عشق ليس ضمن التقاليد

By AseelElbash

2.2M 79.7K 17.8K

&&حقوق النشر محفوظة ومطبوعة فقط بأسمي انا اسيل الباش&& The highest ranked : #1 in romance.. #الرواية تدور أحد... More

المقدمة
الفصل الاول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس (الجزء الاول)
الفصل السادس (الجزء الثاني)
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
مهم جدًا
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
note
الفصل السابع عشر (الجزء الاول)
الفصل السابع عشر (الجزء الثاني
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي وعشرون
الفصل الثاني وعشرون
الفصل الثالث وعشرون
الفصل الرابع وعشرون
الفصل الخامس وعشرون
مهم
الفصل السادس وعشرون (الجزء الاول)
الفصل السادس وعشرون (الجزء الثاني)
الفصل الثامن وعشرون
مهم جدا
الفصل التاسع وعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الحادي وثلاثون
الفصل الثاني وثلاثون
الفصل الثالث وثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون والاخير
الخاتمة
شعلة بين الضلوع
اعلان هام جدًا
حقيقة
التحذير الأخير

الفصل السابع وعشرون

40.3K 1.7K 292
By AseelElbash

من الشرق إلى الغرب
يبلغ حجم همي..
يستشرس سمّه في
قلبي ويسرق مني فرحي..
لا ابتسامة تزين ثغري
بل شقاء خالد في دمي..
تهرق دماء جرحي ولا
ضمادة تطبطب على بؤسي..
الى من اشكو همي؟
ولا والف لا تدور حولي..
ومن الشرق إلى الغرب وحدي
بين وحوش تنبش لحمي..

----------------------------
بعد ساعات طويلة خرجت الداية برفقة أم صفوان وبيدها الطفلة التي انجبتها وهج بعد اصعب وأقسى ساعات مرت في حياتها..
تناول صفوان الطفلة من يدي والدته برقة لتبتسم
الداية وتقول:
- انها طفلة.. مبارك لك جمالها الملائكي!

إبتسم صفوان بحنو وهو يتأمل طفلته التي تبدو أنها كالملاك تمامًا.. ثم أذّن في اذنها اليمنى ليقتربا الصغيران بفضول ويتساءل سيف بغيرة:
- أبي ماذا تفعل لها؟

اجابه صفوفه بعاطفة أبوية:
- هذه أختك يا سيف.. انا اؤذن في اذنها.

- هل هي فتاة؟!
تمتم سيف بعدم رضى فهز صفوان رأسه موافقًا قبل أن يتوجه إلى الغرفة التي ترقد بها زوجته..
كانت وهج تبدو شاحبة ومستنزفة تمامًا.. تأملها صفوان وهي مغمضة العينين ثم فجأة اوقظتها حاجتها الأمومية لإحتضان طفلتها الصغيرة الباكية..
غمغمت وهج بوهن:
- اريدها.. اريد ان اضمها الى صدري!

مد صفوان يديه لها بالطفلة لتتناولها وهج بلهفة شديدة قبل أن تأخذها عيناها برحلة استكشاف حول ملامح صغيرتها.. سالت دموعها وهي تضمها بخوفٍ.. خائفة أن يقوم أحد بأذيتها.. بأخذها منها رغم عنها.. لم ترفع نظرها إلى صفوان الذي يتابع حركاتها بتركيز شديد واكتفت بصب كل اهتمامها على طفلتها رغم كل تعبها وضعفها..

- انها جميلة.. متوهجة مثلك تمامًا!
همس صفوان بحب ثم أضاف وهو لا يرى إلا التجاهل منها:
- يليق بها اسم نور.. ما رأيك؟

اومأت برأسها بخفة ثم قالت بجدية مريرة:
- اعذرني اليوم لن اقدر على الاعتناء بسيف وادهم لانني لتوي ولدت كما ترى.. اخشى ان تراني ايضّا اتخذ من ولادتي اليوم حجة حتى لا اعاني بهما وبالمنزل.

- وهج!!!
هتف صفوان بتحذير لتبتسم بألم قبل أن تهمس:
- هل بإمكانك مغادرة الغرفة الآن؟.. امي ستعتني بالطفلين ريثما ارتاح قليلًا!

جلس صفوان على السرير بعصبية خفيفة ثم قال:
- كفى يا وهج.. قومي بإرضاع الطفلة كي اخذها الى والدتك حتى تعتني بها.

- اخرج!
كررت وهج طلبها ولكن هذه المرة بنبرة متحشرجة ودموعها من شدة إرهاقها وقهرها تنهمر بعنف على وجهها..
مد يده حتى يزيل دموعها الا أنها سرعان ما كانت تردعه بصوتها الباكي:
- صفوان.. ارجوك اخرج! دعني لوحدي!

بكاء الطفلة لم يساعد البتة على إخماد النيران التي اخذت تشتعل بضراوة في صدره فتهيج من عصبيته النارية ويحتد بكاءها هي عنفوانًا..
شتم صفوان بكلمات غير مسموعة ثم خرج من الغرفة ليغلق الباب خلفه بقوة عنيفة..

*******************
أطلقت ياقوت صرخة ألم ورعب من بين شفتيها حالما قبضت أصابعه بقسوة على ذراعها ليجذها نحوه بينما يزمجر بثوران:
- ماذا قلتِ؟ حاولتِ ماذا؟

- أن انتحر لأتخلص من وجودك في حياتي!
ردت ياقوت بتحدي عنيف له لتنكمش ملامح وجهه بخطورة وهو يحاول أن يستوعب كلامها.. قرّبها منه أكثر ليضع ذراعيها خلف ظهرها ويلتصق صدرها بصدره.. ثم هتف بجهامة، متجاهلًا مؤقتًا كلماتها السامة عن شقيقته التي غدرت به:
- الانتحار يا ياقوت! الانتحار حتى تتخلصين مني!

تغضّنت ملامحها بوجع تحت وطأة يده التي لا تزال تعمل على تقريبها منه وكأنه يود أن يوشم جسدها داخل ضلوعه..
ثارت أنفاسها بتوتر، منتظرة رد فعل منه.. ربما سيضربها أو يطبق على جسدها احد طقوس جنونه..
لم ترد عليه ليردف بحدة جعلت جسدها ينتفض بين ذراعيه خاصةً وهو بهذا القرب المميت منها:
- أجيبي على سؤالي.. هل جننتِ لتحاولي الانتحار؟!

- دعني! انت تؤلمني!
تمتمت بنبرة مرتعشة بينما تحاول تجنب النظر إلى حدقتيه الغاضبين.. فقال بنبرة لاذعة تحمل الكثير من التهديد:
- محتارٌ على ماذا وماذا يجب أن اعاقبك!

كان يشعر بوضوح بضجيج خفقات فؤادها التي كانت تضرب صدره بقوة فلم يكن أمامه اي خيار أخر سوى تحرير ذراعيها لترتد سريعًا إلى الوراء ثم تقول بقوة:
- لا يحق لك أن تعاقبني.. لا يحق لك أبدًا! انت الوحيد الذي يجب أن يُعاقب!

بوضوح لعينيها المتوترتين كان يجاهد للتحكم بنفسه والتحلي بالصبر.. لا يريد أن يخسرها بعد أن وجدها بعد عناء عدة شهور.. ولا يريد أن يتسبب بأي ضرر لها ولطفله التي تحمله..
وهي أكثر من تعرفه.. محال أن يصمت ولا يعاقبها على هروبها منه وعلى الكلام التي قالته عن شقيقته.. ولكنها هي الآن حامل.. وهو أكثر ما يرغبه منها هو هذا الطفل!..

أحست بالغصة تستفحل وطأتها وهي تشيح بحدقتيها لتسلطهما على السرير الضخم الذي يحمل أسوأ ذكرياتها..
على هذا السرير حفرت أقسى ذكرى في قلبها لتصبح خالدة هذه الذكرى بحملها الحالي..
أغمضت عينيها ودموعها تنهمر ثم غمغمت بنبرة مخنوقة ووجهها يشحب بشدة:
- انت عاقبتني على اخطائي هذه التي تتحدث عنها قبل أن افكر بفعلها حتى!.. وما هي افعالي هذه إلا نتيجة قسوة معاملتك لي! لا تفكر أن تعاقبني اكثر فقد شبعت روحي وتشبعت أيضًا بكل انواع العقاب والعذاب منك!

فتحت عينيها سريعًا فور أن شعرت بيديه تضم ظهرها الى صدره.. حاولت الابتعاد عنه ليثبتها اكثر ويسند ذقنه على كتفها ثم يهمس بآسى:
- اعتذر!
قبّل ساري اذنها وكرّر:
- اعتذر!

- لا! لن اسامحك!
قالت بتعبٍ ودموعها لا تزال تتصبب على خديها وهي تحاول ازالة يديه عنها.. قبّل ساري اذنها مرة أخرى قبلة طويلة وهمس بعاطفة أجشة:
- بلى، يجب أن تسامحيني وننسى كل ما فات ونبدأ مسيرتنا في الحب كما يجب!

صاحت ياقوت بإنفعال وهي تضربه على ذراعيه التي تطوق جسدها:
- لا! لا! لماذا لا تفهم أن الحب لا يأتي وفقًا لمزاجك؟! انا لا احبك ولن احبك! أبدًا!

أدار ساري جسدها اليه وهي بين ذراعيه لتقابل عينيه الغامضتين وهو يقول بنبرة لا تقبل الجدال:
- بل ستحبينني! اذا لم يكن الآن فلاحقًا سيكون.

- الحب لا يأتي بالاجبار يا ساري العرّابي.
هتفت ياقوت بحدة وهي ترفع وجهها إليه بعنفوان فأبتسم ثم قال بهمس خشن ويده ترتفع لتزيل اسفل بطنها برقة بينما لا تزال أسيرة ذراعيه:
- ولكن الحب يأتي بعد الغفران، اليس كذلك؟

- لم ارى منك حتى الآن محاولة حقيقية واحدة لتنال غفراني.. دومًا تقضي علي جسديًا ونفسيًا.. فقط تفرض نفسك علي وتتفنن بمختلف انواع العقاب تحت اسم الانتقام أو الحب! حبك غير مرغوب به.. لا اقدر أن اتقبل وجودي معك ولو بقيت الى اخر العمر على هذا الوضع بينما احمل قطعة منك والندوب التي تسببت بها على جسدي لا زالت لم تفارق ذاكرتي.
قالت بجدية قبل أن تدفع يده بحنق وتستأنف بمرارة:
- انا أكره نفسي! هل تعرف معنى انني أكره نفسي؟ كيف تطلب مني ان احبك وانا نفسي لا احبها؟! كيف؟!

- حبي لك لوحده يكفيكِ!.. والله انني نادمٌ يا ياقوت.. هروبك مني كان أكبر عقاب لي.. كفى هجرانًا يا ياقوت! كفاك بعدًا!
همس ساري بنبرة تائقة لها بينما تدنو خطواته منها..
لم تتزحزح قدماها ولو خطوة واحدة وهي تطالع اقترابه منها بعينين جامدتين لتلمس أنامله برقة وجهها وتجفف دموعها التي لا تفارق وجهها..
تأففت ياقوت بإنهاك قبل أن تردف:
- لا ترتكب الجريمة ثم تطلب الغفران.. لا تقتلني يا ساري ثم تطلب مني ان اعيش! لا تفعل! حتى الآن.. حتى هذه اللحظة لا زلت تحاصرني بك.. ترعبني بأنانيتك القاسية.. حتى الآن لم انسى اي شيء مما فعلته بي تحت اسم انتقام تارةً ثم تحت اسم شرف تارةً أخرى كما بإمكاننا القول.

- انت زوجتي وشرفي.. مستحيل أن اسمح لك بذكر اسم رجل غيري!
هدر ساري بعصبية لتغمغم ياقوت بسخرية مريرة:
- لقد مات الذي كان يؤرق مضجعك ويثير غيرتك! وحتى بعد موته لم ترحمني وانت تفرض نفسك على جسدي بطريقة قاسية والاكثر رعبًا.

- في تلك اللحظة كان الشيطان يعمي بصيرتي وانتِ لم تساعديني أبدًا بإلقاء كلماتك السامة التي تثير جنون حتى الديوث!
برر ساري بنبرة غاضبة مشتعلة وهو يتذكر جنون كلماتها لترد هي باختناق:
- لا شيء يبرر لك فعلتك.. لا شيء!

ثم صمتت قليلًا لتشرد وتغمغم بإرتباك وكأن هناك ما يؤلمها ويخيفها:
- في الواقع.. انا اردت الهروب.. قبل أن تساعدني غزالة على الهروب.. كنت مرهقة.. ومتعبة.. لذلك فقط ساعدتني.

القى ساري عليها نظرة غامضة ثم قال:
- ليس لك أي علاقة بما فعلته غزالة وبما سأفعله انا.. انت حاليًا خارج هذا الموضوع كليًا!

********************
بعد اسبوع..
تأفف قسورة بغيظ وهو يرجم ظهر خنساء بصوان نظراته الغاضبة.. منذ اسبوع وهي تتجاهله وتتعامل معه ببرود تام.. وضع قسورة يده على ظهرها بضيق لتزفر خنساء ثم تنهض دون أن تتفوه بحرفٍ..
هتف قسورة بحدة وهو يراها تفتح الباب كي تخرج من الغرفة:
- الى اين سيدة خنساء؟ عودي الى مكانك وكفى جنونًا.

تجاهلته خنساء وهي تخرج من الغرفة ليلقي قسورة سبابًا حانقًا بصوت عال ثم يوثب عن السرير ويتبعها..
قبض على ذراعها بخشونة وأدارها إليه، قائلًا بعصبية:
- هذا يكفي يا خناس! اياك ومحاولة تجاوز حدودك!

إبتسمت خنساء ببرود ليهزها بقوة ويزمجر:
- تحدثي! لا تتصرفي كالخرساء في حين لسانك اطول منك!

رفعت حاجبها الأيسر كرد فعل على كلامه ثم نظرت الى يديه التي تحيط بذراعيها بعدم اعجاب ورفعت عينين سوداوين متألقتين بقوتهما ليترك قسورة ذراعيها بنفاذ صبر ويقول بضيق:
- الى متى سيستمر هذا العقاب سيدة خنساء؟

مرّر يده على خصلة من شعرها وهمس بشغف:
- اشتقت اليك والى صوتك.. هيّا تحدثي حبيبتي.. انت تدرين انني لا اقدر على صمتك ولا اتحمل بعدك.

إبتسمت خنساء بتهكم ليغمغم قسورة وإصابعه ترتفع لتتحسس شفتيها بلمسات رقيقة شغوفة:
- رباه كم اشتقت لرنين ضحكاتك العالية...
دنى بشفتيه من شفتيها بينما ترتفع حدقتاه لتتأمل تأثرها الواضح الذي ينجلي بوضوح في مقلتيها وخدّيها.. وهمس بينما تتأجج رغبته بالارتشاف من عسل ثغرها دون اكتفاء في حين أنفاسها تتصاعد بجنون:
- واشتقت الى الشعور بهاتين الشفتين!

كادت قدماها أن تهوي بها ارضًا من شدة ضعفها.. ووجهها المتوهج بإحمراره لم يساعد أبدًا على نحر الحرارة والجاذبية المشتعلة بينهما في هذه اللحظة..
أحست خنساء بشفتيه تشن هجومها على شفتيها بينما هي تائهة ومأخوذة كليًا بملامح وجهه الجميلة..
لم تبادله قبلته في البداية ولكن سحره سرعان ما اخذ يتفشى في أوبئة جسدها سارقًا منها عقلها وقلبها..

طوّق قسورة جسدها بيد حتى لا تخونها قدماها وتوقعها ارضًا ويده الأخرى اخذت تتجول على جسدها بحرية افقدتهما صوابهما معًا للحظات طويلة..
ولكن كلمات قسورة هي لوحدها من جعلتها تستيقظ من دوامة عالم الجنون التي كانت تسبح بها برفقة هذا الماكر الحذق والذي يكون زوجها..
"انت لوحدك حبيبتي.. لوحدك امرأتي.. محال أن أحب غيرك او أن احاول التفكير بغيرك"

دفعته خنساء بقوة عنها ليرتد إلى الخلف في حين يسمعها تزمجر بشراسة لا تليق الا بهذه الفهدوية:
- اذهب الى المرأة التي ستتزوجها وإفعل كل ذلك بها.
رفعت خنساء اصبعها بتهديد واستأنفت:
- إياك أن تفكر بلمسي مجددًا.. اذا حاولت مجددًا لمسي سأذهب لأقتل تلك الحرباء واقتلك معها.. هل فهمت؟ لعنكما الله!

ضحك قسورة ملئ شدقيه ثم قال بعبث:
- هل أخذك الآن؟

اشتعلت عيناها بغضب حارق ثم صاحت به بعصبية:
- أجل، هذا فقط ما تعرفه! السخرية مني والزواج بامرأة غيري!

- يا ليتني لم اطلب منك الحديث يا حبيبتي!
تمتم قسورة لتحدجه خنساء بنظرات اقرب إلى الجنون وتهدر:
- قسورة لا زلت صامتة! لا تدعني حقًا افقد عقلي!

زفر قسورة بحنق ثم قال:
- والله كما اخبرتك يا خنساء الزواج سيكون مؤقتًا فقط.. حتى هذا المنزل لن تدخله.. فقط سأبعث بإحدى النساء لتعتني بصحتها وازيل عنها الاشتباهات والاقاويل التي لحقت بها ثم سأطلقها.. لا انا ولا انت سنراها.. ارتاحي يا امرأة!

تبرمت خنساء:
- إذهب لتتزوج بمئة امرأة.. هل تراني مهتمة أو محروق دمي؟ لا يهمني زواجك بها أو بغيرها!

- آه يا رأسي! الصبر يا رب! الصبر!
تمتم بانفعال وهو يضرب جبينه بكفه لتتمتم خنساء بحنق:
- ليته ينفجر هو ورأس تلك الحرباء التي تعتقد انني لا افهم مكرها!

- خنساء حبيبتي لماذا لا تفهمين ما اقوله لك؟
قال قسورة بلطف لم يناسبه البتة لترد باستهزاء:
- لانني غبية.. ماذا بإمكانك أن تفعل؟ هذه هي زوجتك.. عديمة عقل!

استولت أصابعه على مؤخرة عنقها ليجذبها نحوه بعنف ويهدر بعصبية:
- كفى يا امرأة! يشهد الله أن هذا الزواج مؤقت! وان ليلة واحدة لن انام بجوارها.. انت الوحيدة التي تسكن قلبي وعقلي.. ووحدك التي تفعل كل هذا الويل بي! تبًّا لكيدكن!

ثم دون أن يسمح لها أن تعبر عن امتعاضها كان يجتاح  شفتيها بقبلة شغوفة عازمة على ترويض عقلية هذه المرأة المتحجرة!..

********************
أخيرًا سمح لها ساري أن تنزل من الجناح لتتناول الفطور مع أهله.. منذ أن عادت إلى الآن وهي لم تفارق الجناح الخاص بهما.. حتى الطعام كان ساري يحضره الى الجناح.. اسبوع كامل التزم به الجلوس بجانبها ومراقبتها وكأنه يخشى أن تضيع منه مرة أخرى.. حتى أن مجيء غزالة وطلبها أن تراه لتوضح له ما حدث لم يستجب له.. فقط كان هذا الاسبوع كله يدور حول زوجته التي هذه المرة سجنها في عرينه ولكن بطريقة مختلفة لا يدري اذ كانت ستفيد ام لا..

وقفت ياقوت بجانب ساري بتوتر بينما تسمعه يلقي تحية الصباح.. ابعد ساري الكرسي لها لتقعد عليه دون أن تهمس ببنت شفة تحت وطأة نظراتهم جميعًا المثبتة عليها..
هتف والد ساري بتهكم:
- أخيرًا نزلت لنرى وجهك ووجه زوجتك! كنت أكرمنا برؤية وجهك بعد شهر.

قال ساري باقتطاب:
- أن شاء الله في يوم ما.. من المفضل ان تناول الان الفطور.

غمغمت عائشة وهي تنظر إلى ياقوت:
- كيف حالك يا ياقوت؟ حمدًا لله على عودتك لنا سالمة.

- الحمد لله بخير.. كيف حالك انت؟
ردت ياقوت بتردد لتبتسم عائشة بحنو وترد عليها..
كان الصمت سيد الموقف خلال تناولهم الطعام حتى قالت والدة ساري بجدية:
- غزالة اليوم ستزورننا.

- اهلًا وسهلًا.. على اي حال انا سوف أخذ ياقوت اليوم بعد الظهر حتى تزور اهلها.. فأهلًا بها في بيتها طيلة الوقت.
هتف ساري ببرود لتبتلع ياقوت ريقها بخوف من القادم وبالأخص من رد فعل اهلها..
همّت عائشة أن تنهض لتوضب الطاولة فردعتها والدتها وهي تمنعها بقولها:
- اجلسي يا عائشة انا وزوجة شقيقك ياقوت سنوضب الطاولة.

- ياقوت حامل أمي.. لا يجب أن تتعب كثيرًا.. حالها كحال عائشة!
قال ساري بجدية لتحاول ياقوت استيعاب ما قاله.. عائشة حامل ومن الشخص الوحيد التي تمنت أن تكون ام أطفاله! أحست بإختناق شديد يطمس أنفاسها وهي تنظر الى عائشة الواقفة بجانب الطاولة.. ودون إرادة منها كانت تنزل نظراتها لتتسلط على بطنها..

أحست عائشة بتوتر اقرب إلى الخوف بسبب نظرات ياقوت المصدومة والمثبتة فقط على بطنها..
سمعت ياقوت التهنيئات الصادرة من والدته ووالده وتكفل ساري بالرد عليهما بدلًا منها.. ثم برقة أحاط ظهرها ليحثها على النهوض والصعود برفقته الى جناحهما..

تنهدت ياقوت بألم وهي تستدير لتواجه ساري بعد أن أغلق الباب خلفهما ثم تساءلت بتشتت:
- كيف هي حامل؟ كيف؟

- بنفس الطريقة التي انت حملتِ بها.. هي ايضًا كانت متزوجة اذا لا زلت لم تنسي الى الآن.
هتف ساري بخشونة بينما النيران تتآكل في صدره من شدة غيرته وهو يبصر بعينيه مدى ضياعها وتأثرها بحمل شقيقته عائشة من الشخص الوحيد الذي يغار منه حتى وهو تحت التراب..
أغمضت ياقوت عينيها التي ترجوها أن تبكي من شدة الاختناق التي تشعر به ثم فتحتهما وهمست:
- ساري ماذا ايضًا تخفون عني؟ ارجوك أخبرني!

بإبتسامة كالعلقم رد ساري:
- انت سيدة الأسرار يا ياقوت لا احد غيرك!

- معدتي تؤلمني.. اريد ان انام.
غمغمت ياقوت بوهن قبل أن تتوجه إلى السرير وتنام عليه دون أي مجهود يُذكر.. فقط كوابيس سرقتها اليها ورغم بشاعتها وقساوتها لم تستيقظ منها إلا بعد عدة ساعات..

*****************
بعد عدة ساعات..
تفرست حدقتاه النظر بتعابير وجهها النائمة القلقة.. كان يبدو عليها انها تتألم خلال نومها..
لا زال لم يقترب منها ويروي شوقه وشغفه.. يخشى عليها أن لا تقدر على تحمل جنون عاطفته وهي في حال لا يسمح لها أن تتعب أو تتأذى..
قبّل ساري جبينها وغمغم وهو يضع يده على بطنها برقة:
- مستحيل أن ادعك تحملين طفلًا من رجل غيري.. انت ولدت لتكوني امرأة ساري العرابي، لا غير! فقط ارضي بنصيبك حبيبتي! ارضي وسأريك كل انواع السعادة.. الم تقولي انني تفننت بتعذيبك، دعيني اذًا اتفنن بإسعادك.. ارجوك حبيبتي!

سمع باب جناحهما يُطرق فبصعوبة ابتعد عنها بعد أن قبّل طرف شفتيها بعشق..
فتح ساري باب الجناح لتنقلب ملامحه وتتحول إلى الجمود وهو يرى شقيقته غزالة تقف على باب الجناح..
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تتذكر عدد المرات التي زارته بها محاولة أن تنال على غفرانه دون أي جدوى.. حتى أنه لم يسمح لها أن ترى وجهه!..

زوجها فؤاد طلب منها ان يتحدث معه ليقنعه ولكنها رفضت..  هذه المشكلة تكمن بينها وبين شقيقها فقط وهما لوحدهما من يجب أن يتعاملا معها.. ويوسف شقيق ياقوت لا زال لم يمل فكل مرة يأتي للسؤال عن شقيقته منذ ما يقارب الاسبوع.. فيخبره فؤاد أن ياقوت لا ترغب برؤية اي احد..
لم تود أن تخبره بمكان ياقوت وبما حدث وكيف وجدها ساري فطلبت من فؤاد أن يبقى ذلك سرًا حتى تتصالح مع شقيقها وتنال على غفرانه..

- هل بإمكانني الدخول؟
تساءلت غزالة بنبرة مخنوقة فيسمح لها أن تدخل ثم يغلق الباب خلفها ويقول بجفاء:
- ماذا هناك يا غزالة؟ ماذا تريدين القول؟

- انا اسفة!
همست غزالة ببكاء ثم طأطأت برأسها واسترسلت:
- والله انا لا اقدر على تحمل بعدك.. لا استطيع تحمل خسارتك يا ساري.. انا اسفة!

بألم شديد قال ساري:
- انت الوحيدة التي لم أتوقع أن تغدر بي ذات يوم.. الوحيدة التي اوثق بها.. وكنت الوحيدة التي كسرت لي ظهري وأنا أكتشف ماذا فعلت بي.. حتى ياقوت.. الإنسانة التي اعشقها بجنون كنت دائمًا مستعد على تحمل اي شيء يبذر منها.. خيانة وغدر وقتل.. اي شيء ولكن منك انت... أبدًا لم أتوقع أو حتى افكر! انت لا تستحقين ثقتي.. لا تستحقين حبي لك.. ولا تضحيتي بإنسانيتي لاجلك.. لو هي غدرت بي كان ارحم لي الف مرة من طعنتك لي.. فهي على الأقل عذرها معها.. انا فعلت الويل بها.. ولكن انت..؟ بماذا اذيتك حتى تفعلين ذلك بي؟ بماذا يا غزالة؟

همست غزالة بشحوب ودموعها تحرق بشرة وجهها بحرارتها:
- عذري معي.. انت لم ترى ماذا رأيت انا.. لأجلك انت أيضًا فعلت ذلك.. كنت ستخسرها.. وانا ادري من هي بالنسبة لك.. لولا ثانية واحدة كنت عدت لتجدها غارقة في دمائها.. كانت ستنتحر! كانت في حالة نفسية سيئة اكثر مما تتصور.. كانت كارهة حتى لانفاسها! كانت مرعوبة أن تعود وتعاقبها.. كانت خائفة من كلام الجميع.. كانت من نفسها حتى خائفة.

إختنقت غزالة ببكائها وهي تسترسل:
- لم يكن أمامي اي خيار آخر سوى أن ابث الطمأنينة في قلبها.. تلك المرة منعتها انا عن محاولة الانتحار ولكن ليس كل مرة تسلم الجرة يا ساري! بعد ذلك وجدتها تحاول الهروب ومنعتها بقولي الصادق أنني أنا من سيساعدها على الهروب.. كانت ربما ستذهب إلى مكان لن يعلم به غير الله.. كانت ربما ستموت.. ربما سيتم اغتصابها.. قتلها.. اختطافها..  وهي كانت مترددة غير واثقة بي.. لم يكن بإمكانني أن اخبرك.. اخفيتها في منزلي  وانا ارى مدى سوى نفسيتها وانهيارها.. ولم يزد الأمر سوءًا الا حملها وخوفها أن تعرف انت به.. فلم اقدر يا ساري.. والله لم اقدر أن اقتلها اكثر مما هي مقتولة نفسيًا قبل أن يكون جسديًا.

جففت دموعها بأنامل مرتعشة وتابعت:
- هي انثى مثلي.. كيف لي ان اراها هكذا ولا اتحرك؟ انا احبك والله احبك.. انت الاغلى على قلبي ولكنها فتاة مسكينة وحيدة.. حتى نفسها لا تملك! لم يطاوعني قلبي على تحمل معاناتها.. انا آسفة يا ساري ولكن هي تستحق كل ما فعلته لآجلها.. ولولا لم افعل ذلك كنت لن تجدها يومًا ولو بحثت تحت الارض.. ثق بي!

صمتت غزالة للحظات قبل أن تغمغم برجاء:
- هي لا تعرف أن شقيقها معتصم هو قاتل احمد.. كما أنها لا تعلم بموته ولا بموت ابن عمها عزيز.. ارجوك لا تخبرها الآن.. انا سأخبرها بنفسي لاحقًا.. اخشى ان تتأذى وتخسر طفلها!

- معتصم مات! وهو من قتل احمد!
استدار كلاهما لمصدر الصوت ليقع قلبه بين قدميه وهو يرى دموعها التي تبلل وجهها.. دنى ساري بسرعة من ياقوت التي شحبت بشدة وكأنها ستفارق الحياة قبل أن تفقد وعيها وتقع بين ذراعيه كمن فقدت روحها!..

-------------------------
يتبع..
الفصل القادم إما يوم الاحد وإما يوم الاثنين..

اعتذر على التأخير.. كان الفصل يجب أن ينزل البارحة ولكن للاسف ولسوء حظي في الوقت الذي كنت اعدل به الفصل نمت دون أن ادري واستيقظت لاجد الهاتف قد فصل شحنه والفصل كله محذوف.. طبعًا كمية القهر التي شعرت بها لا يمكنني أن اوصفها لكم.. وغير ذلك اليوم صدقًا كنت منشغلة بالعديد من الأمور الشخصية وبصعوبة شديدة تمكنت من كتابة الفصل فأتمنى حقًا أن تعذروني..
ارجو الله أن لا يحدث ذلك لأي كاتبة لان حقًا اكثر شيء من الممكن أن يقهر اي كاتبة..

رأيكم في الفصل..
وتوقعاتكم؟

قراءة ممتعة..
مع كل حبي:
اسيل الباش

Continue Reading

You'll Also Like

3.8M 56.6K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
2.9K 307 19
هو يعيش حياته معها ،يبدوان فى غاية السعادة أنا أراقبهم من بعيد قلبى يدمى ألما على حبى الأول الذى أنتهى به المطاف متزوجا من أمراة آخرى ،أنها زوحتة ا...
88.2K 3K 37
هل لي الحق في حبك؟ أولست زوجتك.. اذن لك الحق.. لكني لطالما تمنيت قلبك قبل أي شئ، لهذا.. لا تتركيني.. اعلم ان قصتنا سخيفه ولكن اعتذر يا عائشة اعتذر...
7.4K 272 45
خيوط القدر نسجت شباكها لتحبسها في بيئة ومكان مغاير لواقعها ومختلف عما كانت تتخيل ولم تجد امامها سوى امرين لا ثالث لهما اما ان تكون الفريسة التي ستبقى...