الفصل التاسع و العشرون

ابدأ من البداية
                                    

-أعلم بأنك درست، لكن لم يسبق أن سألتك أو أخبرتني عن مستواك الدراسي.

ردت بعد تفكير تجيب بوجوم:

-أنهيت الثانوية ....لكن...

أمسكت خنساء بكفها، تحثها:

-لكن ماذا أمي؟

ردت بنفس الوجوم:

-أبي لم يسمح لي بمتابعة دراستي وزوجني لأول رجل تقدم لي كي يرتاح من عبئي حتى أنه رضي به سكيرا، فنحن كنا فقراء وبالكاد كان يؤمن لنا اللقمة.

رقت نظرة خنساء مشفقة على حال والدتها، فلم يسبق أن سألتها عن ماضيها أو أي أمر عن حياتها، تملكها الحماس تستدرجها لحوار يجمعهما:

-وماذا كانت اهتماماتك أمي؟ علمي أو أدبي؟

ابتسمت بشوق تحن إلى الذكرى:

-لا أعلم، لكن أساتذة اللغة كانوا يشيدون بتعبيري في كتابة المواضيع الإنشائية وكانوا يستمتعون بقراءتها وكنت الوحيدة التي تأخذ علامة كاملة عنها.

قالت خنساء بإعجاب:

-حقا أمي؟ يا سلام، أنت أدبية، فلماذا لا تساعديني في اللغة؟ أنا فاشلة فيها، فأنا عكسك أحب الأرقام.

قلبت شفتها السفلى، حسرة تجيبها:

-لقد نسيت كل شيء ..يا ابنتي، كان ذلك زمنا غابرا.

أومأت نفيا، تقول بنفس حماسها الذي أشعلته تلك النظرة العابرة في عينيها، نظرة كلها حياة.

-لا يا أمي، الإنسان لا ينسى ما تعلمه في الصغر ألا يقولون التعليم في الصغر كالنقش على الحجر؟ لنجرب أمي، لن نخسر شيئا!

قامت بسرعة ووالدتها تنظر إليها بدهشة تلوح على ملامحها أمارات شرارة الحماس، تشتعل جذوتها بكيانها.

ناولتها الكتاب، تخبرها باسمة:

-هذا مقال عن البيئة، المطلوب منا التعمق في محاوره، لدي كل المعلومات، جمعتها من الإنترنت لكنني فاشلة في التعبير.

أمسكت الكتاب برهبة ويد مرتعشة، تقول بعدم ثقة:

-لا أعدك بشيء لكن سأحاول قراءته وفهمه.

-خذي كل وقتك.

قالتها خنساء بسرور، فلم تشعر بالوقت وهي تراقبها تتعمق وتغرق بالقراءة وقد نسيت أمر التلفاز، فأدركت أنها خطت مع والدتها أول خطوة على الطريق الصحيح ويجب عليها المتابعة لتنقذ والدتها من يأس نخر في أعصابها وأضاع سنين من حياتها فقدت فيهم الرغبة في العيش، ففرت إلى عالم الخيال كي تتحمل ولا تنهي حياتها بيدها.

*****

*العيادة*

فتح باب غرفة الطبيبة، قام تامر حين لمحها خارجة، يبتسم لابتسامتها المستحية، فأشار لها للجلوس:

سلسلة الأزهار و الزمن  .. ج3 .. سنا البيلسان ..بقلم المبدعة منى لطيفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن