23

15K 432 4
                                    

بعد صلاة العشاء..أنهي حسن صلاته و جلس يستريح من تعب اليوم الذي قضاه مع اطفاله ليسمع صوت رنين هاتفه يبلغه بأن حريق هائل نشب في أحد المخازن..أرتدي حسن ملابسه سريعا و أنطلق إلي المخزن بعد أن أخبر فيروز وسط قلق منه و خوف اشتعل في قلب فيروز مرة أخري...
مع حلول منتصف الليل...أمام المخزن المحروق..قال حسن بتعب:المهم إن العمال كلهم بخير
عامر:ربنا يسهل في التحقيقات بقي
نبيل:بس أنا حاسس إنها لعبة عشان صفقة بكرة
حسن:بكرة الأيام هتبين الحقيقة المهم أنا هروح لأني جيبت أخري
نبيل و عامر:و إحنا كمان
في سيارة حسن.. حسن بإرهاق:علي البيت بسرعة يا عم سيد
سيد بعدم تركيز:حاضر يا بيه
أمسك حسن هاتفه و اتصل بفيروز يخبرها أنه بالطريق و طلب منها أن يسمع صوت أطفاله ليزداد خوف فيروز و تجلس علي سلم الفيلا في انتظاره ..
بعد دقائق..حسن بقلق:في إي يا سيد أنت تعبان و لا إي
سيد بتشتت:أصل يا بيه أنا.......
لم يكمل سيد جملته فقد تفاجأ بسيارة نقل كبيرة تعبر من أمامه..حاول أن يبتعد عن طريقها و لكنها تتبعه بسرعة رهيبة..عينيه لا تري الصورة واضحة و أذنه لا تسمع إلا صوت حسن ينبه أن ينتبه...فجأة ساد الصمت و ظلت السيارة تتدحرج علي الطريق إلي أن استقرت في مكانها و النيران بدأت في الإشتعال..
.................................................................
بعد ساعة..الجميع يقف أمام غرفة العمليات في قلق..حنان ممسكه بمصحفها و عامر و نبيل في حالة من الصدمة و ناصر يحاول أن يهدأ من بكاء سميرة أما فيروز فجلست علي الأرض بجانب غرفة العمليات محتضنه دبلة حسن بخوف تدعو ربها ألا يأخذه منها بعد أن شعرت بالأمان معه.بكي قلبها قبل عيونها و لا أحد يستطيع أن يخفف عنها لا تردد سوي "حسن هيخرج الوقتي عشان نروح سوا لحنين و عز"
أما غادة فجلست في فراشها تضحك بقوة غير مبالية لأي شئ مردده "كم تمنيت تلك اللحظة منذ سنوات"
مرت الساعات ببطء شديد و فيروز لم تنقطع لحظة علي البكاء و أطفالها في المنزل مع دادة هناء يصرخون "عايزين بابا"
بعد ساعات مرت علي الجميع كأنها سنوات ....خرج الدكتور و علي وجه يبدو الحزن وقال:أنا آسف بس إحنا حاولنا نعمل اللي نقدر عليه البقاء لله
صرخت حنان بقوة "ابني" بينما اختبئت سميرة في حضن ناصر تبكي بصوت عالي و عامر و نبيل نظروا إلي أنفسهم بصدمة و احتضنوا بعض و هما يبكيان بأنين...
أما سناء لم تتمالك دموعها و جلست علي أحد الكراسي تبكي بخفوت..
نظرت فيروز لهم في حالة من الصدمة تشعر كأنها في كابوس..منتظره حسن يأتي ليأخذها من هذا الكابوس المؤلم..لا تسمع صوت بكائهم و إنما لا يتردد بأذنها إلا صوت ضحكة حسن و كلاماته الحنونة..
رأت الممرضات يخرجون به من غرفة العمليات و وجه مغطي بملاءة بيضاء..هرولت ناحيتهم وصاحت بغضب:أنتوا مجانين إزاي تعملوا كدا فيه
الدكتور:يا مدام أهدي دا قدر ربنا
فيروز بغضب:حسن قالي أنه مش هيسبني فاهم
نظرت فيروز إلي حسن المغطي بالملاءة البيضاء و رفعتها عنه قليلا لتجد وجهه عليه الكثير من الكدمات و لكن ابتسامة رضا مرسومة علي وجهه..تحسست ملامحها بيده و قالت:حسن عشان خاطري قوم معايا أنت عارف إني بخاف و أنت مش معايا طب قوم عشان خاطر عز و حنين
