الخاتمة

64.4K 2.3K 677
                                    

ردي عليّ يا طيرًا شذي يرفرف بلا تلبث..
فريشك خضل ناعم يحب ان يعبث..
وانا أسرٌ، جدرانه تهوى بك التشبث..
**
ردي عليّ يا ياقوتًا يكثر به الثناء..
فعذوبتك تلسع وتقصي الى الفناء..
وانا متجشم، ظمئه يرجوه بك الاقتناء..
**
ردي عليّ يا وطنًا من يخشه شهيد..
فأرضك طاهرة لا ترضى بأفئدة من حديد..
وانا لست الا عاشقًا تائقًا، فيك اكون كالعبيد..

----------------------------
كرهت ما تفوه به.. كرهت خوفها الذي لا يا يزال متأصلًا بعروقها.. كرهت اصراره وغيرته بقدر ما أسعدها كونه لا زال يكتوي في نيران عشقها.. لا زال قابعًا في هواء الماضي رغم تخبطات ستائر الحاضر..
لقد غادر حقًا وعيناه كلها إصرار.. إصرار كان سيحلق بها إلى اشهق السماء من فرط سعادتها لو انها تحبه فقط!.. ولكن المأساة تكمن في كونها لا تحبه.. لا تبادله مشاعره القوية ولا عاطفته الحارقة..

ضمت طفليها وشردت زرقاواها بأفكارها.. هي أخبرته أن يعود ليأخذ التوأم ليومين.. هل هي حقا بقادرة على الابتعاد عنهما؟.. حلمها المشرق.. نور ظلمتها.. هما حقًا الشيء الوحيد الذي يجعلها تشعر بالامتنان تجاه ساري.. هما قربان جريمته القاسية بحقها.. هما هدية لها من الله وهما ندبة مترسخة في دماغها تذكرها بالذل الذي كانت تتنفسه..

لقد طلبت يدها احدى النسوة للزواج من ابنها الشاب الأرمل.. اسمه حكيم وفقًا لما تذكره وبعمر شقيقها يوسف.. وقد فهمت من والدتها أن ليس لديه اطفال على الرغم من كونه متزوجًا منذ سنوات عديدة..
بكل تأكيد هي رفضت.. مجرد هذه الفكرة المجنونة رفضتها ولكنها انتعشت لانتقام والدتها من ساري بكلماتها المستفزة رغم خوفها من جنونه.. المجنون لا يزال يغار ويهددها بالزواج من أخرى!

لا تنكر أنها انزعجت لهذه الفكرة.. ليست لأنها تحبه.. لا! هي اعتادت فقط ملاحقته لها.. اعتادت اهتمامه.. محاولته بثها عشقه لتتقبله.. ربما هذه طبيعة الأنثى.. رغم عدم مبادلتها المشاعر تجاه الشخص الذي يريدها ورفضها له إلا أنها تريده أن يستمر بملاحقتها.. بمحاولاته معها لجعله ينال رضاها وقبولها رغم يقينها أنها لن تفعل ابدًا..

بعد ظهيرة الغد كان فعلًا ساري يأتي بوجه مكفهر الملامح ليأخذ طفليها.. انقبض قلبها وهي تراه يأخذهما بسرعة ويغادر.. دون أن يلقي نظرة واحدة عليها كما يفعل دومًا! لا تصدق هذا المهووس لا يزال غاضبًا!
تجاهلت كلمات والدتها الحانقة التي تدعو عليه وتشتمه ودخلت غرفتها وهي تشعر بفراغ كبير.. طفليها التوأم ليس معها لأول مرة.. كيف ستنام الليل دونهما؟ كيف تتنفس وهي لا تشاركهما نفس النفس؟ كيف يا الله!

اختنقت وأوجعها قلبها لتبكي كطفلة صغيرة أخذوا دميتها منها رغمًا عنها.. هي لا تقدر.. لا تقدر دونهما أن تعيش.. هما البلسم لكل مرارة جروحها.. هما الوطن لغربة قلبها وعائلتها وروحها.. هما كل شيء وهي لا شيء دونهما.. اجهشت ببكاء عنيف وهي تتناول القبعات الصوفية التي قامت بحياكتها بنفسها.. بلون الأصفر.. ودفنت أنفها بهما..

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن