53_ انقلب السحر على الساحر

ابدأ من البداية
                                    

شعر "جَـواد" أن الأمور تزداد سوءًا وربما الحديث ينقلب كما حدث كثيرًا في الماضي، لذا قرر أن يُبدل الحديث حينما سأله عن زوجته بقوله:

_سيبك من كل دول، خلينا في جوازك، مين دي؟ وإزاي اتجوزت بعدما قولت إنك مش هتعرف سِكة الجواز والحياة الطبيعية دي، وفين "عـهدك" يا "يوسف"؟؟.

في ثوانٍ تبدلت نظراته القاتمة لأخرى غير مُفسرة، نظرة لم يفهمها سواه، وكأن في حضرتها ليس كل الكلام يُقال، وكيف يقول إن كان الحال في وجودها غير الحال، استكانت ملامحه وصفت عيناه ويبدو أن ذِكرها يملك أثرًا طيبًا عليه لاحظه "جَـواد" حينما اتضح جليًا لذا بادر يسأله مستفسرًا:

_جوازك منها مش شهامة بس، فيه حاجة تانية صح؟.

خشى أن يقولها، خشى أن يُصدق قلبه الذي أقسم له بِحُبها، أراد أن يُكذبه لكن عيناه أبت ذلك، لمعت بوميضٍ أقرب للمعة نجوم السماء بليلٍ مُعتمٍ وقال موجزًا يتهرب من الجواب المعلوم:

_مش عارف.

حمحم "جَـواد" وسأله بثباتٍ:

_يعني إيه مش عارف ؟ أومال اتجوزتها ليه؟ على فكرة مفيش راجل يقدر يورط نفسه في جوازة إلا لو كان عارف كويس إن فيه حاجة شدته للبنت دي، فعاوز أنتَ يا "يوسف" تقنعني إنك اتجوزت عادي كدا مجرد إنقاذ ليها؟.

ازدرد لُعابه ثم هتف بنبرةٍ ضائعة بقدر ما كان يتحدث بصدقٍ وكأن قلبه امتلك السُلطة ليُسكت عقله بتاتًا واتضح هذا خلال قوله:

_علشان هي شبهي، بشوف فيها "يوسف" تاني بس بصورة مختلفة، بديها الحاجة اللي كنت بعجز أديها لنفسي وأنا مكانها، "عـهد" محتاجة تكون قوية بس مش عارفة، وأنا قوي بس لوحدي قوتي ضعف، مقدرش أقولك غير إني لما شوفتها….شوفت "يوسف" جديد.

انتبه له "جَـواد" ولحديثه الذي انقلب رأسًا على عقبٍ فاستغل هذه الفُرصة وسأله من جديد وكأنه يتابع سير خطاه كما خطط:

_طب ممكن اسألك حاجة ؟ حاسس ناحيتها بإيه؟ إيه الحاجة اللي خليتك تيجي لحد هنا علشانها لو الموضوع ميخصكش ويخصها هي شخصيًا، أو بمعنى أصح بتحس معاها بإيه؟.

أغمض جفونه لوهلةٍ وتردد على سمعهِ جملتها التي أخبرته بها صباحًا حين توسلته بالبقاء وأعطته مسئولية جديدة يتولاها ليتأكد أنه يشكل فارقًا كبيرًا لها وهي تقول:

_"مبقاش ينفع تمشي وتسيبني لوحدي".

حينها فرق جفونه عن بعضهما وخفق قلبه ليخبره كيف تكون مشاعره معها حتى وإن ودَّ هو الإنكار لذا قال بنفس التيه الذي عادي يُرافق كلماته المنطوقة بقلة حيلة:

_مش عارف أنا حاسس معاها بإيه، بس كفاية إن دماغي معاها بتفضى من الكركبة، "عهد" قادرة تصلح كل حاجة بايظة جوايا بنظرة من عينيها، وقادرة برضه تثبتلي إني كويس لما أعمل حاجة علشانها وتقدرها، كل اللي اتعاملوا معايا قالوا أني صعب وكأن محدش يطيق وجودي، بس هي من بعد أمي و "قـمر" الوحيدة اللي خدت صفي وبقيت في نظرها مجني عليه حتى من غير ما تعرف حصلي إيه، بس عينيها بتقولي كل حاجة، الوحيدة اللي شبهي وعلشان شبهي اتطمنتلها، لو الدنيا كلها ضدي وهي بس اللي فضلت في ضهري، أنا موافق أعادي الدنيا كلها علشانها هي، بس تكون قصادي كويسة.

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن