الفصل الثاني

ابدأ من البداية
                                    

_اسمع يا ولد! ...أنا ربيتك واعتنيت بك إلى أن أصبحت أطول مني، لن أسمح لك بتقليل أدبك معي، تتشدق بأقوالٍ لا أعلم من أين تحضرها، هذا وذاك حرام ...ألم يعلموك أن الصراخ على الوالدين حرام؟

زفر بسخط يهم بالرد فقاطعتهما خنساء بمهادنة

_أخي؟ هل أجهز لك العشاء؟ أنت لم تتغدى معنا اليوم.

لوحت والدته بيدها تهتف بعصبية وهي تنصرف إلى غرفتها لتقفل عليها الباب كالعادة.

_حياة بائسة!

التفت يجيب شقيقته بوجه يحمل علامات الضيق

_أجل، أنا جائع.

تبعها إلى المطبخ وجلس إلى المائدة المربعة، يراقبها ترص الاطباق أمامه فسألها

_متى عدت اليوم من المدرسة؟

بلعت ريقها ترد عليه بوجل أضحى ينتابها منذ تغير حال شقيقها

_ينتهي الدوام عند السادسة مساءا، نصف ساعة بعدها كنت في البيت.

مد يده بعد أن ذكر اسم الله يلتقط طرفا من الخبز، يغمسه في مرق الدجاج ثم يدسه في فمه، يقول بينما يلوكه بين أسنانه

_على العموم، أمين سيلتحق بثانويتك مطلع هذا الأسبوع وسيكون عيني عليك فلا تحاولي الكذب علي.

تملكها إحساس يدغدغ صدرها بذكر اسم ابن جيرانهم ليختفي ذلك الشعور حين أصابها الإحباط من تكملة حديثه، فردت عليه بحزن

_متى كذبت عليك أخي؟

هم بالرد قبل أن يتسمرا بينما ينساب إلى مسامعهما صوت والدهما يطرب الجيران بنبرته النشاز يترنح على سلم البناية.

انتفض سالم من مكانه مسرعا إلى الخارج بخطوات غاضبة، فنفخت خنساء بملل وضجر يائس من حياتها اليومية التي لا يتغير نمطها وحركت رجليها هي الأخرى لكن بثقل غير مستعجلة

_يا إلهي أبي، ألا تمل أبدا؟ أصمت ودع ليلة واحدة تمر دون فضيحة بين خلق الله.

نفض يدي ابنه من عليه يصرخ بامتعاض

_ابتعد عني! أنا لست ثملا، ابتعد! وإن كنت تخجل بي ...تبرأ مني!

ثم ضحك بصخب يكمل وهو يستند بالحائط

_فالأولاد في هذا الزمن من يتبرؤون من أباءهم.

اشتد الغضب بسالم يقبض عليه بذراعيه وقد بدأت الأعين بالتلصص، يهتف بغل مرير

_أصمت! الجيران تتلصص علينا.

صرخ بأعلى ما استطاعت حنجرته، فأمسكت خنساء بصدرها خوفا وقلقا تدعو الله خروج أمين إليهما علّه يفلح في احتواء المشاجرة كالعادة

_ المتلصصون؟ ألا يملون من نفس المشهد كل يوم؟ إنه مسلسل رديء على قول والدتك لا يستحق المتابعة ....أين هي على فكرة؟...آه لا تخبرني، هل تراقب مشهد انكشاف الشرير؟ أو مشهد حب البطلين؟

سلسلة الأزهار و الزمن  .. ج3 .. سنا البيلسان ..بقلم المبدعة منى لطيفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن