح تقول شيء ثاني بتكتفي بهذي الكلمة ، التفت من بعدها مرغمًا لنار وللابريق الذي بدأ يثور ، ضبطه وهو ياخذه ويسكب في الكوبين اللي لقاهم ، اتسع مبسم وهو يردف : بتذوقي الذ شايّ بالعالم ، اشربيه دفي نفسك به ..
لو ان الكلمات لا تخونها لعرف انه هو دفء سنينها البارده ، وانه العام الذي غاثّ فيه صحاري عُمرها ،
احتضنت الكوب وهي تستشعر حرارته بكفها ، اتسع مبسمها وهي تشوفه يتلذذ فيه ويظهر اصوات اثناء شربه وغايته شوف مبسمها ، شافها تقلد حركاته وتستلذ بنفس طريقته، جاءه رغبه وقتها يشكر هجان لانه علمه بالحركه ذي اللي كانت سبب في انتشار صوت ضحكها بالمكان ،
كانت مازالت تمطر وقتها ، بس نسيت خوفها معه ، التفت وقتها للكائد اللي تقدم له واحتواه وهو يداعبه باتساع ، شاف البارقة نايمة ومن طباع الذئاب تنام مغلقه عين واحدة وعين مفتوحة ، وهو الحيوان الوحيد اللي ينام بهذي الطريقة لانه شديد الحذر ، لأجل ذا كانوا اجدادنا يقولون " خلّك ذئب " مايعني خلّك قوي بس بالاضافة الى خلّك حذر ..
ابتسم وقت شاف عناق تتقدم له واحتضنها وهو يراقب جمال اعين الغزالة ، كانت هي تتأمل تجمع حيواناتها عليه وهذا ان دلّ فهو دليل انها تحبه وحيواناتها ماتحب الا حد قلبه طيب ومستحيل ياذيّ ..




كان يراقب المكان والغار فيه اشياء كثيره ، زيّ حبل الغسيل الممدود دلائل ان احد علقه خصوصًا بعد ماشاف مسمار ، كل شيء يدل ان يدين حد توسطت المكان ذا ، صار يملأه الفضول ، كان فضول خوف مين بحياتها ، مين غيره ! مرت الغيرة قلبه ، وسكنته ، تمنى يهد الجبل بكبره، فكرة ان غيره ممكن يشوفها ، ممكن تكون حلاله ! كان يحرك رأسه برفض وغيرة ، غيرة موجعه ، وهو يكرر لا لا ، لا ياربي ، التفت لها شافها تتأمل الغزالة بحضنها ، بحيث هو واقف يراقب المكان وهي بالأرض عند النار ، فروته البُنيه تحتضن جسدها اللي نشف وتطايرت خصلاتها ، اطّال تأمله فيه يبي يسألها ويريح باله ، لكنه خاف ! خاف من اجوبتها وخاف من انه يخوفها ! خاف ولأول مره يحسّ قلبه بيد طفل يزمّه ، لأول مره يفكر بكل هالجدية ، اتزوجها ! بس مين اهلها ، اطلب يدها من مين ، افكار و افكار انهارت على عقله الباطن حتى تنهد بعدها وهو يشوفها تستلقي بتعب بجانب البارقة وفي حضنها عناق وتغمض عيناها بنعاسّ ، استلقى الكائد عند قدمها وهو يغلق عين وينام ، كيف تأملها حاضنه رجلها لصدرها و فروته تغطيها تدفيها ، نامت من غير اي تفكير انه موجود ومن غير خوف ، براحة سكنت جوفها ، كثير تساؤلات تداهمه حولها ، ولا يعرف جوابها ، تنهد وهو يعد الساعات ، ساعه تلو ساعه ، حتى أشرقت الشمس بنورها ، وتوقف المطر ، أطفأ النار ، تأملها مطولاً ، وهو يلقي نظره اخيره على المكان ، جذب انظاره صندوق خشبي باخر الغار ، وضح الان بعد ماتسلل ضوء الشمس لداخل ، مشى باستغراب له وهو يفتحه بطرف انامله يحاول مايصدر صوت حتى ماتصحى يمكن يلقى جواب على اسئلته ، لقى بداخله القلم و الشيّله وساعته ، ابتسم باتساع حتى جذب نظراته شيء اخر محى مبسمه ، كانت ساعة رجالية بس ماتخصه ، رفعها بيده من بعدها ، تأملها مطولاً حتى اعاد له الماضي ذكرى قديمه ، هدايا هجان ! كانت ثلاث ساعات نفس الشكل وحده سوداء له واثنين بنّية لهجان و راجد ، هذي بنّية ! نفس الساعات مستعد احلف عيوني ماتخوني ، وش جابها هنا ! مين يعرف بوجود قمر غيري ! في عيّن كحلت نظرها فيها ! ماوصل هالمرحله من الغضب والغيّرة والضيّاع ابداً ، تّاه تّاه وحييل ولا لقى درب تدله ، طلع من بعدها بخطوات يجرها وهو يحمل اسئلة متكرره في جوفه ، اخذ خيله وهو يضربه بقدمه بعجلة لينثر التراب من حوله ويركض باتجاه قريته ..




في الصباح ..

في بيت الجدة صالحة، بعد ما انتهى المطر وهدأت الاجواء كانت عناق تبي ترجع لامها لانها عارفه ان امها تحتريها وخايفه عليها وبسبب اصرار صالحة ان راجد يوصلها وافقت ، طلعت من الباب ورفعت انظارها باللحظة اللي شافت راجد واقف بهدوء ينتظرها ، تقدمت قبله وهي تمشي ليلتفت لها في اللحظه اللي شاف خيال رايح باتجاه الجيل عقد حواجبه باستغراب ليعتلي صوته ينادي : ركود ! ركوود !
التفت له ركود باستغراب لانه كان يظن نفسه يتوهم حتى لمحه ، وهو كان رايح لاخته يحتريها فغير اتجاهه لمكان راجد ، تقدم له حتى وصل له ، نزل من خيله وهو يحتضنه ويرحب فيه وفي اخباره ، في اللحظة اللي نطق راجد باستغراب : على وين ؟ ما اظن ان في هالاتجاه مكان غير الجبل !
كيف ارتبك ركود وبان ارتباكه وهو ينطق بعدها : جيت لعناق تعرف عمتي وقلقها ماصدقت والشمس تشرق حتى نروح لها ونجيبها
عقد راجد حواجبه باستغراب وابتسم وهو يردف : وتارك الطريق المختصر وجاي من هنا اهبل انت ؟
تراكمت ضحكات ركود المتوتره المردف : كنت اعين لفعايل المطر
اشار رأسه بالايجاب وهو يكمل : اجل عناق بامانتك وصتني عمتي عليها ودام جيت تكمل الباقي
اشار ركود رأسه واكمل باتساع : ماتقصر والله
وخذهم الحديث والقول حتى مضى كل حد منهم بطريقه..


في قرية العود ،

زان حالهم بعد تبرعات ابو العز لكل شخص انهدم بيته او انهلك ، وكل حد راح لحلاله وماله ، وقت كان هجان يرتب اغراض السوق والاقمشة والحرير وغيرها بروقان وهو يكرر بقوله " ماعندي كلوب اثنين هوا تدري بيّا " التفت وقتها لصوت اللي نطق : هجان !
نطق هجان من بعدها وهو يترك اغراضه : وضاح ؟ وين رحت امس عمي ابو العز انشغل باله عليك !
كيف كان وضاح يسابق الوقت وهو يردف من بعدها : تذكر الساعات اللي جبتها لنا ؟ وينها حقك ويننها !!
كيف عقد حواجبه باستغراب وهو يرفع معصم يده اليسرى امامه مردفًا : تقصد ذي ؟
اغمض عيونه بهدوء بعد ماعرف لمين الساعه ! وانها لراجد لشخص اللي اتفقوا انهم يتشاركون في كل شيء الا البنّية ! لشخص اللي يعطيه روحه بس مايقدر يعطيه مُلكه مايقدر ! بهتّ لونّه ، انكسر قوامه ، ضاع ومايدري الضيّعه وين توديه ، طاح طيحه ماسّمت عليه امه ..
باللحظة اللي همسّ فيها هجان : علامك ؟ كنك مضيع بلد !
كيف تأمله وضاح حتى نطق من بعدها : بلد ! بلد يا هجان ! الا قول مجرة وتهتّ فيها ..
مشى تاركه بتساؤلاته المستغربه ، كيف قلب هجان كفوفه باستغراب حتى ركض من بعدها يدور راجد لان المستحيل يشوف وضاح كذا ولا يعطيه اهميه ..

اما عند وضاح كان يرتب افكاره واموره بعشتّه يعيد ترتيب مواضيعه ويتّوه فيها يقلب هواجيّسه ويعيد لياليّه ويضيع ضيّعه ماحسب حسابها ..

Continue Reading

You'll Also Like

1.5M 31.3K 66
حسابي بالأنستا : rwiiarx
726K 9.5K 71
إما أم أن تكون العائلة ملاذك الآمن..وإما أن تعيش بسببها في خوف وجوع دائم . حسابي في الإنستقرام : @riwaia2
4.1M 376K 37
أهلاً بكُم في بقعتي أهلاً بكُم في حافة الموت والنهاية أهلاً بكُم في عالم الحرمان والخطايا ستشهدون ما لم يكن فالحسبان ستشهدون ما كان بالأمس أسرارًا...
4.8M 192K 54
بيـن طـرقـاتـةً ضـيقـة وبيـوتً قـديمـة، خـلف أسـوارهـا شـائكـة وجـدران هـالكـة ، حكـايـات لـم تـِروى بعـد وجـروح لـم تنـدمـل وأمـنيـات لـم تـرى نـور...