جنّة إبليس

الجزء الثاني (12) لحظة فارقة

انفتح الباب ودخل منه أنس بابتسامة هادئة وسار نحوها بتمهل، كان في أواخر الثلاثينات تحديدا يكبرها بعامين فقط، له جسد رياضي وهيئة مهندمة وملامح بها وسامة، حتى اقترب منها ومد يده ليصافحها، صافحته هي على مضض ودعته للجلوس، فجلس أمامها بارتياح، ثم قال بعد أن أسبل عينيه في حنين:
- وحشتيني..

امتقع وجهها، وتقوست شفتاها قائلة بسخط:
- والله!! دا على أساس إيه بقا؟!
أنت جاي ليه أصلا وعايز إيه مني تاني!

- إيه يا دانيا المقابلة دي.. وبعدين ما إحنا كل مرة بنتخانق والدنيا بتعدي.

- أيوة بس مكنتش بتتجرأ وتهددني وتغلط وتهبل بالطريقة دي..

- أهو كلام زي أي كلام.. يعني متخيلة مثلا أن أنا ممكن أئذيكي أو أعمل حاجة تضرك؟!

طرقت بأظافرها فوق سطح مكتبها، وزفرت بعمق وهي تعيد خصلاتها إلى الوراء ثم تسائلت من جديد:
- طب ممكن أعرف أنت جاي ليه دلوقتي؟ عشان أنا عندي شغل..

تنهد باستسلام ثم قال وهو ينظر إليها في وله:
- أنتي عارفة إني معنديش غير موضوع واحد بس...

- هو أنت مبتزهقش؟!
قالتها بعصبية وقد ارتفع صوتها، فعض وجنتيه من الدخل وحاول التماسك أمام عصبيتها حتى لا يغضب هو الآخر، فعاد بقول بنبرة مثيرة:
- انا عمري ما هزهق أبدا ومش هرتاح ولا هسكت غير لما ترجعي لحضني تاني.

- قولتلك مليون مرة إني مش هرجع وأن نجوم السما أقربلك..

فقال بعد أن تسلل الغضب إلى نبرته:
- ليه؟! ليه يا دانيا؟ أعمل إيه تاني أكتر من اللي عملته دا ربنا بيسامح ويغفر يا شيخة.

- ربنا بيسامح االي بيتوبوا وبيندموا من جواهم على اخطاؤهم..

فرد باستنكار:
- وهو انتي يعني دخلتي في نيتي وعرفتي أنا توبت ولا متوبتش.. ما تبطلي تصدري أحكامك على اللي حواليكي بقا.

- تتوب ولا متوبش دا لنفسك.. أنا مش فارق معايا أساسا، إحنا انتهينا من زمان بس أنت اللي مش قادر تستوعب.

- يا دانيا أنا موقف حياتي كلها عليكي والسنين بتضيع من عمري وأنا مستني أنك ترجعيلي تاني..

اطلقت دانيا ضحكات متهكمة، ثم قالت باستنكار:
- لا والله!! موقف حياتك أوي والدليل أنك اتجوزت بعد طلاقنا بشهرين.. مش كدا؟

- أنتي عارفة أنا اتجوزت ليه.. وإني كنت بضغط عليكي عشان ترجعيلي بعد ما كنتي راكبة دماغك، لكن أنا طلقتها بعد كدا لما اتأكدت إني استحالة اقدر اعيش مع واحدة تانية غيرك.. ومن ساعتها وأنا مستنيكي تحني عليا وترجعي.