69_الخطوة التالية!!

Start from the beginning
                                    

_ماقولتلك لو قلبي كدبك أول مرة مش هيكدبك تاني، كل الخيول اللي برة دي أنا اللي مربيهم، مفيش خيل أصيل بيهجر اللي منه، لما أول مرة قولتلي إنهم اتنين مش واحد، وإني ليا ابن أخ ساعتها الكلام مشغلنيش، بس لما فكرت في الحكاية عرفت إنه بنسبة كبيرة هو أنتَ، أكيد مش حد غيرك، كل مرة عينك كانت بتخونك علشان تبصلي فيها وتتمنى قُربي، قريتك ومفشلتش في قرايتك، دا أنتَ من دمي.

ضمه "مُـنذر" من جديد باكيًا بحرقةٍ قاتلة، يبكي بكل مافيه يبكي وكأن البكاء هو حيلته الوحيدة في إخراج البركان الثائر منه لداخل قلبه، هتف بنبرةٍ موجوعة، منكسرة، باكية، حزينة:

_أنا تعبت من غيرك، تعبت أوي، أنا مكانش ليا حد خالص، كنت بعمل كل حاجة وأرمي نفسي في وش الموت وكل يوم استغرب أنا مبموتش ليه؟ بس لما عرفت إني منك أنا بقيت أتمنى عمري يطول قد اللي ضاع مني علشان أكون في حمايتك، أنا مش زيه والله، أنا مخدتش منه حاجة أنا شبـ….

أسكته "نَـعيم" حينما شدد ضمته عليه وهتف بنبرةٍ باكية يعاتبه على كثرة الفراق والوجعِ والألم:

_ليه مقولتليش يا غبي؟ ليه حرمت نفسك مني وأنا قدامك؟ دا أنا من ساعة ما شكيت قولت أختبرك ولو كدبت عليا برضه هعرف من عينك، والله فرحتي بيك زيها زي فرحتي بابني بالظبط، دا أنا كدا شوفتك قبله، ليه يابني؟.

سحب "مُـنذر" نفسًا عميقًا يحاول به إيقاف البكاء ثم قال بنبرةٍ هادئة لم يخلو منها صوته الباكي وهو يخبره بصراحةٍ:

_خوفت، خوفت متصدقش إني منك، حاجة جوايا قالتلي إنك هترفضني، وإنك مش هتقبل بيا معاك، وأنا عزيز النفس مقدرش أقف قدام عين كرهاني ومش قابلة شوفتي.

ابتسم له "نَـعيم" ثم ربت على كتفه وقال بنبرةٍ ضاحكة وملامح مبتسمة له:

_ علشان كدا سألتني لو ابن أخويا ظهر هعمل معاه إيه؟ هشيله في عيني وأحطه في قلبي، بس خليك معايا.

انتبه له الأخر وهتف بنبرةٍ يائسة:

_ صدقني مش هقدر، مش هقدر حتى أرفع عيني في عينك بعد عملته وعارف إن دا مش ذنبي أنا بس صدقني والله أنا هحاول أرجع تاني بس بحقك، ولو مرجعتش بيه يبقى كفاية إني أريح قلبك علشان تعرف ترتاح، مقدرش أقولك هو عايش ولا لأ، بس أقدر أقولك إني هحاول لحد أخر نفس فيا يا عمي.

ابتسم "نَـعيم" له بحنينٍ بالغٍ من عينيهِ وفي هذه اللحظة صدح صوت قرآن الفجر قبل الآذان الأول فأشار له برأسه وأضاف مبتسم الوجه بحماسٍ:

_يلا علشان نصلي مع بعض.

وقف أمامه الأخر مشدوهًا وكاد أن يتراجع لكن عمه سبق وسحبه معه من ذراعهِ دون أن يجادله أو يتحدث مع من جديد، فقط سحبه معه من يديه وتوجه به إلى الخارج، الجسدان كانا كبيرين، تظهر عليهما القوة والوقار لكن في الحقيقة هناك صورة عكسية وهي صورة الطفل الصغير الذي يتشبث بكف عمهِ لكي يذهب معه إلى المسجد، أراد أن يهرب من هذا اللقاء وكأنه يخشى أن يقف أمام ربه، لكن مرشده كان الأقوى والأسرع حينما سحبه معه.
_________________________________

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"Where stories live. Discover now