18_كأس المُـر

Start from the beginning
                                    

نزلت دموع "فاتن" وهي تجلس على الأريكة، فطالعها "يوسف" بتعجبٍ وهتف مستنكرًا وكأن ما يقع على سمعه أقوى من قدرته على التحمل:

_وأبويا كان يعرفك منين؟؟ هو كدا مش قريبك إيه اللي جمعكم ببعض.

جاوبه "عبدالقادر" بثباتٍ:

_علشان كان صاحب عمري، مليش غيره اتعرفنا على بعض عن طريق جدودنا من زمان، وكان أخويا، وقف جنبي وعمل اللي معملتهوش خالتي وعيالها، كان عايش هنا هو وأمه قبل ما يمشي على بيت خاله، عمرنا ما سيبنا بعض، حتى لما مشي مقطعش علاقته بيا، حتى ساعة جواز أخته كنا هنحميها أنا وهو من الجوازة دي، لحد ما ضيعت نفسها.

هتفت "فاتن" بصراخٍ في وجهه:

_كنت هتعمل إيه ؟؟ ها ؟؟ لا أنتَ ولا هو كان في إيدكم حاجة تعلموها، كل حاجة كانت بإيد أمي، وأظن أنتَ عارف حصله إيه لما فكر بس يقف قصادهم.

عقد "يوسف" ما بين حاجبيه فيما اندفع "عبدالقادر" يهتف في وجهه منفعلًا بنبرةٍ أقرب للصراخ:

_كنا هنقف في ضهرك، خوفتي علينا ليه هو احنا عيال؟؟ الراجل فضل شاريكي لحد أخر نفس فيه، "صديق" كان مستعد يفديكي بروحه، و "مصطفى" كان عنده استعداد يموت علشانك، بس أنتِ غبية أوي، ضيعتي كل حاجة وأهمهم نفسك، أخرتك دا ؟؟ "سـامي" ؟؟ اللي أمه كانت بتحيي أفراح الستات ؟؟ راح دفع لأمك وأخوكي بقى كدا راجل عندهم؟؟ عمري ما هسامحك لا أنا ولا "مصطفى" ولا حتى "صديق" نفسه.

سأله "يوسف" باستهتارٍ وكأنه يجاري المياه لتصل به إلى نقطة أمان معينة:

_مين "صِـديق" دا كمان ؟؟ هيطلع جدي في الأخر؟؟

كان يسخر منهما، حتى نظر له "عبدالقادر" وهتف بنبرةٍ جامدة:

_كان صاحبنا التالت بس حب الأستاذة وهي كمان حبته، لحد ما دخل تربية العوالم في الموضوع ودفع مهر محترم لأهلها خلاهم يجوزوها، أبوك كان عنده استعداد يجوزها ليه وكان هو هيشيل مسئوليتها، بس للأسف بقى كانت أضعف من إنها تحارب علشان حد.

رمقته "فاتن" بضجرٍ من عينيها الباكيتين، فرفع "يوسف" كفيه يقبض على خصلاته ثم تحدث بضعفٍ:

_أنا دماغي ورمت منكم، ياريت كان ربنا خدني أنا علشان ترتاحوا و أرتاح من صداعكم دا.

_لم يكن الحديث موجهًا لهما، بل لنفسه حينما ازداد الضجيج داخل رأسه، فارتمى على الأريكة يحاول التماسك وخاصةً حينما نزل الألم على عينيه فبات متعبًا بشكلٍ ملحوظ، لذا اقتربت منه "فاتن" تسأله بلهفةٍ وهي تبكي:

_"يوسف" ؟؟ أنتَ كويس ؟؟ مالك يا حبيبي.

نظر لها بنظراتٍ خاوية ثم انتفض واقفًا يقول بتهكمٍ:

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"Where stories live. Discover now