61

30K 629 71
                                    


مر عام علي أبطالنا..اتسمت حياتهم بالهدوء والسعادة يقطعه بعض الملل أو ما شابه ولكن سرعان ما يختفي لقوة ترابطهم وصدق مشاعرهم...أتم "أدهم" طفل شادي و نغم العامين لتزيد ضحكاتهم وحركاته من قوة ترابط "شادي و نغم" و تصبح أول اهتمامتهم أن ينشئوه النشئة السليمة..أما "منه" طفلة "ماهر و فرح" استطاعت بضكتها التي تسحر القلوب أن تسحر قلب ماهر و فرح و خصوصا ماهر الذي أصبح يريد إنهاء عمله في أقرب وقت ليعود لها و يحملها بين أحضانه ولكنه رغم ذلك لم يستطع أن يقصر في حق طفلته الأولي "فرح" و حاول جاهدا أن يوازن بين طفلتيه..أما "أنس" طفل "أمجد و رقية" لم يختلف كثيرا عن جنان رقية وخفة ظل أمجد كان نسخة مصغرة من الإثنين في حركاتهم وكلامهم فبرغم من أنه مازال طفل يعد عمره علي أصابع اليد ولكنه لم يرحم "رقية و أمجد" من تخريب كل شئ في المنزل..أما عن "حسن" هذا الطفل الذي يعتبر نسخة مصغرة م "عز" استطاع أن يجعل ألم "عز" لفقدانه والده أن يختفي تدريجيا فكانت ضحكة هذا الطفل الصغير وراثة من جده "حسن" ليضيف نكهة من السعادة علي حياة "عز وجهاد"..
أما عن "أدهم وحنين" استطاع أدهم قليلا أن يتحكم في غيرته و عصبيته خوفا من ان يجعل حنين تخاف منه مرة أخري وهما الآن في انتظار مولودهم الأول..
.....
و في احد الأيام..ارتفع صوت صراخها في أركان المستشفي لتضغط علي يد زوجها قائلة بألم:اااااااه معتش قادرة يا أدهم خلصني من الوجع دا
مسح أدهم قطرات العرق التي تنساب علي جبينها وقال بحزن:استحملي شوية يا حبيبتي هانت
أغمضت حنين عينيها بألم ليأتي ببالها صورة والدتها "فيروز" و الألم التي عانته في ولادتها هي وعز لتفتح عينيها بوجع وتطلق صرخة مكتومة قائلة بصوت خافت:يارب يارب أمنحني قوة ماما اللي استحملت الوجع دا
أما في اقصي الغرفة..مسح عز دموعه ورفع وجهه للسماء قائلا بصوت غير مسموع:يارب خفف عن حنين يارب يارب أحميها يارب
بعد ما يقارب النصف الساعة لم ينقطع فيها صراخ حنين..دخلت حنين إلي حجرة الولادة لتسود حالة من القلق والتوتر علي الجميع..وقف ادهم أمام باب الحجرة وهو يضغط علي يده وظل يناجي ربه أن يحمي زوجته وطفلها بكل الأدعية التي وردت علي باله في تلك الللحظة..
ساعات مرت ببطء شديد كأنها سنوات..لتمحي حالة القلق بمجرد سماع صوت بكاء صغير ينبع من حجرة الولادة ليقفز الجميع من مكانه فرحا وتخرج الدكتورة حاملة بشري وضع حنين لطفلة..هرول أدهم إلي مسجد المستشفي و توضأ سريعا وصلي ركعتين شكر لربه بأنه حمي زوجته وابنته..و دموعه تتساقط علي سجاد المسجد..
أنهي ادهم صلاته واتجه إلي الحضانه..حمل أدهم طفلته بين يديه بحذر و اقترب من أذنها ونطق الشهادتين و الأذان وبعض آيات من القرآن..و دموعه اللؤلؤية متحجرة في عيونه..داعب أدهم بيده المرتعشة وجه طفلته الصغيرة وقال بصوت خافت:تعرفي إني استنيت أشوفك بين ايديا كتير من النهاردة ومن أول لحظة ملكتي كياني عايز أوعدك إني هحاول علي أد ما اقدر أكون أب كويس و أبقي صاحبك برده أه أوعي تخبي حاجه عني..انا مطمن عليكي عشان قدرت اختار ليكي الأم الصح
ابتسم ادهم من بين دموعه قائلا:إي رأيك نروح نشوف ماما
بين دموع الفرحة و إحساس الألم..حملت حنين طفلتها بيد مرتعشة..ضمتها لصدرها ضمه حانية لتمحي آلامها تدريجيا لشعورها بنبضات قلب طفلتها الصغيرة..دمعة تلو الآخري سالت علي خدي حنين لسعادتها بحملها لطفلتها الأولي نبتة حبها هي و أدهم..نظرت إلي طفلتها الساكنة بحنان قائلة:نورتي دنيتي أنا وبابا يا..
نظرت حنين إلي أدهم بعيون دامعه ليبتسم أدهم ويحيط حنين من كتفها ويقول العاشقان بصوت واحد:يا فيروز
.........
مرت خمس سنوات..علي ولادة "فيروز" تلك الفتاة التي تجمع بين تفاصيل أدهم وحنين و جدتها "فيروز"..تلك الفتاة التي أصبحت كلماتها الشبه مفهومة ادمان لحنين و أدهم..تلك الفتاة التي جاءت تلك الدنيا نتيجة لقوة حب وترابط بين ابويها..تلك الفتاة التي حظيت بعشق خالها "عز" منذ الوهلة الأولي التي حملها فيها بين يديه..بين مزاحها مع والدها "أدهم"و هو مشغول بعمله..و مشاكستها لوالدتها "حنين" وهي تعد الطعام..و لعبها مع باقي أطفال الأسرة.. و هرولتها إلي أحضان خالها "عز" بمجرد رؤيته..و نطقها لإسم "رقية وجهاد و فرح" بطريقة طفولية مرحة جعلتهن يعشقن اسمائهن من شفاهها الصغيرة..و دلالها علي عمها "ماهر" كي يصحبها في نزهة مع منه..و مشاكستها ل "أمجد و شادي"..نشئت فيروز الصغيرة في جو أسري هادئ..ترتب الفتاة الصغيرة علي اسمي معاني الإحترام والأخلاق من والديها..
و في أحد الأيام..حملت دميتها الصغيرة واتجهت إلي والدها المنشغل بمتابعة بعض الأعمال علي حاسوبه المحمول وقالت:بابي ممكن أنزل ألعب مع منه في الجنينه؟؟؟
رفع أدهم عينيه عن هاتفه الحاسوب قائلا:مم ماشي يا حبيبي بس متتأخريش
صرخت فيروز بمرح قائلة:هييييييه يعيش بابا يعيش هييييييه
هرولت فيروز إلي باب المنزل بطفولة وهي تتمايل بمرح و قبل أن تغلق باب المنزل قالت بمرح:بابي فيروز بتحبك أوي
ابتسم أدهم لطفلته و مسح علي شعره بببطء ونظر حوله متعجبا قائلا بهمس:أومال حنين فين!!!
قام أدهم من موضعه و اتجه إلي حجرته ليجد حنين منكمشه في فراشها..اقترب أدهم منها بقلق قائلا:حبيبي مالك؟؟
فتحت حنين عينيها بألم قائلة:مفيش يا أدهم تعبانه شوية
داعب ادهم بطنها التي بدأت في الإنتفاخ قائلا:إي الباشا تاعبك
حنين بابتسامة باهتة:الباشا إي بقي مهم اتنين قول الباشوات
تحسس أدهم حرارتها قائلا:حرارتك عالية شوية
حنين بنظرة حزن:حرارتي بس
أدهم بعدم فهم:هو أنتي تعبانه!! اتصل بالدكتورة
التفت حنين بنظرها لصورة تجمعها مع أدهم ليلة زفافهم قائلة بحزن:شوفت كنت حلوة إزاي؟؟ حاسه إني اتبدلت يا أدهم..بقيت كل ما ابص لنفسي في المراية أعيط
وضعت حنين يدها علي وجهها ليرتفع صوت أنين بكائها تدريجيا..اقترب أدهم من حنين وأبعد يدها عن وجهها قائلا:علي فكرة بقي أنتي لسه حلوة زي ما أنتي بل جمالك زاد بالكعبرة اللي في بطنك اللي فيها ولادنا دول
حنين بدموع:أنت بتقول كدا عشان تهون عليا مش أكتر
أدهم بابتسامة:طب ممكن تخليني أثبتلك إنك لسه زي ما انتي بل بقيتي أجمل
نظرت له حنين بألم قائلة:مفيش داعلي يا أد...
قطع أدهم كلام حنين لحمله إيها بين ذراعيه قائلا:قولتلك هثبتلك
حنين بضيق:يا ادهم بلاش جنان بقي
لم يهتم أدهم بكلام حنين و إنما دخل بها إلي الحمام المحلق بحجرتهم وأجلسها علي كرسي خشبي بالحمام..و اتجه إلي "البانيو" وملائه بالمياه الساخنة و ألقي به بعض من الزهور الوردية لتضيف رائحة ساحرة علي المياه..
أوقف أدهم "حنين" بحذر وساعدها في خلع ملابسها وأجلسها في البانيو قائلا:استمتعي بالمياه بقي وأنا جايلك تاني
أغمضت حنين عينيها بألم و تحسست بطنها المنتفخة بيد مرتعشه..بينما وقف أدهم أمام خزينة الملابس الخاصة بحنين و أخرج منها "بيجامة حريرية باللون الوردي" و اتجه إلي المطبخ و أعد كوب من عصير "الفراولة" و عاد إلي حنين ليجدها مازالت مغمضة عينيها وشارده..اقترب ادهم من حنين وأمسك يدها بحنان قائلا:حبيبي
فتحت حنين عينيها ببطء لتخرج دموعها اللؤلؤية المتجمعه في عيونها..مسح أدهم دموع حنين بأنامله قائلا:مبحبش أشوف دموع عيونك عشان بتخفي لون عيونك الأزرق اللي بعشقه
ابتسمت حنين ابتسامة ضعيفه لأدهم..ليمسك أدهم بذراعها ويساعدها علي الخروج من "البانيو" ويحيط جسدها بمنشفة و يصطحبها غلي حجرتهم..ساعد أدهم "حنين" في تبديل ملابسها وهو يعلمها بكل لطف وحنان كأنها جوهره بيده يخشي عليها من الخدش أما حنين ظلت مستكينه بين يد "أدهم" تشعر وكأنها ابنته وهو أبيها الذي يدللها..نظرت حنين إلي أدهم نظرة طويلة ليجول بخاطرها كل ذكري جمعتهم سويا.."أول لقاء بينهم...كلماته لها عندما زارها في المشفي..غموضه..آلامه ليلة إعلان الحقيقة..أول كلمة "بحبك" من شفتيه..مرضه..ليلة كتب كتابهم..أول ضمه لهم..قبلتهم الأولي..تحضيرات زفافهم..أول لمسة منه..غيرته..عصبيته..حنانه..لحظة أن علم بخبر حملها..صوت ضحكاته الذي أصبح بمثابة جرعة حياة لكيانها"..
فاقت حنين من شرودها علي صوته الرجولي يقول:ها بصي بقي في المراية قمر أهو
تنهدت حنين بقوة وفتحت عينيها تدريجيا ونظرت لنفسها في المرآه التي يحملها أدهم..اتسعت عينيها بابتسامة دهشة..مازالت محتفظة بنضارة بشرتها..مازال جسدها متناسق عدا بطنها المنتفخة بالتؤامين..مازال شعرها اسود حريري يتراقص من الرياح..التفت بنظرها لأدهم لتجده مازال ينظر لها بعشق تلك النظرة التي تعودت عليها منه لم تتغير نظرته لها وإنما زادت جمالا و حبا..ابتسمت حنين بامتنان و دفنت رأسها في صدر أدهم قائلة:أنا بحبك أوي يا أدهم
ابتسم أدهم براحة وتحسس شعر حنين الحريري قائلا:و أنا بحبك أوي يا حقي
رفعت حنين عينيها إلي وجه أدهم وقالت بنصف ابتسامة:حقك!!
أدهم:أيوة حقي أنا..حضنك دا حقي أنا ..ضحكتك دي حقي أنا مش أول يوم حسيت بدقة في قلبي ليكي وكل يوم حبك بيقوي وكياني بيقوي بيه
أكمل أدهم بنبرة غيرة:لما اتخطبتي للي اسمه محمد دا وجه يقرأ الفاتحة حسيت إني عايز اقوم اخنقه واقوله فوق دي ليا أنا أنا وبس اللس استحقها وبعدها لما احمد دا كمان كان عايز يخطبك كان لسه ثواني وأجري عليه و أشيل عيونه بإيدي عشان بصيت عليكي وفكرت فيكي..تعبتي قلبي ما بقيتي حلالي وام ولادي و عشان كدا مبعرفش أتحكم في غيرتي قصاد حد بصلك و لو بالغلط
نظر أدهم إلي حنين قائلا بنبرة هادئة:فهمتي بقي إنك "أنتي حقي أنا"
ابتسمت حنين ابتسامة أنثوية قائلة:بعشقك يا أدهم
تنهد أدهم بقوة و نظر حوله قائلا بهمس:مش فيروز تحت؟؟؟
ابتسمت حنين ابتسامة خافته وقالت:بقولك إي ما تجيب العصير دا ولا أنت عامله نتفرج عليه
أدهم بغمزة:جاوبيني بس مش فيروز تحت؟؟
حنين بنبرة أنثوية:أيوة
أدهم بتنهيده:طب هنفضل نرغي كتير كدا
حنين بنبرة طفولية مرحة:هو أنا قولت حاجه مش أنت اللي بتتكلم
ارتفعت ضحكات أدهم بقوة قائلا:طب استني عايزك في حوار كدا عالسريع
اختفت لغة الكلام وإنهال أدهم علي شفاه حنين يزيدها عشقا..اتحد جسد العاشقان و سافروا إلي عالمهم الخاص..عالم تعلوه لغة الحب لغة الروح المتحده في لمسة بالحلال..ليعيش العاشقان ليلة من ليالي العمر
....انتهت..

🎉 لقد انتهيت من قراءة انت حقي أنا- الكاتبه نورهان حسنى 🎉
انت حقي أنا- الكاتبه نورهان حسنىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن