كانت تتابع حركة الطرقات من نافذة الحافلة التي تقلها معه، ذلك الذي سيقتلها بعده رغم جلوسه بجانبها الآن.. فكرت بما حصل ومنعهما من الركوب في العجلة الدوارة.. الحراس الذين عينو لمراقبته تماماً كما يفعلون الآن.. تذكر تماماً كيف غضب عندما تفوه ذلك الرجل ببعض الطلاسم كمن يستحق أن يكون فرداً من العائلة وعن عدم قبول تكرار خطأ الماضي مجدداً .. طلاسم جعلت عمر يستشيط غضباً ، لم تفهم لماذا، كل ما فهمته هو أنها تخاف خسارته، بعده ولم يتبقى لها سوى أيام معدودة لوداعه
أيقضها من غوص أفكارها عندما سقط رأسه على كتفها.. نائم!!
عادت تفكر، عليها أن تخبره بحبها... عليها ألا تخسره، أما هو فقد ابتسم حينما شدت بقبضتها التي يحتويها بين يديه متمسكة به.. تريده كما يريدها وسيشتاقها تماماً كما ستفعل هي. .

في اليوم التالي كانت قد خرجت لتنهي بعض المهام بعد أن أخبرها ريان أنه لن يغادر المنزل.. مطمئنة البال وسعيدة.. أنجزت ما كانت تقوم به ولم تتفحص هاتفها الا عندما فتح باب المصعد على الطابق الذي تسكن فيه، خمس مكالمات هاتفية فائتة من ريان.. شعرت بالقلق وهي تفتح باب المنزل، لما هذا الاصرار على محادثتها.. اتجهت لغرفتها أو غرفتهما المزعومة لترى ما يريد فلم تجده.. رن هاتفها مضيئاً الشاشة باسمه فالتفتت خارجة تبحث عنه في أرجاء المنزل الهادئ لتجد سالم يقف على عتبة باب غرفتها مبتسماً.. انقبض قلبها، تكره هذه الابتسامة، تذكرها بذلك الندب... تذكرها بتلك الحادثة
" أجيبي عليه ولتصمتي "
أمسك بذراعها بقوة فخفق قلبها رعباً.. ارتجفت وهي تظغط على شاشة الهاتف لترد.. سمعت صوته يقول " نالين، أين أنت! أردت اخبارك أنني في الورشة لكنك لم تري الرسالة التي أرسلتها.. نالين! "
حثها على الرد بلسانها المثقل بالخوف أمام ابتسامة ذلك الشيطان.. همست رعباً " ريان. " وصمتت! بدى قلقاً وهو يسأل " أين أنت نالين؟ "
همست له " في المنزل، "
اقشعر بدنها وهي تشعر بحنية صوته عندما ردد، " هل تريدين مني أن آتي ؟"
أردات أن تقول له أجل تعال.. أرجوك تعال الآن.. أريدك بجانبي، أشعر بالخوف من دونك تعال أرجوك
أرادت أن تناجيه الا ان سالم أحكم قبضته على ذراعها ووعدها في نظرته بأقسى عقاب فتمتمت لريان " لا.. لا داعي، أعتذر عن ازعاجك.. شكراً لك"
أغلقت الخط ليقهقه سالم بملئ صوته " ألا تظنين أنه يحترمك زيادة!! "
أحنت رأسها وهي تضيع في دوامة رعب.. تحاول جاهدة أن تتمسك بجذع! ولكنها لا تجده.. ركيك ، ضئيل.. لا شيء
" الا اذا كان لا يعلم حقيقتك " قال ماكراً فنظرت له مستنكرة.. حقيقة ماذا!! ، مالذي يتحدث عنه حباً بالله.. اقترب منها فانكمشت ليهمس " لكن من المفترض أنه سيعرف فور أن يلمسك "
ابتعدت خطوة للوراء وهي تكاد أن تسقط.. صوته، أنفاسه تقتلها.. ريان، أين أنت!! أعادها جذباً من معصمها الذي يحبس داخل كفه ليكمل باستمتاع وهو يشعر بالنبض في عرقها وارتجافها " تعلمين.. نحن الرجال نشعر حتى ان كانت يد زوجاتنا دنيئة أم لا "
وضع يده على الندب في رقبتها ليردف " فما بالك أنت يا عزيزتي "
دفعته عنها بعيداً وهي تصرخ به " أنت لا يمكنك فعل أي شيء لي "
اقترب مجدداً فحاولت أن تهرب.. أمسكها من معصميها وأحكم الامساك حتى لا تهرب " بل يمكنني وأنت يا عزيزتي لا يمكنك اثبات شيء ففي النهاية أنت متزوجة منذ عام تقريباً "
فهمت مقصده فانفجرت عيناها صدمةً وهي ترى كابوسها سيتحقق الآن.. سيأكلها الظلام من دون رحمة.. رماها على سريرها وثبتها تماماً واضعاً قدميه على ركبتيها حتى لا تتحرك ممسكاً بمعصميها باحكام.. صرخت مدافعة علها تنفره منها وهي تتخبط محاولةً الفلات بلا جدوى " من قال أنه لم يتزوجني! "
قهقه مستمتعاً ليقول " أخبرتك.. انه يحترمك، هل تظنين أنه لو لمسك وأحس أن أحداً ما لمسك من قبله سيبقى يعاملك هكذا!! ثم انني أعرفك نالين ، أنت لن تسمحي له بذلك طالما أنك تزوجتي به رغماً عنك.. أدرك جيداً ماهية كبريائك ففي النهاية أنا من رباك "
عاد يقهقه من جديد فصرخت " أنت مقرف حقير " لتتخبط مرة أخرى محاولةً الخلاص.. تتحرك يمنةً ويسرى وهو ينحني من فوقها نحوها شيئاً فشيئاً .. لمست شفاهه رقبتها.. تحت ذلك الندب فانكمشت.. انكمشت مرتجفة.. انكمشت خائفة.. انكمشت بقلب يدق بعنف.. انكمشت بروح مكسورة.. انكمشت بنفس تصرخ باسم ذلك الذي دفأها بالأمان.. أين أنت!!

عشق في حضرة الكبرياءWhere stories live. Discover now