أسطورة الجبل الميت !

By s_rx1900

760K 15.6K 6.6K

هنا ، او هناك ، او هاهنا .. رملاً ، وصخور ، زهراً ، وحقول أُغنية مسير ، تخبط غريق ، ندأ بوسط الحريق ، حُلم زم... More

1
٢
٣
٤
٥
٦
٧
٨
٩
١٠
١١
١٣
١٤
١٥
١٦
١٧
١٨
١٩
٢٠
٢١
٢٢
٢٣
٢٤
٢٥
٢٦
٢٧
٢٨
٢٩
٣٠
٣١
٣٢
٣٣
٣٤
٣٥
٣٦
٣٧
٣٨
٣٩
٤٠
٤١
٤٢
٤٣
٤٤
٤٥
٤٦

١٢

15.5K 344 236
By s_rx1900

نرجع لعيّاش ..

هذاك الصوت اللي تكرر بقوله " قمر الزمان ، قمر الزمان ! "
كان يمر بين جوانب القرية بركض شاسع وخوف من اللي شافه ولا فهم مقاصيده ولا ادرك اسبابه ، ركض بعجلة حتى وصل تلك الخيمة ، خيمة الشيوخ ، دخلها وهو يردف بعدها : عمي عمي ! قمر الزمان قمر الزمان !
التفت له ابو النوارس بحيث كان وحده بالخيمه فز من مكانه وهو يمسكه ويطلع معه مشى وهو ماسك يده بعجله حتى وصل لبيته وتحديدًا غرفته اللي كانت ملك له ولزوجته ، اقفل الباب وهو يكرر : اسكت اسكت لا يسمعك احد !
كيف كان عيّاش يلتقط انفاسه حتى كرر : شفت قمر و ركود شفت قمر قمر !
كيف تنهد ابو النوارس بعد ان جلس على السرير كم تسمى عندهم " القعاده " وصابته تلك الذكريات الجامحه حتى كرر : عارف يابوي عارف
__

نرجع بزمن الى الورى لسنين طويله مضت ..
رغم تلك الحادثه الاليمه الا ان ابو النوارس لم يصدق ان ولده قتل بنته ، هو اللي ربى عياله على يده عمره مارباهم على الشّدة وعدم الرحمة ، خصوصًا ركود كان يعرف انه حنون وقلبه مايقدر حتى يوقف ضد نمله ويقتلها ، كان يعرف انه يحب اخته حد الجنون ، في يوم من تلك الايام الصعبه اشتد المطر والعواصف والرعد والبرق ، وبينما الجميع فر الا بيته خايفًا كان ركود وحده من ركب خيله وركض بين البراري وكانه يبحث عن احد ، لحقه من شّدة خوفه عليه ، لحقه يبي يطمن عليه ، وشاف تلك الليلة رحمته بدنيا ذي ، شاف بنته وحبيبته وشبيهه زوجته ، كان احد صب عليه ماء بارد بعد ان احترق جوفه ، تمنى لو يقدر يحضنها ويقبلها ويشرح لها انه عمره مايعتبرها مذنبه وانه خايف عليها من الناس اللي ماترحم وخايف عليها من كلامهم وخايف عليها من قضايا شرفهم ،تمنى يقدر يحضن ولده ويحكي له " ما خابت هقاوي من رباك"
تمنى وتمنى ولكنه شاف ان بقربه صعب وانه لازم يكشف براءتها قدام الخلق ثم ترجع والا تبقى بامان هنا اكثر ، رجع ادراجه وقتها وهو مسرور وسعيد انها حيّه من ذاك اليوم وهو ينام مرتاح البال واثق ان ولده ماراح يضيع بنته ، وانها بامان ، دائما يشوف ركود رايح لها ويبتسم بهدوء ، ومن ذاك اليوم بلع سره بجوفه ولا علم احد ..



نرجع للواقع التفت لعيّاش وهو يكمل : ركز بكلامي وطبقه بحذافيره
تنهد ليردف بعدها : لا يعلم مخلوق ان بنتي هناك ابداً ، روح و زورها وخلك معهم وساعد ركود بكل شي ولا تعلمهم ان انا عندي خبر خلك الضلع اليمين لركود
وسرعان مانطق بعدها : وطمني عليها قلبي متشفق على فلذة كبدي
مع العلم ان ابو النوارس ماشافها الا مرة وحده فقط في تلك الليلة الماطرة وكانت بعدها طفلة فكيف لو شافها الحين ! بكل ذاك الحسن اللي تحمله ، وهو أيضًا مايدري انها سبب تلك الاسطورة ولا يدري اي شي ، كل اللي يعرفه انها حيه ، حيه وبس ..
كان عيّاش ذكي وحيل حيل لاجل ذا فهم كل كلامه وطلع بعدها ما كانه شاف شيء ، واتجاه لمكان قمر بذات ..
__

عند قمر الزمان ..

كان اخوها يقطع لها الاخشاب بفأسه لاجل تشعل النار ، في اللحظة اللي التفت لمكان الفانوس ولمحه فارغًا كرر : وينه الفانوس ؟
كيف التفتت للجدار وعادت بها ذاكرتها لذاك الحدث وقت اعطته وضاح ونطقت بعدها : انكسر عليّ
كيف صابه قليل من الغضب مردف : وعلامك ماقلتي لي اجيب لك غيره ؟
اشارت باكتافها بعدم معرفه واستمرت بصمتها في اللحظه اللي التفت ركود لمدخل الغار حتى نطق بعدها بصدمه مالها مثيل تمكن منها التعجب اردف : يامرحبا!
حتى الكلمه قالها بعدم استيعاب في اللحظة اللي التفتت قمر للباب وفزت من مكانها ، كانت بتخاف لكنها عرفته علطول ونطقت بدموع : عيّاش !!
كيف التفت لها وعيونه حمراء لانه يبكي زي الطفل ويحرك رأسه ويده اللي كانت تقريبًا شكلها للورى بسبب تعبه وجنونه اللي كان جنون ذكاء  و تاتاة كرر : حلويات ! حلويات !
وكأنه يسترجع ذكرى تلك الليلة القاسية على قلبه اكثر من قسوتها على قلب قمر حتى ، كيف فزت وهي تتجه له ببهجة رفعت يدها وهي تمسح دموعه ونطقت بنبره مكسوره : ليه تبكي ؟
كيف رجع كرر وكانه يعلمها السبب ويذكرها : حلويات حلويات ..!
ابتسم ركود بهدوء رغم انه مو فاهم مقصده ، هو عارف ان اخته مالازم تظهر له ولا حتى تلمسه لكنه عارف برضوا انه مجنون وانها تبقى طفلة ماتفهم شي ، كيف جلس عيّاش معها ونطق ركود : كيف عرفت ؟
كرر عيّاش كلامه وهو يحرك رأسه : قلت قلت لك بلحقك انا ، أنا بلحقك
ابتسم ركود وهو يجلس بجنبه ويمسك يده مردف : عويش ركز معي مالازم حد يعرف مالازم ! اذا عرفوا ياخذوها ترضى عويش ترضى ؟
كيف وقف عيّاش وهو يردف بطفوله وعصبيه تقمصها جنونه : اللي يقرب لها لها اذبحه انا !
ابتسم ركود وفهمه كل شي وتأكد انه فهم لانه واثق فيه وفي ذكاءه والتفت لقمر مردف : ياسعدك صار عندك ضيف غيري انا وعناق
كيف ابتسمت ببهجة وفرح وحيل حيل وهي تنطق بعدها بينها وبين نفسها " وعندي وضاح بعد "
ووقف ركود ولازم يرجع لدياره وودع اخته ومشى هو و عيّاش



- مع العصرية
- في قرية المسارح

ركود اللي كان حامل ولد اخوه راكان بعد ما اشتدت فيه الحراره ، دخل الخيمة وهو يكرر بصوته : زهير يا زهيير
كيف فز زهير من مكانه بفزع وخوف ويلتقط ولده من بين يدين ركود بخوف: ياعيون ابوك انت علامك !
كيف كان الاحمرار يملىء وجه راكان من شّدة حرارته وهلوساته الغير مفهومه أخذه راكضًا لبيته بعد ان نطق : قصيي يا قصي انده على ام بهجة بسرعه
بحكم انها كانت حكيمه القرية ..
طلع ركود يدور بانظاره على ابوه في اللحظة اللي شاف فيها تلك البنّية اللي واقفه بعيد تشير له ، قدر يعرفها و يميزها انها بنت عمته وتقدم لها باستغراب ، ومجرد ما ان وصل نطق : غريبه هقيتك عند قمر !
كيف بلعت ريقها بتوتر اردفت : ما امداني امر لها ، في احد برا ساعدني اشيل اغراض جدة صالحة ويبيك تلاقيه عند الاسطبل ..
وبالفعل اتجاه ركود لهناك وكان المكان فارغ جذب انتباه هذاك اللي واقف عند الكاسر ويداعبه وعلى الارض اغراضه ، اتسعت ابتساماته ببهجه لا توصف وهو يتقدم له بعجلة مردف : حيّ الله هالطلّه !
ابتسم راجد وهو يلتفت له ويفتح يدينه ويشرع ابواب احضانه له وما ان مضى الوقت بالحديث والاحوال حتى نطق ركود : وش جمع دربك بدرب بنت عميمه ؟
ابتسم راجد بهدوء وهو يكمل : تزور عمتي صالحة وانت عارف اللي يزور عمتي فضله فوق رأسي
اتسعت ابتسامات ركود بامتنان اردف وهو يشيل الاغراض : ماتقصر والله ، اعذرني وانا اخوك ولد زهير تعبان حيل مشغول بالي عليه بعود اطمن عليه
كيف عقد راجد حاجبيه بهدوء اكمل : سلامته مايصيبه شر بإذن الله و معذور وانا اخوك اللقاء واجد
ابتسم ركود وهو يحتضنه هامسًا بإذنه : اخبار ليل ؟
اتسعت ابتسامات راجد وهو يربت على اكتافه مكملاً : مشع قمره ..



في قرية العود ،
أمسية الليل ..

عند من تجسد فيها روح بغداد ، وكانت مثل لقاء الشاعر بالعراق ، عند وسيعة العينان ، لم تكن وسيعة العينان فقط بل كان بؤبؤ عيناها وسيع وشديد السّواد ذا لمعه مذهلة تظن انه مطّل على شوارع بغداد،
خلصت ترتيب مع خواتها واستلقوا جميعهم لنوم في صباح متعب وعزايم عديدة ، لم يقرب منها النوم في هذي اللحظة ومضت تبحث عن كتب لتقرأها ،
استقرت اقدامها في حوش بيتهم وتحديدًا عند الخزان، مضت بعد ان جلست على الارض وهي تفتح ذاك الكتاب وتبدأ تقرأ في هدوء واستكنان ..

عند صاحب الدم العراقي ، خلص كتبه بعد ان قرأها تعب من السكوت والتخبطات قرر اخيرًا الاعتراف حتى وان كان قولًا مجهولًا لكنه قرر البوح عما بداخله ، كتب بخطه الرفيع بضع كلمات لم يعرف هل تدفقت من يده ام من قلبه ، لكنه كتبها وارسخها في مخيلته حتى باح بها في هذا اليوم ، تقدم وهو يعرف انهم ينامون في هذا الوقت ، كانت غايته يضع الكتب في مكانها ويرجع بيته مادرى انها صاحيه ، اعتلى الجدار وهو مشغول بتثبيت الكتب جاهل عن الشخص اللي فز من مكانه ويدينه بصدره برعب ، وقبل ان ينتشر صراخها في المكان ، قدرت تميزه وتعرفه ، وضع الكتب بمكانها ورفع رأسه حيث التقت عيناها بعينيه ، في مشهد تاريخي اشبه بانتصار اخر جندي في المعركة ، او رفع راية الانتصار ، في المشهد الاخير من فلم رومنسي ، او لحظة طلوع العندليب فوق المسرح ، اشبه باتخاذ ملك لدولة اتعبها التشرد ، وفي النهاية كان المشهد يشبه عودة المغترب لبلده ، لعيناك !
ارتعش جسدها امام منظره وارتعش هو امام عيناها ، اصابهم الصمت المليء بالخوف والتهور ، ماكان عارف يتقدم خطوة او يهرب خصوصًا انه لا يعرف حقيقة مشاعرها اتجاه ، كان الخيار ان يهرب من الموقف ، خاف ان ترفضه تلك البلاد كمواطن وحيد في ارضها ، ترك كتبه ورسالته ورحل لانه لم يرغب بان يجرب شعور اللاجئ مرتين ، مره راحلًا من العراق و مره راحلًا من عيناك ..!



اما عند تلك الفتاة التي وضعت يدها بصدرها خوفًا من ان يطلع قلبها من مكانه ، من قفصه ، ويطير لاحتضانه ، خوفًا من ان يصبح حبها مكشوفًا لانظاره ، لم تصرخ لم ترد ان يكون ضحية اخيها فواز ، ان تحرم منه قبل احتضانه ، احتلها الصمت المخيف والرعشّة وكان الرياح ساكنها قلبها ، شافته وهو راح بعد ان ادركت ان تلك الكتب التي طالما تسائلت من وضعها هنا ؟ هل سقطت من السماء ؟ كان مصدرها ذاك العراقي الفاتن ، وهنا ادركت ان الكتب لا تسقط من السماء بل من ايدي العشّاق .. وحتى مضى تقدمت وهي تاخذ برقة اناملها كتبه ، وتعود لمكانها حتى لا يلمحها احد ، تأملتها مطولاً حتى رفعتها وسقطت من بين احضان الاوراق تلك الرسالة ، بخطها العريق ، وظرفها العتيق ، احتضنتها باناملها الرقيقة وهي تفتحها بهدوء ، الا من ازعاج نبضات قلبها ، توسطت يدها الورقة ، رفعتها بهدوء تقرأ وتعيد وتكرر فيها ..

« بغدادي ،
صباح الخير ، ام مساء الخير ، بل انتِ الخير مهما كان اتجاه الشمس .
هل مرحبًا ، ام اهلًا ، بل انتِ السلام مهما كانت تحية المرء .
يا بلدي ، وانا ضايع البلاد ، لاجىء الاوطان ، مشرد الطرقات ، فاقد الامان ، حزين العينان ..!
كيف ان تتجسد بلادًا كامله في جسد شخص واحد ؟
بل كيف ان تكون بغداد كلها مستقرة في عيناكِ ؟
اخبريني كيف منظر شهداء بغداد بين اهدابك ؟
وكيف ذلك العجوز المسن يتلذذ بابريق الشّاي الاحمر في وجنتيك ؟
وكيف اشعار العراق تسكن خصلات شعرك ؟
كيف اعدتي لي الذكرى لموطني وانا فاقد الذكريات ؟
يا موطني والكل غريب ، و وجهتي والكل تايه ..
هل تحتضن يداك غُربتي ؟ وتسكن في اهدابك هويتي ؟
هل تملكين رحابة العراق وترضين بمسكين مثلي ؟
هل يا موطني تجندين برايتك مواطنًا شجاع إستشهد في معاركك حامًلا راية النصر ؟ »
-
ريح الجنوب و وسّعها ماصارت تكفي صدرها ، تحتاج كمّ اخر من الاكسجين حتى تتحمل كل هذا الحديث وكل تلك التساؤلات التي صدرت من شخص متردد خايفًا من ردت فعلها ، بل كيف تستطيع استيعاب ان عشيق قلبها من سنين يبادلها العشق والغرام ! وكيف تستطيع ان تجيب على تلك الاسئله المبهمه في تلك الرسالة ؟ وأخيرًا كيف تستطيع ان تكون بغداده التي لا تخون ؟ 
غريب شعورها لم تفهمه الا انها سعيدة بتصريحه فرحه بحبه و اخيرًا بلادًا له ..



عند الاخر ، ليل

ماقدر يروح لها امس لكنه عازم اليوم يروح لها ويروي عطشه بشوفتها ، سها بخياله وباله يتذكرها حتى وصلت لمسامعه تنهيدات اللي جنبه ، التفت لراجد بهدوء اردف بتساؤل : علامك تهوجس بنظرك بهالسماء ماهقيت انك تتنهد ولا تقسم التنهيده بيننا  !
اتسعت ابتسامة راجد وهو يلتفت له نطق بعدها : مابه شي ياصاحبي ماغير ركضت لصيد غيري وخذيت جزاتي
كيف عقد وضاح حاجبيه باستنكار اردف : وش دراك انه ملك غيرك ؟
اطال راجد التفكير حتى اكمل : ظنوني
قلب وضاح استكانة الشاي بين يدينه حتى ردد من بعدها : لا تكثر الظنون ماتيجي من وراها غير الحسايف ، عشّ و لا تهقى شي وكل شي بيجيك وصيدك لا تسمح لغيرك ياخذه منك حتى لو حدك على الردى

تأمل راجد حديثه بهدوء من غير اي رد وكانه يرتب افكاره في اللحظة اللي كان وضاح يتأمل السماء ، نطق راجد بعدها وهو يقوم : انا قايم انام قبل الفجر لو ساعتين لا تطيل السهر و تسابق الليل يا ليل
ابتسم وضاح وهو يشير برأسه ايجاب ورغم ان راجد عارف ان وضاح ماراح ينام ويفوت السهر ابداً لكنه مشى بتعب وتركه يقلب استكانة الشاي بين انامله يتأمل الليل والنجمة والقمره ، ابعد شماغه تاركه على اكتافه حتى طير الريح خصلات شعره بهدوء داعبته وكانها تقبله ، رفع عيناه الكحيله لسماء كانه يهمس " حتى انا يا سماء عندي قمر " وسهى بباله ..
حتى انا يا سماء عندي قمر ،
عندي سماء توسعك وتسبقك بالاتساع ،
عندي بسمة سكن فيها بياض الغيم ،
عندي ضحكة احلى من تغريد عصافيرك ،
عندي وطن وانا اللي عاشّ طول عمره مغترب
عندي مكان يظلني و راحت سنين الترحال ..



في صباح يوم جديد وفي قرية النوارس ،
اشتد وحيل حيل التعب في راكان ، صابته مرض معروف عندهم كان يسمى في ديرتهم " المهجان " لكنه في زمننا الحالي يعتبر شي عادي وله ادوية ، كان معروف ان محد يعرف علاجه الا حكيم واحد ، حكيم في دار ابو العز ، وقوانينهم ماتسمح لهم يدخلون القرية ولا يطلعون منها ، كيف كان زهير يدينه على رأسه ويدور بالمكان بخوف ورعب وحولينه اخوانه اللي ماكانوا اقل منه حال ، كيف طلعت وقتها ام راكان " ليلى " والدمع بعيونها وهي ترفع خمارها على رأسها تقدمت لزهير وهي تميل رأسها في حضنه وتبكي ، تبكي بعد ما شافت ولدها بين الدنيا والاخرة وهي تكرر بشهيق ؛ تكفى زهير تكفى ضناي لا يروح مني سوا اي شي تكفى !
كيف اغمض عيونه في اللحظه اللي ابعدوا انظارهم اخوانه مسك رأسها بهدوء كرر : مايصيبه شي مايصيبه شي
طلعت وقتها ام بهجة من عنده وهي تردف : مابه دواء الا عند الحكيم مزيد
اغمض زهير عيونه بتعب وهو يلتفت لاخوانه بضياع ، ضياع مو قادر يوصفه الا ان تقوده خطواته الا مكان ولده اللي اصبح جسده مثل النار واحمر وحييل وبدأت هلوساته وهو مغمض عيناه وينّ بهدوء ومن جبينه يتقطر العرق نطق وهو يحضنه بين يدينه بعد ماوضعه بين يدينه : يا ابوي انت يا ابوي ..!

اما عند ابو النوارس اللي وصى مجموعه شباب مع الشيخ مصطفى لقرية ابو العز عسى الله يحنن قلبه عليهم وماقدر يوصي عياله خاف عليهم ، كان بين نارين ، نار الشباب اللي راحوا قرية العود و نار ركود اللي يدور بين البراري قافله مصلح لانه ممكن يكون عنده خبر ويمر باقي الديار عسى يلاقى حد له خبر بالعلاج ..



قرية العود ..

عند وضاح واللي مانام أساسًا وتجهز من الصبح وهو ياخذ كل شي يلمع حوله ويتجه لغايته و مراده و قمر عمره ، الشيء الوحيد اللي لقى فيه امانه و مامنه ، وبلده و موطنه، مسّراته بذي الدنيا و مصدر فرحه ، والامل الوحيد القابل للعيش والتعايش ، تقدم بخطواته لخيله في اللحظه اللي شاف مجموعة شباب جايين وقدروا يميزون انهم من اهالي قرية المسارح ، وطوال تلك السنوات مادخل حد قريتهم !
كيف عمّ الضجيج بالمكان من شوفتهم وانتشر القيّل والقال والتساؤلات ، وامور كثيرة ، لكنه نطق الشيخ مصطفى اللي كان معهم حتى يضمن انه مايحدث اي التماس : دلوني على دار ابو العز جينا ومقاصدنا خير ولا مشى الشر دربنا ..
وبالفعل وصل الخبر لابو العز اللي تقدم لشيخ لانه يحترمه ويحترم شيبه ودينه واردف : ادخل عليك الامان

مجرد ما وصل وضاح للخيمة وعلى يمينه راجد ويساره هجان انتشر صوت فواز في المكان بقوله " لا والف لا اتركهم يذوقون فقد الضنى عسى قلوبهم تحسّ باللي حسّيناه "
ماترك فواز اي دوافع لنقاش وزاد حده الحديث حتى نطق احد الشباب : امشى يا شيخ ما عاش اللي يذلنا و ربك الحكيم
كان ابو العز ساكت ومانطق باي كلمه كانه ينتظر شي او حدث من زمان طويل ..
طلعوا بخاطر مكسور وغضب انه مارحم طفل صغير في لحظه خروجهم دخل وضاح واصحابه ناطقًا : علامهم وش فيه ؟
ومجرد ما سرد له ذيابي القصة حتى التفت وضاح بعصبيه لاخوه مردف : اي قلب بين ضلوعك ! لو صاب ولدك مثل ما صابه ماكان تمنيت ذا يصير ، ماله ذنب طفل بقصه صارت قبل مولده والله لو فيصل حيّ مارضى يتركه !!
وطلع بغضب مقصده دار ابو النوارس  ..

رجع ركود لدار بفقدان امل وكل امله محطيه عند الشيخ مصطفى و الشباب، في لحظه وصوله كانوا الشباب واصلين وعلى ملامحهم الاسف ،  حيث نطق بعدها الشيخ مصطفى : حسبي الله ونعم الوكيل
وفهم انهم رفضوا كيف ازدادت خطوات ركود لدار ابوه ودخل بعجلة وهو يتقدم لراكان اللي حتى انفاسه بدأت تصبح ابطى ، رفع شماغه وهو يلفه حوله ورفعه لحضنه وطلع بعجلة حامل راكان بين احضانه في اللحظه اللي نطق زهير : ركوود !
وانتشر صوت عيد بعده : وين ماخذه ؟؟
بينما مروان تقدم لابو النوارس اللي حسّ الدنيا تدور حوله وفقد توازنه لولا يدين مروان ولده وصوته اللي ردد : يبّه !
وقصي و مؤيد لحقوا اخوهم بعجلة وصراخهم يعتلي..

اعتلى ركود الخيل ومازال ابن اخوه في احضانه ، ضرب خيله وهو يتجهه للقرية بعجلة ، ما كانت بينهم مسافه كبيره ووصل لها وهو ينزل ويتقدم عند المدخل نطق بعدها بعلو : وضضاح !! وضاحح !
كيف انتشر الضجيج بالقرية ممكن يشوفون حد من اهل المسارح لكن ولد ابو النوارس بحد ذاته ! ومين المتهم بقتل فيصل ! ذا اللي ما استوعبوه !
كيف تقدم وضاح وحوله اصحابه لمصدر الصوت بعد ما اجتمعوا كل اهالي القرية ، شاف ركود وانفاسه المعتليه وبيدينه راكان اللي لاف عليه الشماغ ، كيف كان مبعثر ومتعب ردد بعدها : اللي بيننا يبقى بيننا ماهقيت قساوة قلبك وانت وضاح !
كان مقصده ان معنى اسمه " شديد الوضوح، والجليّ،
وجميل المحيّا والخليقة. والظاهر، و النقيّ، والشفاف"
فكيف بشخص يحمل اسمه كل هذي الخُلق ان يحمل قلب قاسي !
كيف تقدم له وضاح من غير ماينطق باي كلمه حمل راكان بين احضانه وهو يزيد من خطواته وقت اعتلى صوته ناطقًا : راججد نادى الحكيم مزيد
تقدم خلفه ركود وهو يدخل بيته في اللحظه اللي نطق وضاح محدث خواته : ادخلوا غرفتكم لحد يطلع
واتجه لغرفته وهو يضع راكان في مكان نومه ..




دخل الحكيم مزيد البيت بامر من هجان و راجد واستقر بالغرفه وهو يلتفت لراجد وينطق : روح جيب لبن من الناقة بصفيحه كبيره وتعال بسرعه
جلس ركود بجانب راكان وقدام وضاح و هجان و مزيد يداوي راكان حتى انتشر بالمكان صوت فواز الغاضب مكرر : وضضاح يا وضضاح !!
كيف التفت ركود لوضاح حتى نطق وضاح مكلم هجان : لا يطلع من هنا ابدا
وكان يقصد ركود مايبيه يطلع ويقابل اخوه ، وطلع وضاح وقفل الباب وهو ينطق بعصبيه : علامك انت علامك ! جاههل جاههل بتدخله بثأر وهو بعمر ولدك !؟
كيف اكمل فواز بغضبه وقهره وخبثه : خذيت الولد و رضينا بس تدخل القتيل دارك لا و ربك ما هقيتها
كيف تقدم وضاح لاخوه وبغضب سكن فيه سنين وسنين حتى تقدم له وبصراخ بوجهه وهو يردف : ثأر ثأر ثأر ! و وضاح حماله ! هذاني قدامك تبي تاخذ ثأرك خذه مني خذه مني اننا لكن من دخل داري بسلام عمره مايطلع منها باذى
كيف استجاب له فواز وهو يردف بعده : قول هالكلام بقبر فيصل علمه بسواتك لو في....
وقبل ان يكمل حديثه قاطعه دخول ابو العز بغضب عارم: فوووواز !! خلاصص ماهقيتك اني ربيتّك على كل ذا الكره حتى تصبه بطفل ما تعدى الخمس سنين ! وهذا انت ابو و مارحمت ولد الناس كيف بتلقى من يرحم اولادك ؟
لا تخلط الحابل بالنابل جيل اليوم مالهم ذنب بفعل جيلكم ..!
والتفت لباقي الموجودين وكرر : هذولا ضيوفي وباماني حتى يطلعون من هالدار ..
خرج من بعدها فواز بغضب عارم وابتسم وضاح بهدوء على وقوف ابوه بجانبه ، في اللحظة اللي دخل فيها راجد بصفيحه اللبن واستقبله وضاح راجعين الغرفه ..




قصي و مؤيد اللي كانوا لاحقين ركود وسمعوا كل شي لكنهم رجعوا ادراجهم لاجل ما يزيد الاحتكاك ، هم واثقين في ركود واكيد بيثبت اموره ، وصلوا لقريتهم وهم يطمنون زهير ومجرد ماسمعوا بابوهم وتعبه ركضوا لعنده باللحظة اللي نطق مروان : لا تعلموه ان ركود بدارهم لا تزيدوا الخوف بقلبه
وبالفعل تقدموا وهم يجلسون على الارض امام ابيهم مستمرين بصمتهم ردد قصي : تحسّ بشي ؟ فيك شي ؟
كيف نطق ابو النوارس وهو يقوم على حيله ولا يبي يتعبهم معه نطق ويدينه تتوسط عصاه : اتركك مني علمني وينه اخوك ؟
كيف نطق مؤيد يحاول يجلسه : يبّه اجلس علامك قايم
كيف احتد صوت ابو النوارس بغضب : وينه لا تلعب علي تظنني جاهل وانا مربيك !
في اللحظة اللي دخل زهير ضايع مايدري بيفقد ولد ولا يفقد ولد و اخ : عند وكر ابو العز وانا رايح له ان صابه شي ماينلام الا انا اذا ضناي راح ذا امر الله وان راح اخوي وين اودي روحي بهالدنيا!
التفت له ابو النوارس ونطق بعدها : اقعد مكانك دامه عند ابو العز مايصيبه شر
وكان هذا الحديث الصادم لهم مازال ابوهم يثق في صاحبه رغم كل اللي صار وحصل !

في بيت نوال واللي كان صوت وبكاء ام راكان منتشر وبجانبها ربى تهديها كررت : ابننني يا ابنني
بينما عناق كانت محتضنه اخو راكان البالغ من العمر ثلاث سنوات " سلمان " وهي تطلع به في الحوش تبعده عن الضجيج وتكرر تهويدات عديده حفظتها له حتى لا يصيبه الذعر والخوف ..




قرية العود وتحديدًا بيت ابو العز
كان الطب الشعبي لهذا المرض يعتمد كليًا على اللبن وشرح لركود دواءه يكرره ثلاثة ايام ويطيب بعدها بإذن الله ، والان خفت حرارته ونام بهدوء بعد تعب طويل ، تنهد ركود وهو يلتفت لوضاح مايدري يشكره او يحضنه مايدري يوصف له شوقه ولا وحشته وغربته مايدري وش يقول وش يترك ، كان راجد يتأمل ركود بعيونه يرسل كلامه اللي فهمه ركود واشار برأسه يبي يّعود لديار مايبي يزيد بينهم التوتر ولا هو ضامن ايش ممكن يصير ،
تقدم لراكان وهو يرفعه باللحظه اللي دخل ابو العز اردف :  وين ناوي ؟
كيف التفت له ركود وبلع ريقه بهدوء تذكر مكانه ابو العز بقلبه نفس مقام ابوه سابقًا اردف : معّود لاهلي
اطال النظر فيه ابو العز واردف : اتركه الولد يرتاح وانت ضيف ومايطلع الضيف من دار ابو العز جايع
ابتسم ركود وهو يردف : خيرك سابق عمي خيرك سابق
طلع ابو العز وهو يأمر بناته بوضع الغداء وفرش ضيافته رغم الكره والحقد الا ان اطباع العرب وكرمهم تتدفق في اوردته ولا يقدر يبخل وهو صاحب الكرم ..

في نفس البيت لكن عند البنات
كان قلبها يقرع الطبول لا تعرف قبول التوديع ام قبول الفرح ، كم عام مرة ؟ كم لهفة مرت ؟ كم ليلة مرت؟ كم وكم وكم مرة سكن الاساء قلبي المرهق ؟ توقعت كل صدف الحياة تتوجهه لها الا صدفة شوفته بنص بيتهم رغم ثأرهم ! توقعت كل سُبل اللقاء الا لقيته هو بذات !
يا كبر الشوق يا كبره !
بينما الاخرة تمنت تلمح حلالها و زوجها اللي حرموها منه لكن حسايف العمر كانت اقوى منهم اثنينهم ، حسناء اللي كانت اكثر حد حريص على خواتها ماتبيهم يطيحون باللي طاحته اليوم بنفسها نطقت بلسانها تحدث ثنوى : اشبعي نظرك منه لكني اخاف عليك شوق وهلوسات الليالي فيه !
كيف نطقت حور رداً على حسناء لان ثنوى الان طاقتها ماتسعها ترد وهي تتأمل : اتركيها ليلة من نور ولا كل الليالي ظلام ..
حتى انتشر صوت ابيهم يأمرهم بوضع الغداء ..




كان الهدوء يعم في القرية رغم ضجيج الحديث والقيّل والقال الا ان فرحهم بكرم عمدتهم واللي راح تتحدث عنه كل العرب ، اكرم عدوه ببيته ، ماهقينا ان نسّل حاتم الطائي بعده يتكاثر .. والعبارات الاخرى التي تداولتها السنتهم ، هو ما اكرم بس ركود اكرم كل من جاء و شافه و حضر مهما كان ، وما ان انتهى الغداء حتى حسّ ركود انه لازم ينصرف ويرحل ولا يبقى مايبي يزيد الوضع بين وضاح و فواز اللي مايدرون وين داره من غضبه ، تقدم وهو يدخل البيت قبل الكل لانهم تغدو في الخيمة ماينكر الالفة اللي صابته معهم وشوقه لهم ، كان البيت فاضي والان هو في منتصف الحوش ، خطرت بباله ذكرى مريرة ، وشوق هز ضلوعه و زاد نبضات قلبه ، كم سنة مرت ؟ اذكرك طفلة ماتفقهين بالدنيا شي وخذيتي قلبي يا ترى كيفك الحين وانتِ شابة وماخذة قلبي ؟
رفع نظره بهدوء لباب الغرفه اللي قدامه ، واللي كان واضح في احد يراقب منه وخصوصًا وقت بان لبس بني الون وظل اقدام ، قدر يميز انه به احد يراقبه وقدر يفهم انه هي ، فكرة انها لسى تتذكره وتحتريه تكفيه وزود بعد كل هالسنين !
ماكان يبي يصير لئيم ويسيء لاهل بيت اكرموه رغم كل شي ويطيل بنظره في كل الحالتين هو أساسًا مايشوفها ، التفت بنظره للباب واللي كأن متكى فيه راجد ، راجد الشخص الوحيد اللي يعرف بحب ركود هو راجد صحيح وضاح كان حاس وهم صغار لكنه الان نسي لكن راجد يدري وفاهم ، كيف اشار ركود بيدينه له بمزاح من غير مايتكلم ، لانهم مايقدرون يتكلمون الان ويعرفون انهم بعدهم اصحاب ، وبالفعل بدأ راجد بضحك على حركات ركود وهو يحاول محد ينتبه لهم ، دخل بعدها ركود غرفه وضاح و شاف راكان بخير واحسن من اول شكر مزيد و عاد كلامه لطريقة علاجه ، حضن راكان وهو يرفعه ويمشي طالع من المكان في اللحظه اللي التفت فيها للباب وشاف بعدها واقفه ابتسم بهدوء وهو يكمل خطواته للخارج ، التفت لوضاح اللي جاب خيله الكاسر بعد ما اطعموه ، نطق بعدها ركود بهدوء يحاول ينظم حديثه ويقلل توتره : ماقصرت عاجز عن وصف امتناني
كيف اطال وضاح فيه النظر ، ما شافه من وقت بكل هالقرب ، اردف بعدها وهو يبعد نظراته متظاهر بالامبالاة: ما كنت ادري انك ركود لو دريت ما ساعدتك بس الشمس عمتني ما ميزت ..
قال نفس الشيء اللي قاله وقت ساعده بلدغه الثعبان تحجج وقتها بظلام والحين تحجج بنور ، ماقدر يمنع ركود ابتسامته من حديثه وهو يتقدم لخيله ويركبه ويثبت راكان ، التفت وقتها لراجد نظرة اخيرة فهمها و اعاد النظر لوضاح وابوه اللي جاء ، نطق محدث ابو العز : تبقى اصيل وتبقى كريم يا ابو العز فضلك شايله على ظهري لين ارده
كيف اردف ابو العز يذكره انه مانسى اوجاعه ؛ لا تشيل افضالي شيل الدم اللي بعده ما برد
تنهد ركود وهو يضرب خيله راجعًا ادراجه قبل ما يزيد الامر بينهم ، مشى وترك هذا القلب المحتريه وترك قلبه ، كان الامر اوجع من انه يستحمل فراق مرتين ،
تخوفني مشاوير الطريق المظلم المهجور
واليا مني ذكرتك قلت طولي يامشاويري
عزاي انك رجاي العذب لو كل الدروب عثور
وصلت او ماوصلت اعرفك ما انت منتظر غيري
حبيبي ، وكل الله لاتحسب إني بليد شعور
لو انت المستحيل الصعب  ماابدي لك معاذيري
احبك ، رغم تجريح الليال لقلبي المقهور
اشوف الجرح يكبر وانت تكبر وسط تفكيري



بعد ما مضى تذكر وضاح موعدًا داهم عقله نسيانه لكن قلبه مانسيه ابدًا ، مضى بعجلة واخذ رماح واتجه صوب ذاك المكان المعتم المظلم واللي حتى ضوء الشمس تحسّه يخاف منه ، في اللحظة اللي رجعت القرية على سكونها و هدوءها وكل حد راح لحلاله ورزقه ، كان فواز يثور من الغضب خصوصًا بعد ما زادت هدى الطين بلة دخل يدور على فيصل في بيت ابوه نطق بغضب : حدن منكم شايف فيصصل ؟؟
كيف توقفت حور بخوف عن تنظيف الحوش واشارت رأسها برفض بخوف ، تقدم لها وانظاره تنشر النار : ليه خفتي ؟ ايش مسويه حتى تخافي ها ؟؟
اشارت رأسها برفض بتكرار باللحظه اللي تراجعت خطواتها للخلف حتى انتشر صوت من خلف فواز : فووازز!
التفت له ونطق بعدها بهدوء وتوتر : هلا يبّه ؟
كيف عقد ابو العز حواجبه من اللي شافه ونطق بعدها : علامك عليها ؟
كانت المرة الاولى اللي يدافع فيها ابو العز عن بناته ، دائمًا يخفي خوفه عليهم وحبه بقلبه ، قسوة الزمن تمكن منه وعاداتهم الجاهله سكنت فيه لكنه يحبهم رغم كل شيء ،
نطق بعدها فواز بغضب : ادور على سميّ المقتول اللي ضيفت قتّيله ببيتك
وطلع بعدها بغضب عارم متمكن منه تنهد ابو العز والتعب فيه ويخاف يرحل من هالدنيا ويترك النار ذي تأكل عياله ، رفع نظراته لبناته اللي وقفوا قدامه ، مايدري كم مر من الوقت حتى شافهم كذا حوله ، استوعب انهم كبروا وانهم يملكون جمال لا يوصف ، نطق من بعدها : جيبوا لي ماء اشربه وماء وملح احط عليه رجولي وتعالوا اغمزوني
مايدري كثر ايش فرحوا لطلبه وانه تكلم معهم وانه يبي قربهم وركضوا متسابقين حتى يبقون معه ..


في قرية المسارح ،

كل شخص فيها  خايف على راكان معتبرينه ولدهم لان كلهم يحبون عيال ابو النوارس واحفاده ، زهير اللي ما وسعته رجوله الا انه يجلس عند مدخل القرية من وقت ماطلع ركود للان يحتري يلمح لو بس خيله ، واخوانه كلهم بجنبه ولا حد منهم على بعضه ، قدامهم واقف الشيخ مصطفى اللي قال من وقت " لو تحترمون شيب شعري لا تلحقوه " ولأجل ذا مالحقوه وخصوصًا بعد رفض ابوهم ، مؤيد وقصي اللي يمشون بطول ويرجعون ويمشون بتوتر ، ولا حد راضي منهم يهدأ، ومر الوقت حتى انتشر صوت صهيل خيل راكض قادم حتى انتشر صوت اطفال القرية : ركود جاء ركود جاء
كيف ركضوا الاخوان جميعهم له وما ان دخل القرية ووقف في منتصفها نزل وهو رافع راكان اللي صحصح وبدأ يستوعب كل شي ومابقى فيه الا احمرار بسيط وحراره خفيفه ، كيف اخذه زهير لاحضانه وهو يردد : يا ابوي يا ابوي !
وتهاتفوا وهم يحتضنونه واحد واحد ببهجة وفرح حتى انتشر صوت غناء وهتاف في القريه رافعه قصي للاعلى حتى نطق ركود ضاحكًا : بعده ما طاب لا توجعونه زياده دخلوه لامه لا ياخذ برد
وبالفعل اخذه زهير وهو يتقدم مع اخوانه للبيت عند الحريم اللي سمعوا الاصوات وتهلهل الفرح لانهم يغنون والغناء دلايل انه بخير ، استقبلته امه الباكيه اللي احتضنته ببهجة وفرح تشكر ربها على شفائه ، التفت ركود لابوه وهو يحتضنه ويقبله وعلى عيون ابو النوارس الفخر ، فخور فيه وحيل حيل لدرجة مايوصفها ، يفدي اخوانه بقلبه ، نفس ما فداء اخته ، كيف نطق ابو النوارس : انا لو خذا الله امانتي بموت مرتاح لانك ولدي
كيف نطق ركود وهو يقبله : عسى عمرك طويل عساني ما ابكيك يا ابوي
في اللحظة اللي نطق مروان يلطف الجو : اخر العناقيد معطيه ابوي كل الحب وحنا لنا الله
ليردف عيد بمزاح : صغير خله يتدلل
تقدم بعدها زهير يبي يحضن اخوه مايدري كيف يرد جميله وهو يردف : لو تنباع العين ابيع عيوني واحطها بكفك مايحتاج ابصر الطريق وانت اخوي
ما كان يحب ركود كل هذا التفضيل له لاجل ذا نطق يمازح عيد : ماتعجبني عيونك مابيها عطني شوي من فلوسك لانها واجد عسى الله يبارك لك فيها
تراكم الضحك بينهم حتى نطق ركود وهو يلتفت لابوه يستمر بمزاحه : يبّه داري انك تحبني اكثر بس لا تعلمهم اخاف يسون فيني نفس فعل عيال يعقوب باخوهم يوسف
ماقدر يمسك ابو النوارس ضحكه لينطق مؤيد : ماقلت لكم لا تجاملوه يصدق عمره
ردد قصي من بعده : خلّه خلّه يتهنى دام توه بشبابه
وانتشر بينهم الضحك والمزاح وبدل الله الحزن مكانه فرح..

Continue Reading

You'll Also Like

11.9K 213 26
الأمر يشبه بعاصفه تلتهمها بين زوايا غرفتها ،،رغم الاصابات اللي تعرضت لها ، كانت تعصف براكين الحزن بقلبها اكثر من الحقد والالم اللذي كانت تحملهُ بأعيو...
1.4K 59 11
#-الجزء الثالث من "و على اراضي الديره التقينا" ---- عندما تهرب "فانيسيا" من بطش عائلتها و تجد امامها شابًا عربيًا كان في اوج تخرجه و العوده من بعثته...
1.5M 31.3K 66
حسابي بالأنستا : rwiiarx
4.4M 171K 72
🔹أنا لها شمس🔹 دوائر مُفرغة،بتُ أشعرُ أني تائهة داخل دوائر مُغلقة الإحْكَام حيثُ لا مَفَرّ ولا إِدْبَار،كلما سعيتُ وحاولت البُزُغُ منها والنأيُ بحال...