I

1.7K 17 0
                                    

صباح صاخب كباقي صباحات أيام الأسبوع. حيث الشوارع تضج بالحياة، شوارع صامتة شهدت على معاناة الناس، شهدت على كم أن الجميع يكره الإستيقاظ باكرا بغية تحصيل لقمة العيش. شوارع استمعت لضحكات الشباب و بكاء المسنين بكل هدوء و سكينة.

شوارع تفرجت في الناس تسابق الوقت لبلوغ مقاصدها، و هاهي الآن تشاهد نورا التي تسابق النور على أمل أن لا تتركها الحافلة خلفها. هي لا تريد التأخر عن العمل مجددا و ليومين على التوالي.

بالرغم من حظها العاثر إلا انها وصلت لمحطة الحافلة قبل أن تغادرها الأخيرة بلحظات فقط، صعدت للحافلة و هي تشتم حظها و حياتها و حقيقة أنها على قيد الحياة.

أكثر ما يزعج نورا هو الأماكن المزدحمة بالناس و صخبهم و تفاهاتهم الغير نهائية، لكن لا حل لها لبلوغ عملها من غير الحافلة بسبب حادث تسبب لها بصدمة جعلتها غير قادرة على القيادة.

الزحام، حركة السير التي تبدو و كأنها تودع الحياة و الأغنية الصاخبة التي لم تعرف نورا مصدرها، دفعوا بها للغضب و الغضب أكثر. عليها تحمل كل هذا و في كل صباح لتصل لمكان عملها الذي لا تكن له نورا الكثير من المحبة.

أغمضت عيناها محاولة التخيل بأنها في مكان أفضل... سريرها مثلا.

كل شيء حصل في ثانية، توقفت الحافلة على حين غفلة و بعنف فما كان لها غير التمسك بأقرب شيء لها كي لا تقع أرضا و لحظها فأقرب شيء لها كان رجل لم تستطع الاعتذار منه حتى لأنه دفعها عنه و صرخ بها "هل أنتِ حمقاء؟؟ ألا ترى عيناك ما تلمسه يداك؟؟"

حدقت فيه نورا بغباء كونها لم تفهم سبب غضبه من شيء اعتيادي و يحدث يوميا في الحافلات "آسفة عن ما حدث كان الأمر خارج تحكمي، فهذه حافلة بعد كل شيء"

نظر لها بتهكم "تركبين الحافلة للتحرش بالناس و عند الإمساك بك تستخدمين هذا العذر، كم هذا رخيص... المتحرشين أمثالُك عليهم ألا يتجولوا بشكل عادي مع بقية الناس، عليك الخجل من نفسك"

فتحت نورا فمها للرد عليه و أغلقته مجددا بعد عدم خروج لشيء، كلماته أخرستها بالرغم من أنها غير صحيحة، لم تكن مستعدة لشيء كهذا أبدا.

الأبله أحرجها أمام العديد من الناس، ليس و كأنها تهتم فأحكام الناس هي آخر همها، لكنها لم تستطع الدفاع عن نفسها من قوة الدهشة، و هذا شيء لم يحدث معها يوما.

كل ما تمنته في تلك اللحظة هو أن تختفي فقط، أن تهرب من أمام الأحمق الذي ينظر لها و كأنها مجرمة حقا، لذا ومع توقف الحافلة غادرتها مسرعة دون النظر للخلف بالرغم من أنها ليست محطتها.

وقفت وسط الشارع و وجها محتقن بالدم. بدت وكأنها على وشك الانفجار، راودتها رغبة ملحة في البكاء بسبب غضبها و حرجها و عدم قدرتها على الدفاع عن نفسها.

Rainy Nights-KTHحيث تعيش القصص. اكتشف الآن