الفصل التاسع عشر

ابدأ من البداية
                                    

- إذًا تزوجها انت وعالجها وبعد ذلك لك كامل الحرية اذا تطلقها أم لا.. فلا أحد سيتزوج بقايا امرأة!
قال وسيم بنبرة قاسية ساخرة فرانَ الصمت للحظات طالت.. زواجه من أخرى لإنهاء العداوة وقتله من أخرى! خنساء لن تترحم عليه حتى!
دون تفكير قال قسورة بصوت جاد:
- لا! مستحيل أن اتزوج على امرأتي.. مهما كان السبب امرأتي تكفيني ولست جاهزًا لحرق قلبها فوق ما هو محروق بسبب فقدان طفلنا.. زوجتي لا تستحق.. أفضل أن تستمر عداوتي مع كل القبائل ولا أقهر زوجتي! اعذرني يا وسيم لا اقدر!

ابتسم ساري بخبثٍ وهو يفكّر..
"كما توقعت.. لستِ بهينة يا خنساء الفهدي.. جعلتِ قسورة الفهدي لا يرى سواك كما لا أرى إلا ياقوت.. والله انك كالأفعى.. ليس على تربيتك خوفًا بوجودك أو ببعدك.. فمثلما يقول المثل (تمسكن حتى تمكن) وانتِ هكذا تمامًا.. يا ليت ياقوت تتعلم منكِ!"

لم ينتظر قسورة رد وسيم عليه فلا يهمه حقًا.. ليفعل ما يشاء ولكنه يعلم جيدًا أن عليه الآن حراسة شقيقه عمران.. فيخشى أن يؤذيه وسيم.. ولكن مهما حدث هو يبقى السبب وليس عمران.. والان بعد رده على طلبه لا بد أن أعصاب وسيم تكاد أن تفلت وتحرق الاخضر واليابس..

******************
اضطربت خفقات غزالة بعد أن انفردت أخيرًا بزوجها فؤاد.. خائفة ومتوترة اكثر مما يجب.. ربما لأن تجربة زواجها الاول لم تكن جيدة إطلاقًا.. ولكنها تثق بفؤاد.. ليست لأنها تعرفه بل لأنه ابن قاضي القبائل وبالإضافة إلى ذلك صديق الرجال كلها.. معروف من هو فؤاد ابن قاضي القبائل..

قرأت غزالة بعض الآيات القرآنية لتهدئ نفسها وتخمد نيران توترها وهي ترى فؤاد يقرأ بكتاب ما لا تدري ماهيته.. كانا قد انهيا صلاتهما معًا وبدّل كلاهما ثيابهما.. ولكن بعد ذلك انشغل فؤاد بكتاب ما يقرأه وقد أثار بالفعل استغرابها وتوجسها..
بعد ما يقارب النصف ساعة ترك فؤاد ما بيديه وتطلع إليها باهتمام فاقم من ارتعاش اناملها وخفقان فؤادها فأنزلت غزالة رأسها بخجل وارتباك ليدنو منها فؤاد ويقعد بجانبها على السرير.. وبلطفٍ سألها:
- هل تعرفين ماذا كنت اقرأ؟

رفعت غزالة وجهها وهزت رأسها بنفي فإبتسم فؤاد وقال:
- كان ذلك كتابًا اهداني إياه والدي صباح اليوم.. وطلب مني أن لا أقرأه الا بعد أن تصبحي في منزلي.

عقدت غزالة حاجبيها وقد خفً توترها قليلًا:
- ولماذا؟ ماذا كان محتوى الكتاب؟

- كان عن الزواج وطرق التعامل الزوج مع زوجته.. بإختصار كتاب ثقافة ولكن عن الزواج.
رد فؤاد بهدوء فتخضبت وجنتاها وتمتمت بتفكير:
- لا اصدق أنه فقط كان عن هذا الموضوع.

- صحيح.. ذكية كما توقعت.
غمغم فؤاد بإعجاب وهو يرفع يده ليضعها على خدها.. فإزدردت غزالة ريقها وهي تحارب مخاوفها كي لا تفر هاربة مما سيحدث خلال هذه الليلة فتجربتها السابقة مهما حاولت أن تنساها لا زالت محفورة بعمق في ثنايا عقلها..
ابعدت غزالة وجهها قليلًا فإقترب فؤاد منها بعبثٍ وهمس:
- مؤلم حد الجنون لقلبي أن يكون كل هذا الجمال لي وحدي الا أنه يبتعد عني!

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن