72_لقاء بحكم النصيب

Start from the beginning
                                    

دقائق قليلة مرت تبعها دخول "عاصم" بزوجته صاحبة الحفل التي توجهت إليها الأنظار، إمرأة في بداية عقدها الرابع، تمتاز بجمال مُلفت، طولها الفارع وجسدها الممشوق، خصلاتها البُنية الطويلة المموجة من نهايتها، جسدها الممشوق المناسب تمامًا لطولها، وقد ازدادت سرقتها للأنظار حينما جاورت "عـاصم الراوي"..

إبان ذلك كانت "عـهد" تقف بجوار زوجها الذي لازال يتمسك بخصرها يضمها إليه بوضعٍ جعلها تتعجب من فعله، لا تعلم إن كان يحميها هي أم يحتمي هو بها !! في الأغلب هو يحتمي بها من شيءٍ لم تعلمه، وقد ازدادت حدة نظراته نحو عمه الذي دلف المكان لتتقابل النظرات من جديد في تحدٍ سافرٍ.

حينها رفعت "عـهد" رأسها نحو أذنه تهمس له بنبرةٍ خافتة حتى لا ينتبه إليها البقية:

_هو دا عمك؟ دا الراجل المفتري؟.

حرك رأسه نحوها بنظرةٍ عابرة ثم عاد من جديد يطالع موضع وقوف عمه ثم هتف بنبرةٍ هادئة يسخر على عمهِ بقولهِ بعدما زفر مُطولًا:

_آه هو دا، شوفتي كاريزما إزاي؟.

عادت بأنظارها من جديد له تتفحص هيئة عمه، الغريب أن هيئته تشبه هيئة "يـوسف" في الوقار الظاهر خارجيًا، نفس الهدوء ورزانة العقل وثبات الشخصية التي تتمتع بالهيبة الطاغية، الغريب حقًا هو ما يحمله بداخل قلبه يواريه خلف هذه الهيبة، كما أن ملامحه كانت حادة مقتضبة واتضح أنه غالبًا يبتسم عند الضرورة، أنهت تفحصها له وقد انقبض قلبها فور وقع عيني "سـامي" عليها، فبدت نظرته لها مُخيفة كأنه يود الفتك بها، ودون أن تنتبه لنفسها تلقائيًا تحرك كفها يقبض على ذراع "يـوسف" تتلمس منه الأمان.

أما "يـوسف" فأخفض كفه يشبكه بكفها وحرك عينيه نحو "سامي" ورفع أحد حاجبيه وكأنه في حالة تأهبٍ وكأنه يحذره بعينيه ليشيح "سامي" بوجهه للجهة الأخرى مُتحاشيًا النظر للأخر الذي فتك به وأخترقه بنظراتهِ وقد وقف "نـادر" بعيدًا عن الجميع يضع كلا كفيه في جيبي بنطاله حتى جاورته "شـهد" التي تمسكت بذراعه وهي تسأله بتعجبٍ:

_مالك يا "نـادر" ؟؟ واقف بعيد ليه؟.

ألقت السؤال وهي تنتظر منه الجواب لتجده يزفر بقوةٍ ثم هتف بنبرةٍ حاول وضعها داخل إطار الهدوء لتخرج رغمًا عنه منفعلة:

_مصدع شوية، مستني بس "مادلين" تدخل هي وخالو بعدها نقف جنبهم، تحبي تقفي ولا تروحي لصحابك؟.

حركت رأسها نحو مجموعة فتيات تربطها بهن علاقة صداقة قديمة جعلتها تزفر في وجهه ثم تحركت نحو الفتيات تتركه بمفرده وقبل أن يختلي بنفسه من جديد وجد "عاصم" يرفع صوته مناديًا عليه لكي يجاوره كما عادتهما، بالطبع لكي يُعاند "يـوسف" وليس إلا..

أما عن "يـوسف" نفسه فابتسم بتهكمٍ من زاوية فمه حينما تأكد من فعل عمه الذي تعمد أن يقم له لكي فقط يعرفه حجمه هنا، يؤكد له بصورةٍ غير مُباشرة أنه لم ولن يكون ابنًا لهذه العائلة، بل كُتِبَ عليه أن يكون مثل الحارس الذي يبيت ليله يطالع القصر الذي يقوم بحراستهِ وفي الأساس هو مالك القصر ولم يملك فقط سوى النظر له من بعيدٍ.

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"Where stories live. Discover now