الفصل الثاني وثلاثون

Start from the beginning
                                    

لم ترد ياقوت عليه بل اكتفت بالبهجة القاسية التي زخرفت ملامح وجهها كرد عليه..
إبتسم ساري بآسى ثم سار بخطوات متمهلة مغادرة، تاركًا إياها تنتظر أن يفتح احدهم لها الباب.. غادر دون أن ينظر مرة أخرى إلى الخلف.. لأنه لو فعل لا بد أنه سيردها الى عصمته وهو يدري جيدًا أن الطريق مسدود بينهما.. مسدود بقسوة قلبها وظلم أفعاله لها سابقًا..

إتسعت ابتسامته الشجية فور أن وفاه صوتها العالي بعد أن فتح يوسف لها الباب:
- ليسامحك الله.. فأنا سامحتك الآن ووفيت بوعدي!

استرسلت خطواته بسيرها، متظاهرًا بعدم سماع صوتها.. غادر وتركها تغادر حياته.. منحها كل ما أرادت الحصول عليه وسرقت منه أكثر ما يتمنى امتلاكه.. سرقت روحين يعشقهما منه وأوجعت قلبه دون أي رحمة..

*****************
أغمضت خنساء عينيها بشكل فوري بعد أن دخل قسورة الى الغرفة وإصطنعت النوم فبعد ذكريات ليلة البارحة محال أن تستطيع مواجهته..
تعالت وتيرة خفقاتها حالما شعرت بإقترابه منها.. وتحركت رموشها بتوتر بينما تضغط بأناملها على دثار السرير الذي تغطي به جسدها..

قضمت خنساء شفتها السفلى حينما لفحت وجهها أنفاسه لتفتح عينيها مدركة أن لا مفر من مواجهة زوجها.. إشتعلت حمرة الخجل بخديها واستوطن الاحراج ملامحها الجميلة وهي تطالع تعابير وجهه المبهمة..
ثم أخيرًا غمغمت بإرتباك والمسافة المعدومة تقريبًا بينهما تفاقم من إضطرابها:
- صباح الخير حبيبي!

بإبتسامة حثيثة همس قسورة:
- صباح النور حبيبتي..  عجيب امرك اراكِ غير نافرة من عطري!

لفت خنساء ذراعيها بسرعة حول عنقه مقتربة منه أكثر لتهرب من عقابه.. فلا مهرب الان من عقابه فهي قد وقعت بفخه بكل سهولة منذ ليلة البارحة.. 
إستنشقت عطره الرجولي بإنتشاء ثم قالت بنعومة:
- انا اعتذر حبيبي.. ولكن طفلنا أخبرني ان اتصرف بهذه الحقارة مع انني كنت غير راضية.. وأخبرته انني سأغضب عليه إذا والده غضب.. ولكن ما باليد حيلة.. عبث بعقلي وانتهى الأمر!

إبعدها قسورة عنه ليتأملها لوهلة بعمق قبل أن يهتف:
- على ما يبدو انك غير واعية انني قد حفظت مكرك ودهائك يا خنساء منذ زمن طويل.. وليست كل مرة تسلم الجرّة.. انت متزوجة بقسورة الفهدي! انت لست متزوجة برجل بسيط بكلمة واحدة تعبثين بعقله.. انا ادري ان كل ما فعلتيه ليس إلا لتنتقمي مني.. ولكن...
وثب قسورة عن السرير وهو يسترسل:
- ولكن عليك أن تعرفي انني ليس كل مرة سأمرر لك اخطائك مرّ الكرام.. احيانًا كثيرًا أتغاضى عن تصرفاتك ولكن لكل شيء حد معين.

نهضت خنساء ووقفت أمامه ثم همست:
- انا اعتذر.. وصدقًا لن اكرر هذه التصرفات!

استولت أصابعه بخشونة على ذراعها ثم دفعها بقوة نحو صدره وهتف بتهديد:
- انا من الأساس لن اسمح لك بتنفيذ هذا الجنون مجددًا والا رد فعلي في المرة القادمة لن يسرّك أبدًا يا خنساء!

عشق ليس ضمن التقاليدWhere stories live. Discover now