جلست فيروز علي ركبتها وقالت:طب مش أنت قولتلي إنك مش هتتأخر علي بعد كدا و هترجع عشان أنام في حضنك
وضعت فيروز رأسها علي صدر حسن وقال:طب قوم خدني معاك بس أنا مش هعرف أروح من غيرك حسن أنا خايفة أوي قوم بقي عشان تاخدني في حضنك و تقولي متخفيش يا حبيبتي طول ما أنتي في حضني
هزت فيروز جسد حسن بضعف قائلة:قوم يا حسن عشان خاطري أنت مقولتلليش أنك هتسبني بدري اوي كدا قوم يا حبيبي قوم عشان تحميني من العالم دا قوم عشان خاطر ولادنا يا حسن
ذهبت سناء إلي فيروز و قالت بدموع:يا حبيبتي أهدي دا قدر ربنا أهدي
فيروز بصراخ:حسن عايش فاهمين عايش و هيجي معايا الوقتي عشان نروح
نظرت فيروز إلي حسن لتجد الممرضة تغطي وجهه بدموع لتشعر كأن العالم يدور بها و تتذكر صوت حسن عندما قال لها "مفيش حاجه تفرقني عنك إلا الموت"
سقط جسدها الصغير علي الأرض مغشي عليها و دموعها مازالت آثارها علي خدها..
ما بين إجراءات النيابة و إجراءات الدفن ودموع أمام المقابر و أدعية من الشيخ و رجال و نساء كثيرة يتوافدون كل دقيقة لتقديم واجب العزاء في قصر آل توفيق..
تجلس هي علي حالها من الصباح محتضنه طفليها ودموعها تهبط في هدوء..جالسه في غرفته الذي قضي فيها شبابه..الغرفة التي حملت أجمل عبارات الحب الذي داعبها بها عندما كانوا يأتون القصر
تنظر إلي الباب و كأنها تنتظر قدومه ليعودوا إلي منزلهم سويا كما اعتادوا..و أطفالها متمسكين بأحضانها يبكون علي بكاء أمهم مرددين "ماما فيروز هو بابا حسن اتأخر ليه"
ضمتهم فيروز أكثر لأحضانها قائلة من بيد دموعها:بابا..بابا حسن..في..مكان..أحسن..من..هنا
بعد مرور ما يقارب الثلاث ساعات من توافد الناس..أغلقت أبواب قصر آل توفيق..صعد عامر بصحبة نبيل للإطمئنان علي فيروز و أطفالها..أوقف نبيل صوت غادة يقول:نبيل
لم يلتفت لها عامر و اكتفي بقول:أنا هسبقك يا نبيل متتأخرش علي ولاد أخوك
مضي عامر قدما إلي حجرة سناء ليصطحبها معه و هو صامت لا يقدر علي الكلام..يشعر بألم غريب في قلبه و كأنما الليلة شعر فعلا بأنه أصبح يتيم..
وقف نبيل أمام غادة و هو لا يقوي علي التحدث مما فيه من هموم وقال:في إي يا غادة
غادة بضيق:أنت رايح لفيروز ليه!!
نبيل:أطمن عليها و علي عز و حنين أنتي مش شايفه منظرهم
غادة:البنت دي مينفعش تقعد و لا لحظة هنا لازم يمشوا
نبيل بغضب:في إي يا غادة أنتي أتهبلتي دا بيتهم
غادة بغضب:مش ذنبي إن اخوك اتهبل علي آخر أيامه و جاب واحدة من الشارع والله أعلم خلف منها إزاي و في الآخر البنت دي تاخد الفلوس علي الجاهز
ما إن انتهت غادة كلامها حتي شعرت بصفعه قوية نزفت أنفها من قوتها..نبيل بغضب عارم:ادخلي أوضتك متخرجيش منها إلا لما اعرف ازاى أربيكي من الأول
رمقها نبيل بنظرة حادة وسار في طريقه إلي غرفة فيروز بينما دخلت غادة إلي غرفتها و أمسكت هاتفها بعصبية وقالت:العيال دي لازم أخلص منهم
أغلقت غادة الخط و تحسست خدها و قالت بتوعد"و الله لتدفع تمن القلم دا غالي يا نبيل

انت حقي أنا- الكاتبه نورهان حسنىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن