الفصل الثالث عشر

138 4 2
                                    

كانت تتلوى للأمام وللخلف بحركة رتيبة غير ملحوظة وهي تحاول تحرير قيد معصميها من بين الحبل المربوط عليهما بإحكام حتى انهكت قواها تماما ، لتتوقف بعدها بلحظة وهي تتنفس بنشيج متعب تشعر به يخرج من صميم روحها المنهكة من كل انواع الانتهاك والذي تتعرض له للآن ، وهو يجرح حنجرتها بأنفاس باردة كالأشواك ليخرج ويتناغم من فوره مع الأجواء الغائمة من حولها ومع انفاس المتجولين بالغرفة القميئة .

رفعت جفنيها الحمراوين ببطء عن احداقها لبرهة وهي تتنقل بنظرها بالمتواجدين معها بالغرفة والذين لا يتجاوز عددهم عن ثلاث اشخاص وجميعهم من اقوياء البنية وتتقارب اعمارهم بين منتصف الثلاثين والاربعين وما فوق ، ولكن الشاب اصغرهم والذي يقارب من عمر (شادي) لم يتواجد بالمكان بعد مجيئ رئيسهم وكأنه قد تخلى عن المهمة بأكملها بعد المشادة والتي حدثت بينه وبين رئيسه .

عضت على طرف شفتيها بقوة لوهلة وهي تفكر بسرعة مضيقة عينيها بتركيز حاد بمهرب من هذا المأزق قبل ان تقع نظراتها بلحظة بالنهاية على باب فرعي بالغرفة لم تنتبه له بالبداية ، لتفتح بعدها شفتيها بأنفاس باردة قبل ان تتحول لابتسامة ساخرة وهي تلتفت بنظراتها بحذر للواقف من خلفها بهدوء .

قالت بعدها بلحظات وهي تنظر له بثبات بدون ان تأبه بوجود البقية
"لو سمحت ، اريد الذهاب للحمام"

اخفض الرجل نظراته الحادة نحوها لثواني بدون اي تعبير وهو ينفث دخان سيجارته ببرود ، ليقول بعدها بابتسامة باردة وهو يلوح بالسيجارة امامها بحدة
"لا تفكري بلعب معي يا حلوة ! فأنا مهمتي هنا فقط مراقبتكِ وغير هذا لا استطيع فعل المزيد لكِ"
عقدت حاجبيها بوجوم بلحظة وهي تهمس بابتسامة متصلبة بقوة
"ولكني احتاج للحمام بشدة ولم اطلب منك ان تهربني من هنا ! وغير هذا انت بلا فائدة الآن لذا لن تخسر شيئاً إذا ارشدتني للحمام ! واعدك بأني لن احاول خداعك والهروب منك لكي لا تعاقب من رئيسك"

تجهمت ملامح الواقف من خلفها بقوة وهو يعصر قبضته بسيجارته والتي تحطمت بقبضته وهي تكاد تجزم بأنه سيلكمها بهذه القبضة بأية لحظة ، ليهمس بعدها بنبرة خافتة بخطر باهتزاز شعرت به بعضلات جسده
"هل كنتِ تسخرين مني الآن ؟"

تجمدت ملامحها ببرود وهي تنظر له بترقب حذر ، ليتدخل بعدها صوت آخر من الاثنين الباقين وهو يقول بلا مبالاة
"لا بأس يا شعيب اتركها تذهب للحمام الملحق ، فلن يمانع الرئيس هذا ، والحمام قريب منا بالغرفة يعني لن تستطيع الهروب !"

اومأ برأسه بحدة ونظراته ما تزال ساهمة بها بقوة ، ليحرك بعدها شفتيه بتصلب اشبه بالهمس بفظاظة
"اتبعيني"

تنفست ببعض الراحة وهي تنظر له يفك وثاق معصميها وقدميها من الحبال المربوطة عليهما ، ليستقيم بعدها بوقوفه وهو يمسك بذراعها بخشونة ليوقفها معه قبل ان يسحبها باتجاه الحمام الملحق بالغرفة ، وقف امام باب الحمام بلحظات وهو يفتحه امامها بقدمه بعد ان افلت ذراعها وهو يتمتم بأمر صارم
"امامكِ خمس دقائق فقط قبل ان افتح عليكِ باب الحمام ، لذا اسرعي بقضاء حاجتك بدون التفكير بأمور اخرى خارج هذا المكان !"
حادت بنظراتها نحوه بحدة لبرهة وهي تمسد على معصميها بألم بعد ان طبع عليهما آثار الحبل ، لتتجاوزه بعدها وهي تهمس بغيظ
"وحش فظ !"

بحر من دموع Where stories live. Discover now