الفصل الرابع عشر

46.1K 1.9K 289
                                    

الحب في مفهومك يا سيدي قليل الفهم..
الحياة في عينيك يا سيدي ليست حياة..
انت تريد التقوقع في جحر كثير الظلام..
والتربع على مقعد قابل بسهولة للذوبان..
غزلك يا سيدي كثير الألام والأوجاع..
كزمهرير السماء لطفل يتيم ملاذه البقاء..
انت لا تجيد الحب.. ولا تجيد الكره..
مفهومك غريب عجيب يحمل حقد دفين..
ويحمل صراع عتيد ليس عليه رقيب..

-----------------------
تعجبت ياقوت من إصرار ساري على حمايتها من ايٍّ كان وكذلك من ثقته الشديدة بأنه لن يسمح لها ابدًا ان تحتاج غيره في يومٍ ما.. تطلعت اليه بإستغراب قبل ان ترسم على شفتيها إبتسامة ساخرة قاسية وهي تقول:
- لن احتاج حمايتك ابدًا في يوم من الأيام.. فغير الله لا احتاج احدًا ليحميني.

قّربها ساري اليه أكثر ليطمس وجهه في حنايا عنقها وسط جمودها التّام وهمس:
- لن أُعكّر مزاجي منذ الصباح الباكر بغباء لسانك.

رفعت ياقوت يديها لتدفعه بعيدًا ببغضٍ عنها فضمّها ساري اليه أكثر ثم تأمل حدقتيها القاسيتين الكارهتين لوهلة وبشبه إبتسامة عابثة إنحنى يرتشف من سم ثغرها.. ما باله هذه الصباح؟! على ما يبدو انه تأثر بحلمه بها ولا زال غارقًا بإعترافها له بعشقها.. آه لو لم يكن فقط حلمًا!

لم تبادله ياقوت القبلة ابدًا كما لم ولن تفعل يومًا ما عدا تلك المرة اللعينة التي استسلمت له بشغف كانت تقصد به ان تطبطب على قلبها المتلهف للحنان والعاطفة منذ فترة طويلة..
ترغب فقط بفهم شخصية ساري.. تارةً تجده يعاملها بقسوة أشد من الحجر وتارةً اخرى تجده يعاملها بحنو غير واضح.. والأهم رغبته الدائمة بحمايتها.. ولكن لما لا يحميها من نفسه اولًا؟ لما لا يفعل ويطلق سراحها؟

ما يثير تعجبها وحيرتها حقًا انه لا يسمح لأحد التكلم معها بسوءٍ او ان يؤذيها بلمسةٍ.. عداه هو لا يحق لأحد ان يفعل.. لا تفهم المبادئ التي يسير حسبها ولا تود ان تفعل فهي لا ترجو الا التخلص منه ومن كل من تبغض في يومٍ ما.. وعسى ان يكون هذا اليوم قريبًا..

إبتعد ساري اخيرًا عنها فرمقته بنظرة باردة وهمست:
- إذا كنت قد إنتهيت مما قد تفعله بي لننزل.. فعائلتك تنتظر في الأسفل.

إبتسم ساري بعجرفة ثم قال وهو ينظر الى عينيها بعمقٍ:
- لن أنتهي منك قط.
وبهدوء اطلق سراح جسدها وإستطرد بينما يتوجه الى الحمام:
- إنتظريني دقيقتين وسوف ننزل.

فعلت كما قال دون ان تنبس ببنت شفة.. وبعد دقائق نزلا الى الأسفل فألقى ساري تحية الصباح وسار تجاه شقيقته ليقبّل رأسها بحنو وحب وهمس:
- كيف أصبحت الغالية اليوم؟

إبتسمت غزالة بنعومة وردت ببهجة:
- بأفضل حال حبيبي.. لقد أحضرت لك الإفطار برفقة زوجتك وان شاء الله سأطهو لك اليوم بنفسي العديد من الأشياء التي تحبها.

ضحك ساري ثم ربت على شعرها بخفة:
- سأعود اذًا اليوم باكرًا حتى اتأكد ان احدًا لن يساعدك.

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن