الفصل الثانى والثلاثون

25.1K 790 132
                                    

وصل "جواد" إلى قصر عائلة الدمنهورى وسريعا ما أخرج مفتاحه وقام بدفع الباب بكثيرا من الغضب والفوضى لدرجة أنه أرتطم بالحائط خلفه وتحط زجاجه بالكامل ، خرجت "حسنة" وباقى العاملين فى المنزل على أثر صوت الزجاج المنكسر ، فزع الجميع عندما وقعت أعينهم على ملامح "جواد" الصارخة بالغضب والأشتعال وهو يدلف القصر بملامحه تزرع الخوف فى قلب كل من يراه بهذه الهيئة المرعبة

كان الجميع يخشى أن يتفوه بأية حرف أمام ذلك البركان الثائر خوفا من أن يأذى أحدهم ، ولكن هى لم تستطيع ان تظل صامته فهى بهذا البيت منذ أن كان "جواد" فى سن المراهقة وتعتبره مثل أبنها وأكثر ، تدخلت "حسنة" مُحاولة إستوقاف "جواد" ومعرفة ما به رادفة بقلق :

_ فى أيه يا أبنى مالك؟!

تجاهلها "جواد" وأكمل طريقه راكضا نحو الدرج صاعد إلى غرفته دون حتى النظر لها ، طالعت "حُسنة" باقى العاملين فى القصر ويبدوا عليها ملامح القلق والتوتر من هيئة "جواد" الغير مُطمئنة أبدا

بينما فى الأعلى دلف "جواد" غرفته وأوصد الباب خلفه جيدا وما إن صاح صوت المفتاح مُعلنا عن إغلاقه للباب حتى أنفجر "جواد" فى البكاء وكأنه سمح لنفسه أخيرا بلأنهيار وإخراج مل ما يحمله بداخله من ألم وحسرة ، ظل "جواد" ينظر فى كل أركان الغرفة متذكر كل شيء حدث لها بها ، هنا تمت مُعاقبته بكثير من الأيام لا يخرج من تلك الغرفة ولا يرى أحدا ، هنا تم ضربه وتعنيفه بل تعذيبه وإهانته ، هنا نُعت بأبشع الألفاظ وأفظع أنواع السُباب ، هنا تجرد من طفولته ، هنا كان يأكل واحده بينما الجميع يجلسون حول المائدة معا ، هنا بكى وبكى إلى أن حفرت دموعه أرضية تلك الغرفة ، هنا تمنى لو كان هو من مات وليس ولدته لكى لا يرغم على العيش مع إمرأة مثل "هناء" ، هنا تحول من مجرد طفل برئ فى العاشرة من عمره ، إلى وحشا قاسى يخشاه الناس بينما هو أضعف كأن على وجه الأرض

نظر "جواد" إلى إنعكاس صورته بالمرأه ليرى نفسه ضعيفا وهزيل ومنكسر ، دموعه لا تتوقف عن الأنسدال فوق وجنتيه نعم هو يتذكر ذلك المنظر ، وكيف له أن ينساه!! ذلك المنظر كان يرأه كل يوم فى نفس تلك الغرفة وأمام نفس المرأة بعد كل مرة كان يُعاقب فيها على شيء لن يرتكبه ، كان يرى ذلك المنظر كل مرة كان يتمنى شيء ويريد الحصول عليه ويتم رفضه ، كان يراه كل مرة كان يحرم فيها من شيء يحبه كنوع من أنواع العقاب ، كل مرة كان يُضرب أمام أحدهم ويشعر بالشماته فى أعين من حوله ، كل مرة كان يُهان أمام الجميع لدرجة أن الجميع أصبح يُهينه

تذكر تلك المرأة التى كان بالنسبة له وحشا وليس بشرا ، تلك المرأة التى كان يخشاها حتى عندما أصبح رجلا فى العقد الرابع من عمره وكانها ستُعاقبه كما كانت تفعل به وهو طفلا صغير ، كان تستطيع التحكم به وكأنه دميتها الصغيرة ، لم يكن يتوقع بيوما من الأيام أن تلك المرأة هى نفسها المرأة التى قتلت أمه وحرمته منها وظلت تعذبة وتقسى عليه لينتقم من شخصا أخر

ظلمات حصونه "الجزء الأول" (النسخة قيد التعديل)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن