الفصل الثاني وثلاثون

46.6K 1.8K 638
                                    

اوجاعي تئن يا مغواري..
وقد تعب الوجع من اوجاعي..
وأُرهقت عيناي من ذرف الدموعِ..
اقلام الدفاتر اكتفت من كتابة سطوري..
والاغلال التي تقيدني بأوجاعها تشتهي تحريري..
وقد ذبلت اوراق الخريف أكثر مع ذبولي..
واحترقت الشمس لوعةً وتضامنًا مع احتراق قلبي..
انا اتألم يا حبيب روحي وشقاء عمري..
وليس لي مغيث يسند همومي..
ولا انت قريب لتحميني.. ولا انت بعيد لتريحني..
وها انا تائهة وسط امواج اوجاعي وصرخاتي..

-----------------------
لا تعلم ماهية احساسها بعد سماعها أكثر ما تتمنى.. احاسيس غريبة تتفاوت بقوة في صدرها.. ولكن لاول مرة تحس بمعنى الحرية.. انها سيدة نفسها.. غير مملوكة من قبل أحد..
صدمتها بموافقته اخيرًا على الطلاق جعلتها لا تبصر ألمه ولا حزنه.. لدرجة أنها تسمرت مكانها تحدق به بعينين واسعتين مذهولتين.. للحظات طويلة بقيت جامدة قبل أن ترتسم ابتسامة خفيفة على شفتيها وتغمض عينيها وكأن تم وهبها الجنة!

وقف ساري يتأمل فرحتها بروح منكسرة.. الى هذا الحد هي سعيدة بطلاقها منه! الكلمات هربت من فمه لتصب جميعها في قلبه فلا يقدر على النطق بإحداها لان لو تكلم سيدمر كل شيء.. تراكم مؤلم ملأ فؤاده المنشطر وهو لا زال يطالعها بنفس النظرات التي تثير الشفقة..
استدار ومنحها ظهره بعد أن ألقى نظرة أخيرة عليها ثم همس بصوت خشن مرير وهو يسير تجاه باب الجناح:
- جهزي نفسك لأخذك الى اهلك.. انا سأنتظرك في الاسفل!

لم يسمع اي جواب منها ولم ينتظر بدوره أي كلمة منها.. ولكن رغمًا عنه كانت تتريث قدماه في طريقها إلى الخارج ليزدرم الاشواك التي قبعت في حنجرته وهو يدير وجهه مرة أخرى ليتأمل السرير بحسرة! حيث كانت ولأول مرة تبدو راضية! حيث عاش اجمل ليلة في حياته.. ورسم مستقبل يجمع بينهما مفعم بالسعادة والحب..

ألجم آهة تود اختراق صدره والخروج منه بينما ينزل الى الاسفل بخطوات سريعة.. كمن يهرب من واقع صار ولا بد من الهروب منه إذا لم يقدر على التعايش معه..
حالما دخل الصالة حيث يجلس الجميع بدأت الأسئلة تهاجم أذنيه..
"ماذا حدث؟"
"هل اذيتها يا ساري؟"
"لماذا كانت ياقوت تصرخ؟"
"لماذا لا ترد علينا؟"

والمزيد والمزيد من الأسئلة التي تعبّر عن قلقهم وخوفهم.. ولكن ساري لم يكن واعيًا لأي من هذه الأسئلة ولم يبالي بالرد عليها..
الإحمرار الذي كان يغزو عينيه ارعب والدته لتضع يدها على كتفه وتهمس بلطفٍ:
- ساري بني.. هل انت بخير؟ لا ترعبني عليك!

شعر ساري بوجودها فقال ببرود لا يمت له بصلة:
- لقد طلقتها!

لم ينتظر ساري رؤية صدمتهم وكلماتهم المستنكرة وهو يسير نحوها ويقول:
- هيّا امشي!

طيلة طريق سيرهما الى منزل عائلتها كانت انفاس كلاهما هي التي تسود الجو.. وقبل أن تطرق الباب همس ساري:
- اعتني بنفسك وبطفلنا.. هو امانة لديك.. لا تفرطي بهذه الأمانة!

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن