الفصل الثامن عشر

50.7K 1.8K 246
                                    

لا تسأل لماذا اكرهك..
او لماذا ابغضك..
فليس من حقك السؤال
او العتاب بعد أن تم الفراق..
لا تسأل لماذا الجفاء..
او لماذا الابتعاد عن الخيال
او التخلص من الاحلام..
فبيني وينك ممنوع السؤال..
مقطوع ببتر الكلام والحنان..
مهما احببتك ستبقى ملام
دون جدا او نقاش..
لا تسأل لماذا وانت تعرف
الجواب ودقة الجواب..

--------------------------
ابتسمت وهج بحنو على طريقة نوم الطفلين الصغيرين.. كانا نائمين على سريرها هي وصفوان وهما متعانقان.. من يرى طريقة تشبثهما ببعضهما البعض يظن أنهما توأم.. مع أن الشبه بينهما ليس حقًا كبيرًا..
اقتربت وهج منهما والإبتسامة الدافئة مرسومة على شفتيها ثم بنعومة مررت يدها على وجه كل منهما وهي تدعو الله أن يحفظهما..
فتح ادهم عينيه وابتعد عن شقيقها ليعانقها بينما يغمغم للمرة الأولى:
- امي وهج انت ستبقين تحبيننا، أليس كذلك؟

عقدت وهج حاجبيها وضمته الى صدرها بقوة أكبر، قائلة بجدية:
- بالتأكيد سأبقى احبكما حبيبي.. انتما ايضا من اغلى اطفالي.
زفرت وهج قبل أن تستأنف بتساؤل:
- لماذا تعتقد انني لن ابقى احبكما بعد أن الد شقيقك أو شقيقتك؟

بصدق أجاب ادهم:
- جدتي قالت ان "إذا وهج غيرت معاملتها لكما بعد أن تلد سأقوم انا بتربيتكما.. وانا متأكدة انها ستتغير".. نحن نريد أن نبقى معك وهج.. انت أمنا الثانية.

احست وهج بغصة تلسع حنجرتها من شدة مرارتها وضيقها.. لماذا جميعهم يحاولون ايجاد اي خطأ منها لتبدأ الألسنة بتوجيه اقسى الكلام لها؟.. حاولت أن لا تظهر تأثرها بردود فعلهم السلبية على حملها وهي تهمس بلطفٍ:
- بالتأكيد انا امكما الثانية وانت يا ادهم اول طفل لي على الرغم من كوني لم انجبك بنفسي.. ولكن الله وحده يا عمري يعرف كم احبكما.

ابتسم ادهم وهو يرفع نفسه قليلًا ليقبل وجنتها:
- كنت اعرف انك تحبيننا وسنبقى المفضلين في قلبك.. وحاولت أن أقنع جدتي ولكنها قالت إنها ستنتظر إلى أن تلدي.

ضمته وهج الى صدرها بقوة أكبر قبل أن تسأله بهدوء:
- جدتك ام والدتك هي التي قالت هذا الكلام، أليس كذلك؟

اومأ الصغير بموافقته فابتسمت له وهج بقهر.. هذا جزاء المعروف! التكلم عنها وتحريض اطفال ابنتها عليها.. نسيت كل شيء على ما يبدو.. وهي التي ضحت دون مقابل ووهبت بسخاء.. مؤلم جدًا أن تتكلم عنها والدة التي كانت صديقتها الأقرب إلى قلبها.. صديقتها التي لم تكن تفارق منزلها قبل أن تتأكد من سلامتها وراحتها وراحة طفليها..

دثرت وهج دموعها التي تود التحرر من مقلتيها تحت وطأة ابتسامة شجية بينما تهمس:
- لننام قليلًا يا ابا صفوان ريثما يعود والدك من عمله.

*****************
لقد ظن قسورة أن انهيار خنساء كان سيكون فقط في منزل والديها.. لم يتوقع أن فور دخولها منزلهما ستنهار مرة أخرى في بكاء عنيف وخاصةً بعد رؤيتها لمجلس الرجال المحروق.. نحيبها ودموعها التي تفيض على وجنتيها جعلت قلبه يخفق بوجع وقهر لا يُحتمل.. هذه أول مرة يراها تبكي بهذه الحسرة وبهذا الوجع.. وجع الأم على فقدان طفلها من أقسى الاوجاع.. وجع يزلزل الجبال.. يفتت الصخور وينهش القلوب.. وخنساء حقًا نهشت قلبه نهشًا بدموعها التي تجلده بسياطها الحار..

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن