ظلمات حصونه "الجزء الأول" (ال...

Oleh MennaAyman996540

1.4M 35.3K 5.7K

لطالما كانت المحبة والكراهية عدوان لا يلتقيان أبدًا فى قلب واحد، فمن تملكت الكراهية قلبه لا يمكن أن يحب بصدق... Lebih Banyak

شخصيات الرواية
مُقدمة
اقتباس
-١-
-٢-
مناقشة
-٣-
-٤-
-٥-
-٦-
-٧-
-٨-
-٩-
-١١-
-١٢-
-١٣-
مُلخص سريع
-١٤-
-١٥-
-١٦-
-١٧-
مناقشه
-١٨-
-١٩-
-٢٠-
-٢١-
-٢٢-
-٢٣-
-٢٤-
-٢٥-
-٢٦-
-٢٧-
الفصل الثامن والعشرون
مناقشة
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الحادى والثلاثون
الفصل الثانى والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون (الأخير)

-١٠-

35.3K 988 134
Oleh MennaAyman996540

-الفصل العاشر-

متنسوش التصويت☆

❈-❈-❈

أنتهى "هاشم" من تبديل ملابسه بعد أن عاد من شركته. ليجدها تجلس على الفراش وبيدها هاتفها كالعادة تتفقد مواقع التواصل الأجتماعي حتى تشعر بالملل وتخلد إلى النوم، فهذا ما تفعله كل ليلة، بل هذا ما تفعله منذ أن تزوجا، نعم هو يحترم ذلك الاتفاق الذي حدث بيننم منذ عشرون عامًا، ولكنه أيضا كأي رجل لديه إحتياجات ورغبات عليه إشباعها، ولكن كيف؟!

توجه "هاشم" نحو الفراش ثم أستلقى عليه على إحدى جانبيه مواليا لها ظهره مُدعيا النوم، وهذا حتى لا تلاحظ هي ملامحه المستائة من تلك العلاقة العقيمة، أغمض عينيه متذكرا ذلك اليوم.

أتسعت عيناه بصدمة مما أستمع إليه غير قادرًا على استيعاب ما أستمع إليه الان هاتفًا بصدمة:

- أنتي بتقولي أيه يا هناء؟

جففت "هناء" دموعها التي تتهاوى دون توقف مٌحاولة السيطرة على نفسها مُعقبة بكثير من الحدة والحزم:

- زى ما سمعت يا هاشم، أحنا لازم نتجوز.

مازالت الصدمة تسيطر عليه، إنه لم يتقبل بعد وفاة شقيقه وزوجته التي كان يعشقها للغاية، لتفاجئه شقيقتها التي كانت تٌحب شقيقه بطلبها للزواج منه، ليُضيف بصدمة وإنفعال:

- أتجوزك أزاى يعني يا هناء!! أنتي أتجننتي؟ أنتي عارفة أنتي بتطلبي أيه! أنتي أخت مراتي وكنتي بتحبي أخويا و....

- والاتنين ماتوا يا هاشم.

صرخت بتلك الجملة ودموعها لا تتوقف عن الهبوط مُقاطعة إياه عن الحديث، وهذا لكي تستطيع أن توضح له ما هو سبب طلبها ذاك، لتُكمل حديثها ببكاء مرير:

- ماتوا يا هاشم، ماتوا بسبب لبنى، لبنى اللي سرقت مني شرف أول مره وأتجوزته، وسرقته مني للمرة التانية لما أتسببت فى موته وحرمتني حتى من إني أشوفه عايش قدامي، وأنا حرمت على نفسي الفرحة من بعد شرف يا هاشم وعمري ما هفكر أكون مع راجل غير شرف، بس محدش هيسبني فى حالي وخصوصا أهلنا وممكن يفكروا إني معيوبة أو فيا علة، وأنا عليتي الوحيدة هى حبي لشرف، وأنا متاكدة إنك عارف أنا بحب شرف قد أيه! عشان كده بطلب منك إننا نتجوز عشان متأكده إنك عارف إن شرف عايش جوايا وعمرك ما هتقرب مني أبدا، وفي نفس الوقت أنت محتاج أم لجواد وزينة ومحتاج زوجة تصون بيتك وعرضك، أحنا الأتنين محتاجين بعض يا أبن يا عمي، هعيش معاك فى بيت واحد وفى اوضه واحدة وعلى فرشة واحدة بس أوعدني إننا نعيش طول عمرنا أخوات ومتلمسنيش أبدا يا هاشم.

•••

فتح عيناه بندم وأسى على ما توصل له بسبب هذا الأتفاق اللعين، نعم هو يُحب تهاني ولكن أين هو ذلك الرجل الذى يتحمل عشون عامًا دون أن يقترب من إمرأة!! وما يجعل الأمر أسوء إنه يمتلك زوجة ولكن يا للسخرية، إنه لا يستطيع أن يقترب منها أو يُفاتحها فى الامر، ماذا يقول لها؟! أيُخبرها إنه فى أمس الحاجة لها!!

ألتفت إليها مُصطنعًا النوم وأخذ يقترب منها إلى أن أصبح ظهرها ملامسًا لصدره، ثم أمتدت يده مُحاوطة خصرها، لينتفض جسدها بفزع ونهضت بسريعة من الفراش مُدعية الذهاب إلى المرحاض هاربة منه بعدما أدركت نوايا "هاشم".

ليزفر هو بخيبة أمل وقلة حيلة وأستسلم للنوم مُتحاشيا التفكير فى ذلك الأمر مرة أخرى.

❈-❈-❈

نهض "جواد" ويبدو عليه الكثير من الغضب، تلك اللعينة قد تجاوزت معه الحد وفعلت ما لم يستطع أحدًا فعله من قبل، تطاولت معه كثيرا فى الحديث وأستطاعت أن تتحداه وأيضا قامت بغرز شوكة الطعام فى يده، والأن تقوم بدفه من فوق الفراش بمنتهى الجرأة والتحدي، عليه أن يُلقن تلك المتمردة درسًا لا تنساه.

أقترب نحوها وهو على مشارف الإنفجار من كثرة غضبه منها، ليجذبها من ذراعها بقسوة راغمًا إياها على الوقوف حتى تأوهت بألم، ولكنه لم يكترث لتأوهها وجعلها تقف أمامه مُعقبًا بإنفعال:

- أنتي بقى سوقتي فيها مش كده؟! الصبح تضربيني بالشوكة وسكتلك، دلوقتي تزوقيني من على السرير بمنتها الجرأة! تكونيش قادره عليا وأنا معرفش يا روح أمك!!

سحبت "ديانة" يدها من قبضته ثم رفعتها دافعة إياه فى صدره مٌحاولة إبعاده عنها، ولكن دون فائدة، إنه كالجدار الصخري لا يتحرك أبدا، لتصيح فيه بغضب مماثل لغضبه:

- ولا أنت كمان قادر عليا، أيوه ضربتك بالشوكة وزقيتك من على السرير ولو قربت مني مرة تانية هضربك بالنار فى عينك دي.

قالتها بمنتهى التحدي وهي تضع عينيها بعينيه وكلاهما على وشك الأنفجار، لا يُنكر أن جرأتها وقوتها قد أعجبته للغاية، هذه أول مرة يرى فتاة بتلك القوة ولا تخشى فكرة وجودهما معا بمفردهم، فليعترف تلك الفتاة تملك جرأة يفتقدها الكثير من الرجال، وهو على رأسهم.

لكنه لن يسمح لها أن تمارس قوتها تلك عليه، يكفي تلك المرأة التي يخشاها إلى الأن، لن يسمح لشخصًا أخر يُشعره بكم هو ضعيف وجبان، أشتعلت نيران الغضب بداخله وجذبها من شعرها بكثير من العنف لوقاحتها وجرأتها معه، ليجزبها مُقربًا إياها نحوه بشدة صارخًا بها:

- دا أنا اللي هضربك بالجذمة على دماغك ودماغ أهلك، أنتي شكلك مبتتعلميش الأدب من أول مرة وعايزة تتضربي كل شويه زي البهايم، من عنيا.. أنا هربيكي من تاني.

دفعها على الفراش عازما على تقطيع ثيابها وضربها مثلما فعل من قبل، بينما فاجأته هي بإنحنائها أرضًا وإلتقاطها تلك السكينة الصغيرة التي كانت تستخدمها فى تقطيع الفاكهة قبل عوده، لتوجها نحوه مُضيفة بحدة:

- أبعد عني بدل ما أسيح دمك النجس ده النهاردة.

أبتسم لها بمزيجًا من الدهشة لسرعتها فى فعل هذا والسخرية من جرأتها التي خدعتها وصورت لها إنه سيخشى فعلتها تلك، يالها من فتاة قوية وشراسة، ولكن لسوء حظها وقعت مع الشخص الخطأ، ذلك الشخص الذي لا يخشى تلك الأفعال ولا حتى يخشى الموت، لُضيف بإبتسامة مُستهزأة:

- حلو أوي الجو ده لا بجد عجبتيني، تعرفي أنا كنت مضايق أوي إن عَدوي بنت يتيمة وضعيفة، وأنا مش من طبعي أعَادي الضعيف، لكن برافو أنتي دلوقتى ريحتيني وأثبتيلي إنك مش مجرد بنت ضعيفة، وبكده تبدأ المتعة الحقيقية فى تعذيبك وأستمتع وأنا بطلع روحك فى ايدي.

أقترب منها بعفوية دفعة واحدة، لتقوم بمهاجمته كرد فعل منها بذلك السكين موجهة ضربتها فى صدره متسببة له فى جرح صطحي فى منتصف صدره، على الرغم من إنسيال دنائه إلا إنها لم تتعمق فى ذلك الجرح حتى لا يموت.

- المرة الجاية لو فكرت تقرب مني تاني السكينة دي هتكون فى قلبك.

لم يكن متوقع منها أبدًا أن تفعلها، كان يظنها تُهدّه فقط، وضع يده على جرحه مُتفحصا إياه بغضب وخوف فى آنٍ وأحد، ورغم شعوره بالغضب من فعلتها إلا انه شعر بالخوف الشديد، بالرغم من حدته وقسوته لكنه يخشى الدماء منذ حادث والدته، لتنتصر ملامح الخوف عليه، بينما أندهشت "ديانة" من ردة فعله.

لم يتفوه "جواد" بأي كلمة، فقد الرهبة هي كل ما تظهر على ملامحه، وسريعًا ما أشرع فى الخروج من الغرفة بأكملها،  بينما توجهت "ديانة" بتغلق الباب خلفة، وما إن أغلقت الباب حتى خارت قواها وهبطت دموعها يُصاحبها قناع القوة التي كانت مرتدياه مُعلنة عن إنهيارها، فهذه أول مرة لها أن تُهاجم فيها أحدًا بسكين وتتسبب له فى ذرف الدماء.

وعلى الجانب الأخر أسرع "جواد" فى التوجه إلى المرحاض الخاص بغرفة أخرى مُحاولا التخلص من هذه الدماء، يبدو عليه الخوف الشديد وتلك الرجفة التي سيطرت عليه، كلما راى ذلك السائل يتذكر والدته وهي تذرف أنفاسها الأخيرة أمامة.

وما إن تخلص من تلك الدماء حتى هدأت وتيرة أنفاسه وخوفه وكأنه أصبح شخصا أخر، ها قد عاد لصموده مرة أخرى، حتى إنه لم يتأثر من رؤية الجرح من الخارج بعد أن توقف النزيف، على الرغم من إنه لا يبدو هيننا ابدا ولكنه غير مكترث له، كل ما كان يُخيفه هو تلك الدماء الذي لا يتحمل رؤيتها أبدًا.

عقم جرحه وأخذ يُضمده بمنهى الصمود والقوة، وعندما أنتهى عاد مرة أخرى إلى غرفة "ديانة" عازمًا على أن يجعلها تصرخ بين يديه طالبة الرحمة التي لن يمنحها إياها.

توقف أمام باب الغرفة الذي حاول أن يفتحه ولكن دون فائدة، فقد كانت أسرع منه هذه المرة وقامت بغلقه بإحكام، ثم قامت بدفع الأريكة حتى وضعتها خلف الباب مباشرا.

طرق على الباب بغضب وحدة هاتفًا بحنق:

- أفتحي الباب ده بدل ما أكسره على دماغك.

شعرت بقليل من القلق من طريقة خوفًا من أن يستطيع فتح الباب والوصول إليها، تعلم جيدًا إنه إذا وصل لها بالطبع سيفتك بها، ولكنها حاولت التظهار بالصمود حتى تسطيع أن تُبعده عنها، لتستجمع قواها مُعقبة بثبات:

- مش هفتح الباب وأكسره لو كنت تقدر.

شعر بالغضب من تحديها له ليُحاول رفع الباب بكتفه وكسره، ولكنه شعر بالألم الشديد فى جرح صدره متأثرًا بصدمة كتفه بالباب، ليتريث قليلا وأستطاع السيطرة على إنفعاله مُدركة صعوبة ذلك الجرح وإنه غير مُستعد لدخول شجارًا الأن معها، ليُضيف بتوعد:

- لسه ليكي عمر يا بنت لبنى، أنا هسيبك دلوقتي بس عشان مفيش دماغ ليكي، لكن ورحمة أبوكي لأربيكي من أول وجديد، ومن دلوقتى أنا وأنتي يا قاتل يا مقتول.

تحرك مُتجهًا إلى غرفة أخرى ببنما شعرت هي بقليل من الراحة من رحيله بعيدًا عنها، عادت لتجلس على الفراش مرة أخرى، تذكرت ذلك الخوف الذي رأته بعينيه عندما رأئ الدماء، لقد فعل نفس الشيء عندما أعتدى عليها ذلك اليوم! ترى لماذا يخشى شكل الدماء لهذه الدرجة؟ هل هذا له علاقة بما حدث فى الماضي وبوالدتها؟

❈-❈-❈

ذهبت إلى غرفة "ماجدة" بعد أن تأكدت أن "هاشم" قد غرق فى النوم وجميع من فى المنزل فى غرفهم، حتى تلك المرافقة الخاصة ب "ماجدة" قد ذهبت لتخلد إلى النوم.

جلست "هناء" بجانب "ماجدة" ويبدو عليها الكثير من الضيق والأنزعاج، لتراقبها "ماجدة" بعينيها بعد أن شعرت بوجودها بالغرفة وأستيقظت من نومها، لتتهاوى الدموع من أعين "هناء" مُعقبة بألم وأشتياق:

- شرف واحشني أوي يا ماجدة، واحشني أوي أوي، عشرين سنه وانا متجوزة هاشم جواز على ورق بس، عمري ما قدرت أفكر فيه كزوج أو أخليه يلمسني، أوقات كتير كنت بحاول أتخيل إنه شرف لكن مقدرتش.

أجهشت فى البكاء بكثرة، بينما "ماجدة" أنسالت دموعها دون توقف ليس من أجل "هناء"، بل من أجل شقيقيها الذان تدمران بسبب هوس تلك المرأة، فأحدهم قد فارق الحياة والأخر يحيا بلا حياة.

أقتربت "هناء" منها وهي مازالت تبكي بشدة وإنهيار مُضيفة بندم:

- أنا أسفة يا ماجدة بس أنتي أكيد عارفة كل اللي حصل، محدش فيكوا كان واقف جمبي كلكوا كنتوا مغلطني وعايزين تيجوا عليا بسبب لبنى، وأهي شوفتي عملت فينا كلنا أيه!!

رمقتها "ماجدة" بإحتقار شديد فإن كان بأستطاعت "هناء" أن تخدع الجميع فهي أخر شخص تستطيع خداعه، إنها تعرفها أكثر مما تعرف هي نفسها، لتصيح "هناء" بألم وحسرة:

- متبصليش كده يا ماجدة حرام عليكي، أنتي متعرفيش أنا حصلي أيه بعد خبر موت شرف.

••

وصلوا إلى المشفى وأنتقل كلا من "تهاني" و "ماجدة" إلى غرفة العمليات، "ماجدة" كانت لاتزال بها القليل من النبض ولكن حالتها خطرة جدا، و"تهاني" أيضا لا تقل عنها خطورة.

أسرعت "هناء" فى التوجه نحو "لبنى" وأخذت تصرخ بوجهها على فعلتها وإنها هي من فعلت هذا وإنها ستُعاقب على ما فتلته ولكن بعد أن يطمئنوا على "تهاني" و "ماجدة".

بينما جلس "هاشم" واضعًا رأسه بين كفيه مُنكسرًا مشدودًا لما حدث وكأن حقا لا تأتى المصائب إلا جماعة.

هرول إليه أحد رجاله العاملين معه ويبدو عليه ملامح الفزع والذُعر، لا يعلم كيف ينقل له هذا الخبر ولكنه يجب أن يعلم حتى يقوم بفعل اللازم.

اقترب منه فى رعب من أن يبلغه هذا الخبر، ليبتلع بقلق عازمًا على أن يخبره وليُصبره خالقه على مُصيبته:

- هاشم بيه، البقاء لله.

فزع "هاشم" من تلك الجُملة وأخذ يرتجف من الذُعر، ولكنه ظل يُحاول أن يتماسك ويبقى واقفًا على قدميه، ثم أبتلع بحسرة مُستفسرًا:

- تهاني ولا ماجدة؟

وضع ذلك الرجل وجهه أرضًا بحزن وأسى مُجيبًا إياه:

- شرف بيه أخو حضرتك عمل حادثه و..، البقاء لله.

- شرف

صرخت "هناء" باسمه بألم وحسرة كبيرة وكأن روحها قد سُلبت منها وبالطبع لها الحق أن تحزن، فهو الرجل الذي لطالما حلمت به وتمنت أن تكون له، ولكن النصيب كان له رأى أخر.

بينما سقطت "لبنى" فاقدة للوعي، لم تستطع تحمل كل تلك الصدمات فى يوم واحد، وها قد مات الأن الشخص الوحيد الذي كان سيُدافع عنها ويحميها من بطش هؤلاء الذين لن يرحموها مهما فعلت أو مهما قالت.

بينما لم يستطيع "هاشم" المُقاومة أكثر لتخونه قدميه وسقط أرضًا مُنحني الظهر يبكي بحرقة على مفارقة أخيه، من فارقه ليس مجرد أخ بل كان سنده وعُكازه الذي كان يستند عليه، فقد مات شقيقه الذي كان له بمثابة أخا وأبنا وصديقًا وكل شىء، لقد كُسر ظهره الأن.

توجهت "هناء" نحو الرجل صارخة بصدمة بكل ما أوتيت من قوة رافضة تصديقه غير مُستوعبة ما يحدث:

- أنت بتقول أيه ها؟ شرف مماتش، شرف لا.

ظلت تصرخ بقوة وألم يُمزق قلبها، تعلم إنها هي الشخص المُتسبب فى حدوث ذلك، هي من أخبرته بما حدث ظننًا منها إنها ستزرع الكراهية فى قلبه تجاه "لبنى"، لم تكن تعلم إنها تقوده إلى الموت.

سقطت "هناء" أرضًا بجانب "هاشم" وهي تقوم بتحريكه بعفوية وصراخ:

- أنا عايزة أشوفه يا هاشم، عايزة أشوف شرف يا هاشم.

أخذها وذهب كلاهما إلى الغرفه الموضوع بها "شرف" لتحضيره قبل دفنه بعد أن تاكدوا من سبب الوفاة وهي نزيف داخلي بالمخ أثر إنقلاب السيارة به وهو يقود بسرعة كبيرة.

دلفت "هناء" الغرفة وما إن رأت "شرف" ميتًا أمامها نظرت إلى "هاشم" مُتوسلة إياه:

- أرجوك يا هاشم سبني معاه شويه لوحدنا.

رمقها "هاشم" بحزن وحسرة على ما بها، هو يعلم إلى أي مدى تعشق "شرف"، ولهذا قرر أن يتركها تودعه الوداع الأخير.

خرج "هاشم" من الغرفة تاركًا كلاهما معا حتى تستطيع أن تودعه، بينما هي بمجرد أن تأكدت من خروجه من الغرفة أسرعت فى الركض نحو سرير "شرف" وأنحنت إلى قدميه مُقبلة كلاهما وصوت شهقاتها يملا المكان.

ظلت ما يُقارب دقيقتان تحتضن قدميه وتقبلها ببكاء وألم مرير، لتهتف بصوت مبحوح أثر بكائها:

- سامحني يا شرف، أنا مكنتش أقصد يحصل كده، مكنتش عايزاك تموت، أنا كنت عايزاك تكرها وتسبها، مكنش قصدي إنك أنت اللي تموت، هي اللي كان لازم تموت يا شرف مش أنت.

أزداد نحيبها كثيرا مُضيفة:

- أنا بحبك يا شرف بحبك من زمان أوي، من أول ما فتحت عيني على الدنيا وأنا بحبك، أستنيتك كتير أوي بس أنت محستش بيا، سبتنى ورحت لواحدة تانية، ليه يا شرف؟ والله العظيم ما حد حبك فى الدنيا كلها قدي، متسبنيش يا شرف أنا مقدرش أعيش من غيرك.

صعدت إلى وجهه وأشاحت عنه ذلك الغطاء وبمجرد أن رأت ملامحه المُشوهة أثر ذلك الحادث حتى صرخت بألم وحسرة.

أستمع "هاشم" إلى صراخها ليدلف الغرفة بسرعة ورأى وجه أخيه الميت، ليشعر بألمًا ينهش قلبه ولكنه تحامل على نفسه حتى يُخرج "هناء" من الغرفة.

ظلت "هناء" تصرخ وتبكي بينما أسرع "هاشم" فى إحتضانها مُحاولا تهدئتها وإخرجها من تلك الغرفة، لتصيح بصراخ مُحاول الإفلات من بين يده وهي ترى الممرضة تُغطي وجهه مرة أخرى:

- لا متعمليش كده، قوم يا شرف، لا.. متخلهوش يسبني يا هاشم، متخلهوش يسبني، شرف.

صرخت بإسمة وسريعًا ما غابت عن الوعي غير مُدركة ليا شيء يحدث حولها.

•••

جففت دموعها بملامح قاسية وصامدة مُعقبة بحدة وكراهية:

- لبنى هي السبب يا ماجدة وانا مش هخلي كل الوجع والحسرة اللي حصلتلي تروح على الفاضي، أنا أه معرفتش أنتقم من لبنى وماتت قبل ما أفش غلي فيها، بس هنتقم من بنتها وأموتها بأيدي.

خرجت "هناء" من الغرفة بينما "ماجدة" ظلت تبكي بصمت وعجز، لترفع رأسها إلى السماء متمنية بداخلها أن يمنحها الله القوة وتستطيع أن تتكلم حتى تُخبر الجميع بما حدث هذا اليوم وتنقذ تلك المسكينة من يد "هناء" و"جواد".

❈-❈-❈

منذ أن استيقظت من بضع ساعات وهي مترددة هل تفعلها أم لا؟ ولكنها بالنهاية أقنعت نفسها إنهم الأن أقارب وعليها إذًا أن تطمئن عليهم.

ألتقطت هاتفها وسريعًا ما بحثت عن رقمه وأتصلت به، لحظات قليلة حتى أتاها صوته الرخيم مجيبًا بنعاس:

- أمم.. ألو.

شعرت بكثير من الخجل، على ما يبدو إنه قد إتصلت فى وقت مبكرًا، اللعنة على غبائها، لتحمحم بإحرج:

- صباح الخير.

أعتدل فى جلسته بسرعة بعد أن أستمع إلى صوته، كيف لم ينظر فى الهاتف قبل أن يجب؟ بالتأكيد تشعر بالحرج الأن، اللعنة على عقله الأحمق، ليبادلها بلهفة:

- صباح الفل.

أبتلعت بهدوء مُحاولة السيطرة على توترها مُعقبة:

- أنا أسفة إني أتصلت بدري كده، أنا بس كنت حابة أتطمن على أهلك، وصلوا ولا لسه؟

حاول أن يُزيح ذلك الأحراج مُجيبًا إياها بإمتنان على أهتمامها بأمر أسرته ولذوقها:

- أسفة على أيه بس أنتي تتصلي فى أي وقت، وهم آه الحمدلله واصلوا إمبارح باليل.

أبتسمت بإعجاب على لطافته معها وإكتراثه لعدم إحراجها مُعقبة:

- حمدلله على سلامتهم.

- الله يسلمك.

أراد أن يُحاول فتح حديث معها ولكنها حطمت محاولته دون معرفتها معقبة بقليل من التوتر:

- طب أنا مُضطرة أقفل بقى.

لم ينجح فيما أراد أن يفعله، ليستسلم لطلبها بهدوء:

- تمام، شكرا جدًا على سؤالك.

أجابته بود ولطافة:

- على أيه، العفو.

أغلقت المُكالمة وهي تشعر بكثيرًا من السعادة والفرح، ولكنها لا تعلم لماذا تشعر بهذه الاحاسيس! لماذا تشعر بذلك الانجذاب نحوه؟ هل هي مُعجبة به!

حركت رأسها بعفوية مُحاولة طرد تلك الأفكار من رأسها زاجرة نفسها حتى لا تعطي الأمر أكثر من حده مُتمتمة:

- بطلي هبل يا زينة وقومي روحي شغلك.

❈-❈-❈

أستيقظ من نومه على صوت رنين جرس المنزل مُعلنًا عن قدوم أحدهم، نهض مُتأففًا لإجباره على الاستيقاظ الأن، ليلعن نفسه على عدم تعين خدم بهذا البيت.

هبط الدرج مُتجها نحو باب المنزل وسريعًا ما قام بفتحه، وبمجرد أن فتخه شعر بالضيق والإنزعاج لرؤيتها أمامه، وقليل من الصدمة التي ألجمت لسانه، لياتيه صوتها مُتهكمة:

- أيه! مش هتدخلني ولا أيه؟

أغمض عينه مُحاولًا كبح غضبه مُتنهدًا بضيق، وتنحى جانبًا مُتيحًا لها الطريق مُعقبًا بنبرة مشوبة بالغضب:

- أتفضلي

دلفت "هناء" المنزل بمنتهى الكبرياء والغرور بملامحها القاسية والخالية من أية مشاعر، أتبعها "جواد" ويبدو عليه الإنزعاج الشديد من مجيئها دون علمه، ولكن لا يستطيع ان يُعاملها بطريقة تُضايقها، وكل هذا يحدث تحت أنظار "ديانة" التي أستيقظت على صوت جرس المنزل ووقفت أعلى الدرج تُتابع ما يحدث بصمت.

لترى "جواد" يقف مُقابلًا ل"هناء" ولكن ليس بهذا الغرور الذي أعتادت عليه منه، بل طريقته فى الحديث معها تحمل القليل من الاحترام وإنعدام وقاحته، ولكنه يرمقها بنفس نظرات الجفاء والحدة التى ترمقه هي بها، لتشعر "ديانة" وكانهم أليون ليسوا بشرًا.

كسر "جواد" هذا الصمت بملامح تصرخ بالثبات والهدوء المُصطنع هاتفًا:

- خير! فى أيه؟

رمقته "هناء" بتفحص إلى أن وقعت عيناه على هذه الضُماضة على صدره، لتتلاقى أعينهم مرة أخره بنفس الثبات مُستفسرة:

- أيه اللي فى صدرك ده؟

توتر قليلا ولكنه لم يُظهره، هل يخبرها أن تلك الفتاة هي من جرحته فى صدره؟ ستجعله أضحوكتها لعامًا قادم، كلا لن يُخبرها، ليتنهد مٌحاولًا إفتعال موقف يجعلها تصدقه:

- مفيش كنت بقيس قميص جديد ونسيت أشيل دبوس من الدبابيس فدخل فى صدري وأنا بلبسه.

لم تكترث لما قاله، بل لا تكترث لأمره هو نفسه، لتومأ له بالتفهم، وأتبتلع بأستعداد لأخراج المزيد والمزيد من وقحتها مُعقبة بحدة:

- عملت اللي قولتلك عليه؟

ضيقت "ديانة" ما بين حاجبيها وهي تقف أعلى الدرج تراقب حديثهم، لماذا لم يُخبرها إنها هي من جرحته؟ هل لا يريد أحدًا أن يتدخل بينهم! أم إنه يخشى على مظهره أمامها لأن فتاة هي من جرحته؟ لحظة واحدة ما هذا الشيء الذي طلبته منه؟

بينما هو أغمض عيناه بضيق بعد سؤال تلك المرأة التي لا تخجل أبدا، ليُحاول إذًا أن يُجيبها بوقاحة مماثلة لها:

- حصل وطلعت بنت بنوت بس الحاجة مش معايا، معاها هي.

استنبطت "ديانة" عن ماذا كانوا يتحدثون لتشعر بغثة تكونت فى صدرها، ذلك الحقير أعتدى عليها بأمر من تلك المرأة الوقحة، كيف لها أن تُحرضه على فعل ذلك بها؟ تلك اللعينة التى لا تعرف عن الحترام شيئًا.

تهاوت دموعها حسرة على ما حدث لها وعلى زواجها من رجلًا كهذا، يتبع أوامر النساء وليس له أية شخصية مع تلك المرأة ويفعل ما تأمره به دون تفكير.

بينما لاحظت "هناء" وجود "ديانة" التي تقف أعلى الدرج ويبدو عليها ملامح الإنكسار، لتبتسم "هناء" بداخلها بإنتصار وأضافت بمزيد من وقاحتها:

- ويا ترى بقى نمت معاها ولا أخدتها عند دكتور؟ وإتأكدت أزاى إنها بنت بنوت؟ ليه مثلا متكونش عملية عملية أو حاجة!

صُدم "جواد" من حديثها ومن جرأئتها الغير متوقعة، هل حقل تسأله إذا كان ضاجعها أم لا؟ وتسأله كيف تأكد بالطبع هو يستطيع تميز الأمر فهو رجلا خبيرا بأمور النساء وخصيصا العاهرات ويستطيع تميزهن، كاد أن يرد عليها لحدة، ليقاطعه هبوط "ديانة" الذي تفاجئ بها.

بينما غضبت "ديانة" كثيرا ولم تستطيع تحمل الأمر أكثر من ذلك، لتهبط الدرج بضيقًا وإنزعاج موجهة حديثها نحو "هناء" مُعقبة بحدة:

- أحترمي نفسك يا ست أنتي بدل ما أرد عليكي رد مش كويس وأنسى سنك.

شعر "جواد" بمزيجًا من الصدمة والأعجاب فى أنً واحد، هي لم تفعل شيء خارق ولكنه هكذا بالنسبة له، هذه أول مرة يرى أحدًا يتطاول على "هناء" ويُحاول ردعها، حتى والده لا يستطيع إغضابها أحترامًا لها وخشية من قسوتها وحدتها مع الجميع.

حتى هو لا يستطيع إزعاجها أحترامًا وتقديرًا لها، على الرغم من قسوتها وشدتها معه ومعاملتها الجافة الباردة، بينما "هناء" قد غلت دمائها بعروقها من تطاول تلك الفتاة عليها، ولكنها حاولت أن لا تفقد أعصابها أمامها لتهتف بتهكم:

- وأنتي بقى يا بنت لبني اللي هتعلميني الأدب.

رفعت حاجبها بأستهزار وسخرية مُضيفة:

- وبعدين مش يمكن تكوني كنتي مدوراها قبل الجواز؟ ولا أنتي فاكره نفسك هتضحكي عليا زي أمك القذرة ما ضحكت على أبوكي زمان!

صمتت من حدة تلك الصفعة التي تهاوت على وجهها، مما جعلها تبتلع حديثها بصدمة وغضب، لتعزم على أن تقطع تلك اليد الذي تجرئت على لمسها وصفعها.

يتبع...

مواعيد النشر
أتنين وخميس على المدونة.
تلات وجمعه على الواتباد.

دُمتم بخير♥️♥️

Lanjutkan Membaca

Kamu Akan Menyukai Ini

264K 5.4K 26
نوفيلا بتدرس أفكار واعتقادات مهمة كل السناجل تجمع هنا ·
227K 5.3K 48
قادها القدر الي الهلاك ولم يكن عليها سوي ان تستجيب لجحيمها.... لم يكن عليه عشقها لتمتد سلاسل العشق تقيد روحهما ولكن بالخطئ... فلم تحب من يجب عليها حب...
345K 9.3K 33
جميع حقوق الملكية تخص الكاتبتين فاطمة حمدي و اميرة الشافعي **مقدمه** أحبته دون أن تراه ، مجرد سماعها أخلاقه تمنت أن يكون فارسها الذي لطالما حلمت به...
338K 7.2K 45
لا تحب القيد و تعيش حياتها فجأة تنقلب حياتها ل تُسحب في ساحة من الغموض و المفأجات و تصبح آسيرة...!