48

12.8K 365 1
                                    


مرت الأيام و أثبت أدهم أنه ممثل بارع في إخفاء آلامه..لقد أتقن الدور في جعل الجميع يظنون أنه بخير..أخفي آلامه بين ظلمات الليل..أخفي أوجاعه في مرسمه..أخفي حياته في ابتسامة كاذبة مرسومة علي شفتيه..
و في أحد الأيام بينما هو منشغل بمحادثة صديقه "شادي"علي هاتفه ليهنئه علي حمل زوجته "نغم"..سمع صوت طرقات علي باب حجرته..سمح أدهم للطارق بالدخول ليدخل ماهر قائلا:دومه
رفع أدهم حاجبه بسخرية:دومه!! إي يا بني عايز إي
ماهر:يا فاهمني أنت
أغلق أدهم هاتفه وقال:ها يا عم المستغل أرغي
ماهر:بص هما حاجتين أولا عايزك أنت تقابل الوفد اللي من شركة مرسيليا وتفهمهم إننا مش هنتعامل معاهم لأن التعامل معاهم في القرية اللي فاتت وحش جدا
أدهم:تمام
ماهر بضيق:أما بقي الموضوع الثاني بخصوص ما..أقصد مدام غادة
ظهرت ملامح الضيق علي وجه أدهم وأعاد فتح هاتفه قائلا:خير!!
ماهر:أنت عرفت هي إتحكم عليها بإي !!
أدهم:اها شوفته في الأخبار إعدام باين هي و إسماعيل وشاكر
ماهر:طب عرفت إنها طلبت تشوف رقية وهي رفضت؟؟؟
أدهم بلامبالاة:تبقي غبيه لو كانت مفكرة إن رقية هتوافق
ماهر بقلق:بص يا أدهم أنا بقولك كدا عشان أنت شكلك مش عاجبني فيك حاجه متغيرة...مش قادره أوصل هي إي بس أنا برده حاسس إن فيك حاجه
أدهم بنصف ابتسامة:تعرف تدعيلي
ماهر بحزن:تعرف تحكيلي
أدهم بتنهيده:و بعد ما أحكي!!هشوف نظرة حزن في عيونك وأنا موجود عشان أمحيها مش أظهرها
ماهر:بس أنا مينفعش أسيبك كدا وأقف متكتف
أدهم:أدعيلي و خلاص أنا مش محتاج غير كدا
......
في مكتب عامر..
جلس عز قائلا:خير يا عمو !!
عامر:خير بإذن الله يا بني..أنت طبعا عارف دكتور محمد صاحب مستشفي الأمل
عز بتذكر:آه تقريبا شوفته مرتين أو تلاتة باين
عامر:هو كلمني الصبح وطلب مني لو أنت موافق وحنين يجي عشان يتقدملها
عز بتعجب:يتقدم لمين !!
عامر:لحنين
عز في نفسه "حنين ويتقدملها !! البت كبرت"
عامر:ها يا بني رأيك إي!!
عز:أنا هسأل حنين يا عمو وأرد عليك
عامر:تمام طمنها بس إن لو في موافقة علي المبدأ ممكن يقعدوا سوا في مرة
عز بتنهيده:حاضر يا عمو
.....
في المساء..في غرفة حنين..
حنين بصدمة:نعم!!
عز:بقولك في واحد متقدملك دكتور محمد اللي كان موجود في كتب كتاب ماهر وأمجد وكان في الفرح وجه مرة المجموعة أو مرتين
حنين بشرود:ها!!
عز:حنين لو مش موافقه عادي يا حبيبتي
حنين بتنهيده:لا موافقة علي المبدأ بس
عز:طيب أنا هبلغ عمو ونحدد ميعاد تتقابلوا فيه
حنين:ممكن ميبقاش هنا
عز بتعجب:ليه!!
حنين:عادي ممكن ميحصلش قبول والموضوع يتعرف في البيت وكدا
عز:خلاص زي ما تحبي
وضعت حنين رأسها علي الوسادة وأغمضت عينيها بألم وقالت محادثة قلادة والدها التي تحتضنها "بابا !! هو أنا كدا غلطت ولا صححت الغلط ؟؟"
....
بعد مرور يومين..سمعت صوت أحد السجانات يخبرها بوجود زيارة لها..قامت معاها بتعجب ممن يرغب في زيارتها!! إلي أن وصلوا لمكتب مأمور السجن..اتسعت عينيها دهشة ممن يجلس علي الكرسي المقابل للمأمور..
المأمور:طيب يا ادهم بيه أسيبك براحتك بقي
أدهم:شكرا يا باشا
خرج المأمور ومعه السجانة وظلت غادة واقفة صامتة أمام أدهم..نظر لها أدهم بإشمئزاز وهي بملابس السجن الحمراء..تكلم بصوت رجولي يغلب عليه الغضب قائلا:حلمك إنك تشوفي أختي مستحيل إنه يتحقق..خلصي أيامك في الدنيا دي في سكات من غير ما تفكري تلمحي طيفها ولا طيف حد فينا
غادة بغضب:ليك تتكلم بعد اللي عملته فيا !!مش أنت وأخوك اللي حطتوني في عربية السجن بإيدك!!
أدهم بغضب عارم أرعب غادة:مش أنتي اللي قتلتي أبويا
أكمل أدهم بنبرة تحذيرية:بصي أنسي إنك تشوفي رقية عشان دمعة كدابة وكلام متخلف منك وغباء..أختي وعايشة حياتها مع جوزها فرحانة وسيرتك دي بتعكر حياتها..أنتي بالنسبالي ميته من زمان وبالنسبة لأخواتي إحنا ملناش أم أصلا
أكمل أدهم بنبرة غضب:و ممكن زي ما سلمتك لحد عربية الشرطة أسلمك لحبل المشنقة وصدقيني مش هبقي لوحدي
حمل أدهم هاتفه بسرعة و ألقي عليها نظرة غضب وخرج من المكتب بعد أن طرق الباب بقوة
......
بعد نصف ساعة...في منزل شادي..
شادي بضيق:خلاص بقي يا ادهم أهدي بقي يا بني كفاية اللي انت فيه
أدهم بغضب:بكرها يا شادي بكرها
شادي:خلاص يا ادهم هي نصيبها وهتاخده كفاية بقي ضغط علي نفسك
زفر أدهم بضيق والتفت حوله ورفع حاجبه قائلا:صحيح!! أنت قولتلي إن نغم مش هنا..لأيه أنت زعلتها؟؟
شادي:لا يا عم أنا أقدر برده دي أم العيال هي بس مع أمها عند الدكتور
أدهم:مروحتش معاها ليه يا غبي!!
شادي بضحك:آخر مرة روحت معاها الممرضة اتكلمت معايا بدلع وحلفت مروحش معاها تاني
رفع أدهم حاجبه بتعجب وانفجر ضاحكا:لا والله!! ياريتني كنت أنا
استمر مزاح الصديقان بقوة إلي أن صمت أدهم فجأة..شعر بألم يغزو كيانه بقوة..شعر ببروده تسري في أوصاله..سمع أصوات كثيرة حوله..وضع يده علي صدره كأنه يستنجده أن يبنبض..نبضات قليلة جدا من قلبه ولكنه يشعر أن قلبه يستسلم سريعا إلي مصير مجهول...
شادي بقلق:في إي يا ادهم أنت تعبان!!!
أدهم بخوف:قلبي وجعني بطرقة غريبة اوي
شادي بخوف:أكلم الدكتور!!
أدهم بألم من وجع قلبه:لا يا شادي دا وجع مفيش دكتور يقدر يداويه دا وجع ملوش علاج..كأن قلبك بيقولك حقك في إنك تنبض خلص
شادي:إي يا بني كل دا أنت قلقتني؟؟؟
وضع أدهم يده علي صدره وقال بخوف:الروح اللي بتنبض قلبي بتتسحب مني يا شادي
....
في هذه الأثناء كانت تجلس علي أحد الكراسي أمامها طاولة متوسطة الحجم يزينها مفرش صغير يتميز باللون الأبيض والأحمر الذي يزينه..ثلاثة أكواب عصير تزين الطاولة الصغيرة..شاب في نهاية عقده الثاني يتميز بطلة هادئة..عيون عسلية..ذقن خفيفة..بشرة قمحية..جسم رياضي متناسق..يطلق عليه "دكتور محمد"
أراد عز أن يفسح المجال لهم فأمسك هاتفه قائلا:طيب ثواني هروح أعمل تليفون
محمد بابتسامة:اتفضل
التفت محمد إلي حنين وتأمل حمرة وجهها و رعشة يدها وقال:ها يا حنين هتفضلي ساكتة كدا
حنين بتوتر:ها !! لا عادي
بات الكلام يأخذ ملامح الجدية في الحديث بين حنين ومحمد..شعر محمد براحة غريبة في كلامه مع حنين وأيقن أنه كان محقا عندما طلبها لتشاركه حياته..أما حنين فبالرغم من أن محمد كان يتكلم معاها بكل هدوء واحترام ولم يتعدي حدوده..و لكنها كانت تشعر بألم يسيطر علي قلبها..ألم قارب علي أن يوقف قلبها الصغير..
استمر الحديث بين محمد وحنين مدة متوسطة إلي أن آتي عز وأكملوا كلامهم في إطار عام..
......
بعد مرور أسبوع علي هذا اللقاء..رفعت جسدها من علي السجادة لتظهر دموعها التي تخفي ملامح وجهها البرئ..ضمت قدمها إلي صدرها ليبدأ الصراع بين عقلها و قلبها..
قلبها:عايز مني إي؟؟
عقلها:عايزك تفهم الحقيقة وتعيش الواقع
قلبها:عايز تحكم عليا بالإعدام وأنا لسه بنبض
عقلها:عشان تفوق من الوهم اللي أنت فيه
قلبها:وهم !! بس موافقه أعيش فيه سيبني أعيش في الوهم بدل فيه الروح اللي بتخليني أنبض
عقلها:و بعد ما تعيش في الوهم!!في يوم الحقيقة هتحطم كل حاجه فيك
قلبها:و هو أنت باللي بتعمله دا مش هتحطم !!
عقلها:تتحكم الوقتي أحسن ما أسيبك تموتني معاك
قلبها:بس ..
عقلها:خلاص الحكم صدر
قلبها:حكم ظالم هيقتل الحاجة الوحيدة اللي اخترتها
عقلها:عمرها ما تبقي من حقك
فاقت حنين من صراع قلبها وعقلها علي صوت عز بيقعد قصدها وبيقول بتعجب:إي الدموع دي!!
حنين بابتسامة مكسورة:مفيش يا حبيبي افتكرت بابا بس
عز:ربنا يرحمه
أكمل عز باستفهام:وصلتي لقرار؟؟ محمد كل يوم بيكلمني
حنين بتنهيده و تردد:أنا..
شعرت حنين بإن قلبها بيصرخ زي الغريق بيصرخ فيها "لا أوعي تقوليها أوعي تمنعيني من الحياة"
أغلقت حنين عيونها بألم وقالت:أنا موافقة يا عز
عز بدهشة:دا منظر واحدة موافقة تتجوز واحد إلا بالغصب
حنين بألم مخفي:لا غصب ولا حاجه يا حبيبي أنا بس عشان افتكرت بابا تعبانة شوية
عز بقلق:حنين أنتي مقتنعه ولا مخبيه عني حاجه!!
حنين بابتسامة كاذبة:لا يا عز هخبي عنك إي !!
عز بعدم تصديق:معرفش بس في حاجه
قطع كلامهم صوت هاتف عز.ليخرج عز هاتفه ويقول:جه علي السيرة
عز:السلام عليكم
محمد:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..أخبارك إي يا عز
عز:بخير الحمدلله أخبارك أنت!!
محمد:تمام الحمدلله المهم آنسة حنين رددت عليك ولا لسه
نظر عز إلي أخته وهو يشعر أنها تخفي عنه أمر عظيم ولكن عيونها تقول له "موافقة خلصني من صراعي هذا لم يعد لقلبي الحق"
عز:موافقة يا محمد مبروك
محمد بسعادة:بجد!! الله أكبر أخيرا!! أقصد الله يبارك فيك
عز بابتسامة:ماشي يا عم
محمد:بكرة بإذن الله هجيب والدي وأختي وأخويا عشان نقرأ الفاتحة
عز بتعجب:بكرة!! طيب هبلغ عمي
محمد بفرحة:تمام

انت حقي أنا- الكاتبه نورهان حسنىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن