الفصل الخامس وعشرون

ابدأ من البداية
                                    

ابتسم قسورة بخفة متهكمة وبهدوء خطير ردّ على معتصم:
- الى ماذا تشير بكلامك يا ابن عمي؟

- لا داعي للسؤال يا قسورة فقصدي واضحًا وضوح الشمس.. تبرئتك للنذل ساري دون أي دليل يمكن الثقة به حقًا وعدم معرفتك اطلاقًا كيفية إدارة شؤون القبيلة الداخلية والخارجية أيضًا.. فها انت الى الآن لم تجد حلًّا الى الحرائق التي تُقام بشكل مفاجئ وغريب في القبيلة.. بالإضافة إلى عدم معرفتك استنباط قاتل احمد وفقط انا سأفعل وسأفعل وانا وانا والخ... اعتقد ان جدي ما كان يجب أن يمنحك أبدًا هذه المكانة وانت لا تملك أي من صفاتها! يجب أن نعيد النظر كلنا بكونك انت من تحكم القبيلة بينما لا تعرف كيفية التعامل مع اي شيء!

زجره الجد كريم بغضب:
- معتصم انت تتجاوز حدودك في الكلام.. فقط قسورة من يستحق هذه المكانة.. لا انت ولا غيرك يستحقها.. كل منكم لا يهمه غير نفسه وهو الوحيد الذي يتعب بالتفكير ويفعل عدة امور للقبيلة دون أن يعترض أو يتأفف.. وعلى ماذا هكذا تبدو وكأن الدماء تحترق في عروقك؟ سبق وسألتكم اذ كنتم موافقين على منحي مكانتي لقسورة ولا احد منكم اعترض! فعلى أي أساس الآن تُثرثر بهذا الكلام الفارغ؟!

- ابي هو لا يعترض على مكانة قسورة أبدًا.. قسورة يستحق هذه المكانة وكلنا ندري.. ولكن ما حدث اليوم لم يكن عدلًا ومنطقيًا أبدًا.. والسبب الأساسي لقدومنا اليك هو ابنتي ياقوت.. ابنتي انت تدري بحجم الكلام التي قالته وهي تقطن الآن في قبيلة أعدائنا فكيف لا يصيبنا الجنون والله وحده يعلم ماذا سيفعلون بها بعد ما قالته؟! انا اريد ان تعود ابنتي الى منزلي لفترة حتى يهدأ الوضع.. فأنا لا أضمن سلامتها معهم خاصةً هذه الفترة.
هتف والد ياقوت بجدية تامة ليقول قسورة:
- انت لم تطلب الا حقك يا عمي.. اذا كنتَ تريد ان تعود ابنتك اليك اليوم فسنعيدها اليك حتى تهدأ الأوضاع.

للحظات قليلة جدًا ران الصمت قبل أن يتساءل يوسف بنبرة خشنة:
- وماذا عن تبرئتك لساري؟
ثم اردف:
- انت تدري جيدًا يا قسورة أن قسمه على القرآن الكريم ليس دليلًا كافيًا أبدًا عن كونه ليس هو من قتل أحمد.. ثم انا اتعجب صدقًا من موافقة بقية الشيوخ على كل كلمة يقولها قاضي العشائر.. بالإضافة إلى صمت جدي!.. التحقيقات لا تسري بهذه الطريقة.. ولا تتم التبرئة عن المتهم بهذه الطريقة التافهة أبدًا.. الطريقة التي تم بها التحقيق مع ساري وخاصةً برفقة كل هؤلاء الشيوخ كانت طريقة تافهة ولم ارى مثلها سابقًا أبدًا.. نحن نتحدث عن قضية كبيرة.. عن قضية قتل! عن قتل أحمد.. ابن عمي وصديقي.. كيف لكم أن تستخفوا بالتحقيق مع ساري الى هذا الحد؟ كيف؟

وثب يوسف عن مكانه بجنون وهو يمرّر يده على وجهه:
- مع كل احترامي لك يا قسورة وتقديري لمكانتك الا انك مخطئ تمامًا بحكمك.. ما ادراك أنه لم يقسم كذبًا؟ ما ادراك؟! وخاصة بهذا الموضوع قاضي العشائر لا يجب أن يتدخل بسبب صلة القرابة التي تجمعه بساري.. اذا اردتكم التحقيق كما يجب أحضروا قاضيًا اخر.. وانت لا اعتقد ان يجب ان تحكم وتحسم.. ما عليكم فعله هو احضار كل المتهمين اولًا ثم تحققون معهم كما يجب وبعد ذلك تحسمون الأمر.. ولكن ليس كمثل المهزلة التي دارت اليوم وكأنك يا قسورة كلك ثقة ببراءة ساري العرّابي!

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن