64_ الوجه الآخر

ابدأ من البداية
                                    

هتفها بمزاحٍ جعل "بيشوي" يرفع حاجبه مُحذرًا ليهتف الأخر بنبرةٍ ضاحكة سريعًا:

_خلاص خلاص بهزر، بس بجد لولا إنك طلبت نفضي الحارة ونروح الرجالة ونختفي كلنا مكانش زماننا وصلنا لحاجة، بس الغريب إنه راح فعلًا شككتني فيك دي.

هتف "أيـهم" مُستفسرًا بتعجبٍ من جديد:

_لأ معلش يعني عرفت منين إنه هيروح، مايمكن مكانش نزل من البيت أصلًا وفضل يلعب بيكم.

ضيق "بـيشوي" عينيه يهتف موضحًا بخبثٍ إن دل على شيءٍ فهو فقط ينم عن ذكاء هذه الشخصية التي هتفت بثقةٍ:

_عاوز تقنعني إن واحد مهووس بواحدة لدرجة مخلياه مش متقبل إنها على ذمة واحد تاني إنه لما يلاقي فرصة يكون معاها فيها هيضيعها؟ مستحيل طبعًا، أكيد ماصدق الحارة هديت والرجل خفت، الأشكال دي بالظبط زي العبيد، ترمي ليهم صنارة شهوة يجروا وراها معميين، فكان لازم ازعق وأعلي صوتي وكدا كدا معروف إني خلقي ضيق، يعني أقتنع إني مش قادر.

طالع "تَـيام" وجه "أيـوب" يسأله مستفسرًا:

_وأنتَ !! ساكت ليه ؟ يعني عرفت إنه مشي وأكيد مش هيسكت وأكيد يعني كدا يا هيهرب من هنا خالص، يا هيعمل حاجة أكبر، وأتمنى الحاجة دي متكونش فيك أنتَ، خايف يعمل للمرة الرابعة يا "أيـوب".

كان يقصد بحديثه المعتقل مما جعل "أيـوب" يتشدق بنزقٍ:

_وماله، أنا جاهز.

طالعوه بحيرةٍ ثم نظروا لبعضهم بينما هو أطلق زفيرًا قويًا فلو لو يكن هو الغَـوثْ الذي ترك حياته وزهد بها ليلحق بالناسِ، هل يُعقل أن يترك شيطانًا مثل ذاك البغيض يتوغل وسط الناس؟ بالطبع لا، حتى وإن كانت حياته هي المقابل سيقضي على "سـعد" لا شك في ذلك.
__________________________________

  <"ماذا نفعل هُنا؟ هل دهانا الهوىٰ أم جلبتنا عيناكِ">

حاول أن ينخرط في عملهِ أكثر لكن دون فائدة كل شيءٍ توقف تمامًا عن العمل، فقط صورتها في المقطع لم تنفك عن عقلهِ، لم يجد بُدًا من جلوسهِ هُنا مما جعله يترك كل شيءٍ ويخرج من هنا تمامًا بل من المنطقة بأكملها، خرج هائمًا وفتح باب سيارته يتحرك بها دون وجهةٍ معلومة أو خطواتٍ مقصودة.

بعد مرور أربعة وأربعون دقيقة تحديدًا سلك الطريق الدائري بسيارته ليجد نفسه في منطقة "مدينة نصر" تحديدًا أمام مقر عملها !! ماهذا ؟ كيف سار بخطواتهِ إلى هُنا ومن دهاه إلى مكان عملها؟ وقف مع نفسهِ للحظاتٍ مشدوهًا وهو يفكر بتعجبٍ عن سبب وقوفه هنا؟ من أين أمتلك الجُرأة التي جعلته يقف أمام مقر العمل الخاص بها والأدهي من ذلك أنها شارفت على الخروج؟ حقًا تسير الطيور بدون وجهةٍ لكنها لن تغفل عن موطنها الأصلي.

غَــوْثِــهِــم &quot;يا صبر أيوب&quot;حيث تعيش القصص. اكتشف الآن