أسطورة الجبل الميت !

By s_rx1900

616K 11.6K 5K

هنا ، او هناك ، او هاهنا .. رملاً ، وصخور ، زهراً ، وحقول أُغنية مسير ، تخبط غريق ، ندأ بوسط الحريق ، حُلم زم... More

1
٢
٣
٤
٥
٦
٧
٨
٩
١١
١٢
١٣
١٤
١٥
١٦
١٧
١٨
١٩
٢٠
٢١
٢٢
٢٣
٢٤
٢٥
٢٦
٢٧
٢٨
٢٩
٣٠
٣١
٣٢
٣٣
٣٤
٣٥
٣٦
٣٧
٣٨
٣٩
٤٠
٤١
٤٢
٤٣
٤٤
٤٥
٤٦

١٠

13.4K 283 76
By s_rx1900




عند قمر كانت مشتاقه وحييل حييل لاخوها تتمنى تقوله خلاص تعال نطقت بس ماقد جاها ولا تدري ليه مختفي عنها ، لكن عناق علمتها من اول عن جدتها صالحة وعذرتها ، كان الطفش متملك منها وحييل ولا تدري وش تسوي بسبب ذا قامت على حيلها وهي تطلع من الغار مع الذئاب رغم خوفها لو يجي وضاح بس ادركت انه يجي بالليل مب بالصباح ، طلعت وهي ترفع الخمار الاسود على رأسها نفس عادتها وهالمرة ماركبت خيلها راحت لوحدها هي والذئاب وحتى الغزالة تركتها بداخل ، كانت تتمشى بالمكان وتتأكد ان كل شيء بخير ولا حد دخل مكانها ، ركبت فوق مكان عالي وحييل ، تدور بنظراتها حتى شافت قافله مسافره وواضح انهم مب من هالديار ، نزلت بفضول ولقيت شي تتسلى عليه ، كانت تظن انهم فقط مارين ومشت حتى صارت قريبه منهم اختبأت خلف الاشجار ، وتركت الذئاب بعيد لوحدهم يصيدون ، ترقبتهم وهي تتأمل اشكالهم واضح عليهم مو من اهل الدار ولا عندهم علم بقصص هالجبال ، مشت بهدوء لكنها شافتهم تقدموا وصاروا امامها بضبط وهي خلف اشجار وخلفها مثل الجبال لكنها اقل ارتفاع ، كانت تنتظرهم يمشون بخيولهم بس اللي شافته انهم نزلوا وبدأوا بوضع خيمه لهم والاكيد انهم يبون يرتاحون اليوم ويكملون المسير بكرا ، تصلبت اقدامها بعد ان لاحظت انها اصبحت محاصره ومجرد ماتقف راح يشوفونها وواضح ان وجهتم وحده من القريتين بيوصل الخبر لهم بسرعه ، جلست على ركبتها وهي تحبي بهدوء ماتحاول تطلع ضجيج ، ماتقدر تخوفهم لسببين الاول ماعندها خيلها والثاني نحن بالصباح مستحيل مايميزون اللي يشوفوه ، اكملت حبي وهي متذكره ان في هالمكان نفس الغار استكشفنه من زمان وكان عايش فيه حد ومات من زمن طويل ، تقدمت حتى وصلت وسرعان ماوقفت وهي تدخل بعجله ويدها على صدرها تتنفس بعلو وسقط خمارها من رأسها واصبح بعنقها وانتشر سّودة شعرها على بشرتها المُحمره وتساقطت خصلاتها على عيناها الوسيعه الساحرة وسرعان ما اتسعت بؤبؤ عيناها باندهاش وهي تشوف الرجل اللي واقف امامها وبيده عصا كان بيضربها لكن توقفت يدينه بعد ما عرفها ومرت ثواني عديده لتأمل من غير اي حديث ..

نرجع بالأحداث للورى شوي عند وضاح جاء من بدري علشان يسبق حضورها ويعرف من فين هي تطلع ، ترك خيله بعد ما ربطه وصار يمشي ويراقب لحظه ظهورها مشى بالمكان ونيته يحفظ الطرقات لاجل اذا هربت منه يكون قادر يلحقها مو مثل اخر مره ، جاء بدري وحييل وماظهرت للان ، تمشى وهو في اتم روقانه ويغني وحده من اغاني عبدالحليم واللي كانت " اول مرة تحب ياقلبي و اول يوم تهنى  ، ياما على نار الحب قالولي ولقيتها من الجنة " تمشى بالمكان حتى لمح تلك القافله ، تقدم لها بتفكير معقوله جت منهم ؟ وسرعان ما دقق بنظراته حتى نطق بعدها : هذي قافلة مصلح !
وسرعان ماتراجع بخطواته قبل ما يلمحوه ويوصلون الخبر لاهله مايهمه شي كل همه لو احد يشوف اللي شافه ، وصدفه لمح ذاك الغار ودخله بعجله ينتظرهم يمشون ، دخله يستكشف اللي فيه بهدوء يمكن ذا مكانها ، شاف قطعه قماش واغراض قديمه وحييل مثل كوب و براد شاي ، واضح ان في حد هنا من زمن طويل معقوله هي ! وش جابها بهالمكان ؟ وش قصتها يا ترى ؟ ومن هي ؟ وما ان لبث تساؤلاته العديده حتى سمع صوت اقدام تمشي له انحنى للعصا بالارض ورفعها وناوي يضرب الشخص اللي يدخل وسرعان ماتوقفت يدينه من الحركه وهو يتأمل ذاك الجسد الصغير اللي توسط الغار ، تدارك معالم صدمتها ولحظتها حيث كانت بتصرخ الا ان يدين وضاح اللي رمت العصا وتوسطت فمها تمنعها من الصراخ واخرى احاطت بكتفها تبعدها من مدخل الغار قبل لا يشوفونها ورغم محاولاتها العديده بالنفاذ منه لكنه اقوى منها حتى نطق من بعدها : اسكتي لا يسمعوننا ماني ماذيك لا تخافي !
شاف مقاومتها العديده اللي انتهت بتعب من عدم قدرتها لتخلص منه كيف كان قريب منها وحييل متأمل لها ومازالت يدينه تتوسط فمها همس : ببعد يدي لا تصرخي فهمتي ؟
شاف ملامح الهدوء في وجهها وابعد يدينه بخفيف ومازالت على مقربه من فمها وقبل ما يبعدها بالكامل مسكتها وهي تعضها بقوة كدفاع عن نفسها ..

اغمض عيناه يكتم صرخته وهو يسحب يده بقوة بعد معضته بكل قوتها حتى احمرت يده وحييل ، مجرد مابعدها التفت لها بهمس غاضب لا يسمعونه : صاحية انتِ برأسك عقل !
تراجعت خطواتها للخلف حتى التصق ظهرها على الجانب وهي تراقب شكله وملابسه ، لابس اسود اكيد ماراح ياذيني ، مب ابيض اسود اسود ..
كيف كان يشوف نظراتها الاشبه بخوف حاول يطمنها بتكرار لحديثه : ماراح اذيك لا تخافي
وسرعان ما مشى عند المدخل يراقبهم كيف انهم امامهم بضبط بس يطلع راح يشوفونه ، فكرة انه يطلع من هنا ومعه بنت بتصير سيرته على كل لسان ، تراجع بخطواته وهو يستغفر بتكرار من البلشّه اللي هم فيها ، وسرعان مالتفت لها وهو يصب تساؤلاته العديده بنبره غضب تظنه كارهها وهو المغرم المتيم : مين انتِ ! وايش مودي بنّية في هالمكان لوحدها ؟ وينهم اهلك عنك ماتخافين تطلعين لوحدك ماتشوفين الرجال بكل مكان صاحية انتِ؟
كيف كانت تخاف اذا حد سألها اسئله شخصيه لانها ماتعرف تجاوب ويعم الصمت فيها ولا تنطق باي شيء ، كيف كان يراقب سكوتها ونظراتها المتسلطه عليه حتى مرر يدينه على وجهه بتعب ونبره اهدى همس : بنت منو انتِ ؟
كانت تعض شفتيها السفليه بتوتر ونظراتها عليه هي ماعندها علم ولا تفكر حتى انه مايحل لها وذنب شوفته كذا هي أساسًا محد كان موجود يعلمها بذا كل تفكيرها ليه دخل مكانها ؟ وهل راح يكون نفس منير ، بس ذا غير لابس اسود ، وسرعان مانتبهت لسؤاله الاخير وهي تردف : بنت الجبل
عمّ الصمت فيه وهو يحاول يفهمها ليه تسكت اذا سأل عنها وكيف بنت الجبل ماعندها اهل ؟ الظاهر مالها حد بدنيا ذي حتى نطق بعدها باستهزاء: الله والجبل صار يخلف ؟

ماردت عليه ومازال الصمت متمكن منها ونظراتها تحولت لصدره كان مستغرب منها ومن سكوتها وصمتها ونظراتها اللي مازالت فيه ولا راحت تخافه وبنفس الوقت تتأمله ، تحسّه شيء غريب وهذا طبعها لانها عاشت في غار عمر طويل كل شي تستغربه وتتامله ويجذبها ، كيف تقدمت له حتى اثارت استغرابه وصارت امامه بضبط مما سبب ضجيج لقلبه رغم صلابة جسده ، وبان فرق الطول الشاسع بينهم وحييل ، شاف وجهها من قرب مهلك له ، مايدري ليه تقربت منه كذا ، حتى توسطت يدينها صدره ، من شّدة صدمته ثبت بمكانه من غير حراك ، حتى انتبه انها تنزع قلمه المعلق في جيبه العلويه وتاخذه بين اناملها ، لو استمرت يدها بصدره ثانيه بس كان شعرت بزياده نبضات قلبه الغير اعتياديه ، كان القلم يلمع وحييل ذهبي الون ، جذبها مره اي شي يلمع كذا وغريب ماقد شافته يجذبها وجداً ، مررته بيدها وهي ترجع مكانها ومازالت تتأمله ، كيف ادرك وقتها انها معجبه باللمعه وكل شي ماشافته من زمان او ابداً ، القلم ذا اذا لفيته يطلع وتقدر تكتب بس هي مو عارفه انه يكتب هي بس همها لمعته وشكله الجذاب وتدرج الالوان فيه ، مرت دقيقه تليها دقيقه ثم ربع ساعه وتعب وجلس بجهة وهي اخرى ، ثم نصف ساعه ثم ساعه وساعتين وحتى الظهر ماذن ، تنهد بتعب وهو يلتفت لها ومازالت تحرك القلم بيدها وساعه تضربه بجدار ومحتارة فيه وايش استعماله ، وقف بعد ماسكنه الملل وهو يتقدم لها وغايته يعلمها كيف تستعمله لكنها قبضت على القلم  وخبأته خلف ظهره تمنعه ياخذه ، كيف تنهد بشبه ابتسامه مردفًا : ماراح اخذه بس اعلمك كيف تستعملنه
برضوا ماكانت راضية ابداً تعطيه كيف جلس امامها بضبط بينهم مسافه ليست طويله ولا قصيرة ، وهو يناولها العصا مكمل : اذا خذيته اضربيني بها
مثل عهد بينهم يخليها تثق فيه وبالفعل بعد تردد مستمر مدت يدها امامه وهي تفتحها بتردد وسرعان ما اخذ القلم وهو يردف بتساؤل مستغل للحظة : ايش اسمك ؟
كيف كانت تفكر بهدوء وصعب تقوله قمر لاجل ذا نطقت بعد دقايق من التردد : مليحة ..
كيف تأمل اسمها باتساع وهل ياخذ المرء من اسمه نصيب كما اخذتي انتِ ؟ فتح باطن يده الكبيره وهو يبدأ بالكتابة عليها اسمها حتى يعلمها كيف استعماله ،
كيف اجحظت عيناها بلهفه وحييل وهي من شّدة حماسها تغيرت جلستها وتصبح جالسه على ركبتها

كيف سحبت يده من غير اي مبالاة وهي تمرر اصبعها على الكتابة بهدوء ، كبر كفه واسمراره امام صغر كفها وبياضها ، حتى نطق من بعدها يفهمها : كتبت مليحة
كان مستغرب كيف كل شي تتعجب له ويحاول يعلمها ويفهم تصرفاتها ويحفظ كل حركاتها ، كيف فتحت باطن يدها وهي تضعه امامه بترقب ، ماكانت تتكلم كثير بسبب ذا يحاول يفهم تصرفاتها ، حتى ادرك انها تبيه يكتب اسمها بكفها ، امسك يدها برقة خايف لو يجرح رقتها بقسوته وكتب اسمه باتساع ، كيف كانت تتأمل كفه ثم كفها باستنكار حتى نطقت بعد ادراك : مو نفس الشيء!
اتسعت ابتسامته وهو يردف من بعدها : وضاح اسمي ..
كيف رفعت يدها تتأملها وسرعان مارفعت يدها الاخره تفركها تحاول تبعد اسمه حتى اتسعت ابتسامته مكملاً: مايروح الا بالماء
سحبت القلم من يده وهي تشوف يده الاخرى وسرعان مابدأت تحاول تفتحه وبدأت برسم خطوط عشوائية على يده اليسرى غير اليمنى اللي كان فيها اسمها، رسمت شخابيط كثيره ولا تدري وش هي بس غايتها تاخذ حقها لانه كتب اسمه بيدها وسرعان ما اكتفت وهي تتراجع للخلف والقلم بيدها ممسكه به باحكام تمنعه ياخذه ، كيف رفع يديه الثنتين امامه بتأمل لفعلتها ، كيف التفت لجسمه وجيوبه يدور شي يلمع غيره علشان يجذبها بس للاسف ماشاف ولا شيء حتى همس بينه وبين نفسه : لو دريت ان ما تجذب سحر عيونك الا الامع كان لبست الذهب ولو انه حرام ..
كيف وقف وهو يمشي للمدخل وشاف انهم طالعين من الخيمه ومجتمعين سوا ياكلون وامامهم بضبط لو يطلع راسه بس شافوه ماعنده حل الا انه ينتظر الليل يحل ويطلعون من بعدها ، تنهد وهو يرجع مكانه والجوع داهمهم والساعات تطول وماغير تلعب بالقلم وهو يتأملها بسكوت يحاول يحلل ويفهمها لكنه عجز وحييل تخبي بسر مايفهمه اذا سألها او كلمها عن اي شي تفهمه وترد عليه لكن ان سألها عن نفسها يصيبها صمت مو طبيعي ، رغم محاولاته لسحب الكلام منها لكنه عجز وحييل ، لحظة تظنها طفلة ولحظة بنت كبيره فاهمه ، فوق ذا حسنها غير اعتيادي وكانه موروث لكنه لم يعهد حد بكل هذا الجمال ابداً ماتشبه احد حتى من اخوانها كانت تشبه امها وحييل وامها ماتت من زمان ، كان يراقب حركاتها وكيف تخاف منه ولحظه تأمنه ، ليه ماتحجبت منه وشافت غير محرم لها ؟ معقوله انا الوحيد اللي قابلها بحياتها؟ مافي حد موجود بالجبال ذي الا هي ، اتعبه ضجيج دماغه وتفكيره حتى حرك راسه بتكرار يبعد كل الافكار وينسدح بهدوء ويدينه على رأسه من الخلف والاخرى تغطي عيونه تاركها تاخذ راحتها مع هالقلم وينتظر الغروب لحظه ولحظه يتمنى يطول ..

في قرية المسارح ،

استرجع ركُود شوي من عافيته وصحته وطلع رغم انه ماله حيل للخيل بس كان يتمشى في الاسواق والاماكن ويسلم على ذا وذا باتساع ، تقدم له الشيخ مصطفى بقوله الوسيع : حيّ الله ركُود سير معي شوي ويأذن العصر
كيف اتسعت ابتسامة مصطفى بقوله ينصحه : ابداً لا تأخر صلاه العصر فمن فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله، يعني سلب أهله وماله انتبه ياولدي خلني اشوفك تتسابق لدخول الجنة
كيف اتسعت ابتسامات ركُود بامتنان له واردف : والله انك تبشر الحين الحقك
وبالفعل تقدم الشيخ قبله لانه باقي وقت على الاذان مقدار عشرين دقيقه يمكن ، وكان يبي قصي و مؤيد وسرعان ماشافهم قدامه باللحظه اللي نطق فيها قصي : تعال تعال اسمه هالمسمع
كيف تقدم ركُود لهم باستغراب اردف : يالله خير علامك ؟
كيف بدأت نبره قصي تتغير لمزاح : شايف لك اخوك الظاهر انه عاشق ومتمعشق صوت ام كلثوم بسيارته يسمعه حتى اهل الحجاز مب بس الجنوب و شاري ظروف وقلم طلع خطاط من ورانا
كيف كان مؤيد مبتلش بقصي اللي مو راضي يسكت بعد ما شافه بسياره يسمع ام كلثوم ويكتب حتى كرر : من فين طلعت لي انت اسكت فضحتني الله لايفضح مسلم عندك
كيف التفت له ركُود بنصيحه وتكرار وهو يمسكه من كتفه ويحيط به : اسمع وانا اخوك صحيح اني اصغر منك بس عندي خبره طويله في الحب نصيحتين اسمعهم وحطهم شيّل باذنك لو تقدر ، الاولى اهرب ، الثانيه ركز على الاولى
حتى اردف قصي بتأكيد كلام ركُود وهو يمسكه من الجهه الاخرى ويستمر بالمشي معهم : انا اكبر منك وخبرتي اكبر منكم كلكم والله يا اخوي درب الهوى ماله مهرب يوصلك لين اعلى سماء ثم يخسف بكل الارض ويروح عمرك كله تحاول ترجع لسماء بس وييين نفس الديك وقت يرفرف بجناحه ولا يطير لا هو وصل لسماء ولا هو قص جناحه وارتاح
حتى اكمل ركُود ومازالوا متمسكين فيه ويمشون معه : وش يقول عويش ؟ الحب قتل نعجة
حتى التفت له مؤيد باتساع وهو يضحك مردفًا : انا طلعت دجاجة مب نعجة قتلني علطول
تراكمت ضحكات ركُود و مؤيد حتى اردف ركُود : والله طحت ومحد سّم عليك
في اللحظة اللي مد يده قصي ينتظر مؤيد يصافحه بقوله : اهلاً بك في مجتمع المنكسرة قلوبهم ضحايا الهوى
ليصافحه ركُود رافعاً يده من بعده ويكمل : اجتماعنا بعد منتصف الليل نتحسف على بقايا العُمر
ما كان من مؤيد اللي ضحكه مستمر الا ان يوافق على قرارتهم ماشين من بعدها للمسجد لصلاه العصر


عند نوال كانت اليوم عزيمه حريم القرية عندها ومن طبعها الكرم والطبخ قد اشعلت الموافي ووضعت اللحم والحنيذ و المرق والعديد من الاطباق الجنوبية الشهيرة واللي كانت تطقنها نساء القرية اتقان مذهل ، وقد خصصت جزء منه للجدة صالحة وقت كررت من بعدها : عناق تعالي خذي الاكل لجدتك صالحة
كيف كانت عناق اللي ترتب الحوش ومجرد ماسمعت طلب امها وتذكرت صاحبة الندب بث الرعب بقلبها وبرفض تام : لا امي تكفين روحي انتِ ماودي اروح
كيف عقدت نوال حاجبيها باستغراب لانها تدري ان عناق ماتحب تقعد عند حريم القرية وتحب حييل تروح لجدتها صالحه هذي المرة الاولى اللي تشوف العكس ، ولكن فعلاً عناق تفضل كلام حريم القرية ولا انها تشوف راجد ابداً ماتبي تلتقي فيه تشوف انه يكرهها بعيونه وهذا شي ماتستحمله ذا غير انه مخوفها لاجل ذا كررت وهي تحط يدها بجبينها متظاهره التعب : يمه والله مصدعه وجسمي حر مافيني قوة اطلعي انتِ وانا اقعد مع حريم القرية وماراح تطولين شوي وتعودين
كيف تنهدت نوال وهي تسحب حجابها واردفت : امري لله انتبهي على الاكل وضيفيهم خليك سنعه لا يهمك كلامهم اكرام الضيف واجب حتى لو انه مايستاهلها
تنهدت عناق وهي تتجهز لكلامهم المسموم باللحظة اللي دخلت ربى علشان تساعدها وباستغراب اردفت : غريبة مارحتي للجدة صالحة
كيف تنهدت عناق اللي بدأت تسرد لها كل شي حصل معها هي وراجد بتغير كم حدث علشان ماتنتبه لوجود قمر وانهت نقاشها بقولها : يخوف شكله واسلوبه ماحبيته قاسي كانه حجر
كيف كانت تبتسم ربى حتى كررت من بعدها: مدري ليه يراودني شعور ان بعد هالكره حكايات
كانت عناق ترتب فناجين القهوة حتى اردفت بعدها : الله لا يقولها احب ذاك ! اعيش برعب مايعرف للحنّية ولا الرحمة مكان بسم الله عليّ منه تعالي خذي الدلة وندخل نقهويهم الله يعيننا على كلامهم بس


كانت مريم وحفصه و منيرة من حريم القرية المعروفين مع ام بهجة الاكثر شهرة ، دخلت عناق ومن بعدها ربى وهم يلقون تراحيبهم ويسلمون ويضيفون باللحظة اللي نطقت مريم : انتبهوا لنفسكم لا تضيعون مثل ضيعه الاولى
لتردف من بعدها منيرة وهي تتظاهر بانها تبعد السوء من المكان : اعوذ بالله لا تظهري الفأل الشين بذكرها
كيف انتشر الغضب في ملامح ربى وهي تردف بعدها بعصبية : قمر مب فال شين ! قمر راحت بظلمكم وكلامكم وهي اطهر منكم كلكم
حتى انهمرت الدموع من ربى باللحظة اللي اردفت منيرة: ماتستحين على وجهك تقولين لحريم بكبر امك هالكلام !
حتى التفتت لها عناق اللي امسكت بربى قبل لا تنهار : وليه ماستحيتوا انتوا قبل ماتعيبوا باهل بيت جالسين فيه
باللحظة اللي اردفت ام بهجة تهدي الوضع : استهدوا بالله لا تفتحوا الماضي حنا عيال اليوم
ودخلت وردة ام ربى باللحظة اللي خرجوا فيها عناق وربى
الشخص اللي تأثر بقصة قمر كانت ربى وهي اكثر حد تعقد من بعدها ورفضت حتى الطلوع من بيتها منذ تلك الحادثة كرهت حتى الرجال واصبحت منغلقه ممكن لانها شهدت الكثير وقتها لوحدها انهارت وكثييير وكان يحاول اخوها عبدالعزيز يهون كل شيء عليها مع عناق ومرت بصدمه طلعت منها بعد سنوات وتكره اي حد يرجعها لتلك الذكرى ، كيف احتضنتها ربى بهدوء تتمنى لو  تقدر تعلمها انها عايشه علشان تنبسط بس ماتقدر للاسف ..

عند الليل وقمره صحيح بدأت الشمس بالغروب وحل الظلام وهدأ المكان ، انتظر وانتظر حتى انطفأت نيرانهم ودخلوا خيمهم والنوم متمكن منهم ممكن كانت وقتها على تخمينه الساعه العاشرة للاسف مالبس ساعته ونسيها التفت لها وقت نطقت : تعالي نطل
لكنه بتر كلمته وقت شاف ذاك الجسد الملائكي النايم بهدوء ومنطوي على نفسه وبيدها تزم القلم بقوة ولم تتركه ابداً ، ابتسم وهو يتقدم لها بهدوء جلس قبالها متأمل لها ، اصرف و اصرف بنظر من غير اي اهتمام للوقت حتى تنهد من بعدها من كمية الحب اللي سكنت جوفه، كيف كان قبل فتره  مهدُور ذابل وحيّد وساكت ومطفي لو يشرح إللي بـ صدره ما هدا صّوته ، والان هو مفعم بالهوى و وحوله حبيب و ينير مثل القمر وصدره وسيع وباللحظة خايف ولا يدل درب ويجهل محبوبه ، تائه بس انتِ الوجهه و ماضاع من كنتي طريقه ..
لولاها ما كان عمره إغتنى ونس و هنا ولا دندنه ..
رجع مكانه وهو يتركها تنام ونام من بعدها بتعب ..


عند راجد كان يدور  على وضاح ولا لقيه وكلهم قاموا ولا حد شافه كيف فواز ضميره انبه يخاف لو انه سافر فعلاً وفارقه بينما راجد و هَجَّان كانوا عارفين اطباع وضاح يغيب مره و مره يرد .. ما اكملوا ليلتهم ولا حتى ما اتفقوا عليه واجلوا كل شيء .. انصرفوا عيال اعمامه وكم شاب كان معاهم مابقى الا ذيابي و راجد و هَجَّان باللحظة اللي همس فيها هَجَّان : مايسلم مني لو لقيته جاني من الصباح الله خير يبيني اتجهز وفي النهاية ماندري وين داره
كيف كان يقلب راجد غصن شجرة بالارض حتى همس من بعده : قلبي مب مطمني على هالغيبة ماهي من عادته يغيب كل هالوقت عنا
كيف وقف هَجَّان لان بكرا عنده تجارة وبيع وشراء ومشاغيل وربت على كتف راجد ناطقًا : لا ينشغل بالك ماسميته ليل عبث هو كذا يختفي شوي ويجي شوي تلقاه الصبح قبالك
ابتسم راجد بهدوء وهو يودعه باللحظة اللي مابقي فيها الا راجد و ذيابي اللي يصب شاي ، كان راجد باله بعيد وسرحان تفكيره كله يحاول يفهم شعوره اتجاه تلك الفتاة ويرتب اموره ويسأل اسئله عديده تدور بباله حتى قطع حبل تفكيره ذيابي بقوله : علامك شارد ؟
كيف تنهدت راجد تنهيدة تشرح كل شي وبدأ يتحدث وهو يتأمل السماء : تعرف وقت تكون مسكين ماحولك احد ولا تدري باحد وعايش رحال لا دار و لا ديرة وكل مناك تستقر ووقت تلقى ارض تحط فيها ترحالك و ترتاح فيها من مشقاك تكتشف انها ماهي الدار اللي تناسبك
كيف حول بنظراته للارض وهو يكمل : انت كنت اظن ان مسكني في الارض طلع مسكني بكف يد مايسع علبه من صغره بس ابيه يوسعني
كيف تنهدت وهو يلتفت لذيابي اللي ما كان فاهم ولاشي وأساسًا طلع ذيابي كتوم وساكت وكل وقته يشرب شاي فقط ماله بالناس ولا شقاهم حتى همس ذيابي بعد تفكير ومحاوله للمواساة : اصب لك شاي ؟
اتسعت ابتسامات راجد وهو يشير بالايجاب بسكون ..



مضى الليل وانقضى بعد ان ترك بين جوانب الجبل قصص وحكايات كان أسيرها رجل لم يعرف الحب أبدا وفتاة عاشت بدون أي رحمة كان الأمر مثل اعجوبة لم يستطيع تفسيرها أي أحد كان الأمر أشبه بقصة أسطورة الجبل الميت اضاءت الشمس بنورها وانفلق الصبح وانتشر صوت تغريد العصافير حتى مال ذاك الشعر الطويل شديد السواد كثيف ناعم الملمس تظن من فرط ‏رقته أنه وشاح مرمي على جوانب ذلك الغار فتحت عيناها الواسعة ‏مدت يدها بنعاس تفرك عيناها وهي تحاول أن تتذكر ما الذي حدث قبل أن تنام، كيف حاولت أن تقوم بعد أن اصاب ظهرها بالم شديد بسبب نومتها بوضع خاطئ، التفتت تدور بنظراتها من حولها حتى رات ذلك الجسد الطويل عريض المنكبين يقف بهدوء أمام باب الغار ومعطيها ظهره يراقب بعيناه الثاقبتان تلك القافلة وينتظر على أحر من الجمر متى ترحل، كيف التفت على ذاك الصوت ‏وكان خشخشت قدميها بعد أن وقفت وهي تراقب ذاك الضوء المنبعثة من الجبل من فتحة في الغار نطق بعدها يحدثها: يا صباح الخير ما بغيتي تصحين التفتت  له في استغراب من انها نامت حتى ‏نطقه: حل الليل ؟
‏تنهد من بعدها وهو يرد عليها قائلا: حل الليل وجاء بعده ليل وإنتِ ما صحيتي
‏كيف كشرت ‏وجهها أمامه وهي ترتب ‏ثيابها اردفت بشبه عصبية: ما حد طلب منك تنتظرني متى ما بغيت تطلع أطلع ماني بحاجتك
‏كيف التفت لها وهو يتقدم بخطواته تجاهه حتى نطق من بعدها في استغراب : تظنين الدنيا ملك لأبوك تطلعين وقت ما تبين وترجعين وقت ما تبين ماتحسبين حسابك ممكن ‏يضرك حد منهم !
‏كيف عقدت حواجبها بتفكير حتى نطقت: حط ببالك أن المنطقة هذي منطقتي وأنا لي الحق فيها أنا الامر والناهي وهم وانت دخيلين فيها
‏كيف دقق نظرت فيها كيف أنها مصرة على أن هذا المكان ملكها وهذا اكبر دليل انها موجودة هنا من زمان ولا احد غيرها ساكن هنا اما عن قصتها فمستحيل يقدر يعرفها من نفسه يا أم هي تحكي له اما  طول عمره يعرفها كانت الأسئلة تتدفق في عقله من حيث لا يعلم مرة يحتار فيها مرة يحس إنه يعرفها ‏مره يجهلها تأمل ملامح وجهها يحس إنه يعرفها من قبل بس في نفس الوقت ما عمره شاف احد يملك كل هذا الجمال والكمال والبهاء و النقاء الا هي ، رجع بنظراته لخارج الغار وهو يشوفهم يجمعون أغراضهم تنهد بارتياح حتى نطق بعدها محدثها : القافلة تمشي ساعة زمان ونطلع



وبالفعل كانت القافه ‏تجمع أغراضها وتستعد لذهاب إلى طريقها حيث كانت وجهتها قرية العود، كان وضاح يترقب لحظه رحيلهم، قمر في الخلف كعادتها تلعب بالقلم اللامع الذي كانا مثل خيط وصل بينه وبينها، وقت طلعت الشمس واستقرت في ‫نصف السماء حتى اكملت القافلة جمع أغراضها ومضت  إلى طريقها تنهد وقتها وضاح براحة واطمئنان أن الأمر مشى وعدا على خير، التفت لها وهو يراها مشغولة بذلك القلم ثم نطق بعدها: امشي خلينا نطلع قبل ما نبتلش مع ناس ثاني
وبالفعل تقدمت خلفه ‏كان هو أمامها بالضبط يعني يحاول يامن الطريق بحيث انه إذا كان في شي ممكن يصيبهم تكون قادرة على الهرب، كان خايف لو تضيع منه مثل هذيك المرة التفت لها ونظر في عيناها السود حتى رأى طرف خمارها ‏امسك به وربطه في معصمه وربط الطرف الآخر في ‏معصمها ‏كيف كانت تناظر ‏بهدوء وتحاول أن تميز ما الذي يفعله وما غايته لم تعتد أبدا على أن تلقى كل هذا الخوف ‏المليء بالحنية كانت حياتها تحيط بها القلق والتوتر من كل الجوانب وهذه المرة الأولى التي تلتمس فيها بصيص أمل وقطعة من رحمة ونظرة من حنية رغم قسوته وشدته وهو واقف أمامها ،
‏ ‏رجع ‏بنظراتته إلى الأمام وهو يتقدم بعد أن تأكد أنها تمشي خلفه و معصمه مع معصمها ، كان يبعد الأشجار بيده اليسرى بحكم أن يده اليمنى مربوطة، وعينه تمشي من حوله آخر شي يتمناه أن يراه أحد بهذا الشكل ما كان تفكيره في الناس ممكن تتكلم عنه انه طالع مع بنّية كان كل ما يجول في باله انه ما يبي أي احد يلمح لو طرفها ما ‏ما يبي غيره يكحل عينه بالشيء اللي هو شافه، أصبح كأنه تملكها أو حسّ أنها ملك له، ‏


مشى مسافة طويلة وابتعد عن ذلك الغارة وعن تلك الأماكن اللي كانت واضحة للقوافل حتى استقر عند ذلك الوادي الذي أمامه الجبل الميت وتحيط به الأشجار من كل الجهات كان مكان فارغ من أي بشر ومن أي مار كما العادة التفت وقتها خلفه حتى يلقى بنظره عليها في اللحظة اللي أبعدت ربطتها  من يدها وهي ترمي الخمار على الأرض لينسدل شعرها بطوله  وتصبح الربطة في يدي وضاح فقط، كيف كان يتأملها بكل هدوء الهدوء اللي خوفها لأنها ما تقدر تميز هل هو هدوء رضا او هدوء  غضب كنت ساكته وانتظر منها أي حركة او أي كلمة توقع منها الكثير تهرب ثلا ويقدر يلحقها ويعرف مكانها او أن تقرر تعترف بقصتها لكنها كانت مثل الصندوق السري تفاجئه دائما في اللحظة اللي التفتت له بتلك النظرات همست ويتحرك يدها في بطنها: ما تحس إنك جائع ؟
كتم ابتسامته بهدوء من التي أمامه ومن طريقة التحدث بها التي تجعله حائرا فيها ‏ما يقدر ينكر أنه حتى هو كان جائع بسبب المدة الطويل اللي قضوها من غير أكل أو شرب أشتهي ذاك الوقت وياكل من عربة المتجولين في قريته حتى همس بتذكر: تعالي معي أعرف مكان يبيع أكل راح يعجبك
‏اشرت برأسها بالرفض التام وتذكرت حديث أخيها بعدم الخروج أبدا او الاختلاط مع أي أحد: أنا ما أطلع من هذا المكان أبدا روح أنت جيب لي معك
‏سكت بهدوء وترقب حتى نطق من بعدها وهو ينذكر خيله اللي ربطه قريب من  ‏: خليك هنا وقت بسيط وارجع
‏وبالفعل انصرف بعدها وسرعان ما سمعت صهيل الخيل التي استطاعت أن تميزه كانت تفكر وقتها هو رايح يجيب أكل زي ما قال ولا رايح يرجع بشر حتى فكرت بخطه تستطيع فيها إن تضمنه..



عند وضاح ‏ ‏مشى مسافة ليست طويلة وسرعان ما شاف خيله، ركب السراج بعجله وهو يضرب بقدمه الخيل حتى انتشر صهيله وركض بأسرع ما يمكن، ‏كانت غايته قريته وكل دعواته انه ما يقابل أي احد منهم، بسبب ذلك ربط الخيل بعد أن نزل بعيد عن القرية بمسافة بسيطة عند شجرة، اخذ الشماغ اللي كان في الخيل وربطها على شعره يغطي مثل العمامة وتطرفه أحاط به وجهه حتى أصبح لا يبان فيه الا العين تقدم بهدوء وهو عارف أن المتجولين يضعون عرباتهم في أمام مدخل القرية وهذا المكان ما راح يكون فيه أهله او أصحابه هذا كان دعواته اللي كررها في صدره ، كان يتلفت يمين ويسار خشية أن يلمحه احد وخصوصا انه مختفي له يوم يعني راح تصير مشكلة إذا شافوه بهذا الشكل، تقدم في اللحظة اللي شاف فيها أبو سلمة عند مدخل القرية واقف أمام عربته في اللحظة اللي رفع أبو سلامة رأسه يتأمل هذا الرجل الملثم بستغراب ظنه غريب حتى أبعد وضاح طرف شماغه وبان وجهه فتبسم باتساع أبو سلمة ونظرات ‏استغراب: ماذا بك يا ولدي لا يبدو إنك بخير من أين أتيت؟ حدثني راجد في صباح اليوم عن اختفائك الكل قلق عليك طمني ماذا بك؟
‏رسمت على وجه وضاح ابتسامة متعبة من أثر هذه الليلة التي أرهقت قلبه قبل أن ترهق بدنه وزادت اتساع ابتسامته مع كل كلمة كان ينطق بها أبو سلمة كان أبو سلمة يملك وجهه بشوش وابتسامة مذهلة ولسان عذب عندما تراه ترتاح لو جدًا حتى تكاد تخبره ‏كل شيء ‏ما كان من وضاح اي رد كان غامض بالنسبة لأبو سلمة واكتفى بقوله: ما ينشغل بالك على غالي يا رب طرى امر واجب علي إني أروح له لكن سألتك بالله لا تعلم احد إنك شفتني ولا إنك تكلمت معي كم وقت واعود لهم واشرح لهم كل شيء،
‏ابتسم أبو سلمة بإيجاب وهو يحدثه قائلا: أبشر يا ولدي في اللحظة اللي رفع فيها وضح يده وهو يفتح الترمس أبيض واللي كان يضع فيه إسكريم اخذ اثنان من إسكريم التوت وأخذ معه أيضا اثنان من كيس بداخلها بطاطس مع حمّر، وفي نفس اللحظة نطق أبو سلمة متعجب: من رسم هذا على يدك؟
‏كيف انتبه وضاح ليده وسرعان ما سحبها وهو يشير برأسه بالرفض مردفا: ما به شيء لا يشغل بالك معود على مشوار وراجع بإذن الله المهم لا تنسى اللي طلبته منك
‏وبالفعل ‏أشار أبو سلمة رأسه ايجاب وهو يستودعه الله ويشوف وضاح طالع من القرية بكبرها متجه إلى طريق يجهله


طول الطريق كان متلثم ويلتفت يمين وشمال خشية ان يلمحه احد ما توقع بيوم في حياته ممكن يعيش شي زي كذا بس أدرك وقتها كلام العم أبو سلمة وقت كان يقول له ‏" يا ابني الإنسان يبقى عاقلًا ناضجًا طول حياته لا يحدد عمره مقدار عقله حتى يقع في الحب وقتها ينتهي كل الناضج ونعود جميعنا أطفال حتى الشايب منا " وهذا الشيء اللي كان يعيشه وضاح فوق خيله الذي يركض في هذه البراري اصبح يحفظ الطريق عن ظاهر قلب ، ما كان يعرف هذا الشعور أبدا لانه طول حياته كان ضايع ما لقى لا دار ولا موطن ولا مكان حتى بس فجأة شاف الشيء اللي يسمي موطنه واللي مستعد أن يسري إليه من جميع بقاع الأرض وكما الحجاج يأتون من أبعد المناطق قاصدين بيت الله كان هو يسير مثلهم من أبعد الأماكن قاصداً عيناها، ويطوف حول خصرها سبع ويرتوي من رحيقها، على مقربة من بلوغ الثلاثين ولكنه رغم ذلك يحمل بيده إسكريم الطفولة ويركب فوق خيله حرة الحياة متجه إليها وكأنه يعيد قصص الزمان وأساطيرها وكأنه يكرر عشق العرب القديم الطاهر البريء الذي ما زالت الأشعار والقصائد تتداول بين الجميع، شعور أن تلقى موطنًا لك بعد أن كنت مجهول الهوية كان الشعور لوحدة يستحق كل هذه التضحية، وما أن وصل إلى تلك الغابة ودخل بين الأشجار التي أصبحت تحفظه مشى فيها درب طويلا مضت ساعات حتى وصل إليها تقدم بخيله وهذه المرة لم يترك خيله بعيدا وجابه معه للحيطه ، مشت خطواته بعد أن نزل من الخيل وهو يتلفت من حوله ينتظرها حتى وصل للمكان الذي اتفقوا عليه لكن هذه المرة ما شافها ولم يكن لها أي وجود اختفت،  بث الرعب في قلبه وفي جوفه أن تكون اختفت مثل ‏تلك المرة وأن يكون ضيعها وأن يصبح كمن يطارد خيط دخان .


‏اما عند قمر الزمان تلك الفتاة التي أصبح تتقن دورين مرة تكون كبيرة فاهمه ومرة تعود طفلة، لأنها لم تعش شيء من طفولتها التي ضاعت في أيدي الناس بدون أي حق فقد كانت عالقة في عمر العاشرة وبقيت تلك الفتاة التي تحلم دائما بأن تطير طاير وان تاكل الأيسكريم تحت واحدة من الأشجار، الخوف اللي كان في قلبها تجاه أي جنس آخر لم تشعر به أبدا أمام وضاح وكأنه فك العقدة التي كانت تعيشها، تتذكر المرة الأولى التي نطقت بها بعد اللي حصل معاها هي و ركُود كانت تلك المرة من بعدها أتى وضاح في العادة لا تتكلم مع أي احد بعد ما تمر بصدمة ولكن هو الشخص الوحيد اللي تقدر تتكلم معه وهي تعيش صدمتها، ولكن كل هذه الامور لم يستوعبها عقلها ولم تفكر بها ولا باي طريقة ف حاليا كانت تفكر هل سيعود لوحده ولا  بناس معه وهي تخاف قدوم الناس ، اختفت خلف الأشجار وكانت تنتظر حتى يأتي وتتأكد انه لوحده وبالفعل شافته جاي من بعيد على خيله ومن ثم نزل وتقدم بهدوء كانت على يمينه الأشجار وهي جواته بس مانتبه لها ، في هذه اللحظة و بحركة طفولية وقفت على أقدامها بعد أن كانت جالسه على ركبتها وهي تمد يدها في وجه وضاح وتصرخ  بمزح مصدره صوت كانها تخيفه ، التفت لها ودائما يصدمها بأنه لا يخاف تاملها لثواني معدودة وبعدها حرك أكتافه بمزح متظاهرا بأنه خاف ،في البداية كان يستهزئ بها بس لما شاف وسمع الضحكة الصادره منها عذبه ما تخيل بحياته احد يضحك كذا، كانت مثل عزف موسيقى تدلى في أذنه مثل ‏أغنية كررتها أم كلثوم، أو أبيات شعر غناها العندليب، أو مثل ‏عزف طلال مداح، كان اعظم شيء سمعه في حياته تمنى لو انه يستطيع تسجيله ليعيده مرار وتكرارا كان مثل لحن موسيقى يمر بين حواسه حتى يصل إلى جوفه تعمق فيه تمنى لو انه خاف من البداية وتمنى لو تعيد الحركه ويخاف مرة ومرتين وثلاثة حتى يسمع هذا الضحكة كل الأوقات،
‏في اللحظة اللي التفتت ليده شهقت شهقة من الصدمة والفرح من وجود الأيسكريم الذي رأيته آخر مرة من سنوات عديدة كيف أخذته من يده وهي تنطق بلهفه: يا الله من فين جبته ! آخر مرة أهدني بها من سنوات طويله ما قد شفته ابداً من هذاك الوقت
‏كيف حاول استدراجها بقوله: وليش طول هذه السنوات ما شفتيه ؟ ايش اللي يمنعك؟
‏ما ردت عليه وهي تجلس في الأرض وتبدأ بالأكل بتلذذ بينما جلس هو بجانبها المسافة ليست بعيدة ولا قليلا يأكل مما بين يديه ‏ويفكر ليه ما تقدر تجاوب على أسئلة كل ما اسألها عن شي يخصها تسكت ايش السر اللي تخبيه ؟

Continue Reading

You'll Also Like

755K 15.5K 74
رسائل مهمله تحت وسائد سُرر السجون .. لِهيَب ، انا عود كبريت وحاوية بنزين.! انا لِهيب اقدار وطلقات شاردة انا بوابة جحيم ورأس افعى قاتلة أنا مُنهك...
4M 96.9K 165
ادخلي يلاا ملك بعيط. ونبي روحني وانا هشتغل واللهي وهدفعلك فلوس اللي اخدها جوز اميي بس روحني يلاا بق ادخلي وكفاية عيط ملك. طب م. مش حرم عليك. تتجوزني...
575K 33.5K 40
قصه حقيقيه لثلاثه ريحانات لكل ريحانه قصه مختلفه تأخذنا لنغوص في عالم مختلف
5.7M 45.4K 83
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي .. تروي الحكايات ان الثغر معصية ( للكاتبه : طيش )