8

1.3K 112 35
                                    


استقبلت سبيل فردوس فى غرفتها بترحيب لا يخلو من الدهشة .. كرمها تضاعف بشكل ملحوظ خلال الشهر الماضى .. لم تعد ترهقها بالخدمة اليوم كله كما كانت تفعل من قبل .. أخذتها عنوة إلى المستشفى للاطمئنان على صحتها وصحة جنينها .. باتت تهتم أكثر بطعامها وشرابها وتتابعها بنفسها .. بل وأحضرت لها الأدوية والفيتامينات التى أوصى لها الطبيب بها

- معقول يا ست فردوس .. انتى طالعة لحد السطوح بنفسك عشان تطمنى عليا ؟

- وانا ليا مين أعز منك يا سبيل .. دا انتى معزتك زادت فى قلبى عـ الآخر .. متهئ لى لو كان عندى بت مكنتش حبيتها كده

غمغمت سبيل فى تأثر :

- ربنا ميحرمنيش منك .. أنا كمان .. حاسة ان ربنا عوضنى بيكى عن امى الله يمسيها بالخير

تمللت فردوس فى عدم ارتياح وهى تجلس فوق السرير العطب قائلة :

- يا اختى بتنامى ازاى عـ السرير المهبب ده .. دى الملل بتاعته تكسر الضهر السليم ؟

أحنت سبيل رأسها صامتة فتداركت فردوس الوضع قائلة :

- وحياة معزتك عندى يا سبيل يا بنتى .. لولا وجود سيد ومحروس معايا فى الشقة لكنت حطيت لك سرير جنبى تحت بدل الهدة دىابتسمت سبيل فى مرارة فعادت فردوس تثرثر :

- أنتى عارفة انهم شباب وفـ سن خطرة .. أخاف احط النار جنب البنزين لتولع زيادة وبعدين نقول يا ريت اللى جرى ما كان .. وانتى أديكى جربتى النار واتشويتى بيها

صاحت سبيل فى حدة :

- سبق وقلت لك أنى كنت متجوزة .. على الأقل أنا كنت فاهمة كده .. مكنتش اعرف انه مزور كل حاجة

نهضت فردوس وربتت على ذراعها قائلة :

- منه لله .. ربنا ينتقم منه هو وعمه فى ساعة واحدة لاجل جاه النبى .. ربنا ينكد عليه عيشته البعيد زى ما منكد عليكى كده وقاهرك ليل ونهار .. قادر يا كريم

انفجرت سبيل باكية فاحتضنتها فردوس قائلة :

- بس يا حبيبتى بس .. الحرقة دى مش كويسة عشانك ولا عشان اللى فـ بطنك .. بس يا اختى كفاية .. كل مصيبة وليها حلال .. بس قولى يا رب

*****

أخفى حسن عينيه التى جحظت إرهاقاً تحت نظارته الداكنة .. راح يرتشف القهوة المرة التى أحضرها له " الجرسون " فى انتظار وصول بدر إلى النادى حيث طلب مقابلته لأمر ضرورى وعاجل .. ما كاد يضع الفنجان الفارغ حتى أشار للفتى كى يحضر له فنجاناً آخر .. على أن يكون أكبر هذه المرة .. عله يجبر عقله على اليقظة والعمل المستمر .. لا راحة حتى ينتقم لأخيه من تلك الشيطانة

نظر فى ساعته متذمراً .. أتراه من بكر فى القدوم أم أن بدر هو من تأخر عن موعده ؟لم يعد يستطيع الانتظار .. أخرج هاتف سعيد واتصل بـ بدر .. شعر بارتباكه مجدداً .. تجرأ هذه المرة وطلب منه ساخطاً أن لا يطلبه من رقم سعيد ثانية .. فليستخدم هاتفه الشخصى إن أراد محادثته لأن الأمر مؤلم أكثر مما يتخيل ..

أخبره بأنه الآن أمام بوابة النادى .. سوف يركن السيارة ويلحق به خلال دقائق معدودة .. وصل أخيراً فنهض حسن لمصافحته فى حميمية دمعت لها عيونهما وجلسا صامتين بعض الوقت قبل أن يتمالك حسن نفسه قائلاً :

- مش هاطول عليك يا بدر .. أنا طلبت أقابلك عشان تحكى لى كل حاجة عن المجرمة اللى قتلت سعيد

- سعيد انتحر

- بسببها

أحنى بدر رأسه ولم يعلق فهتف حسن يحثه على الحديث :

- أنا هتجنن .. إزاى بنت خدامة .. قدرت تسيطر على اخويا بالشكل دا ؟

ابتلع بدر ريقه قائلاً :

- أحنا فى الأول كنا واخدين الموضوع عادى .. كنا متعاطفين مع البنت الجامعية الجميلة المثقفة .. اللى وافقت انها تشتغل خدامة علشان تساعد أهلها .. كنا معجبين بيها وبشجاعتها .. وشايفينها نموذج للعقلية المتحررة من كل العقد المسيطرة على بنات كتير فى سنها .. الحقيقة .. مكناش حاسين نهائى أنها خدامة زى بقية الخدم اللى موجودين فى الفيلا

ضغط حسن على أسنانه قائلاً :

- لحد ما خلتوها صدقت أنها هانم .. واتعاملت معاكم كأنها واحدة منكم ..!

- هاقولك ايه بس .. دا حتى كامل بيه كان معجب بيها .. كان بيشاركنا الضحك والتهريج معاها

- عمى ..!

- أيوه .. ويمكن دا اللى خلانا ننجذب لها أكتر .. حسينا أنها البنت المعجزة .. اللى قدرت تخلى حتى كامل بيه يضحك ويهزر

- طب وسعيد ؟

- سعيد فى الأول كان زينا .. كان مبهور بيها لكن فى حدود

- وبعدين ؟

- بعدين الدنيا خربت .. واهتمامه بيها بقى مش طبيعى .. كان بيشترى لها هدوم جديدة ويخرج يتفسح معاها .. لدرجة أنه ساعات كان بيجيبها هنا ويقعدها وسطينا .. ولما عاتبناه وقلنا له أن كده كتير اتخانق معانا وزعل .. لدرجة انه قاطع معظم الشلة علشانها وبطل ييجى النادى

 - وعمى عرف الكلام دا ؟

هز بدر رأسه بالإيجاب فعاد حسن يهتف مستنكراً :

- وسكت ازاى على كده ؟

- فى الأول كان بيقول .. خلى سعيد يتسلى .. لكن لما الموضوع زاد قوى وعرف انه مأجر لها شقة مفروشة .....صمت بدر عندما لاحظ صدمة حسن التى تجلت فوق ملامحه ولكن الأخير حثه على الاستمرار فأردف فى تلعثم :

- عمك بدأ يقلق وكان عايز يطردها .. بس خاف يواجه سعيد بطريق مباشر يعمل زيك ويسيب له البيت هو كمان ويعيش لوحده .. علشان كده طلب منه يسافر يجيب مكن جديد من ألمانيا .. وطلب منى أقنعه بالسفر .. وفعلاً أقنعته وسافر .. ولما رجع بعد أسبوعين .. قالوا له أن سبيل سرقت الخزنة وهربت

- يعنى هى مسرقتش الخزنة بصحيح ؟

- معرفش .. يمكن تكون خطة من عمك علشان يخلص منها ويكره سعيد فيها .. بس برضو سعيد مصدقش .. وفضل يدور عليها زى المجنون فى كل حتة لحد ما يأس وحبس نفسه فى أودته وبعدها حصل اللى حصل .. الله يرحمه ويسامحه


رواية : بيلا

أمانى عطاالله

بيلاَّ  ( قريبًا)Where stories live. Discover now