الضحية الأولى " هادي "

22.7K 561 33
                                    

اسمه "هشام" وأنا اسمي "هادي" تلك هي اللعنة، التي جعلت لحياتي بطلاً آخر غيري...
_______________________________

١٩٩٤

أنا "هادي" وكان لي نصيب كبير من اسمي ، كنت هادئاً واثقاً، وحياتي لم تكن مثالية ولكن كانت مستقرة بشكل كبير، كنت نموذجاً يصلح عليه قول وُلِد وفي فمه ملعقة من الذهب وعلى الرغم من ذلك لم تكنْ حياتي صاخبة ومثيرة مثل من وُلِدوا في نفس ظروفي، كان استهتاري يقتصر فقط على كُرهي للدراسة والتعليم، فكنت فاشلاً في هذا الجانب حقا ولا أعتقد بأنه شيء يعيبني كثيراً، فلدي الكثير من الهوايات والأنشطة التي أكاد أَجْزِم بأنها أهم وأكثر فائدة من المعادلات الكيميائية وتاريخ الأدب الجاهلي ولكني أكملت إرضاءً لوالدي الذي فعل المستحيل كي ألتحق بكلية تناسب طبيعة أعماله وشركاته، ولكن عندما بدأ عمله في التدهور التدريجي انشغل عني وعن مستقبلي العلمي، فكل ما كان يهمه في ذلك الوقت هو إنقاذ إمبراطوريته.

أنهيت دراستي الثانوية، بالطبع بمجموع متواضع جدا، وعلى الرغم من توافر الكثير من الفرص في المعاهد والجامعات الخاصة بسهولة ، لكني اخترت كلية الحقوق ، لم يكن بسبب حبي للقانون وطموح الدفاع عن المظلومين أو حتى لأنها تناسب درجاتي، ولكن لأسباب أخرى...

فصديقي المقرب " أمير " صديق الطفولة والمراهقة كان بالفعل قد قدم أوراقه في هذه الكلية وبالرغم من فشلنا على مدار سنوات الدراسة ولكنه استطاع في النهاية أن يرضي والده في ويلتحق بالكلية التي يرغبها و يتمناها.

والده "رفعت الزهار" من أكبر محامي البلد وأهمهم على الإطلاق، أكبر وأعظم المسؤولين ورجال الأعمال يولون له أصعب القضايا، الإعلام صنع منه نموذجاً للمحامي الذي لا يقهر فهو لا يخسر أبدا منذ فترة طويلة، شهرته كانت تزداد يوماً بعد يوم، وكان يُعدّ ولده ليكون خليفته ويرث من بعده مكتبه الذي أصبح علم من أعلام الدولة مكتب الزهار.

ولكن لا يحب أمير المحاماة والقانون إطلاقا ً، لم يكن يحب في حياته فقط سوى اللهو وإنفاق الأموال ، حياة متوقعة وتليق به وبالرغم من اختلافنا الواضح كنا صديقين حميمين، بالطبع لم يكن هذا السبب الوحيد لتمسكي بهذه الكلية ولكن أيضا بسبب أميرتي الجميلة.

اسمها "جميلة" وكان الجمال هو الذى له حظ من اسمها ، "جميلة الزهار" أخت أمير صديقي وحبي الأول والوحيد ، كانت تصغرنا بعامٍ واحد وكنت أراها كثيراً بحكم صداقتي لأخيها ، وشعرت بأنها تشبهني كثيراً فكانت رقيقة وهشة نظراتها بريئة ولسانها عذب ، و أكثر ما كنت أحبه فيها هو شعرها ، فقد كان طويلا ً ناعماً ،يجعل منها أميرة قلباً وقالباً ، أحببتها سراً وعلانية ، و لم أتمنى فى حياتي شيئاً كما تمنيتها .

كنت أتودد لها كلما سنحت الفرصة ولم تكن تمانع ، وقد زاد تقربي لها أكثر حين قابلتها فى نادي الجزيرة ووجدتها تلعب لعبة الجولف ، وهي لعبتي المفضلة يومها قضينا أغلب الوقت فى اللعب وأصبح لنا حديث يخصنا بشكل خاص لا داعِ لذكر أمير فيه ، وتعمقت علاقتنا أكثر وأكثر ، كنت لا أريد سواها فقد أصبحت أهم أهدافي وأقصى طموحاتي فى الحياة ، لذا ألتحقت بالحقوق ، فلا أعتقد حينها أن والدها سيمانع ، فأنا صديق العائلة ابن الحسب والنسب بالإضافة إلى كوني أعمل بنفس المجال الذي يعشقه ويقدسه .

جنّة إبليس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن