13_ينطق الشهادة !!

ابدأ من البداية
                                    

_لأ مفيش أي حاجة عاوزها، بس عاوز أعرف حياة الراجل اللي كان هنا دا، ممكن يكون دا حصل فعلًا؟؟ عيلته عملوا كدا فيه وفي والدته ؟؟ وليه ؟؟.

تنهد "عبدالقادر" ثم قال بنبرةٍ غلفها الحزن:

_آه…وعملوا الأسوأ من كدا بكتير كمان، عمه لما عرف اللي حصل وإن أخوه في المستشفى ومات، أول حاجة عملها أنه كلم المحامي، ساعتها قاله إن اخوه كاتب كل حاجة لابنه "يوسف" ومرات أخوه ساعتها اللي هي "غالية" كانت بين الحياة والموت، خلص ورق أخوه وخده من المستشفى ودفنه وكل دا "يوسف" كان معاهم علشان المشوار بتاعهم مراحش معاهم فيه وفِضل عند عمته، "فضل" ساعتها انشغل بأخته اللي بين الحيا والموت و "قمر" كانت عندهم بعد اسبوعين فاقت "غالية" من الغيبوبة على ضياع كل حاجة منها، بيتها وجوزها وابنها، مفضلش ليها غير "قمر" فضلت زي المجانين تلف في الشوارع وراحت لكل أملاك عيلة "الراوي" كلها كانت اتباعت وملهمش اثر، فضلت ببنتها شهر شايلاها على أيدها وتلف الشوارع زي اللي بيطلبوا صدقة، لحد ما الراجل طردهم من البيت اللي كان متأجر قانون قديم، واترموا في الشارع.

اتسعت عيناه وكأنه يسمع أسطورة قديمة تُحكى للأطفال حتى يخلدون لنومهم، لكن هل تلك الحكايات خرجت للواقع أم أن الواقع امتلأ بما يشابه ذلك ؟؟ أضاف "عبدالقادر" من جديد بأسىٰ:

_للأسف كل حاجة عندهم راحت خالص، "فضل" ضاق بيه الحال وجالي هنا رغم أني حاولت كتير اساعدهم بس هما رفضوا دا، في الفترة دي كنت مشغول بموت "رقية" الله يرحمها، اتكسرت بجد، صاحب عمري وأغلى واحدة ليا راحوا مني، كان كل همي أنتَ واخواتك وعلاجك بعد اللي حصل، لما جالي هنا عرضت عليهم البيت اللي هما فيه و هو أجر ورشة أنا اتوسطله عند صاحبها، بس هي فضلت تنزل تدور وتسأل لحد أخر حاجة عرفتها أنهم مشيوا وسابوا مصر كلها، خلصوا الورق ازاي معرفش، هربوا بالورث إزاي معرفش، عملوا كدا دا امتى وازاي برضه معرفش، لكن اللي اعرفه إن "مصطفى" كان معاه حق يوصيني على مراته وعياله، فضلت معاهم لحد دلوقتي وفي نفس الوقت بدور على "يوسف" بس خلاص يأست حتى هما نفسهم وعيشنا على أمل أنه يرجع في أي لحظة لأمه، بس رجع متأخر أوي…

أخرج زفيرًا مُطولًا فيما أضاف "أيوب" بنبرةٍ احتلها الحزن:

_لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أكيد فيه حكمة من ورا كل دا، ربنا مبيعملش حاجة وحشة لحد، أكيد اللي حصل دا صرف عنهم شر أكبر من كدا، بس مين يفهم، إحنا بشر ولينا حق نزعل ونتقهر والحمد لله إننا مأجورين على حزننا وعلى كل آه يأنِ بها الإنسان.

سأله "عبدالقادر" باهتمامٍ محاولًا اقتباس الهدوء والرضا بالقضاء منه:

_تفتكر فيه حد ممكن يقبل بكل دا ؟؟ صعب يابني.

رفع "أيوب" عينيه له يهتف بنبرةٍ هادئة:

سيدنا عمر بن الخظاب قال: (لو عُرِضَت الأقدار على الإنسان لاختار القدر الذي اختاره الله له)

غَــوْثِــهِــم "يا صبر أيوب"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن