73_ قاتل أو مقتول !!

ابدأ من البداية
                                    

قرأ "عبدالقادر" خوفه وكيف يحاول أن يتأكد من ماهية تواجده بلحظة صمتٍ سادت عليهما ليتحدث فيها الماضي بكل طلاقة، لم تنطقها الألسنة بل فاضت بها الأعين، نظرات دارت بينهما هما الإثنين وكأن اللسان عُقِد عن التحدث، لحظة غريبة إذا تم تسجيلها بالتصوير البطيء، ستجد حوائط تُهدم وأخرى تُبنى مكانها ليعود بعما الزمن إلى مكانٍ أخر ولازالت الأعين بالكلامِ سوابق.

نزل في هذه اللحظة "سـامي" من أعلى الدرج بجهلٍ من هوية الواقف أمامه ليجده يحرك عينيه نحوه يشمله بنظرةٍ واحدة قتلته حينما تهكم عليه، ثم اعتدل بنفس القوة وهو يهتف بسخريةٍ لاذعة:

_دنيا، مين يصدق إن "سـامي" بقى بيه وينزل من سلم بيت زي دا، الله يرحم أيام النط من فوق السطوح.

عرفه، بالطبع عرفه وعرف من هو، نفسه المرصاد القديم الذي كان يقف له بجوار رفيقه، يعود له الآن وهو يتعمد التقليل منه، للحظةٍ كان يود أن يكون "يـوسف" يكذب عليهم بطبيعة عودته إلى أسرته، سيكون أهون عليهم من مقابلة مثل هذه، مقابلة جعلت الأخر يتيقن من أثر وجوده ليهتف بسخريةٍ لاذعة من جديد وكأنه انتهج هذا الأسلوب:

_خير ؟ القطة كلت لسانكم؟ ولا الفيران لسه عاوزة ترجع لجحرها؟ على العموم أنا مش جاي أرغي معاكم لأنه شيء ميشرفنيش بصراحة، أنا جيت أقولكم إن الحقوق هترجع لأهلها من تاني، أولها "يـوسف" اللي رجع لحضن أمه، بقالنا حوالي ٤ شهور.

كانت صدمة لهما معًا، منذ أربعة أشهر وهو في أرضهم ؟ الأمر غالبًا منذ أن توفت "حكمت" وطوال هذه الفترة وهو مع أمهِ؟ لم يتضح عليه أي شيءٍ ؟؟، يبدو أنه كان حريصًا بشكلٍ بالغٍ لكي ينطوي حرصه عليهم جميعًا، هكذا دارت الأحاديث مع الأفكار المذبذبة في خُلديهما لينتشلهما "عبدالقادر" من حالتهما هذه بقوله:

_قُصر الكلام علشان مش على آخر الزمن هقف أضيع وقتي مع عيال زيكم، الواد رجع لأمه وبقى في حمايتي زي ما "مصطفى" وصاني، ومش بس كدا، "قمر" بقت مرات ابني يعني زيها زي بنتي تمام، فمن دلوقتي وبشكل مباشر لو كلب منكوا فكر يقرب منهم قسمًا بربي لأكون مخلص القديم والجديد فيه، مـفـهوم !!

هدر بكملتهِ الأخيرة بأنفاسٍ متلاحقة مثل سباق العدو وحتى لحظته هذه هو يحاول أن يتحكم في نفسه، لم يكن الأمر سهلًا عليه، هو يقف أمام أكبر الحاقدين له، كلاهما أعلن كرهه له بشكلٍ مباشرٍ جعله يقترب أكثر من "عـاصم" وهو يقول بنبرةٍ جامدة بعدما أرغمه على النظر إليه لتتصل نظراتهما ورغمًا عن قوته تهدج صوته عند التحدث عن الرفيق الراحل:

_دلوقتي بس عرفت هو ليه وصاني عليهم قبل موته، ساعتها قالي بالحرف "أنتَ أخويا اللي الدنيا راضتني بيه" وساعتها كمان قالي أحط اللي ليه في عيني، استغربت إيه اللي يخليه يوصيني وأنا يدوب صاحبه وفيه أخوه اللي من دمه، بس الغريب بقى إنه كان بيحذرني من أخوه، متفكرش إنك هتكسب حاجة بعد كدا يا "عـاصم" علشان من دلوقتي أنا نِد بنِد ليك، وزي ما طول عمرك كاره علاقتي بأخوك، أنا دلوقتي بقت علاقتي بكل حاجة تخص أخوك، حتى ابنه اللي أنتَ مرحمتهوش في صغره ابني معاه وفي ضهره، وبدل ما كنت خايف من واحد بس، خاف من بيت كامل.

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن