تدلت رموشها الفضية تغطي نصفها عينيها الزرقاء وداعبت اطراف اصابعها الشاحبة بتلات الزهور.
جلست هناك بجو من الحلاوة والنعومة تنتظر ريس لفترة طويلة لكن بالرغم من ذلك لم يظهر ابدا.
ضمت شفتيها الزهرية ببعض الاحباط ورفعت رأسها تراقب المحيط من حولها، كل ما راته هو اشجار وعشب اخضر يتألق تحت اشعة الشمس.
لم تنتبه لوجود الجسد الذي يختبئ بين الاشجار و البشرة البيضاء لعضلات صدره بطنه متوردة قليلا، راقبت عينيه سيليستيا منذ فترة واطلق تيروس عواءا منزعجا براسه.
'اذهب واجتمع برفيقتنا لما تقف كالابله هكذا'
بمجرد ان تمت ترجمة كلماته انحصرت حرارة بوجهه واجتاحه مثل المد، ضم شفتيه بخجل و غطى عينيه براحة يده.
"مستحيل كيف تريدني ان انظر لوجهها بعد هذا؟ ربما ستخاف مني لقد شعرتُ بالاثارة لمجرد قبلة عميقة"
'جيد ابقى هنا وستكرهنا رفيقتنا ولن تعود مجددا'
بدى ذئبه منزعجا للغاية من تفكيره ولم يعرف لما كان عليه ان يكون مع شخص غبي وبريء مثل هذا.
تيبست عضلات ريس فجأة وارتجفت حاجبيه بقلق.
" انت تمزح، هل لن تعود مجددا حقا؟ لكنها رفيقتي الن تشعر بالحزن و الوحدة عندما تبتعد عني، مثلي!"
اعطى تيروس تنهدا عميقا واغلق عينيه بعجز ، عليه ان يتحمل فقط ليس لديه خيارات.
'انها مصاص دماء لا يوجد ذئب يحثها على المجيء و رؤيتك، كما انه ما يعرف بكبرياء انثى ان جعلتها تنتظر لثانية ستجعلك تتوسل لبقية حياتك'
انتفخ فجأة ذيله المليء بالفرو واستقامت اذنيه برعب، كيف يتوسل؟ هل ستبقيه بعيدا الى هذا الحد؟
عندما اصابه الذعر و غرق تفكيره في ان رفيقته قد لا تعود مجددا ابعد يديه عن عينيه ونظر بسرعة لها.
"....."
لم يكن هناك اثر لها ولا لرائحتها، الادراك بأنها غير متواجدة جعل جسده يرتعش وتخبط عقله بقلق.
"ماذا نفعل، رفيقتنا لن تعود مجددا!"
زمجر تيروس بإنزعاج واراد ان يخنق ريس بشدة، كيف سيتعايش معه ومع رفيقته المحبوبة!
'دعنا ننتظر ونرى ربما ستعود ان لم تفعل فسوف نذهب اليها'
"......"
تدلت اذنيه بإحباط والتوى ذيله مرارا وتكرارا ، لقد وافقت على الذهاب معه لكنه افسد الامر.
تنهد بقلة حيلة وجلس القرفصاء قبل ان يخفض رأسه وتدلت اطراف عره الذهبية في الهواء.
ان لم تعد كم سيستغرق البحث عنها في هذه المملكة؟
خطت سيليستيا بخطوات بطيئة نحو المنزل وراقبت العشب في صمت، كانت قلقة بشأن انه سيتجنبها لبعض الوقت.
الامر لا يستحق كل هذا الخجل، انها طبيعة جسدية ليس وكأنه يمكن التحكم بها.
عندما تفكر بتعابيره العابسة و الوجه الاحمر لم يسعها سوى الابتسام و شعور بدغدغة في بطنها تتصاعد وتخدر اطراف اصابعها.
كيف يكون لطيفا هكذا!
اليست محظوظة للغاية عندما تمتلك رفيقا مثله! ضيقت عينيها الزرقاء ورفعت رأسها تتطلع للغروب، تم تلطيخ المشهد باللون البرتقالي الدافئ وانعكس على عينيها ببريق خافت.
لم يقل ريس متى يمكنهم المغادرة لكنها تريد ان تغادر في اقرب وقت، ويفضل ان يكون غدا... بعد اخذ جرعة من اللطف الذي احاطها لم يعد بإمكانها تحمل اليكساندر اكثر وارادت الهروب بسرعة.
في خضم هذه الافكار وصلت للمنزل وصعدت مباشرة لغرفتها بينما تراقب بحذر، عندما رأت جسدا يقف عند الباب توقفت للحظة وراقبته يحدق بها وعينيه برونزية ضيقة وترسل كل انواع الاشمئزاز.
تناثر الشعر القرمزية المجعد على جبينه وحاجبيه سميكة ومسقيمة، شفتيه مضغوطة بصمت و زاوية الفك حادة وتنضح بهرمون ذكري.
عقد ذراعي عند صدره و فتحة رقبة قميصه الابيض كبيرة وتبرز عضم التروقة صلب ومثير، تم طي اكمامه حتى مرفقه وساعده الابيض صلب مليء بأوعية خضراء تعطي لونا على السطح.
بمجرد ان التقت عينيه بعينيها جاء الم يخترق رأسه وتشتت للثانية.
لم تكن هناك عاطفة من الحزن و الخوف اعتاد عليها بتلك الاعين الزرقاء.
بدل ذلك اصبحت اكثر بريقا ومثل الاحجار الكريمة التي تم تنظيفها من الغبار وبدت انها ثمينة جدا.
اقتربت منه بهدوء واخرجت هاتفها تكتب شيئا كما انزلقت عينيه تراقب اصابعها الشاحبة و هناك تورد لطيف عند الاطراف .
في تلك اللحظة تسرب صوت ميكانيكي من هاتفها و ترجمت ما تريد قوله.
"ما الذي تريده؟"
"......"
لم يعطي ردا والتقط انفه رائحة ذكرية اخرى على جسدها جعلت فكه مشددا وقلبه يضخ الدماء بعنف.
انتفخت اوعية رقبته بعصبية وشد قبضته بعنف قبل ان يغلق عينيه ويتمالك نفسه.
الامر لا يستحق، هي لن ترى ذلك الهجين مجددا.
مع هذه الافكار باعد بين شفتيه بصوت ذكوري جاف ولم يلقي عليها حتى نظرة واحد بعد ذلك.
"سنغادر الجزيرة في غضون اسبوع"
".... ؟؟؟"
رفعت رأسها بذهول وشعرت ان عقلها فارغ قليلا، لما سيغادرون؟لما يأخذها في المقام الاول.
عبست حاجبيها في ارتباك وتحركت اصابعها تكتب بسرعة.
"لما ؟ الى اين؟"
اخترق الصوت الآلي اذنيه وصمت يرفع حاجبيه للحظة قبل يتحدث بدون اهتمام.
" بسبب شذوذ بعض مصاصي الدماء، لا نعلم بالضبط ما سبب ذلك هل هو مرض يمكن شفاؤه ام لا، ان لم يمكن شفاؤه فسنقتل كل مصاص دماء تم احتجازه لذلك علينا سؤال ملك الوحوش اندرياس هيرنانديز"
الكلمات جعلت شعر جسدها يقف واعطت عبوسا شديدا، القتل شيء شنيع خصوصا بالنسبة لشريكة الطرف الآخر، ماذا سيفعل في عدم وجود شريكه هل يموت فحسب؟
حتى لو قدما العائلة المالكة دماءها مجانا ف إيلا متى يمكنها التحمل؟ هناك الكثير من مصاصي الدماء الغريبين.
لكن في النهاية لا يمكنها المساعدة على اي حال، اغلقت عينيها بهدوء وواصلت الكتابة.
"انا لا اريد الذهاب معك، انا سأغادر مع ريس"
"........"
الكلمات التي سقطت جعلت كل صبره ينفذ في ثانية وفتح عينيه قرمزية تحتقن بالدماء، انتفخت اوعيته بعنف حتى فكه واستدار نحوها في عصبية قبل ان يشد الامساك بذراعيها.
جفلت في قوته التي طحنت عضامها وسقط الهاتف ينكسر على الارض.
" توقفي عن العبث لن اتغاضى عن افعالك بعد الان، لن تري ذلك الهجين مجددا"
"....."
عقدت حاجبيها في استياء و تحركت تحاول الافلات منه، من هو ليقرر كيف ستكون حياتها..... انه مجرد سبب في جعلها تعيش جحيما لخمسين سنة هل يعتقد انها يمكن ان تبقى معه بعد ان وجدت حبل الخلاص اخيرا.
" انت شريكتي انا، وملكي انا، لا تدفعيني لفعل شيء لا تريدينه"
"......"
ادركت بالفعل انه يتحدث عن عقد الدماء، ان فعل ذلك فهي مرتبطة به بقية حياتها ولن يفصلهما سوى الموت، لن تتواجد دماء بعد ذلك يمكن ان تساعدها على العيش حتى من الصنف الملكي.
لاشيء سواه.
الفكرة ضربت مؤخرة راسها وتخبط عقلها بذعر، لا تريد ان ترتبط به اكثر من هذا.
عندما نمت اظافرها وحاولت مهاجمهته بتعابير شرسة وجادة سمعت ضحكة ساخرة تمر كالوهم بأذنيها وتلقت ضربة عنيفة في نقطة عمياه خلف عنقها.
تحول كل شيء للاسود في ثانية وشلت حركتها تماما قبل ان تسقط مغمى عليها.
في الوقت التي فتحت عينيها شعرت ببعض الالم خلف رأسها وحدقت في سقف غرفتها بشكل ضبابي، كانت مشوشة بعض الشيء قبل ان تتدفق ذكريات ما حدث.
رمشت عدة مرات وانتفضت تجلس بسرعة على السرير تتحسس عنقها، لم يكن هناك عضة دائما.. الامر جعلها ترتخي وزفرت بإرتياح، من الجيد انه لم يقم بعقد دماء معها.
في خضم هذه الافكار رفعت رأسها عرضا للنافذة وتوقفت فجأة، رمشت عدة مرات ثم غادرت السرير ولامست قدميها الحافية بالارض.
عندما وقفت امام النافذة رفعت يديها وتحسست الحديد الباردة، تمت تغطيتها بالاعمدة الحديدية الصلبة ولم تعرف سيليستيا لما وقف شعر جسدها بقشعريرة.
بالرغم من انها استخدمت كل قوة وحاولت سحب الاعمدة الا انها لم تتحرك بشبر واحد.
لا، هل سيتم احتجازها؟
خفق عقلها في ذعر والتفتت بسرعة للباب، لقد كان خشبيا في وقت ما لكنه حديدي الان كما لو انها غرفة سجين.
خفق قلبها خارج نطاق السيطرة و ركضت بسرعة قبل ان تركله بعنف مرارا وتكرارا، لكن لم يحدث اي صدع وبدل ذلك شعرت فقط بألم في اصابعها.
لا... لا...
ليس هذا، هي تريد رؤية ريس مجددا، لا ترغب في البقاء هنا بعد الان.
احكمت قبضة يدها وضربت الباب بقوة يصدر طرقا عنيفا في الردهة المظلمة، عابسة ودموعها تسقط من زاوية عينيها بيأس.
حتى مع هذه الضوضاء لم يأتي اي شخص لفتح الباب ولم يكونو ليهتمو بشخص ناقص مثلها.
ارتجف جسدها واغلقت عينيها تحركت شفتيها تريد التحدث والصراخ لفتحه لكن كل ما يتدفق هو انفاس متعثرة.
في النهاية تحولت اليد البيضاء الشاحبة للون الاحمر وفقدت امل ان يتم فتحه، عضت شفتها السفلية وجلست القرفصاء في احباط شديد بينما تدفن رأسها بين قدميها.
اعتقدت انها يمكن ان تكون سعيدة اخيرا، لكن هذا لن يحدث، ربما الحياة تكرهها ايضا لأنها شخص ناقص وغير كامل.
.
.
.
🌸