57

14.2K 358 2
                                    


في المساء..بعد أن بارك الشباب لجهاد هبطوا إلي الحديقة مع عز بينما ظلت الفتيات مع جهاد..
بينما حنين منشغله في هدهدة "منه" الساكنة بين ذراعيها إذ ارتفع صوت جرس الباب لترفع رقية الحجاب علي رأسها و تقوم من موضعها وهي تحمل أنس و تتجه لفتح الباب..لتجد أدهم و عز..
رفع عز صوته بالسلام كي ينبه الفتيات بأن تضع كل فتاة حجابها بينما حمل أدهم "أنس" قائلا:أنوس وحشتني يا واد أنت والله
رقية بزعل طفولي:طب و بالنسبة لأمه
ابتسم أدهم و قًبل رأس اخته قائلا:أمه دي الحب الأول بس أنوس حاجه تانية برده
رقية بضحكة خافته:بقي دي أخرتها طيب شكرا
سار أدهم بجانب رقية بينما عز يتقدمهم و دخلوا إلي حجرة الإستقبال التي تتجمع فيها الفتيات..
أدارت حنين وجهها عن أدهم وأكملت هدهدتها لمنه بينما انحني أدهم علي ادهم الصغير المنشغل باللعب و قًبل رأسه و ألقي سلاما سريعا علي الجميع و هنئ جهاد علي خبر حملها...
انحني عز علي أذن حنين قائلا:عايزك بره يا حنون
حنين بهمس:بنيم منه يا زيزو
عز بهمس:شكلها نامت وديها في أوضتك و تعالي بره في الصالة عايزك
قامت حنين من موضعها بحذر وقالت بصوت خافت:فروح "منه" نامت هوديها في أوضتي عشان متصحاش من الدوشة
فرح:تمام يا حنون تسلميلي
اتجهت حنين إلي حجرتها و وضعت "منه" علي الفراش و وضعت حولها وسادات كي تتاكد من سلامتها...
خرجت حنين إلي الصالة لتجد "أدهم" يقف أمام الشرفة المطلة علي الحديقة و ظهره لها..
زفرت حنين بقوة و سارت باتجاه المطبخ لتسمع صوت أدهم يقول:حنين
وقفت حنين مكانها و لم تلتفت له و لكن قالت:عن أذنك عز عايزني
تقدم أدهم اتجاهها و وقف علي مسافة منها قائلا:طب أستني برده
عقدت حنين يدها أمام صدرها وقالت:ليه خير ؟؟ مينفعش أروح لأخويا كمان !!
ضغط أدهم علي يده وقال:حنين بلاش الأسلوب دا
حنين بضيق:أي أسلوب يا أدهم!! أسلوب الغيره الزيادة كل شوية حتي و إحنا بنجهز للفرح !! و لا أسلوب العصبية في كل حاجه!! و لا إي بالضبط!! حيرتني معاك يا أدهم
أدهم:حنين انا عارف إني زودتها النهاردة بس أنتي عارفه غيرتي يا حنين و عارفه غني مبستحملش حد يبصلك حتي لو بالغلط حاولت كتير أتحكم في غيرتي وعصبيتي دي بس مقدرتش
تنهد ادهم بقوة ثم اكمل كلامه قائلا:حنين أنتي الوحيدة اللي قدرتي تخليني أثق فيها و احبها أنا اللي شوفته من غادة و سمعته خلاني أتاكد إن كل بنات حواء بيخونوا ماعدا رقية وفرح و جهاد و نغم عشان عرفتهم كويس لكن أنتي خلتيني أثق تاني في بنت غيرهم خلتيني أثق في حبك وإنك مستحيل تعملي فيا زي ما غادة عملت
زفرت حنين بقوة و أدارت رأسها يمينا و يسارا ثم أعادت النظر إلي أدهم قائلة:مش أنت دايما تقولي حاولي مرة واتنين و عشرة وميه كمان لما تبقي عايزه حاجه و متقدريش تحقيقها..أنا بقي بطلب منك تحاول تاني يا أدهم إنك تقلل من غيرتك دي عشان الغيرة ممكن تطور لشك و لو وصلنا لمرحلة الشك كل حاجه حلوة في حياتنا هتروح بلمح البصر
