ظلمات حصونه "الجزء الأول" (ال...

By MennaAyman996540

1.4M 35.3K 5.7K

لطالما كانت المحبة والكراهية عدوان لا يلتقيان أبدًا فى قلب واحد، فمن تملكت الكراهية قلبه لا يمكن أن يحب بصدق... More

شخصيات الرواية
مُقدمة
اقتباس
-١-
-٢-
مناقشة
-٤-
-٥-
-٦-
-٧-
-٨-
-٩-
-١٠-
-١١-
-١٢-
-١٣-
مُلخص سريع
-١٤-
-١٥-
-١٦-
-١٧-
مناقشه
-١٨-
-١٩-
-٢٠-
-٢١-
-٢٢-
-٢٣-
-٢٤-
-٢٥-
-٢٦-
-٢٧-
الفصل الثامن والعشرون
مناقشة
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الحادى والثلاثون
الفصل الثانى والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون (الأخير)

-٣-

38.5K 1.1K 139
By MennaAyman996540

-الفصل الثالث-

متنسوش التصويت☆

❈-❈-❈

ينظر إليه "إياد" بعدم رضا مُعترضا على ما ينوي "جواد" أن يفعله مُتحدثا بإعتراض:

- لا طبعا يا جواد حرام عليك كده، دي مجرد غلطة صغيرة فى شغل الإدارة وتكاد تكون لا تذكر أصلا، تقوم أنت محول الولد لتحقيق مره واحدة

غضب "جواد" كثير من إعتراض "إياد" على تصرفه ذلك ومن أعتقادة بأن تلك الغلطة صغيرة كما يدعي ليصيح به فى حدة وغضب شديد:

- الغلطة دي مش صغيرة يا بشمهندس إياد، وحتى لو صغيرة اللى غلط لازم يتحاسب على غلطه ده، وإلا هيتمادى فى غلطة واللى حوليه كمان هيعملوا زيه ومش هيخافوا من رد الفعل و...

قاطع حديثه صوت طرقات مساعدته على باب مكتبه، سمح لها بالدخول لتهتف مُعلنة إياه عما جأت من أجله:

- محمد من قسم المراجعة عايز يقابل حضرتك يا مستر جواد

رفع أحد حاجباه بتعجب من جرأة ذلك الشاب، لينهض من مقعده وتوجه ناحية النافذة الخاصه بمكتبه مردفا بجمود وكبرياء:

- خليه يدخل

بعد مرور لحظات دلف ذلك الشاب مكتب "جواد" بتوتر وإرتياب من ردة فعله، ولكن ليس أمامه خيار تخر!! إما أن يطلب منه السماح والغفران على غلطته أو سيضيع مستقبله ويدخل السجن، تقدم "محمد" إليه بتحفظ وإرتباك مُعقبا بأسف:

- أنا أسف جدا يا بشمهندس جواد، والله أنا مش عارفة أزاى غلطت الغلطة دي، والله دى أول وأخر مرة تحصل بس بلاش السجن، أعمل اللى يعجب حضرتك بس أرجوك بلاش السجن

أستدار له "جواد" رامقا إياه بنظرة بارد لم يستطيع الأخر تفسيرها أو الأستنتاج منها ما هى ردة فعله، بينما أدرك جيدا ما يفكر فيه "جواد" من تلقين ذلك الشاب درسا قاسيا سينتج عنه ضياع مستقبله، ليتدخل "إياد" بسرعة قبل أن يلقى صديقه يما فى رأسه مُحاولا إنقاذ الموقف موجها حديثه نحو "محمد" مُعقبا بعتاب شديد الحدة:

- أنت عارف إنك غلطان وتستاهل أكتر من كده ولا لا!!

ابتلع "محمد" بمزيد من التوتر والقلق مرادفا بكثير من الحرج والخزي موضحا سبب ما فعله:

- عارف والله ومعترف بغلطتي بس والله ما كان قصدى، كل اللى حصل إن وأنا براجع على عدد الشحنات اللى أستلمناه جالي تليفون إن والدتي تعبت جدا ونقلوها المستشفى، مضيت على الملفات وقفلتهم بسرعة وأستأذنت ورحتلها على طول ومجاش فى دماغي خالص إني أرجع أبص فيها تانى وأتاكد منها، هو ده كل اللى حصل

شعر "جواد" بالانزعاج الشديد مما تفوه به "محمد" فقد ذكر ذلك الشيء بكثير من الأشياء المؤلمة التى لم تفارقه ولو ليوم واحد، تلك الكلمات فتحت تلك الجروح القديمة التى لم تُداوى بعد، لاحظ "إياد" ما يمر به "جواد" وتغير ملامحه، ليتنهد بشفقة متفهما ما يشعر به صديقه، ولكن حاول أستغلال ذلك الشيء فى أستعطافه تجاه ذلك الشاب، ليتحدث باهتمام موجها حديثه نحو "محمد":

- طيب والدتك عاملة أيه دلوقتي؟

لمعت أعيُن ذلك الشاب بألم وحزن على والدته مطأطئا رأسه إلى الأسفل بانكسار وقد خانته دموعه وانسابت على وجهه مُعقبا بنحيب:

- حالتها صعبة جدا يا مستر إياد

شهق من كثرة بكائه مضيفا بألم ينهش قلبه:

- أكتشفنا إنها عندها كانسر ومحتاجه عملية كبيرة أوى ومش عارف أعمل أيه؟

تاثر "إياد" كثير من حديث "محمد" وكاد أن يتحدث عارضا عليه المساعدة فى علاج والدته، ولكن قاطعه صوت "جواد" الذى نهض من مكانه ويبدو عليه الغضب الشديد هاتفا بحدة وجمود:

- أنا مش عايز أشوف وشك فى الشركة هنا تاني

شعر كلا من "محمد" و"إياد" بالصدمة الشديدة من كل ذلك الجحود لدى هذا "الجواد" وكيف لم يتاثر بذلك الحديث!! كيف له أن يكون بتلك القسوة المُهلكة؟ ولكن "إياد" لكان صدمته أقل فهو يعرف "جواد" جيدا ويعلم إنه لا يتأثر بسهولة، وهذا بفضل ما عناه منذ طفولته

تدخل "إياد" فى الحديث بسرعة معترضا على ما هتف به "جواد" ولكن ضمن حدوده التى لا يجب أن يتخطاها خصيصا مع "جواد الدمنهوري، ليعقب مقترحا:

- بعد إذنك يا بشمهندس جواد أنا عندي حل، أحنا ممكن ننقله فرع صغير من فروع شركاتنا وده هيكون أكبر عقاب ليه ونحط عينا عليه ولو غلط تاني يبقى يستاهل كل اللى يجراله

هذا ما كان "جواد" متأكد منه، كان يعلم أن هذا سيكون رد "إياد" وهو ممتن جدا لذلك الإقتراح الذي لم يكن لينطق به أبدا وهذا بالضبط "جواد الدمنهوري"

ساد الصمت لقليل من الوقت وكلا من "محمد" و"إياد" يرتبان من رد "جواد" على هذا الأقتراح، ليكسر هو هذا الصمت مُعقبا بجدية:

- يتخصم منه شهر ومن أول بكرة ينزل الفرع اللى هتحدده ليه يا إياد وشغله يبقى عندي أول بأول وأنا اللى هتابعه بنفسي

أومأ له "إياد" برأسه موافقا على حديث "جواد"، بينما حمد "محمد" ربه بإنه جعل "إياد" يدافع عنه وينقذه من ضياع مستقبله نهائيا، بينما رماه "جواد" بنظرة حادة مُضيفا بإقتضاب:

- تقدر تتفضل دلوقتى

أومأ "محمد" له بالموافقة وخرج من المكتب شاعر ببعض من الحرج، بينما كاد "إياد" أن يلحق به هو الاخر ولكن أوقفة صوت "جواد" مردفا بحزم:

- إياد أستنى أنا عايزك

جلس "إياد" بمقعدهومرة أخرى وهو يظن أن "جواد" سيوبخه على كثرة اعتراضه على قرراته، ولكنه فاجأه صديقه بما لم يتوقعه منه مطلقا.

نظر إليه "جواد" بصلابة غير مُظهرا أي تأثر أو شفقة مُعقبا بزرقاوتي بارتان مردفا بجمود:

- أنا عايزك تعرف مكان المستشفى اللى فيها والدته وتعرف الأستعلمات إن أنا اللى هتكفل بكل حاجة تخص الست دى لحد ما تبقى كويسة

أتسعت عيني "إياد" بصدمة مما أستمع إليه، هو لم يكن يتخيل قط ان "جواد" سيطلب منن طلب مثل هذا، ليرمقه بعدم تصديق من أن هذا هو صديقه، هل حقا تأثر بما أستمع إليه!! إذا هناك أمل بأن يخرج فكرة الإنتقام تلك من رأسه ويعيش حياته مثل أي شخص طبيعي

كاد أن يتحدث حول ذلك الأمر ليقاطعة صوت رنين هاتف "جواد" مُعلنا عن وجود اتصال له من أحدهم، ليقوم "جواد" بالرد عليه وما إن أستمع لما يواد أن يخبره به المتصل، إلا وهب واقفا ويبدو عليه الغضب الشديد الذى يدب الفزع فى قلب كل من يراه

شعر "إياد" بالقلق من تغير ملامح وجه صديقه بتلك الطريقه ليتدخل مردفا باستفسار:

- فى أيه يا جواد!! حصل أيه؟!

أنهى "جواد" ذلك الاتصال بإنفعال وغل تاركا مكتبه متوجها نحو مكتب والده، بينما أتبعه "إياد" فى صمت مُحاولا أن يدرك ما الذى يحدث بالضبط

دلف "جواد" مكتب والده دون إستأذان بهمجية كبيرة غير مكترثا إلى أحد صائحا بغضب وحنق:

- الهانم إتقرا فاتحتها وخطوبتها بكره

صاح بوجه والده بغضب شديد دون وعي منه، بينما شعر والده بالصدمة من فعلته تلك ولكنه لم يعلق عليها، فهو يعلم أنه لن يجعل "جواد" يصل لتلك الحاله من الغضب والإنفعال سوا كارثه، ليعقب "هاشم" مستفسرا:

- هانم مين اللى أتقرا فاتحتها وخطوبتها بكره؟!

صاح "جواد" بإنفعال وضيق مُضيفا:

- الست ديانة

شعر "هاشم" بكثير من الإنزعاج لدرجة إنه كاد أن ينفجر غيظا، ليخرج ذلك الغضب على أبنه مُعنفا إياه:

- أتخطبت!! صح ماهو أنا لو كنت خلفت راجل بصحيح كان جبهالى من زمان مش خاف يجبها ويقولي هخطفها يعنى، أتفضل يا سيد الرجالة أهى لبستك بدل العيبة عشرة، راحت أتخطبت لواحد برا العيلة خالص ولا كأننا موجودين، والاهم من كل ده تار اللى ماتوا، أنا لو كان عندي راجل كان جبها ورماها تحت رجلي من زمان بس للاسف أنا معنديش رجالة

قال جملته الاخيرة بخزلان بينما أشتعل "جواد" غضبا وصاح به مردفا بإنفعال:

- هجيبها يا هاشم بيه، ويبقى حد يغلطني فى اللى هعمله

❈-❈-❈

جميع من فى المنزل يشعرون بالسعادة العارمة إستعدادا لخطبة "ديانة"، فهى تكون أول فرحة لهم والجميع متحمس لهذا اليوم ويُحضرون استعدادات الحفل الذى سيكون فى منزلهم لإنها ستكون خطبة عائلية

أنتهت من ارتداء فستانها الفضي الذى كان يبرز أنوثتها برقة بالغة، فهو مفسر من عند منطقة الصدر حتى بداية خصرها منسدلها بوسع قليل حتى نهاية قدميها بدون أكمام ظاهرا جمال بشرتها البيضاء الحلبية ورشاقة ذراعيها

أنتهت أيضا من وضع بعض مساحيق التجميل ولكنها لم تستخدم سوا بعض الأداوات القليلة لعمل لمسات فنية بسيطة وليس صاخبة، هى لا تحتاج إلى الكثير من تلك المستحضرات فجمالها الطبيعي يجعلها أكثر من رائعة خاصا تلك الخصلات الملولوة الأمعة

صاحت "منال" بأعين لامعة من شدة جمالها مُعلقة بأعجاب شديد:

- اللهم صلي على النبي ربنا يبارك فيكي ويحفظك يا حبيبتي

ابتسمت "ديانة" على تعليق والدتها ونهضت سريعا لتحتضنها مُردفة بحب متبادل:

- ويباركلي فيكي وميحرمنيش منك أبدا يا أحلى أم فى الدنيا

أضافت "ديانة" بسرعة مستفسرة عنه معقبة بلهفة:

- صحيح يا ماما هو فين مالك! أوعى تقوليلي لسه مجاش؟

توترت ملامح والدتها قليلا لم تكن تريد إخبارها بأنه لا يستطيع الحضور بسبب ظروف عمله ولكنها ضيقت عليها السُبل للفرار وعليها الأن أن تخبرها، لكن لتحاول أن تجلعها لا تشعر بالحزن لتجيبها مستحضرة الهدوء:

- بصراحة يا ديانة مالك شكله مش هيعرف يجي فى المعاد، حصل ظرف عنده فى الشغل وقالي إنه هيضطر يستنى شوية وقالي أقولك متزعليش منه

شعرت "ديانة" بالكثير من الحزن والعبوث، هى تحتاج إليه الأن أكثر من أي وقت مضي، لطالما كانا متعلقان ببعضهم كثيرا لدرجة أن الجميع كان يظنهم تؤئمان من كثرة إرتباطهم ببعض، كاد أن تصيع مُعترضة بحزن على ذلك الشيء ولكن قاطعها دخول "ملك" مُعقبة بلهفة وحماس:

- العريس وصل

❈-❈-❈

••

رمقها بكثير من نظرات الكراهية والغضب لاهدا عليها صافعا إياها وهو يجذبها نحوه بعضب لدرجة أن ملابسها تمزقت من شدة عنفه معها، ليصرخ بها بغيظ شديد:

