15

1.2K 127 29
                                    


مضت أيامها حالكة حتى جاء بعد أسبوع يحمل حقيبتين كبيرتين من ملابس الأطفال ولوازمهم اليومية .. ابتسمت فى سعادة عندما أخبرها بأن شادى سوف يخرج غداً من المستشفى .. سوف يذهب هو لإحضاره بينما تبقى هى لاستقباله هنا ..شعرت بالخجل عندما تطلع إلى منامته التى تهلهلت فيها ساخطاً ..

وما الذي كان ينتظره منها وهى لا تمتلك ملابس بيتية .. على أيه حال لقد وجدتها مهملة فى الخزانة ولا يبدو أنه فى حاجة إليها .. ذهب فجأة غاضباً وكأنها سرقته عمداً

طال وقوفها فى الشرفة حتى أعياها .. شعرت بالبرد يخترق عظامها فقررت انتظارهما بالداخل .. ولم يمض وقت يذكر حتى عادت إليها من جديد .. راقبت كل الاتجاهات فى قلق .. الساعة قاربت الرابعة عصراً ولم يعد بطفلها بعد .. أين ذهب به ؟

عضت شفتيها فى قلق وهى تتخيل مكروهاً أصاب وليدها فى اللحظة الأخيرة فلم يسمحوا له بالخروج .. حتى الأمس كان بصحة جيدة .. دمعت عيناها وهى تتذكر نظراته المتعلقة بوجهها وهى تطعمه وكأنه يحفظ ملامحها .. هى أيضاً حفظت ملامحه وأدمنتها .. لن تستطيع العيش دونه ..

فكرت فى الذهاب إلى المستشفى ولكنها لا تملك ثمن المواصلات إليها .. هذا المتحجر لم يترك لها وسيلة للتواصل معه .. ليتها طلبت منه رقم هاتفه .. برقت عيناها وهى تتذكر رقم  هاتف سعيد .. سوف تتصل به .. ولكن .. من أين لها بالهاتف ....؟

*****

تعلقت عينا كامل فى لهفة بالطفل الصغير الذى حمله حسن واقترب به من فراشه .. جاهد ليحرك ذراعيه ويضمه إلى صدره ولكنه لم يستطع .. اقترب حسن أكثر وألصق الصغير بصدره فراح يغمره بقبلاته ودموعه حتى ابتسم حسن فى تأثر قائلاً :

- أعز الولد ولد الولد .. خلاص صدقنا يا جدو

ابتسم كامل فى ارتياح وهو يلتهم الطفل بعينيه .. ارتجفت شفتاه مراراً رغبة فى الحديث بلا جدوى .. أخيراً أغلقهما فى يأس فهتف حسن مشجعاً :

- حاول يا عمى .. حاول تانى وتالت وعاشر .. لو منطقتش النهارده هتنطق بكره .. هتقف وتمشى وتجرى مع شادى .. مش كامل شاهين اللى تكسره بنت خدامة زى دي .. أنطق وقولى انتقم لك منها ازاى ؟

تنهد كامل فى ألم فهتف حسن فى عصبية :

- تحب اجيبها لحد عندك تبوس رجليك ؟

هز كامل رأسه فى عنف وهمهم بلوعة معترضاً حتى ربت حسن على ذراعه قائلاً :

- خلاص .. خلاص متضايقش نفسك .. أنا كنت باسألك بس

ظل عمه متشبثاً بالطفل حتى بكى الأخير جوعاً فتركه لـ حسن الذى هتف فى وجه الصغير وهو يحمله متجهماً :

- معلش .. كلها تلات اربع شهور وتبطل تبكى علشانها

التفت إلى عمه وأردف :

- أنا هامشى بقى يا عمى .. شادى محتاج يرضع .. من الصبح على الأعشاب وشكله زهق ومش مستعد يصبر تانى

هز كامل رأسه متفهماً ثم مد ذراعيه فى حركة عفوية ليلتقطه منه ويودعه بقبلة أخيرة قبل أن يذهب

ضحك حسن فى سعادة قائلاً :

- عمى .. إيديك اتحركت لوحدها

تنبه الرجل إلى ذراعيه فغمر الطفل بعشرات القبلات غير عابئاً بـ بكائه واعتراضه بينما احتضن حسن ذراعيه المحيطة بحفيده وهو يغمغم بالحمد داعياً الله أن يكمل معجزته ويتمم شفاءه قريباً

*****

وصلا أخيراً .. سارعت بالدخول وغلق النافذة .. همت بفتح الباب لاستقبالهما ولكن ملابسه التى ترتديها جعلتها تتراجع خشية أن يراها أحد من السكان .. وقفت تنتظرهما على بعد خطوات قليلة منه فتح الباب ورآها فقال عابساً :

- واقفة كده ليه ؟

اقتربت منهما ومدت يدها فى سعادة لتأخذ الطفل قائلة :

- مستنياكم تجاهل يدها الممدودة نحوهما ودلف للداخل متشبساً بالصغير عمداً .. جلس يحتضنه ويداعبه متجاهلاً الرغبة التى أبداها الصغير فى تناول الطعام وهو يلعق أصابعه فى نهم ارتجفت شفتا سبيل قائلة :

- الولد جعان قوى .. هات ارضعه .. من الصبح مكلش

- متفرحيش قوى بنقطة الضعف اللى عنده .. كلها شهرين تلاتة ويعتمد على نفسه

ابتلعت ريقها فى جزع وهى تترجم مغزى كلماته الجافة ولكنها لم تعلق بل استمرت تراقبهما كمتسولة تنتظر إحساناً حتى بكى الصغير فأشار لها مجبراً كى تأتى لترضعه

وجود صغيرها معها أعانها على تحمل قسوة حسن وجنونه .. لم يكن يزعجها سوى تلميحه الدائم بأنه سيستغنى عنها قريباً .. أتراه قادراً على تنفيذ تهديده بالفعل ؟

*****

شدوا حيلكم في الريفيوهات خلينا نخلصها بسرعة

دا هدية للناس الحلوة اللي كتبت كومنتات


بيلاَّ  ( قريبًا)Where stories live. Discover now