63_ لكي يأمن فرحته

ابدأ من البداية
                                    

قلب الأم لم يَكذب ولم يُكذب حدسهِ، ينذرها أن هناك مكروهٌ يصيب ابنتها بكت أمامه وهي تحرك رأسها نفيًا بخوفٍ أرادت أن تركض وتنزل للبحث عنها حتى أوقفها "يـوسف" حينما أعترض طريقها وهتف بنبرةٍ جامدة بنفاذ صبرٍ حينما لاحظ تحكرها:

_أنا هجيبها، مش عاوزك تخافي، وعد إني هرجعلك بيها.

نزلت دموعها من جديد فيما خرج هو من شقتها يتوجه للسطحِ مرة أخيرة آملًا في رؤيتها بهِ، أملًا في تواجدها تنتظره كما اعتادا مؤخرًا، لكن المكان أيضًا فَرُغَ منها ليصبح باهتًا وكأن هي اللون الوحيد المُزدهر بهذا المكان، خرج من بنايتهِ يتوجه إلى بيت "العطار" وهو يراه السبيل الأخير في محاولة إيجادها، ذهب إلى هناك بقلبٍ كاد أن يتوقف عن أدائهِ ورأها محاولة فاشلة بكافة المقاييس لكنه تمسك بالأملِ الكاذب أن تكون هناك.

وصل للبيت يضرب جرسه بأنامل مشدودة جعلت "أيـوب" يترك غرفته والصغير ويتوجه إلى الباب يفتحه ليجد أمامه "يـوسف" يسأل بنبرةٍ ضائعة:

_"عـهد" مجاتش هنا يا "أيـوب"؟.

كرر الآخر خلفه مستنكرًا قوله الغريب:

_"عـهد" !! لأ فيه حاجة ولا إيه ؟ اتخانقتوا مع بعض؟.

حرك رأسه نفيًا ثم هتف بنبرةٍ تشبه سابقتها بِخلاف أن الألم بدا أكثر وضوحًا عليها حين هتف:

_لأ…بس هي خرجت من الشغل وأنا مش لاقيها، مَروحتش ومراحتش عند حد ولا حتى رجعت شغلها وموبايلها مقفول، قولت آخر أمل ليا إنها تكون هنا، بس حتى دا أمل كداب.

انتبه له "أيـوب" وقد جال بخاطره فكرةٌ أخرىٰ لذا هتفها سريعًا مُخمنًا بقولهِ:

_طب يمكن حست إنها مضغوطة شوية راحت بيت والدها؟

كأن حديثه هو آخر ما انتبه له "يـوسف" ليخرجه من هذه الحالة وقد ثبت عينيه عليه وعاد الأمل له من جديد بتواجدها هناك وهو يفكر مليًا كيف لم تخطر هذه الفكرة برأسهِ؟ كاد أن يلتفت ويترك المكان بخطواتٍ سريعة تشبه خطوات اللص بركضهِ بالمسروقات ليوقفه "أيـوب" حينما أعترض طريقه وهتف بنبرةٍ قوية لا تقبل مناقشة:

_استنى هلبس جاكيت وأجي معاك.

لم يتركه كثيرًا ينتظره بل خطف سترته الرياضية السوداء ثم ارتداها بلهفةٍ وخطف هاتفه كذلك ثم ركض له حتى تحرك الإثنان مع بعضهما نحو بيت "عـابد" حتى يبحثون عنها به، وقد توجه "يـوسف" إلى هُناك فورًا وفتح الشقة يبحث عنها بأملٍ ازداد عند وصولهِ وسرعان ما تبخر عند دخوله الشقة ليجدها فارغةً منها حينما بحث عنها في كل ركنٍ بها، اقترب منه الأخر يسأل بقلقٍ:

_مش هنا !!

حرك رأسه نفيًا بخيبة أملٍ جعلت "أيـوب" يتحرك نحو شقة عمها "وجـدي" ثم طرق بابها وخلفه "يـوسف" الذي يتحرك بتيهٍ أعجزه عن كل شيءٍ وكأن الخوف عليها هو مرضٌ أصاب جسده ليشل حركته تمامًا، خرج لهما عمها بوجهٍ يظهر عليه أثر النوم وهو يحاول فتح عينيه يستنبط هويتهما ليقول "يـوسف" بلهفةٍ:

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن