الفصل الثامن عشر

Start from the beginning
                                    

بصعوبة شديدة تمكن قسورة من عناقها بينما هي تلومه هذه المرة بصوت اعلى دون أدنى رحمة لوجعه هو الآخر بفقدان الطفل الذي كان ينتظر قدومه بلهفة وشغف.. حزنها وبؤسها جعلاها لا تفكر أن ما حدث كان قضاء وقدر.. وان الله وحده من يحدد الأعمار.. وقد مرّ اكثر من يوم على الحادثة و هي لا تزال أسيرة غرفتهما بحجة أنها لا تود الخروج قبل أن يقوم بتصليح مجلس الرجال..

لا زال يحقق ويبحث عن الجاني ليثأر.. اضطر أن يلقي كل عاتق عمله على ايهم فقط إلى أن ينهي هذه المسألة.. ففي الصباح يعمل مع العمّال في المجلس ليصله ويعود كما كان وافضل.. وفي النهار يخرج ليحقق مع جده ويدرس تفاصيل الجريمة ويحاةل تذكر كل أعدائه.. اما في المساء يعود ليجد إما خنساء نائمة وإما تكتب وسط دموعها التي وضعت بصمتها على كل كلمة وعلى كل ورقة كتبت عليها..

عاد قسورة من الخارج منهكًا فكريًا فغدًا لديه العديد من الواجبات واهمها البحث عن وسيم العثماني.. واول مكان سيبحث فيه ويسأل سكّانه عن وسيم العثماني هو قبيلة العرابي.. وتحديدًا سيتجه إلى مكان ساري العرابي ليسأله عن وسيم العثماني.. فيجب أن ينهي هذه القضية قبل زفاف شقيقة ساري من ابنة قاضي القبائل..

تنهد قسورة حينما وجد خنساء نائمة واغراض كتاباتها مبعثرة على السرير.. ثم دنى منها بخطوات بطيئة قبل ان ينحني ليقبل جبينها ويهمس بخطورة:
- اعدك يا خُناس أن انتقم ممن تسبّب بفقدان طفلنا.. اعدك أن اقطع له يده الذي تجرأ ورفعها عليك.. اعدك أن يكون موته على يدي.

لم تكن خنساء نائمة بل كانت مستيقظة تسمع كل حرف مما قاله وخلاياها تتمزق.. وقسورة أدرك من حركة رموشها انها مستيقظة فتوسد السرير بجانبها وغمغم  وهو يمرر ابهامه بنعومة على بشرة وجهها:
- خُناسي.. افتحي عينيك.

استجابت خنساء لطلبه فلثم قسورة عينيها الدامعتين وهمس بإيمان وثقة كبيرة بالله عز وجل:
- لا تقنطي من رحمة الله.. ربما الطفل لم يكن خيرًا لنا.. ربما كان سيكون عاقًا أو معاقًا.. ربما كان سيكون مريضًا.. لكل شيء يفعله الله حكمة فقولي الحمد الله على كل حال والله الرزاق.. وعلى الله ليتوكل المؤمنون والمتوكلون.

دسّت خنساء وجهها في حنايا عنقه وغمغمت بصوت مبحوح اثر البكاء:
- الحمد لله.. الحمد لله.. سأحاول أن أخرج من هذا الاكتئاب.

ابتسم قسورة بحنو وربت على ظهرها برفق بينما يداعبها القول:
- وزوجك الذي تحبينه والذي لا تنادي عليه إلا تاج رأسي سيعوضك.

رفعت خنساء رأسها بغيظ وتمتمت:
- لا تستفزني يا قسورة.. اذا كنت تاج رأسي فأنا ايضًا تاج رأسك.

ضحك قسورة بحب:
- والله اكتشفت بعد كل ما اصابك انك لستِ فقط تاج رأسي بل ملكة قلبي.

أطلقت خنساء ضحكة تتناسى بها وجعها وسألته بدلال:
- هل تحبني يا قسور؟

عشق ليس ضمن التقاليدWhere stories live. Discover now