الفصل الرابع

59.3K 1.9K 521
                                    

لنسافر الى الفضاء ونجرّب معنى الضياع..
دعينا بهمسٍ نتكلم عن حسن ما ضاع..
سأصطحبك برحلة على ظهري في كل بقاع..
سأخلدها كذكرى بقلبك ذو المكر والخداع..
لأدعك تنسين مسرحية العبث بالأقناع..
وأقصيك عن وطنٍ بسهولة يباع..
وأعلمك كيف يكون العشق حدّ النخاع..

-------------------------
كانت منهارة.. مرتعبة.. تستقبل كلمات جدها القاسية بصمت وخوف.. أمها تضمها بخوف عليها ووالدها هادئ بشكل غريب.. وكأنهم ينتظرون قدوم ساري ليعاقبها على ما فعلت.. تعرف أنه سيضربها وسيسجنها ربما في غرفتها حتى يهدأ ويتحمل رؤية وجهها.. ناهيك أنه سيحاول ابعاد ياقوت عنها..

دفنت وجها في صدر والدتها الباكية حينما وفاها صوته وهو يقترب منها.. تشبثت بحضن والدتها بارتعاب وهي تسمع جدها يقول بلؤم وقسوة:
- عاقبها يا ساري كي لا تكرّر فعلتها هذه.. حلال قتلها!

ضمتها هدية بقوة وهتفت برجاء لابنها:
- ساري أختك لن تكرر ما فعلت.. لا تضربها.. سأغضب عليك اذا ضربتها.

زمجر فواز بحدة:
- اهدأي يا امرأة ولا تتدخلي بعمله.. ابنتك يجب أن تتلقى عقابها حتى لا تكرّر فعلتها الشنيعة بحق عائلتنا وقبيلتنا.
ثم تطلع الى ابنه مالك وهدر:
- تكلم مع زوجتك يا مالك.. لا يجب أن تتدخل زوجتك بهذه الأمور!

تجاهل ساري ما قاله جده وقال بعصبية بالكاد يكتمها:
- أمي لو سمحتِ ابتعدي عني واستهدي بالله.

- ابتعدي عنها يا هدية.
صاح فواز بغضب فتمسكت هدية بابنتها أكثر وغمغمت ببكاء وقهر:
- لا.. لن أتركها.. عاقب يا ساري زوجتك بدلًا ان تعاقب عائشة.. اختك ليس لها اي ذنب!

لم تكن هدية تقصد ما قالته.. ولكن خوف الأم على طفلتها أجبرها أن تقسو وتضع اللوم على تلك المخطوفة الحزينة التي تتحمل جنون ابنها..
هاجت أعصاب ساري بعد ما قالته أمه فجذب عائشة الباكية بقوة من حضن والدته وهتف بحدة:
- ابنتك هي من ساعدتها على الهروب وهي السبب بما حدث.. ولا تقلقي يا أمي ياقوت تمّ عقابها وحان دور عائشة!

صرخت عائشة بفزع وهو يجرّها بقبضة قاسية الى غرفتها.. أغلق الباب وراءه وهو يسمع ضربات والدته على الباب التي تصيح بوجع وجزع على ابنتها..

**************
ارتسمت على شفتيه شبه ابتسامة وهو يراها جالسة على سريرهما تحرّك أصبعها بشكل عشوائي وكأنها تكتب.. غريبة هذه الخنساء تمارس موهبتها دون أن تمتلك الورقة والقلم! لم يرى قبلًا أنثى تمتلك هذا الاصرار سواها..

قعد قسورة بجانبها ثم سألها باستفزاز:
- ماذا تكتب كاتبتنا الشجاعة؟ هل تكتب عني؟

حدجته خنساء بنظرات مغتاظة واجابت بتهكم:
- أكتب عن زوجي وتعقده! هل تريد ان تعرف ماذا كنت أكتب عنه؟

- يسرني ذلك.
غمغم وهو يضع رأسه على ساقيها فتتوتر خنساء وتهمس بضيق:
- كنت أكتب عن ضيقي منك.. أعد اليّ يا قسورة حقيبتي.. أشتقت للكتابة.

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن