- أنا مكنتش اعرف انه عايش لوحده .. كنت فاكرة مراته وولاده موجودين معاه .. عشان كده دخلت استناك جوه .. وانت جيت بسرعة قوى

وكأنه لم يسمع سوى عبارتها الأخيرة قال ساخراً :

- جيت بسرعة قوى .. ؟! أنا اللى غلطان .. معنديش حق .. لو اعرف ان الجو رومانسى قوى كده كنت اتأخرت شويه عشان تاخدوا راحتكم .. وينفلق الواد واللى جابوا الواد

استمرت فى البكاء صامتة حتى قال أخيراً :

- غورى غيرى هدومك ولمى شعرك المنكوش ده .. وحسك عينك اشوفك بالمنظر دا تانى

عادت ترتدى منامته المهلهلة من جديد وهى تنتحب .. بكى الطفل فأسرعت لتطعمه وهى تدلك ذراعها فى ألم .. تأملت الندوب المتورمة التى أحدثتها قسوته وازدادت نحيباً .. لاحظت أن الطفل راح يسعل بعنف كاد معه أن يختنق ..

صرخت بصوت مرتفع فأتى حسن مسرعاً وأخذه من بين يديها محاولاً إسعافه حتى نجح أخيراً .. تنفست فى ارتياح .. التفت إليها بوجه عاصف ولكنه لم يوبخها هذه المرة بل غادر الغرفة ساخطاً

فى المساء ارتفعت حرارة الطفل واستمر فى البكاء بلا توقف .. لم تنجح كل الكمادات التى استخدمتها فى إسعافه .. حملته واستمرت فى البكاء معه وقتاً طويلاً قبل أن ترتدى ملابسها وتغادر شقتها إلى الدور السادس .. لا مفر حتى ولو قتلها هذه المرة

فوجئ شوكت بوجودها مجدداً ولكنه دعاها للدخول سعيداً .. تظاهر بتصديقها عندما أخبرته بأن هاتفها سقط فى الماء عندما كانت تغتسل فتعطل .. وبأنها لم تشتر بديلاً له حتى الآن ..

اتصل بـ حسن الذى صدم من جديد وأبلغه بأنه سيأتى على الفور ظل شوكت يداعب الطفل محاولاً التخفيف عنها تارة بمغازلتها وتارة بمغازلته حتى وصل حسن بعد وقت قصير وإن كانت هى قد خالته دهراً .. وكأن دموعها شفعت لها هذه المرة وهى تعطيه الطفل قائلة :

- شادى تعبان قوى .. حرارته مش عايزة تنزل .. عملت له كمادات كتير واديته خافض للحرارة بس برضو مفيش فايدة

قاد السيارة متجهماً حتى وصلا لـ عيادة أطفال على بعد أمتار قليلة من بنايتهم .. فحصه الطبيب ثم قرر أنه يعانى من تقلصات شديدة فى معدته وأمعائه وكتب له بعض الأدوية والمسكنات .. فى النهاية شخص حسن الحالة بنفسه قائلاً بأنها حالة تسمم نتيجة اللبن المعكر الذي تطعمه له متعمدة .. كم مرة أخبرها بأن لا تطعم الطفل وهى تنتحب ..؟ ولكنها مجرمة لا زالت تتفنن فى قتله وتعذيبه .. وكأنه بريء مما يحدث وليس هو من يزرع السم فى جسدها كل لحظة ..!

فى طريق عودتهم توقف أمام مركز تجارى كبير وطلب منها انتظاره فى السيارة .. عاد خلال دقائق قليلة يحمل بعض الأكياس وتابع القيادة إلى المنزل واجماً .. عندما وصلا إلى الشقة حملت الطفل إلى غرفة النوم .. أطعمته وأعطته الدواء حتى نام أخيراً .. تأملته فى إشفاق وقبلت جبهته وويديه وهى تعتذر للمرة المليون عن أخطائها التى لا تنتهى فى حقه .. إن كانت هى من سممته بالفعل كما يدعى .. فهى لم تكن تقصد أن تؤذيه أبداً

عندما عادت إلى الردهة وجدته ينتظرها بصبر نافد .. تلعثمت قائلة :

- كان لازم اتصل بيك .. شادى كان .......أوقفها بإشارة من يده ثم نهض وقدم لها هاتفًا جوالًا :

- التليفون دا مفيهوش إلا رقم واحد بس .. حسك عينك الاقى عليه رقم غيره

أخرج مبلغاً من المال وقدمه لها أيضاً قائلاً :

- الفلوس دى للطوارئ .. لو شادى تعب لا قدر الله وانا مش موجود تاخديه على الدكتور بسرعة لحد ما اجى لك

هزت رأسها صامتة فتنهد قائلاً :

- طبعاً أنتى فاهمة أنا ماسك نفسى عنك لحد دلوقتى ليه .. بس انا خلاص .. صبرى عليكى طال ومش هارحمك بعد كده

غادر الشقة وتركها تكتشف ما من عليها به فى الأكياس الأخرى .. كانت بعض لوازم الطفل والمطبخ وبعض الملابس البيتية لها ربما لتكف عن استخدام ملابسه .. أجمل ما في الملابس هذه المرة أنها لم تكن سوداء

بيلاَّ  ( قريبًا)Where stories live. Discover now