ضم نزار حاجبيه بحيرة، يتساءل

_أنا .... كيف؟

ما تزال البسمة تكشف عن أسنانه وهو يجيبه معبرا عما يشعر به

_هذا السرور الغريب ينير ملامحك الوسيمة.

للحظة حلّق فكره نحو التي لم تفارقه في يومه ذاك، فبعد انتهاءهم من الفطور أبلغوها بحضور رجل يقول بأنه حارسها الشخصي وسائقها، فطلبت منه أن يقابله معها بما أنه من رجال البيت، فلا يجوز أن تقابله وحدها، لا تعلم ماذا فعلت به بتلك البادرة التي أشعرته بنبرتها التلقائية بصدق نيتها، فصاحبها ليقابل الرجل الذي استشف من نبرة صوته أنه يخفي أكثر مما يفصح لكنه ارتأى الانتظار إلى أن يُحَدث شقيقه، عند تلك الفكرة تشنجت ملامحه، فهتف صهيب بريبة

_ما كل هذا الشرود ...لا! يجب أن تبدأ بالتحدث حالا!

ابتسم نزار يجيبه بهدوء عكس ما يعتمل به صدره

_أنت من سيبدأ بالحديث حالا، هيا! لكن أخبرني أولا، هل قمت بقضاء صلاتك في وقتها؟

أجابه باسما بحبور قبل أن يغمره الحماس يسرد له مغامرات يومه العجيب

_أجل، في القاعة المخصصة للصلاة، صدِّق أو لا! مدرستي الجديدة تجمع بين متناقضات لن تخطر على بالك أبدا.

***

توجهت مباشرة إلى غرفتها تنفض عنها تعب اليوم الأول بحمام ساخن وكانت منشغلة بتجفيف خصلاتها القصيرة حين سمعت طرقات خافتة على باب جناحها، فألقت بالمنشفة على الأريكة ذات الحواف الذهبية ثم مشت نحو باب الجناح.

قطبت بحيرة حين قابلتها ملامح توءمها الحنونة، تخبرها بتوتر

_أحضرت لك بعض الطعام بما أن العشاء لن يقدم قبل ساعتين.

بدهشة أنزلت عينيها إلى الصينية بين يديها متأملة باستغراب، فهي لم تتعود اهتمام أحد بها أو بما تشعر، بل نشأت وحيدة تماما تعتمد على نفسها.

استدارت تفسح لها لتدخل بينما تجيبها

_من الجيد أنك أتيت، فانا أريدك بموضوع.

أقفلت بيلسان الباب بقدمها ولحقت بها ترمق ملابسها بعدم رضا فتستحضر هيئة الأخرى صباحا لكنها أرجأت أفكارها لوقت لاحق، وتركت صينية الأكل على المائدة الزجاجية أمام الأريكة الرئيسة في صالة الاستقبال حيث جلست تنتظر حديث توءمها بينما تتابع حركاتها وما إن مدت يدها حتى قالت تنبهها بعفوية

_سم الله.

رفعت أنظارها المحتدة إليها لبرهة قبل أن تعقب وهي تتناول لقمة وتدسها في فمها.

_أنا لست مؤمنة.

لم تتفاجأ بيلسان على قدر ما شعرت بالحزن والاشفاق على نصفها الثاني، دمها ولحمها كما لا تسطيع لومها، فهي مهما كان جحيمها على الأقل تربت على أرض الإسلام وكبرت قرب الآذان تصدح من المآذن مرات خمس كل يوم، وتقيدت بعادات شعب أغلبها وليس كلها سُنت تبعا للشرع، فتعلمت معرفة ربها من إبراهيم والمدرسة ثم صديقتها بنفسج التي لم تقصر أبدا في تصحيح مفاهيم كثيرة خاطئة في عقيدتها وبالتالي سلوكها وفروضها وهذا ما يجب أن تفعله مع شقيقتها، أن تعلمها معرفة خالقها بالحب، تلك نصيحة بنفسج أن الله يُعرف بالحب لا بالكُره ويعبد بالعلم لا بالجهل.

سلسلة الأزهار و الزمن  .. ج3 .. سنا البيلسان ..بقلم المبدعة منى لطيفيМесто, где живут истории. Откройте их для себя