زفر أدهم بقوة وقال:حاضر يا حنين بس ممكن تستحملي غيرتي دي بقي
حنين بمرح:أمري لله هستحمل
رفع ادهم حاجبه الأيسر قائلا:لا والله !! علي اساس تقدري تقولي غير كدا
حنين بعند:أيوه هقدر
خرج عز من المطبخ و هو يحمل كوب العصير قائلا:بس كفاية كفاية انتوا هتتاخنقوا تاني
أدهم:لا خلاص مفيش خناق بعد كدا بإذن الله
حنين بتنهيده:بإذن الله
عز:يا سلام علي العقل ما شاء الله المهم متتأخروش يا أدهم
أدهم:بإذن الله
حنين بتعجب:هو في إي؟؟
أدهم:هنروح نختار العفش يا حبيبي
حنين بنصف عين:بتتكلم جد يا أدهم
هز ادهم رأسه بمعني "نعم" بينما قال عز بضحك:بس خودي بالك مش هتلاقي أي عامل هناك مفيش غير الحج وائل صاحب المكان
حنين بتعجب اكثر:ليه !!
أدهم:مش أنتي عايزه تيجي تختاري يبقي مفيش مشكلة بس و العمال مش موجدين
رفعت حنين كتفها بحركة طفولية وقالت:هعمل فيك إي؟؟ مفيش فايدة منك
اصطحب أدهم "حنين" إلي معرض الأثاث و أيقن أدهم فائدة إصرار حنين لاختيار اثاث منزلهم بنفسهم لروعة السعادة التي غمرت كيان العاشقان وهما يختاران كل قطعة بمنزلهم ويتناقشون في خفوت علي مكان وضع هذا و لون هذا..
بعد أن أنهي أدهم وحنين اختيار أثاث منزلهم..ذهبوا إلي أحد المطاعم المطلة علي شاطئ البحر الأبيض المتوسط ليمضوا وقت هادئ وهما يتحدثان عن حياتهم المستقبلية..
......
بدأت الترتيبات لزفاف "أدهم و حنين" المنتظر تزداد بمرور الأيام..من وصول أثاث المنزل وتجهيز قاعة الزفاف المنفصلة و اختيار فستان الزفاف واختيار ديكورات المنزل و اختيار بذلة العريس..فجأة..وجدت حنين نفسها في دوامه من التجهيزات لا تعلم نهايتها و لكن رغم آلامها الجسماني من الذهاب هنا وهنا و الحيرة بين اختيار هذا و ذاك؟؟ كانت لمسة يد أدهم تداوي كل آلامها بل و تحولها إلي سعادة بوجوده بجانبها في كل تفصيله..
بداخله غصة حزن تعكر عليه صفو فرحته بطفلته المدللة أو ابنته الأولي التي ستزف إلي عرسيها بعد أيام..لم يصدق أن بعد سنين عاشتها تحت رعايته و أمام عينيه أنه سيسلمها بيده إلي زوجها..احساس بالمسئولية القصوي تملك كيانه وهو يساعدها تجهيزات الزفاف..شعور بالأبوة تملكه وهو يراها تناقشه في اختيار هذا أم ذاك؟؟
كان هذا هو حال عز الذي لم تكف دموعه عن التجمع في عيونه وهو يري موعد زفاف أخته يقترب..فبرغم فرحته برؤيته لسعادة أخته إلا أن شعوره بأنه سيفقد جزء من كيانه يسيطر عليه..
أما هذا الغامض "أدهم" الذي ظل ليالي يخفي آلامه..مكث ليالي بمفرده ينازع وجعه بمفرده لم يتصور أن يكافئه الله علي تحمله سنين بنعمة مثل "حنين" في كل سجدة له بين يد ربه كان يشكره علي نعمته و يطلب منه أن يمده بالطاقة لإسعادها و رسم البسمة علي شفتيها..رغم انشغالاته التي تزداد مع كل لحظة من اقتراب موعد الزفاف إلا أنه لم يستطع أن يتأخر علي موعد مع حنين سيذهبون فيه لاختيار شئ في منزلهم..
.......
بقيت ساعات قليلة علي إتمام الزفاف و في يوم "الحنه" تجمعت الفتيات في الطابق العلوي للقصر كعادتهم و أدهم و الشباب في الطابق السفلي..و بين اصوات الغناء و الضحك و الرقص و المزاح و التراشق بالوسادات و رسم الحنة للعروس و خفة ظل شادي مع أدهم..بين كل هذا تسللت حنين من بين الفتيات بحذر خوفا من ان يكتشفها أحد و سارت إلي الجهة الخلفية للقصر لتفاجئ بيد تخفي عينيها..شهقت حنين بخوف ولكن سرعان انخفض صوتها لإستنشاقها رائحة العطر التي تكسي اليد..
حنين بهمس:حرام عليك خضتني يا أدهم
أدهم بهمس:مش أنا قايلك إني هستناكي هنا
حنين بهمس:المهم في إي؟؟ مش عايزة حد يحس بغيابي
أدهم بنصف عين:في إي يا حنين!! دا أنا جوزك يا بابا
حنين بدلع وهي تسير للخلف:لا لسه لو سمحت الفرح لسه متعملش
اقترب أدهم منها بخفة قائلا:طب ما تيجي نعمل بروفه للفرح
ابتسمت حنين بخجل وتصنعت الجدية قائلة:أدهم !! في إي بقي
كتم أدهم ضحكاته علي منظرها الطفولي وقال:مفيش يا ستي كنت وحشاني وعايز أشوفك
اخفضت حنين رأسها بخجل قائلة بصوت منخفض:و أنت كمان وحشتني بصراحة
اقترب أدهم من حنين و رفع رأسها بأنامله قائلا بصوت هادئ:بصراحة بصراحة
ابتسمت حنين ابتسامة سحرت كيان أدهم وقالت بنبرة أنوثية:أيوة بصراحة بصراحة
ابتسم أدهم بهدوء و اقترب من شفاه حنين و قبل أن يلامسها بشفاهه تحررت حنين منه و هرولت إلي داخل القصر قائلة:أنا اتأخرت علي البنات
زفر ادهم بقوة و ابتسم لها مودعا و هو يمسح بيده علي رأسه..
..............
مرت ساعات "الحنه" سريعا في جو من البهجة و المرح..ليسدل الليل أستاره و يعلن حلول الظلام..بينما وقف "أدهم" في شرفته..تخترق نسمات الهواء الدافئة صدره العاري..تنهد ادهم بقوة و نظر إلي السمماء لتعلو ابتسامة تدريجية علي وجهه وهي يتأمل البدر الذي زين السماء وما حوله من نجوم..تنهد أدهم بقوة وتحسس دبلة حنين التي بيده و اعاد النظر إلي السماء و حادث نفسه قائلا "هي زي القمر في تمامه "البدر" و أي بنت تانيه حواليها زي النجوم ليها منظر جميل بس مش زي سحر البدر"
بينما في حجرة عز و جهاد..وضع عز كوب المياه بجانبه قائلا:كدا الدوا خلص
جهاد بملل:مش عارفه إي كمية الدوا دي أنا زهقت
داعب عز بطنها قائلا بمرح:كله بقي عشان الباشا اللي جوه دا
ابتسمت جهاد بهدوء وتحسست شعر عز قائلة:أنا بحبك أوي يا عز
طبع عز قٌبلة علي جبينها وقال:و أنا بحبك يا قلب عز
جهاد:بقولك إي ؟؟ إي رأيك النهاردة تنام مع حنين!!
عز بنصف عين:أنا حاسس إني بطرد من أوضتي
كتمت جهاد ضحكتها وقالت:لا و الله يا حبيبي بس يعني أنتوا بقالكوا فترة مشغولين في ترتيبات الفرح وكدا وكمان أنت عارف حنين داخله علي حياة جديدة ومحتاجه إنك تكون جمبها تفهمها
تنهد عز بقوة وقال في نفسه "الحمدلله جيت منها مكنتش عارف أقول ليها إزاي بس إي العقل دا !! فين مراتي!"
تكلم عز بصدمة قائلا:أنتي جهاد!! لا لو سمحتي أنا عايز مراتي
رفعت جهاد حاجبها الأيسر قائلة:و الله!! طيب يا عز ماشي أنا ...
قاطعها عز قائلا:خلاص والله متزعليش بهزر و بعدين
أكمل عز كلامه وهو يضمها لأحضانه قائلا:أتأكد بس إنك نمتي في حضني
ابتسمت جهاد برضي و أغلقت عينيها بهدوء..مسح عز علي شعرها بحنان و تنهد قائلا لنفسه "الحمدلله إن ربنا رزقني بزوجة زيك"
بعد ما يقارب ربع ساعة..نظر عز إلي جهاد بحذر و وضع رأسها علي الوسادة و قًبل رأسها..
بينما في حجرة حنين.أنهت حنين حمامها الدافئ و بدلت ملابسها و وقفت أمام صورة تجمع لوالديها و قالت لنفسها "بابا..ماما..وحشتوني اوي محتاجكوا معايا أوي اليوم دا..خلاص هبقي عروسة بس عروسة يتيمة مش هلاقي ماما اللي تلبسني الطرحة و لا بابا اللي يمسك بإيدي يسلمني لأدهم بس أكيد عز هيعوضني عن كل دا دا هو الوحيدة اللي بيقويني و خلاني أعافر في الدنيا"
ابتسمت حنين واحتضنت قلادة والدها وأكملت كلامها لنفسها قائلة "أدهم برده حاجه تانية حبي ليه غير حبي لعز.عز اللي فهمني يعني إي حب؟؟و مين اللي يستحق مشاعري..عز هو عيلتي الأولي و سندي بس حب أدهم حاجه تانية لما بينطق اسمي بحس إني ملكة لما بيضحك بحس إني بملك الدنيا و لمسة إيده حنينة أوي"
زفرت حنين بقوة و قالت بصوت هامس:كان نفسي تكوني معايا يا ماما وأحكيلك علي حاجات كتير و ألاقي حضنك يا بابا ربنا يرحمكوا و يجمعكوا سوا في الجنة
فاقت حنين من شرودها علي صوت طرقات خفيفة علي باب الغرفة..اتجهت حنين لفتح باب الغرفة لتجد عز قائلا:ها!! عروستنا الجميلة فاضيه شوية ؟؟
حنين:و لو مش فاضيه أفضي ليك يا زيزو
دخل عز إلي الحجرة و من خلفه جهاد و جلسوا علي أريكة بالحجرة..
زفر عز بقوة وقال:منمتيش ليه؟؟ عشان تبقي فايقه بكرة
حنين بتنهيده:مفيش كنت بكلم بابا وماما شوية
نظر عز إلي صورة والديه وقال بهمس:ربنا يرحمه
أعاد عز نظره لأخته وقال:كبرتي يا حنين خلاص و كلها ساعات وهسلمك لأدهم وياخدك مني
ابتسمت حنين ابتسامة حزينة وقالت:محدش ياخدني منك يا عز دا أنت عيلتي يا زيزو
اسندت حنين رأسها علي كتف عز وأكملت كلامها قائلة:دا أنت اللي عرفتني إزاي أعيش رغم كل اللي حصل
عز بتنهيده:عشان كدا أنا واثق إني بنوتي هتبقي نعم الزوجة والأم و هتقدر تحافظ علي بيتها و جوزها
حنين:تفتكر!!
تنهد عز بقوة و بات يوجه النصائح لأخته الصغري عن كيفية الحياة المقبلة عليها..بات التؤامان وقتهم بين نصائح عز لحنين و مرح التؤامان و تذكرهم لمواقف طفولتهم..إلي أن غفت حنين علي كتف أخيها..حمل عز أخته بخفة ومددها علي فراشها وجلس بجوارها يتلو بعض آيات القرآن إلي أن غفي هو الآخر علي رأس أخته..

انت حقي أنا- الكاتبه نورهان حسنىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن