حدقت نورا في وجهه الوسيم البغيض... هل عليها الإعتذار بالمقابل؟ هو لا يبدو سعيدا أبدا بتواجده هنا و لا يبدو عليه أنه يعني ما قاله، أم هل عليها الاستمرار بالعبث معه؟ فهو الذي بدأ كل هذا، لو لم يكن بسبب حماقته في الحافلة لما حدث كل هذا أو إلتقيا حتى..

لم تنوي الإعتذار منه منذ البداية و لا تفكر في فعل ذلك.

ابتسمت نورا  بتفهم و أشارت بيديها كأنها لا تحتاج إعتذارا و قالت "أمور كهذه يمكنها أن تحدث لذا لا بأس، إعتذارك مقبول" و عادت لإكمال عملها كأن تايهيونغ ليس هناك.

حدق بها تايهيونغ بغير تصديق، هل حقا تنوي فعل هذا؟

لم يكن عليه أن يصدق أنها ستعتذر منه، زفر الهواء خارج رئتيه بقلة حيلة و هز رأسه، كم تمنى أن يضرب رأسها، نظر حوله قليلا قبل أن يلتفت ليغادر المكتب تحت استغراب الجميع مما حصل.

في النهاية هو الطرف الشرير في الحادثة. التسبب له بالمشاكل كان انتقامها عن نعته لها بالمتحرشة في الحافلة، و لكنه أحرجها مرتان على التوالي لذا لا ضير من عدم الإعتذار له.

هما متعادلان الآن.





جلست نور و نانسي إلى نفس طاولة خلال فترة الغداء، بجانب النافذة و بعيدا عن الجميع.

علقت نانسي التي انظمت لها "تبدين مريعة نورا" كشرت نورا وجهها على ما قالت نانسي و ردت "لا لست كذلك، أنا شخص جميل" سخرت منها نانسي بالمقابل "طبعا، طبعا"

رفعت نورا نظرها من على طبقها "لم تزعجينني طوال الوقت؟ لم أنت على نفس الطاولة معي حتى؟" ابتسمت نانسي "لكي تحكي لي ما حدث"

وضعت نورا ملعقتها على الطاولة و قالت بهدوء "آه... تريدين الحصول على بعض الحلوى إذا" هزت نانسي رأسها أن لا و ردت "لا، أنا فقط أريد أن أعرف من المخطئ و من معه الحق فحسب" عادت نورا لتناول طعامها متجاهلة نانسي.

تأففت نانسي "هيا نورا، أخبريني" ابتلعت نور طعامها و أدارت مقلتيها بسخط "لا أحد مخطئ و لا أحد معه حق، سوء فهم كما قال ذاك الأحمق و انتهى الآن، لذا سأسألك آخر مرة أن تتوقفِ عن التكلم معي فأنا أتناول طعامي الآن" نظرت لها نانسي بغير رضى و قالت بصوت خافت "شريرة" لترد عليها نورا "سمعتك نانسي"





مرت بقية اليوم و رأس نورا يوشك على الانفجار من صداعها الناجم عن قلة النوم، كل ما كانت تفكر به هو المغادرة لسريرها و النوم.

كل ما تريده هو النوم، فالنوم يمنع عنها الإحساس و الشعور و التفكير. النوم هو المهرب الوحيد الذي تلجأ له نورا دون الشعور بأنها ضعيفة و هاربة، كما أنه هوايتها المفضلة. تحب النوم أكثر من أي شيء آخر و تكره أي شيء قد يبعدها عن ما تحبه.

عادت لشقتها متعبة و منهكة  و عيناها معميتان عن الكل غير النوم طبعا، إندست في فراشها دون تغيير ملابسها حتى و نامت، نامت بدون أن تفكر في الغد.

إنه السبت على كل حال.








استيقظت يوم السبت على صوت التلفاز، هي لا تتذكر أنها أشعلت التلفاز البارحة و الشخص الوحيد الذي يستطيع القدوم الى شقتها دون إشعار مسبق هي سارا.

نظرت لهاتفها لتجد أنها الساعة التاسعة صباحا، نامت أربع عشرة ساعة متواصلة.

اغتسلت بسرعة و ارتدت ملابسها و توجهت نحو غرفة معيشتها، وجدت سارا مستلقية تشاهد برنامج طبخ على الشاشة.

رمت نورا نفسها بجانب صديقتها "منذ متى و أنت هنا؟" أغلقت سارا التلفاز و استقامت من مكانها متجهة نحو المطبخ قائلة "الثامنة، اعتقدت أنني سأجدك مستيقظة كعادتك، لكن وجدتك شبه ميتة و بملابس العمل أيضا لذا تركتك لتنامي أكثر"

تبعتها نورا نحو المطبخ "لم أستطع تغيير ملابسي البارحة بسبب أني كنت متعبة حقا، هل حظرت الفطور؟" أومأت سارا برأسها و بدأت بوضع الطعام على الطاولة، سكبت كأسان من الشاي و رتبت بعض الكعك في الطبق قبل أن تجلس الإثنتان على الكراسي.

بدأت الفتاتان بتناول طعامهما بهدوء قبل أن تقول سارا "كيف كان أسبوعك؟" أغمضت نورا عيناها للحظة محاولة استيعاب أن ما حدث لم يكن حلما، فتحتهما مجددا و نظرت لكأس الشاي أمامها "مريع، تماما كهذا الشاي" ابتسمت سارا "لا تكرهي الشاي نورا، على الأقل هو أفضل من القهوة التي تشربينها كأن حياتك تعتمد عليها... و بخصوص أسبوعك المريع، أنا أستمع"

شربت نور القليل من كأسها و على وجهها تعبير مشمئز قبل أن تبدأ بسرد كل ما حدث لصديقتها الوحيدة.

استمعت لها سارا بانتباه حيث أنها عقدت حاجبيها كل ما فعلت نورا كذلك و شتمت تايهيونغ معها بدون أن تتعرف عليه.

إن كانت نورا تكرهه فسارا تكرهه أيضا، هذا هو قانون الصداقة الأسمى.

عندما أنهت نورا حديثها تنهدت بثقل و وضعت رأسها على الطاولة كأنها تحمل ثقل العالم بين كتفيها، نظرت سارا لصديقتها بتعاطف "بما أنك لا تحبين ذلك المكان استقيلي فحسب، و تعالي للعمل معي" ابتسمت نورا  "العمل معك في ذاك المكان الصاخب؟ لا شكرا... كما أنني لن أهرب من ذاك المكان و كأني مجرمة. كفانا كلام عني، أنت ما أخبارك؟"

هزت سارا كتفيها بملل "المعتاد، كعك و حلويات هنا و هناك و الكثير الكثير من الزبائن" رفعت نورا حاجبيها بمرح "لا شيء مميز؟ ما أخبار الزبون الفاتن؟"

تنهدت سارا "أجل إسخري مني، سأخبره يوما ما أنني معجبة به. أحتاج الوقت فقط" ضحكت نورا "إلى أن تبلغي الثلاثين، أنت على أبوابها" ردت سارا بابتسامة "و كأنك وجدت لنفسك رجلا لتقولي هذا"

وضعت نورا يدها على صدرها و تكلمت بدرامية مبالغ فيها "أنا إمرأة قوية و مستقلة و لا أريد رجلا في حياتي أنا مرتاحة هكذا. كل ما يأتي من جنس الذكور هو الصداع"

هزت سارا رأسها و هي تضحك "أنت مجنونة، إذن كيف تنوين الحصول على أطفال؟" نظرت نورا خارج نافذة المطبخ "أنت تعلمين أني لا أحب الأطفال و لكن إن حدث و أردت احدهم، سألجأ لتلقيح من مجهول. العلم تطور كثيرا سارا"

نظرت سارا لصديقتها و على وجهها تعبير متقزز "أنت فظيعة، و ما مصير الطفل حين يسأل عن مكان والده" هزت نورا كتفيها "الأمر بسيط، ألقى نفسه من سطح العمارة" لم تستطع الاثنتان السيطرة على ضحكاتهن.

 








stay safe, be kind and don't forget to love on yourselves everyday.

Rainy Nights-KTHحيث تعيش القصص. اكتشف الآن