الفصل الثامن

ابدأ من البداية
                                    

انكمشت عائشة على نفسها خوفًا الا انها قالت بشجاعة لا تدري من اين اتتها:
- انت لا تحب ياقوت!

فقد أحمد كل ذرة تعقّل باقية في جسده ليصرّخ بصوت مرعب وهو يحاول ان يقترب منها.. ولكن جده الذي يقف امامه كحاجز هو فقط ما يرعده عن خنقها بيديه الاثنتين..
- أحبها يا لعينة ورغمًا عن أنفك.. ولكنها صارت زوجة للحقير شقيقك فعلًا.. وانا لن أتحمل فكرة ان عدوي تملّكها كما سأتملكك وأقضي عليكِ!
ثم صمت للحظة يلهث أنفاسه المضطرمة غضبًا وحقدًا وهتف ليذلها ويزأر لغضب قلبه ووجع رجولته:
- ولا تحلمي ويذهب خيالك بعيدًا لأنني سأتزوجك.. انا فقط قبلت بك ووافقت على الزواج بك بدلًا من يوسف الذي لا يشرّفه الزواج من عرّابية مثلك كما لا يشرّفني تمامًا ولكن وجودك بين يدي ذليلة سيداوي قليلًا من قهري.

أغمضت عائشة عينيها وجسدها ينتفض ذعرًا وررعبًا بينما دموعها تنساب على وجهها وكأن ليس لها منتهى فصاح الجد كريم غاضبًا وهو يدفع أحمد الى الخارج:
- كفى يا احمد والآن أخرج من هنا.

خرج أحمد يتنفس بصعوبة بسبب قهره من الدنيا كلها.. حتى من نفسه.. يود ان يرتاح ولكن أين الراحة يجدها ومن كان يريدها لم تعد له وبالاضافة الى كونه بلحظة تهور وغضب طلب الزواج بشقيقة ساري العرّابي الذي لم يفكر بها ابدًا أكثر من مجرد رهينة مؤقتة لاستفزاز ساري العرّابي حتى يعيد ياقوت اليهم.. ولكن انهارت كل حصون افكاره التي بناها وتحطمت الى شظايا صغيرة ليجد نفسه تقريبًا خطيب عائشة العرّابي!..

في بعض الأحيان كان يشفق عليها منذ ان اختطفها هو ويوسف لكن كلما يتذكر انها شقيقة ساري يقسو قلبه ويحقد عليها وبكلماتها التي ينطقها لسانها بكل سذاجة يكاد ان يبتلي بها.. وهو لا يريد حقًا ان يصبح كساري العرّابي او كمعتصم الفهدي.. يريد ان يبقى هو كما يعرفه الجميع.. أحمد الفهدي الذي تتمناه كل امرأة من قبيلته وخارجها.. ليس بسبب وسامته المعروفة بل بسبب شهامته مع النساء.. ولكنه ها هو يتغير ويشعر انه لم يعد شهمًا..

لكم أحمد بقبضته على الجدار الخارجي لمنزل جده وهو يغمض عينيه بقهرٍ.. عليه ان يفكر بتروٍ.. عليه ان يفكّر جيّدًا ليعرف كيف يجب ان يتعامل بالدوامة الشاهقة التي القى نفسه بها..

***************
في المساء..
ها هم يجتمعون في منزل قاضي العشائر وتحديدًا في المجلس الضخم كما أُتفق تمامًا.. أهم رجال قبيلة الفهدي وقبيلة العرّابي يجلسون في المجلس الذي يتسع لعدد كبير جدًا من الرجال..
ساري يجلس بجانب والده وجده بينما حريق ينشب مخالبه في صدره بعد ان أخذت زوجة القاضي المعروفة بصلابتها الانثوية ورجاحة تفكيرها ياقوت لتضمها الى عائشة..

استسلامها له لأول مرة وهو يرفع جسدها ليضعه فوق الحصان قبل ان ينضم اليها كان له تأثيرًا في غاية العنف على كيانه.. كالزلزال تمامًا! كلما يجد نفسه يتمسك ويتشبث بهل بقوة، آبِيًا تركها ليس فقط بسبب الثأر بل لأنه يرتاح حينما تكون في حجرة عينه قابعة.. يراها هو فقط ويعتني بها هو فقط ويقسو عليها هو فقط..

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن