كانت تتمشى بجانبه والصمت يحكم بهما.. وقف فجأةً فارتبكت وهي ترى العزم في عينيه.. لا تفعل، لا تقلها
" ياسمين، أنت تعلمين سبب قدومي إلى هنا، مابكِ!" تسائل عندما لاحظ ارتباكها الزائد ولكنها احنت رأسها وهمست " لا شيء! "
تأملها قليلاً.. النهار كاد أن ينتهي والمكان حقاً هادئ.. همس فسمعته " كيف حال عمر! "
رفعت رأسها فجأةً ثم نطقت " بخير.. أعني أظن هذا، لم أره منذ فترة! "
كان على حق في ما كان يفكر.. ما أدركه هو صلب الحقيقة.. الآن فهم ياسمين الجديدة، من رممها ومن ألقى برماد الخوف بعيداً عنها لكن.. مابها بحق الله!
أردف يتمتم " تلك الفتاة التي أخبرتك عنها.. تلك التي أنوي الزواج بها "
همهمت " ما بها! "
يريد أن يخبرها أنها هي.. يريد أن يقول بملئ صوته أنت.. أنت من أرجفت قلبي، أنت من غصت في شوقها، أنت من جبت بحار حنينها..نعم أنت وليس غيرت فتاة يمكن أن تمتلك مفتاحاً لقلبي .. يريد.. يريد قول هذا لكنها لا تشجعه.. هناك أمر يربكها، هل هو مندفع!
أمسك بمعصمها يديرها اليه.. كانت ترتجف ، وأجل.. كان مندفعاً. هتف مجفلاً " يا الاهي، أنت تعلمين! "
أغمضت عينيها وأشاحت بوجهها عنه متألمة.. قد فعل، قد تجاوز ذلك الخط.. كانت قادرة على تجاهل نظراته ، على تجاهل المعاني المبطنة لكن الآن.. الآن يريد أن يكشف أوراقه.. لا تستطيع أن تتجاهله
سمعته يضحك بخفوت ثم أكمل " تحبينه صحيح! "
نظرت له تقطب حاجبيها مستنكرة " ماذا! "
هز كتفيه بلا مبالاة وكأن الأمر ليس بتلك الأهمية " لست أنت من يلاحظ فقط "
ابتسم ممسكاً بيديها وأردف " أنا أحبك ياسمين.. أحبك وأشعر بك، أشعر بتوترك وأشعر بنبضك السريع "
تصلبت.. كانت تعرف لكنها لم تضع في حسابها أن تواجه عيناه.. أردف " كنت ألتفت اليك في كل مرة متلهفاً عندما أشعر بكل هذا لأجدك تبعثين بحنينك له.. هو محظوظ، ذلك الذي جعل قلبك ينبض، ذلك الذي اردى بخوفك قتيلاً .. ذلك الذي جعلك تنضجين "
ضغط على يديها أكثر وهو يهمس " سأبقى أحبك ياسمين لذا.. اذهبي اليه فعيناك تشعان شوقاً لرؤيته "
بصعوبةٍ وخجل نطقت " آدم، أنا.. "
قاطعها متنهداً " قد لا أستطيع رؤيتك فموعد رحلتي هو الواحدة بعد منتصف الليل لذا .."
قاطعته هي أيضاً هاتفة " لما تريد الذهاب !"
اقترب منها واحتضنها يودعها " صدقيني ليس بسببك ، أنا فقط علي أن أنهي أمراً مع شخصٍ لم أتوقع أن ألتقيه وجهاً لوجه "
قطبت حاجبيها مستفهمة ، أرادت أن تستفسر لكنه سبق يردف " على الأقل أملك أفضلبة عليه كوني أحد أقربائك "
ابتعدت عنه مجفلة فانفجر ضاحكاً مستمتعاً ثم رحل ليتركها أيضاً.. تأملت خطاه يبتعد شيئاً فشيئاً ، هل هو يتألم! هل كانت ستتألم لو كانت في محله! ، هي الآن حزينة.. حزينة عليه وعلى صداقتها معه ، تنهدت بقوة... لن تسمح لأن يهد كل شيء وستستعيده لكن الآن..
استدارت للاتجاه المعاكس لخطاه واتجهت حيث تعلم جيداً أن ذلك الشخص الذي اشتاقته بكل ذرة منها يوجد هناك .. دخلت الى الحديقة، الى الركن الذي يتواجد فيه عادةً.. عندما يعمل، عندما يلهو، يشرب قهوته . حتى أن ندى أوراق الشجيرات يعبق برائحته .. استنشقتها مغمضة العينين تدخلها الى الثغرات التي تكسو جسدها المتصحر منه.. ماءها ورويها هو.. تشتاقه وكلها لوعةٌ
“ أطلت الغياب "
التفتت له وقد كان خلفها فابتسمت.. انه هنا، قلبها ينبض.. انه هنا، جسدها يرتعش... انه هنا، أخيراً هنا ، عادت تنظر الى أمامها " أعتقد هذا "
شعرت بخطواته تدنو منها وهو يتمتم " انتهى كل شيء! "
“ أجل "
“ رحل اخوتك! "
“ أجل "
احتضنها من خلفها عاقداً ساعديه على صدرها هامساً في أذنها " مكنني الاقتراب اذاً "
خرج صوتها مرتعشاً وهي تردد " أنت قريب جداً "
عاد يهمس " يمكنك ابعادي كما تعلمين "
شدت بقبضتها على كم قميصه كأنها تمنعه من افلاتها وهي تهمس أيضاً " أجل ..أعلم "
كان قريباً.. يبتسم قريباً منها لكن لا بأس فانه عمر صحيح! .. عمر الذي لن تتركه ولن تبتعد عنه مجدداً .. عمر الذي أدركت أنه سمكة تسبح في بحره.. سمكة ستموت ان فارقته ، ستموت لا محالة...

عشق في حضرة الكبرياءWhere stories live. Discover now