- أنا مش هرحمك يا لبنى، هخليكى تتمنى الموت كل لحظة ومش هتطوليه غير لما أنا أسمحلك بده يا حقيرة

ظلت تبكي قهرا وانكسار على ما يفعله بها وهى حتى لا تستطيع التفوه بكلمة واحدة تدافع بها عن نفسعا، فعجزها عن الكلام صعب موقفها للغاية، حتى إنها لا تستطيع تفسير شيئا له مما حدث

صاحت صارخة بألم من شدة تلك الضربات التى ينهال عليها بها من حزامه الجلدي على جسدها الحليبي البض طابعًا أثره على جسدها، لتزداد صراختها علوا مع كل جلدة تسقط عليها منه والدموع لا تتوقف عن السيل من عسليتيها

صاح بها "هاشم" بصوت جمهوري مستفسرا للمرة المائة عن مكان أبنتها التى أخفتها عن يده منذ عدة أعوام قليلة:

- وديتيها فين يا لبنى!! وديتي البت فين!! مش هرحمك يا لبنى هطلع روحك فى إيدي يا خاينة يا زبالة

ظل يضربها إلى أن لهث من كثرة تلك الجلدات التى تهاوى عليها بها، ليتوقف لتنظيم أناسه وهو يرمقها بحقارة وأشمئزاز ثم حدث ما لم يتوقع حدوثه مطلقا، رغما عنه وقعت عيناه على جسدها الحليبي الذى لم يعد بذلك البياض، بل تحول لونه إلى الاحمرار الشديد بفضل تلك الجلدات ولم يعد بجسدها مكان واحد يخلو من أثار تلك الضرابات بالأضافة إلى ظهور الكثير من جسدها تحت ذلك القماش الذى لم يعُد يستر بها شيء

استثارت رجولته من ذلك المنظر الذى يراها به ورغما عنه شعر ببعض من الإنتشاء، نعم فهو منذ وفاة زوجته من عدة أعوام لم يرئ جسد إمرأة عارية أمامه، على الرغم من زواجه ولكن هل يُسمى هذا زواج! بلا إنه زواج مع إقاف التنفيذ

تقدم إليها برغبة حارقة وإحتياج شديد لأن يمتلك إمرأة أسفله فى هذا الوقت، ببنما هى تكورت على نفسها وتحولت ملامحها للفزع من إقترابه إليها أعتقادا منها إنه سيضربها مرة أخرى

كاد "هاشم" أن تُسيطر عليه شهوته المتعالية ولكنه سريعا ما أستعاد سيطرته على نفسه وأبتعد عنها على الفور وهو يرميها بنظرة إحتقار وتقذذ مُهمهما بينه وبين نفسه:

- دى لو أخر واحده فى الدنيا عمري ما هفكر أقرب منها مهما حصل، حتى لو على سبيل الإنتقام

بصق عليها باشمئزاز واحتقار وسريعا ما انصرف من أمامها مُغادرا المكان بأكمله عازما على الذهاب لأحد الأماكن المتخصصة بشرب الكحول وتلك هى أول مرة يفكر أن يذهب فيها لمكان كهذا، حتى إنها أول مرة يفكر فيها بتذوق تلك المشروبات المحرمة.

•••

أغمض "هاشم" عينيه بألم وحزن ينهش قلبه وتلك الذكريات السوداء لا ترأف، تلك الذكريات التى لم تفارق خياله ولو لحظه واحده منذ عشرون عاما، ليزفر ببعض من الرراحة الكاذبة التى صورها لنفسه مُردفا بحدة وجمود:

- خلاص يا لبنى، بعد عشرين سنة جيه وقت الحساب، لازم أحرق قلبك زي ما حرقتي قلبي على كل اللى كانوا ليا فى يوم من الأيام، يمكن وقتها أرتاح وهما كمان يرتاحوا.

❈-❈-❈

هتف والدها بأعين لامعة من شدة سعادة بها، ها هى أصبحت عروس جميلة، مر أمام عينيه شريط حياتهم معا طوال العشرون عاما، لطالما كانت أبنته وصديقته وحبيبته وكل شيء، لم يشعر يوما إنها ليست من صُلبه، دائما كانت قطعة من قابه، لهذا يصعب عليه كثيرا فقدانها الان:

- تبارك الخلاق فيما خلق، ربنا يحميكي ويسعدك يا حبيبتي

ترقرقت الدموع فى عينيها وهى ترى لمعة عين والدها لتتعلق فى رقبته مُعانقة إياه بكثير من الحب الصادق، هى أيضا متعلقة به كثيرا مثلما هو متعلق بها، دائما كان لها العوض عن والدها الحقيقي ولم يشعرها يوما إنها ليست أبنته، بل كان يقربها إليه أكثر من أولاده الحقيقين

بأدلها "محمود" العناق ثم أبتعد ووجه نظراته تجاه "أدهم" مُعقبا بنبرة ملحة أكثر ما هى تحذيرية:

- خد بالك منها يا أدهم، أنت واخد أغلى الغالين على قلبي

ابتسم له الاخر بحب وإمتنان مُطئنا:

- دي فى عينيا يا عمي

أمسك "أدهم" يد "ديانة" مُصطحبا إياها للجلوس على أحد الكراسي الخاصة بهم والتى كانت مُزينة بشكل رائع وجميل، التقط خاتم ألماسي براق ولامع مما إنه سديد الرقة والأناقة، وباليد الأخرى أمسك بيدها ليقوم بوضع الخاتم بها

كاد "أدهم" أن يضعه فى إصبعها ولكن قاطعه ذلك الصوت الرجولي الصاخب الذى هتف بصوت عالي مُعاتبًا:

- مش عيب حد يأخد حاجة مش بتاعته

سقط الخاتم من يد "أدهم" من شدة فزعه من صوت ذلك الرجل الذى أقتحم حفلهم دون سابق إنذار! لم يكن يعلم إنه أقتحم حياتهم بأكملها وليس حفلهم فقط

كان الصدمة هى أقل ما يصف حال الجميع، ولكن الجزء الأكبر كان ل"ديانة" التى شعرت بالغرابة من حديث هذا الشخص الذى تراه لأول مرة، ترئ من يكون هذا الشخص وماذا يريد بالضبط؟ والأهم من ذلك ماذا يقصد بكلماته تلك!

تقدم "محمود" تجاه هذا الشخص الغريب عنهم والذى أفتحم منزلهم بصحبة حشد من الرجال الذى يبدو عليهم إنهم طاقم حراسة، ليهتف به مستفسرا:

- أنت مين يا أبنى؟

وضع يديه بجيب بنطاله ببرود وغطرسة مُعقبا بنبرة ثقة غير قابلة للنقاش:

- جواد الدمنهوري، أبن عم ديانة شرف الدمنهوري

❈-❈-❈

••

يُهرولون متجهون نحو هذا القطار الذى أوشك على مُغادرة تلك المحطة متجها إلى محافظة القاهرة، صعدوا على عجل خوفا من أن يتحرك القطار فى غير معاده، ليصيح "محمود" موجها حديثه نحو زوجته:

- تعالي يا منال كرسي جمبه شباك سليم أهو و.....

قطع حديثه رؤيته لهذا الصندوق المتواجد أسفل المقعد، أرتاب لوجوده خصيصا وأنه لا يوجد بحوزته شيئا أخر يدل على إنه ملك لأحد وسوف يعود لإستراده، قام بإلتقاته وفتحه ليشعر بالصدمة والغرابة فى تلك اللحظة، لأحظت زوجته قطع حديثه ونظرتة المرتبكة تلك

نظرت "منال" مُتفحصه ذلك الصندوق لتجدها طفلة رضيعة لم تتم الخمسة أشهر بعد، ولكن سبحان الخالق الذى أبدع فى خلق تلك الرضيعه ذو البشرة الحليبية البيضاء والأعين الزرقاء الصافية والرموش الكثيفة والشفاة الوردية والشعر الحريري الذى يكاد يصل إلى عينيها، لتعلق "منال" بإعجاب شديد:

- اللهم صلي على جمال النبي، أيه ده يا محمود!! دي نونه صغيرة، فين أهلها؟ وأزاى يسبوها كده!! و...

قطع حديثها رؤيتها لذلك الظرف الموضوع بجانب تلك الرضيعة لتنحني وتلتقطه معقبة بفضول وإهتمام:

- أيه ده؟!

أخذه "محمود" من يد زوجته وقام بفتحه ليجد به عدة أوراق منها شهادة ميلاد بأسم "ديانة شرف شمس الدين الدمنهوري" وورقه أخر تشبه رسالة ليبدأ فى قرأئتها بصوت مسموع إلى زوجته:

" أنا عارفة إن مكنش ينفع أعمل كده بس والله العظيم غصب عني، لازم أعمل كده عشان بنتي تعيش، أنا كنت متجوزة رجل محترم جدا ومن عيلة كبيرة، خلفت منه البنت دي وتوفى من يومين وأنا أكتشفت إني عندي مرض وحش وفى المرحلة الأخيرة وخلاص هموت، أهل جوزي كانوا مقاطعينه عشان أتجوزني ولما عرفوا إنه مات خافوا إني أطلب ورث بنتي وعرفت إنهم عايزين يقتلوها بعد ما أنا أموت، بالله عليكوا اللى يلاقي بنتي يحميها ويبعد بيها عن أهلها حتى لو هتودوها لناس مبتخلفش يربوها، شهادة الميلاد دى بس عشان تصدقوا إني بتكلم جد وإنها مش بنت حرام، أرجوكوا أحموا بنتي وابعدوها عن أسكندرية كلها "

تهاوت الدموع من أعين "منال" بتأثر من تلك الرسالة ثم أنحنت والتقطت تلك الفتاة ضاممة إياها إلى صدرها مردفة بعطف:

- يا حبيبتي يا بنتي أتولدتي يتيمة الأب والأم والأهل

نظرت إلى زوجها بتوسل ورجاء شديد مُضيفة:

- بالله عليك يا محمود نأخدها معانا ونربيها مع مالك، دي شبه الملايكة الله يخليك قلبي مش مطوعني أسيبها أو نديها لحد تاني، أنا حبيتها أوى

نظر لها "محمود" بقلة حيله ثم نظر إلى تلك الصغيرة التى لا حول لها ولا قوة، ليتنهد مُجيبا إياها بإستسلام:

- الله المستعان، ربنا يعينا ويقدرنا على تربيتها هى وأخوها

ابتسمت "منال" بساعدة ثم أحتضنت تلك الفتاة الجميلة متمتمة:

- أوعدك يا بنتي طول منا عايشة مفيش حد هيقرب منك ابدا وعمري ما هفرق بينك وبين عيالي أبدا

•••

انتفض قلب "منال" فزعا مما أستمعت إليه لتو، هل هذا حقا أبن عمها!! هل هو أتٍا ليأخذها ويقتلها!! كلا لن تتركه يفعل ذلك بها، لن تسمح لأحد بأذاء أبنتها

كسر ذلك الصمت تقدم "جواد" تجاة "ديانة" ممسكا يدها بقوة راغما إياها على النهود والسير معه، هو يعلم إنه لن يستطيع أن يأخذها من هنا بالقوة، من المؤكد إنها سوف تصرخ وتجمع الناس وسوف يحدث ما لا يحبذه على الأطلاق، لذلك لم يكن هناك حلا سوا أن يأخذها برضائها، أو لنكن منصفين سيأخذها بموافقتها التى حدثت تحت تأثير تهديداته

أما عن "ديانة" فهى كانت مصدومة للغاية مما أستمعت إليه، ماذا قال هذا الشخص؟ هل قال أبن عمها حقا! هل هى لديها أهل وأقارب! أين كانوا طوال تلك السنوات ولماذا لم يسال عنها أحد إلى هذا اليوم؟ لماذا لم يخبراها والديها عن هذا الشي! والسؤال الأهم ماذا يريد منها ذلك الشخص الأن؟

جذبها "جواد" من ذراعيها عازما على التوجه بها إلى إحدى الغرب، بينما "ديانة" ظلت تصرخ فيه بمزيج بين الصدمة والهلع:

- أنت عايز أيه!! سيب أيدي وأبعد عني

قالت كلماتها تلك وهى تُحاول التفلت منه ولكن دون فائدة، ليتدخل "أدهم" جاذبا يدها الأخرى مانعا إياها عن السير معه هاتفا به فى حدة وغضب:

- أنت بتعمل أيه يا مجنون أنت؟ سيب إيدها وكلمني هنا وقولي أنت مين وعايز أيه بالظبط؟

توقف "جواد" للحظة وألتفت له دون أن يترك يد "ديانة" وفى لحظة بأغته بلكمة قوية سقط أثرها على الأرض بعنف شديد، صرخت والدته وكادت أن تتدخل ليحول بينهم رجال جواد مانعين إياهم عن الحركة أو التدخل، ليُعقب "جواد" موجها حديثه نحو "أدهم" مردفا بلهجة شديدة التحذير:

- ده مجرد رد فعل بسيط على أسلوبك فى الكلام معايا، لكن لو قررت أحاسبك على الكلام نفسه هتحتاج سنين عشان تتعالج من اللى هعمله فيك، ده لو فضلت عايش أصلا

حاول "إياد" إنقاذ الوضع قبل أن يسوء من ذلك ويتهور "جواد" ويفتعل جريمة الأن، أمر رجاله بالإمساك ب "أدهم" وجعله يجلس على أحد الكراسي دون حركة منه أو من أحد الحاضرين

بينما سحب "جواد" "ديانة" مرة أخرى من يدها كى يُنهي ما أتي من أجله، ظنت "منال" إنه سيأخذ أبنتها ويرحل، لتُسرع وتقوم بمسك يد "جواد" جاذبة إياها بالقوة معقبة بهجوم:

- أنت واخد بنتي ورايح على فين يا حقير أنت!!

أحدت نظرة "جواد" وسريعا ما أخرج سلاحه الناري وسلطه أمام وجهها بتحدي كبير مما جعل الخوف يسيطر على قلبها، وما زاد رعبها هو صوت الأسلحة التى سُلطت فى أوجه جميع الحاضرين ومن بينهم أفراد أسرتها

انتفض الجميع من شدة الفزع الممذوج بالصدمة وبما فيهم "ديانة" التى شهرت بالقلق الشديد على أسرتها، ليتحدث "جواد" بغضب يتطاير من عيناه موجها حديثه نحو "منال" مردفا بحنق:

- أولا هى مش بنتك ولا تقربلك حاجه، ثانيا متحاوليش تقرري اللى عملتيه ده تاني عشان وقتها هدفعك التمن غالي أوي

قال جملته الاخيرة مهددا إياها بطريقة غير مباشرة مُسلط نظراته نحو "ملك"، بينما أدركت "منال" ما يقصده بالضبط بتهديده ذلك، لتبتلع بتوتر وقلق ورغما عنها صمتت كى تعلم ماذا يريد بالضبط؟

تقدم "جواد" بخطوات متسارعة وثابته نحو الغرفة، لتسير معه "ديانة" دون مقاومة لتعرف ماذا يريد منها ولكى لا تسبب فى أي أذى لعائلتها

بمجرد أن أبتعد "جواد" أسرعت "ملك" فى التوجه إلى والدها مختبئة به وقد قاربت على فقد وعيها من شدة التوتر والخوف لتضيف مستفسرة:

- مين ده يا بابا وعايز أيه من ديانة؟

لاحظ "إياد" فزع تلك الفتاة التى يبدو عليها البرائة والضعف والرقة أيضا، لينظر نخو كلا من "منال" "ومحمود" مطمئنا إياهم:

- بجد أنا أسف على طريقة جواد، بس أحنا مش جاين نؤذي حد، الحكاية وما فيها إن جواد يبقى أبن عم ديانة وأحنا جاين نأخدها بهدوء وأتفاجئنا إنها بتتخطب ودي حاجة مش بسيطة، أرجوكم محدش يتدخل عشان محدش فى الدنيا كلها هيقدر يمنع جواد من إنه يعمل حاجه هو صمم عليها، لو خايفين على نفسكوا وولادكوا محدش يتدخل فى اللى هيحصل وساعدونا نمشي من هنا بهدوء

شعر كلا من "منال" و "محمود" بالقلق والتوتر من كلام ذلك الشاب الذى يؤكد على تلك الرسالة التى تركتها والدة "ديانة" منذ سنوات طوال، ولكن ليس بيدهم شئ لفعله الأن، خاصةو إنهم لاحظوا مدى قوة ذلك "الجواد" ليقفوا عاجزين مكتوفين الأيدي خوفا من أن يطول بطشه الجميع

❈-❈-❈

دلف "جواد" إلى تلك الغرفة مُصطحبا "ديانة" التى دفعها بحدة إلى الداخل لكى يتمكن من غلق الباب جيدا، بينما كادت هى أن تسقط أرضا من شدة دفعته لها، لتصيح به بحدة وهجوم:

- أنت مجنون ولا أيه حكايتك بالظبط؟ هات من الأخر وقولي أنت عايز أيه وبلاش جو العصابات اللى أنت بتعمله ده و...

أسكتتها قبضته التى قبضت على خصلات شعرها من الخلف مُمزقة فروة رأسها من شدة جذبه إياها، لتصرخ متألمة وهو يهمث بأذنيها بأسنان مُلتحمة مُعقبا بتحذير:

- لمي لسانك ده وأتلاشي غضبي بدل عفاريتي ما تطلع عليكي، وصدقينى ممكن مستناش لما نروح بيتنا وأكسحك هنا

ضيقت ما بين حاجبيها بإستنكار متناسية ألم رأسها من شدة صدمتها مرددة:

- بيتنا!!

أزاد من شدة جذبه لخصلاتها مُجيبها بثقة وحزم:

- أه بيتنا، مش الحلوة كبرت وجايبه عريس يخطبها ويتجوزها، يبقى الأقربون أولى بالمعروف يا بنت عمي

صاحت به بغضب وصراخ مُحاولة التفلت من بين يده ودفعه بعيدا عنها مردفة بألم:

- آآه أبعد أيدك دي عني يا متخلف، أنت بستهبل بتقول أيه؟ أمشي من هنا بدل ما أصرخ وألم عليك الناس كلها

سريعا ما أدارها إليه ليصبح وجهها فى مواجهة وجههِ مُلاقيا فيروزاتيهِ بفيروزاتِها مُضيفا بتحدي:

- لمي الناس كلها بس قصاد ده وعقبال ما الناس تتلم هكون خلصتلك على الجرابيع اللى أوينك فى بيتهم بقالهم عشرين سنة دول وبردو هأخدك من هنا غصب عنك وعن الناس كلها

صاحت فى وجههِ بغضب وتحدي مماثل له مردفة بإنفعال:

- أنت عايز مني أيه؟

ابتسم لها بشبح ابتسامة لم تلامس عيناه مُجيبا إياها بحدة:

- هتعرفي أنا عايز منك أيه بس مش هنا، أنتي دلوقتي هتنفذي اللى هقولك عليه بالحرف، المحامي جي فى السكة هتطلعي معايا وهيتمضي على قسيمة جوازنا وهتروحي معايا غصب عنك

كادت أن تصرخ به ناهية إياه عما يتفوه به، لمنعها مُقابلا إياها بنبرة تهديد شديدة اللهجة:

- وصدقيني لو سمعت منك حرف عكس اللى أنا قولته ده، ورحمة أمى لحرق قلبك على كل من كان عزيز عليكي فى يوم من الأيام، وأولهم الناس اللى برا دول وحتة العيل أبو شخة اللى جيباه يخطبك ده، ووقتها بردو محدش هيعرف ينجدك من إيدي وهأخدك حتى من غير جواز

تلك اللهجة التى يتحدث بها بجانب قتامة زرقاوتيه بالإضافة إلى الحشد الموجود بالخارج وما فعله ما الجميع، كل هذا الأشياء تثبت شيء واحد ففط، إنه لا يهدد فقط وسوف ينفذ تهديده إذا رفضت كلامه الأن، لترمقه بضعف شديد وقلة حيلة أمام قسوته

تحجرت الدموع فى عينيها بعجز شديد وخوفا على عائلتها، ليضغط عليها مرة أخرى بعد أن رأى الدموع فى عينيها مردفا بحدة:

- أجلي الدموع دى دلوقتي وردي عليا، هنطلع وتمضي على القسيمة ونمشي زي الناس العاقلة؟ ولا تحبي تشوفي أنا قد كلامي ولا لا؟

الأستسلام هو الحل الوحيد الأن الذى سوف ينقذ عائلتها من بطش ذلك "الجواد"، لا يوجد أمامها الأن سوا الإنصياع لأوامره والموافقة على حديثه، ليس خوفا على نفسها بل على عائلتها، هو الأن يُهددها بحياة الأشخاص الوحدين الذين يمثلون لها نفطة الضعف، هى تعلم إنهم ليسوا بعائلتها الحقيقين ولكن لا يجب أن تكون مكافئتهم على تربيتها طوال تلك السنوات أن تتسبب فى إذائهم أو حدوث مشاكل لهم، عليها أن تُضحى من أجل تلك الأسرة التى لم تقصر معها يوما ولم ترى منهم سوا الحب والحنان حتى ولو كان على حساب حياتها بأكملها، لتتمت بأستسلام:

- همضي على القسيمة

إذا كانت تلك الطريقة تلك هى الطريقة التى ستحميهم من ذلك الشخص الذى يُدعى إبن عمها فعليها فعلها، أهون عليها أن تمُت ولا يمس أسرتها بأي مكروه، يجب الأن عليها حماية عائلتها، أما عن ذلك الحقير فعليها مواجهته ولكن ليس الأن

❈-❈-❈

خرج من تلك الغرفة بصحبتها ولكن تلك المرة بهدوء شديد وكأنهما قد أتفق على ما يريد، كانت تسير بجانبه بأريحية وكأنها تعرفه منذ سنوات طوال، أو لنقول هذا ما كانت تعمل جاهدة على إظهارة لكى تُمهد لما سوف يحدث بعد قليل

كان الجميع يرتاب لهذا الهدوء وخصيصا عائلتها الذين لا يعلمون ماذا دار بينها وبين هذا الشخص وعلى ماذا أتفقوا!! بينما "أدهم" كان يُطالعها محاولا تفسير ما يحدث وعلى ماذا ينوي هذا "الجواد؟

توقف "جواد" أمام "إياد" وعلى وجهه ملامح الجمود مستفسرا:

- المحامي فين!

أجابه صديقه بتفسير:

- عشر دقايق ويبقى هنا

أوما له "جواد" بالمموافقة مُتجاهلا نظرات الاستنكار التى يتلقاها من الجميع، ليحول نظراته نحو "ديانة" مُضيفا بنبرة أمرة:

- هاتي بطاقتك..

أنصاعت "ديانة" لأوامره بهدوء شديد وتوجهت نحو غرفتها وكأنها ألة مبرمجة على تنفيذ الأوامر، ثم عادت له مرة أخرى مناولته إياها

كان الخوف يملئ قلب كلا من "محمود" و"منال" ولا يفهم أحدا منهم لماذا طلب هذا الشخص محامى أن يأتى؟ وماذا سوف يفعل ببطاقة هاويتها! هل يمكن أن تكون أتفقت معه على أن تتنازل له عن ميراث والدها فى مقابل أن بتركها وشأنها؟ ليتها تفعل ذلك حقا، هذا كان كل أملهم فى هذه اللحظة لتخلص من ذلك اللعين

فى تلك اللحظة دلف المحامي الخاص به إلى المنزل مردفا بإحترام:

- مساء الخير يا جواد بيه

لم يعطي إهتمام لرد على تحيته مُعقبا بإقتضاب:

- جبت اللى قولتلك عليه؟

أوما له المحامى بالموافقة مُأكدا على حديثه:

- كل حاجة جاهزة وواقفة على الأمضاء يا باشا

أمسك "جواد" بمعصم "ديانة" وتوجه بها لأقرب طاولة قابلتهم بعد أن رجاله الكراسي حولها بسرعة، ليجلس كلاهما بصحبة ذلك المحامى تحت أنظار الجميع المترقبة والغير مُدركة لما يحدث بالضبط

مد "جواد" يده بتلك الهاوية مُسلما إياها للمحامى أمرا:

- شوف شغلك يا متر

ألتقطها المحامي من يده ثم فتح أحد الدفاتر التى كانت بحوذته وبدأ فى تدوين بعض المعلومات الخاصة ب"ديانة" بجانب معلومات "جواد" التى بالفعل بحوذته، فهو المحامى الخاص به على أية حال، ليهتف المحامى موجها حديثه نحو "ديانة" مستفسرا:

- أنسة ديانة شرف الدمنهوري حضرتك موافقة على الجواز من السيد جواد الدمنهوري؟

صدم الجميع مما أستمعوا إليه، ما الذى تفوه به هذا المحامى لتو؟ هل حقا قال زواج!! بينما تحجرت الدموع بأعين "ديانة" متمنية أن تصيح بوجههم ناهية عن موافقتها لهذا الزواج، ولكنها لا تسطيع فعل ذلك، هو يُهددها بحياة أسرتها بأكملها، لا يوجد أمامها خيار أخر، أومات براسها مُعلنه عن موافتها بضيق صدر:

- موافقة

شعر الجميع بالصدمة من ردها الغيى متوقع وخاصة عائلتها، هى لطالما كانت عنيدة حد اللعنة، كيف وافقت بتلك السهولة على هذا الزواج!! هل هددها؟ هل أرغمها؟ كيف ستتزوج ذلك الشخص الذى لا تعرفه ولم ننأكد حتى إذا كان حقا أبن عمها أم لا، مهلا وحتى ولو كان حقا أبن عمها هذا سيكون خطر عليها أكثر من أي شخصا اخر!!

كسر تلك الصدمة وذلك الصمت الذى حل بالمكان صوت "أدهم" المستنكر عما هتفت به لتو مُعاتبا إياها:

- أيه اللى أنتي بتقوليه ده يا ديانة! قولي لا ومتخافيش أنا هحميكي منه

ابتسم "جواد" مُستهزءًا بحديث ذلك الفتى الغبي الذى يظن نفسه يستطيع حمايتها منه، هو لم يستطيع حماية نفسه قد، بينما أجابته "ديانة" مردفة بحزن ورجاء:

- لو سمحت يا أدهم أمشي

صُدم من طلبها ذلك وهو يعلم جيدا إنها لا تخشى أحد، حتى ولو هددها بحياتها لن تزعن له أو توافقه على شيء هى لا تريده، فكيف إذا وافقت الأن على طلبه هذا؟ لُيضيف مستفسرا:

- أمشي يعنى أيه! أنتي بجد موافقة تتجوزيه؟

كلا كلا هى غير موافقة على ذلك الشيء بل مجبرة على تنفيذ أوامره لإنقاذ عائلتها من بطشه وتهديداته، وعلى الرغم من إنها لم تكن تحب "أدهم" هذا الحب الذى يجعلها تعاني من بعده، إلا إنها أعز عليها كثيرا كسر قلبه وهدم تلك الحياة التى كانوا بخطتان لها معا، ولكن ماذا بإمكانها ان تفعل؟ هذا "الجواد" لن يتردد فى إذائه هو شخصيا وليس عائلتها فقط، كسر قلبه إذا أفضل من إنهاء حياته، لتضيف بحدة:

- أيوه موافقة أتجوز جواد أبن عمى

رمقها بخزلان شديد وغصة شديدة تكون فى حلقه مبتلعا مرارة تلك الصدمة والأهانة التى تلقاها منها الليلة أمام عائلته والحاضرين، بما إنها توافق على الزواج من غيره لما أثرت على قدومه إذا؟ أنسحب مُصطحبا معه عائلته وكرامته التى أصبحت بالأرض وقلبه المحطم على تك العواطف التى ضاعت هبائا

صاح المحامى موجها حديثه نحو "جواد" مستفسرا:

- مين هيكون وكيل العروسة يا جواد بيه

رد "جواد" مُوضحا:

- عمها هاشم بيه يا متر، بكره تعدي تأخد إمضته وأنت رايح تسجل القسيمة

أوما له المحامى بالموافقة مُعقبا:

- طب ممكن بطايق الشهود!

أخرج "إياد" بطاقته مُسلمًا إياها إلى المحامى، بينما ابتسم "جواد" باستهزاء مواليا حديثه نحو "محمود":

- مش هتشهد على جوازة بنتك ولا أيه يا أستاذ محمود!!

رمقه "محمود" بغضب شديد من طريقته المستهزئة تلك، وذلك الضعف والخوف البادين على وجه "ديانة" وتلك هى أول مرة يراها بتلك الحالة المزرية، يتمنى لو يستطيع أن ينهال عليه ضربا الان إلى أن يفقد وعيه أو يفقد حياته للأبد

ولكن ما يقيده حقا هى نظرة التهديد الصريحة فى أعين "جواد" وهو يطالع أبنته الصغيرة بتلك الطريقة التحذيرية، لحظة واحدة ف"ديانة" أيضا أبنته ولن يتركها تفعل ذلك ولو ماذا حدث، كاد أن يصرخ بوجهه ويمنعه عما يفعله، ولكن أوقفته "ديانة" بعد أن قرأت فى أعين والدها ما ينوي فعله لتهتف به على عجل:

- هات بطاقتك يا بابا

نظر لها بإستنكار غير موافقا عما تفعله، ولكنها أومأت له بالموافقة وعينيها مليئة بالتوسل والرجاء، نعم هو لا يفهم ما الذى تحاول أن توصله له، ولكن ما أستطاع أن يفهمه إنها تحاول إنقاذهم على حياة نفسها، لم يجد أمامه خيار أخر أمام إصرارها ذلك ليخرج بطاقة هاويته ويسلمها لها على مضض

بعد وقت ليس بكثير أنتهى المحامى من تلك الأوراق بعد أن جعل كلا من "جواد" و"ديانة" و"إياد" و"محمود" يوقعون على تلك الأوراق كلا منهم فى المكان المخصص له، صاح موجها حديثه نحو "جواد" مُهنئا:

- ألف مبروك يا باشا

ابتسم "جواد" بغطرسة شديدة وهو ينهض من كرسيه وبرأسه الكثير من الطرق والوسائل التى سينال منها بها، رمقها بنظرة متوعدة مضيفا بتهكم:

- قدامى يا عروسة

نظرت "ديانة" نحو عائلتها بدموعا وقهر مودعتة إياهم، لا تعلم هل ستراهم مرة أخرى أم لا؟ لا تعرف ماذا يريد منها هذا الشخص ولكن نظراته تخبرها إنه لن يكون هناك خير أبدا

نهضت وخرجت من المنزل بصحبته هو ورجاله وما إن غادروا المنزل، حتى أعلنت "منال" عن كامل ألمها وحصرتها على أبنتها التى لم تفارق حضنها لمدة عشرون عاما، لياتى الأن هذا الشخص ويسلبها إياها فى غمضة عين:

- بنتي

صرخت بها بصوت بالكاد سمعه الأشخاص القربين منها وبلحظة واحدة كانت مترنحة أرضا فاقدة للوعي

❈-❈-❈

ثلاث ساعات لا تعرف كيف مروا عليها بصحبة ذلك الشخص المغرور ورجاله ذو الأجساد الضخمة والهيئة المخيفة، بالإضافة إلى تلك الأسلحة النارية التى لم تفارق خاصتهم، لمَ كل هذه الأسلحة! هل تزوجت من زعيم عصابة أم ضابط بأحد الأجهزة الحساسة بالدولة؟

لا تُنكر رعبها الشديد كلما نظر لها بخاصتيه القاتمتين من وقت إلى الآخر وهو يتفحصها من أعلى رأسها لأسفل قدميها، هى أيضا تلك أول مرة تراه فيها ولكنها لم تنظر له بمثل نظراته المريبة تلك، بالأساس هى لم تنظر له منذ أن تركا منزل عائلتها

لم تنظر له جيدا إلا عندما كان يُهددها بتلك الغرفة بحياة أسرتها إذا لم تذعن له، لا تتذكر من ملامحه تلك سوى شعره البني وبشرته البيضاء وزرقاوتيه اللامعتين، وتلك التفاصيل في وجهه كفيلة أن تثبت لها إنه فرد من عائلتها التى لم تلتقِ بأحدٍ منهم من قبل، وعندما تكتشف إنها لديها عائلة حقيقية تجد نفسها تتزوج رغما عنها من شخص حقير مثله، يالا حظها التعس.

كم تمنت أكثر من مرة أن تفتح باب تلك السيارة وتلقي بنفسها خارجها هاربة منه، ولكن إذا حدثت معجزة ما ولم تمت تحت إطارات سيارة ما على هذا الطريق السريع واستطاعت الفرار منه، أين سوف تذهب وسط هذا الظلام الكاحل الذى يحاوطهم، عليها أن تنتظر لتعلم ما الذى يريده منها بالضبط ولماذا أخذها بهذه الطريقة!! والسؤال الأهم ما هو سبب إصراره على هذا الزواج؟

وصل "جواد" وهي بحوزته إلى منزله الخاص به بعيدا عن الجميع حتى ينفرد بها دون تدخل من أي أحد أو محاولة استنجادها بأحد، لقد عزم على أن يجعل حياتها معه جحيمًا حتى يحصل على ما يريد، دلف بها إلى الداخل ساحبا إياها خلفه بحدة

بينما صدمت "ديانة" من تلك القتامة المُميتة المسيطرة على هذا البيت، فجميع أثاث ذلك المنزل محصورا بين الاسود والرمادى، ولكن قتامته تلك لم تفقده رونقه فهو يبدو عليه الكثير من الفخامة والرقي، ولكن لمَ كل هذا الظلام الذى ينبعث من جمبع الأركان؟ هل هى الآن مُحاصرة بين ظلمات حصونه!!

توجه راغما إياها على السير معه إلى إحدى الغرف بالطابق العلوي بخطوات سريعة لدرجة إنها كادت أن تسقط أرضا، ولأول مرة تخاطبه بعدما خرجت معه من منزل أسرتها هاتفة به بحدة وإنفعال:

- براحة يا بني أدم أنت، أيه الغشومية دي؟

لم يعطيها إهتمام ولن يحاسبها الآن على ما تفوهت به، فهو منشغل الآن بشيء أهم عليه أن يذهب ليُنهيه وبعدها سياتي ليتحاسبان على كل ما تفوهت به منذ أن رأى وجهها، دلف الغرفة وسريعا ما ألقى بها أرضا بقسوة وجمود وكأنه يعاقبها على ما تفوهت له لتو، لتصرخ متألمة:

- آآآه لا دا أنت طلعت غبي كمان.

رمقها بنظرات حادة وغاضبة جعلتها حقا تشعر بالخوف من مجرد النظر له، ولكنها عملت على عدم إظهار هذا، بينما هو أصر على جعلها ترتعب حتى فى غيابه، ليهتف بها متوعدا:

- ساعة زمن واحدة بس ولما أجي هتعرفي إنك لسه معرفتيش يعنى أيه غباء

تركها وخرج مرة أخرى صافعا الباب خلفه بشدة، ومن ثم استمعت إلى صوت حرك  المفتاح بباب الغرفة مُعلنة عن إغلاقه للباب عليها.

نهضت "ديانة" من مكانها وهى تشعر بالضعف أمام ذلك الحقير الذى يستغل قوته البدنية أمامها لكى يؤلمها ويشعرها بالعجز أمامه، تُرى ما الذي يريده منها؟ ولماذا تشعر بالاسترابة ممَ هو مقبل عليه؟

على الرغم من إنها تُظهر له عدم الخوف والرهبة منه وتُحاول أن تبدو أمامه تلك الفتاة العنيدة القوية التى لا تخشى أحدا، إلا إنها بداخلها تموت رعبا من هذا الغريب الذى بمجرد النظر فى وجههِ تشعر بالرعب والقلق الشديد

نظرت إلى تلك الغرفة الموجودة بها متفحصة إياها، هى تشبه جميع أركان ذلك المنزل قاتمة جدا ولكنها تصرخ بالذوق الرفيع، لم تكن مثل تلك القصور المليئة بالثراء والغنى بل كان هادئا جدا باستثناء تلك القتامة فى كل ركن به.

جلست على الاريكة وأمتلئت عينيها بالدموع قهرا على ما حدث لها فى هذا اليوم، هذا اليوم كان خطبتها وفجأة تحولت تلك الخطبة إلى زواج، ولكن ليس من الشخص الذى أختارته بل من شخص آخر لم ترَه من قبل، شخص يبث الرعب فى قلبها منذ الوهلة الأولى، شخصا لا يبدو إنه سيتركها تحيا فى سلام

كيف عليها أن تتعامل معه الآن؟ هى إلى الأن راهبة الموقف ومُشتته تماما لا تستطيع التفكير بشكل صحيح، تشعر وكانها مُحاصرة بين قبضة شخص لا تعرفه ولا تعرف حتى على ماذا ينوي أن يفعل معها؟!

❈-❈-❈

رمقه والده بنظرة غضب وحنق مُضيقا ما بين حاجبيه باستنكار ويبدو عليه عدم الرضا والنفور الشديد مما فعل أبنه:

- اتجوزتها!! يعنى أيه أتجوزتها يا سي جواد؟ أنت أتجننت ولا دماغك ضربت؟ ولا تكونشي البت حليت فى عنيك فقولت ترضي نفسك من جميع الجهات!!

أغمض عينيه بإنزعاج وملل من ثرثرة والده ثم نظر نحوه ببروده المعتاد مُعلقا باستهزاء:

- هاا.. خلصت!!

رفع "هاشم" حاجبيه بتعجب من كل هذا البرود الذى يتعامل به أبنه المجرد من التهذيب وكأنه لم يفعل مصيبة، حتى إنه لا يكترث لغضب وإنفعال والده، ليعتدل "جواد" فى جلسته مُضيفا بهدوء:

- أتفضل أقعد هنا وأنا هفهك أنا عملت كده ليه؟

توجه والده إليه بإنفعال أكبر غاضبا من قرار أبنه الذى نفذه دون الرجوع له، يبدو أن الأمور ستخرج عن السيطرة من بين يديه والتشتيت الذى يُعاني منه منذ سنوات، الآن سوف يصبح أكبر من ذي قبل، جلس أمامه رمقا إياه باستفسار مُعقبا:

- فهمني يا سي جواد يمكن الجواز دلوقتي بقى طريقة جديدة فى الانتقام وأنا معرفش!!

- طبعا.. وأحسن طريقة للأنتقام كمان

قالها وهو يبتسم بشر على ما ينوي فعله بها مُضيفا بتفسير:

- لما تبقى مراتى هقدر أعمل فيها كل اللى أنا عايزه وانتقم منها بالطريقة اللى تعجبني من غير ما أى حد يتدخل أو يقولى حتى أنت بتعمل أيه؟ هخليها خدامة تحت رجلي هذلها وههينها وهقطع من لحمها وفى الاخر هخيرها طلاقنا قصاد التنازل على كل املكها وورثها من أبوها، وبعد كده هقتلها وأديهالك تدفنها جمب أمها

للحظة أنقبض قلب "هاشم" ولا يعرف حقا سبب هذا، هل هذا خوفا ممَ هم مقبلين عليه؟ أم فرحا بسبب أخذ ثأرهم من تلك المرأة وأبنتها؟ أم ألما لأن من يريد أن يفعل بها تلك الأشياء هى أبنة أخيه!! كلا عليه أن يقتل ذلك الضعف بداخله، تلك هى أبنة المرأة التى حرقت قلبه لكثير من السنوات وقد حان الوقت لحرق قلبها هى الأخرى، حتى ولو كان التمن سيكون أبنة أخيه

بينما رمقه "جواد" بهدوء وهو ينفث دخان سجارته مُردفا:

- عرفت بقى أنا أتجوزتها ليه؟

- انا كده أقدر أقول قدام الدنيا كلها إني ربيت راجل بجد عرف يأخد حق أمه وعمته وعمه وإن عمرى اللى فات ده كله مرحش هدر

هتفت "هناء" بتلك الكلمات وهى تهبط الدرج ويبدو عليها السعادى والفخر بما أستمعت له، يبدو إنها كانت تستمع إلى حديثهم من أعلى الدرج وعلمت بما فعله "جواد"، ليغمض "جواد" عينيه ببعض من الغضب والإنزعاج لما تفوهت به لتو

بينما هتف "هاشم" موجها حديثه نحو أبنه مستفسرا:

- الجوازة دي هتخلص أمتى؟!

نهض "جواد" من مقعده أخذا خطواط واسعة مُتجها نحو باب القصر مبتسما بمكر وتوعد قائلا:

- هى لسه بدات عشان تخلص!! دا أنا لسه بقول يا هادي

يتبع...

البارت القادم يوم الخميس ٢٧ مايو ولو لقيت تفاعل هحاول أنزله قبل كده🌺🌺

دُمتم بخير♥️♥️

Continue Reading

You'll Also Like

343K 16.7K 30
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...
397K 9.4K 39
الــــــمـــــــقدمـــــه حبيبتى ... او فلنقل ضحيتى ..... نعم ف انا احببتك حتى الموت واذيتك ايضا حتى الموت ... فقد قيل عنى انى مجنونا وقيل انى...
615K 14.4K 56
أن تواجه هذا العالم اللعين بمفردك بكل ما يحمله من #خيبات و صفعات و حظ_متعثر.... فلا أخ يساعد.. و ﻻ صديق يرأف.. و ﻻ حبيب يواسي.. و ﻻ أنت ترضى أن يشفق...
264K 5.4K 26
نوفيلا بتدرس أفكار واعتقادات مهمة كل السناجل تجمع هنا ·