الفصل الثاني وعشرون

Start from the beginning
                                    

رمقته خنساء مذبهلة للحظات قبل أن تنهمر دموعها وتغمغم بتأثر مبالغ به بعض الشيء:
- سيقف قلبي يا قسور عن العمل! رباه لا زلت لم اعتاد بعد على هذه الكلمات منك!

انفجر قسورة ضاحكًا بقوة وهو يضمها الى صدره، مغمغمًا بصعوبة:
- لن اتغزل بك مجددًا حبيبتي.. أخشى على قلبك انا.. ولكن لا تبكي!

بسرعة رفعت خنساء رأسها وزجرته:
- قسورة كفى غباءًا.. تغزل بي طيبة الوقت.. سيقف لأقل من دقيقة.. لا تقلق لن اموت خلال هذه الوقت!

ثم تابعت بهيام:
- ولكن إذا توقف ثغرك الحبيب عن إغداقي بكلمات الحب سيقف الى الابد.. لذلك استمر يا حبيبي.. طيلة الوقت.

********************
غمامة سوداء حاصرت رؤيتها بكل قسوة.. ضجيج مرعب اخذ يضج في قلبها.. انين وطنين بقسوة الصخر.. تيه وذعر من أن يكون الكلام الذي سمعته صحيحًا..
لا تدري ما هذه الحرارة التي لا تحتمل التي تشعر بها في وجنتيها.. أهي بسبب نار ما تحرق عينيها وخديها أم أن دموعها التي تنهمر من شدة وجعها وقوة فاجعتها هي السبب!
هل حقًا مات وتحققت مخاوفها؟ الى متى ستعيش حزينة تعيسة يا الله!
"لا حول ولا قوة الا بالله، ان لله وان اليه راجعون"

الم فتّاك كاد يهوي بقلبها صريعًا.. وكأنه مطرقة حديدية تضرب قلبها دون أدنى رحمة.. حاولت أن تفهم ما يدور حولها.. ولكن كان صعبًا.. مؤذيًا.. ممزقًا للروح حتى النخاع..
ما سمعته كان أكبر من قدرتها على التحمل لدرجة انها شعرت أن روحها ستفارق جسدها في التو.. كوابسيها تتجسد على أرض الواقع.. وقد كانت تدري ان كوابيسها لعنة مشؤومة.. لم تعي أن دموعها تنهمر دون توقف وان أنفاسها تكاد تنقطع الا بعد الصراخ الذي تغلغل أذنيها مزعجًا قاسيًا حد الموت..

هدرت خنساء بصراخ وبكاء وهي تشير بأصبع يدها نحو عائشة:
- هي وشقيقها السبب.. لا بد أن الحقير ساري هو القاتل.. الملعون الذي تسبب بدمار حياة شقيقي وياقوت.. يجب أن يموت كما مات شقيقي.

كانت شاردة متجمدة.. عيناها شاخصتان ودموعها تسيل مدرار تُبلّل خديها الناعمين.. كانت تنظر الى اللا شيء.. تنظر امامها دون أي هدف معين.. ولكن جسدها يرتجف كما لو أنها موضوعة في الثلاجة.. ترتجف رغم النيران التي تشتعل في جسدها..
لم تشعر بيدي خنساء التي أخذت تهزها وصراخها عليها..  خنساء كانت مصدومة مكلومة بفقدان شقيقها الأقرب إليها.. شقيقها التي تعشقه.. لم تكن واعية انها تلوم إنسانة بريئة مظلومة..
كانت غشاشة الالم ومرارة الفقد تعمي بصيرتها فلا تفهم ولا تدرك أنها تدوس على قلب طفلة بريئة لم يعرف الا الالم رغم أن لا ذنب له.. لا تدري ان هذه الفتاة المنبوذة مشاعرها حالما بدأت الدنيا تشرق في عينيها غابت وغربت وكأنها لن تعود..

ابعدت واحدة من النساء خنساء عن عائشة التي لم يكن ردها سوى البكاء والحسرة على شباب احمد وشبابها هي..
جلست عائشة على الأرض.. لا تدري هل جلست بهدوء ام وقعت ولكن شعرت رويدا رويدًا بشيء يُسحب من جسدها وكأنها تنازع.. وآخر ما مر بعينها قبل أن يحتل السواد عينيها هو جمال تعابير زوجها ولمعة عينيه بلونها الساحر بينما كان يتغزل بها بليلتهما الأخيرة سويًا..

عشق ليس ضمن التقاليدWhere stories live. Discover now